زيد بن حارثة حياته وقصة تبنيه

زيد بن حارثة هو واحد ضمن الكثيرين من الصحابة العظماء الذين قلّما نسمع عنهم، ولكن ذلك العبد الذي بيع في سوق عكاظ أيام الجاهلية قُدِّر له أن يكون عظيمًا من عظماء أمة الإسلام، فهو الذي تبنَّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون ابنًا له قبل أن يحرِّم الله التبني فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اشهدوا أن زيدًا ابني يرثني وأرثه” وهذا إقرار من النبي بتبني زيد -رضي الله عنه-.

فما قصة هذا الصحابي الجليل؟ وما علاقته بالشاب الذي قاد جيشًا ضد الروم وعمره أقل من عشرين سنة؟

هذا ما سنعرفه اليوم في موضوع اليوم.

زيد بن حارثة

هو زيد بن حارثة بن شراحيل – أو شرحبيل – بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن عَذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة.

فهو من قبيلة “قضاعة” التي كان أبناءها يدينون باليهودية أو المسيحية قبل الإسلام، ثم دخل أغلبها الإسلام بعد ظهوره، وقد تشعبت هذه القبيلة في أنحاء جزيرة العرب فكان بعضهم يقطنون الحجاز وبعضهم يسكنون في عمَّان والبعض الآخر متفرقون في العراق والشام.

وقد كان الناس ينادون زيدًا بعد تبني الرسول –صلى الله عليه وسلم- له بـ “زيد بن محمد”.

وقد كان زيدٌ يعيش مع أهله في ديار قبيلة قضاعة حتى أتى اليوم الذي ارتحل فيه مع أمه “سُعدى بنت ثعلبة” لزيارة أقاربه في بلاد الحجاز، ولكن الأمور لم تستقم لهما ولمن في القافلة معهما، فقد أغار عليهم قطاعُ طرق أخذوا كل أموالهم وسبَوْا بناتهم وأخذوا من معهم من الصبية كعبيد.

ذهب قطَّاع الطرق وأخذوا معهم “زيد بن حارثة” ليبيعوه في سوق عكاظ كغنيمة لهم، فاشتراه “حكيم بن حزام” ابن أخ السيدة “خديجة بنت خويلد” وأهداه لها.

تزوجت النبي –صلى الله عليه وسلم- بالسيدة خديجة بنت خويلد وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان زيدٌ يومئذٍ ما يزال عبدًا عند السيدة “خديجة”، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب زيدًا حبًا جمًا حتى قبل أن يتبنّاه، فلمّا رأت خديجة –رضي الله عنها- ذلك قامت بوهب “زيد بن حارثة” لزوجها محمد –صلى الله عليه وسلم-، فما كان من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا أن أعتقه وفك قيد عبوديته محطمًا بذلك كل الفوارق الطبقية والعنصرية التي كانت متفشية في مجتمع العرب قبل الإسلام، فأصبح زيدٌ مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن عبدًا له، والمولى في لغة العرب هو اسم للعبد المعتق.

إقرأ أيضًا: قاتل عثمان بن عفان والفتنة التي وقعت ومجرى الأحداث في الكوفة ومصر

لقاء زيد بأبيه وعمه

بعد مرور السنوات الكثيرة على حادثة القافلة التي كان فيها زيدٌ، وجد بضعٌ من أفراد قبيلة قضاعة وهم في موسم الحج زيدًا في مكة، فعادوا إلى أبيه “حارثة بن شرحبيل” وأخبروه بما رأوه، فما كان منه إلا أن جهز معه مالًا وفيرًا وأخذ أخاه “كعب بن شرحبيل” وذهبا إلى مكة ليفتديا زيدًا من محمد –صلى الله عليه وسلم-، فلما قدما أرض مكة سألا عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فأخبرا أنه موجود في المسجد (والمسجد هنا ليس المسجد الذي للصلاة، وإنما هو هنا بمعنى مكان اجتماع القوم) فذهبا إليه وقال له “حارثة بن شرحبيل” والد زيد: “يا ابن عبد المطلب، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حَرَم الله، تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا وأحسن في فدائه فإنا سندفع لك”.

فسأله النبي –صلى الله عليه وسلم- عمّا يقصده فقال: “وما ذاك؟” (يعني من هو ولدكم الذي جئتم لأجله تفتدونه)

فأجابه حارثة: “زيد بن حارثة”.

فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: “أوَ غير ذلك؟ ادعوه فخيِّروه، فإنِ اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء”.
وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك لشدة حبه لزيدٍ وشدة فراقه عليه.

فرد عليه حارثة قائلًا: “زدتنا على النَصف” (أي أنك قد أنصفتنا وزيادة).

فدعي زيد للمسجد فقيل له: “هل تعرف هؤلاء؟”

فقال زيد: “نعم، هذا أبي وهذا عمي”، فرد عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- قائلًا: ” فأنا منْ قدْ علِمْتَ، وقد رأيتَ صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما؟”.

اختيار زيد

أجاب زيدٌ على سؤال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردٍ صعق آذان كل من سمعه فقال: “ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أنت مني بمكان الأب والعم” فاختار زيد أن يعيش مع النبي –صلى الله عليه وسلم- على أن يعيش مع أبيه، وليس ذلك لشيء سوى حسن معاملة النبي –صلى الله عليه وسلم- له، فزيدٌ كان بمنزلة الابن لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

فما كان من أبيه وعمه إلا أن قالا له: “ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟!”.

فأجابهم زيدٌ –رضي الله عنه- بقوله: “نعم، إني قد رأيتُ من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً”، فلّما كان هذا الرد من زيدٍ خرج به النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى حجر إسماعيل –عليه السلام- وسط جمع من أهل مكة فقال قولته الشهيرة التي جعلت أهل مكة ينادون زيدًا بزيد بن محمد: “اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه”.

فانصرف أبوه وعمه بعد هذا الموقف لما رأوه من شدة حبّ النبي –صلى الله عليه وسلم- لزيدٍ حتى جعله منه بمنزلة الابن الذي له الحق في ميراث أبيه بعد وفاته.

ولم ينقطع الود بين زيدٍ وبين أهله من بعد، ولكنه فضّل العيش إلى جوار رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حتى وفاته في العام الثامن للهجرة.

زواج زيدٍ من زينب بنت جحش

بعد أن أعتق النبي –صلى الله عليه وسلم- زيدًا وتبنّاه، أراد أن يكرم زيدًا بتزويجه، فاختار له السيدة “زينب بنت جحش” ابنة عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت زينب سيدة حرّة ابنه سيدٍ من سادات قريش، فرفضت في بادئ الأمر الزواج من مولى من الموالي (أي العبيد المعتقون)، وكان رفضها آنذاك مبنيًا على أساس ما كان عند العرب من ازدراء للعبيد حتى وإن اعتقوا، فكانت فلسفتهم تقتضي أن العبد يظل عبدًا وإن أعتقه سيده، وهو ما جاء الإسلام لتحطيمه واقتلاعه من جذوره، لكنّ زينب ذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك قائلة له: “يا رسول الله أترضاه لي زوجًا؟”
قال: “نعم”
قالت: “إذن لا أعصي رسول الله أبدًا؛ قد رضيته لنفسي”.

ولكن الله لم يشأ لهذا الزواج أن يتم للأبد، فبعد أكثر من عام من زواج سيدنا زيدٍ والسيدة زينب -رضي الله عنهما- نشبت نار الخلافات الزوجية بينهما حتى صارت العشرة بينهما من المستحيلات وصارت الفرقة حتمية لا محالة.

فلما طلق سيدنا زيدٌ –رضي الله عنه- السيدة “زينب بنت جحش” وانقضت عِدَّتها، أنزل الله قرآنًا يتلى في المحاريب إلى يوم الناس هذا فقال –تعالى-: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)، فمن المعلوم أن زواج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أمهات المؤمنين لم يكن تبعًا لهواه، بل كانت أوامر من الله –تعالى- له.

وليس ذلك مما ينقص من قدر سيدنا زيدِ بن حارثة أو أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنهما- في شيء، فالصحابة هم بشرٌ مثلنا يخطئون ويصيبون ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم عاشوا في زمنٍ لم تكن الخطيئة فيه منتشرة بقدرِ زماننا هذا، فكانت أخطائهم أقل بكثيرٍ من أخطائنا، وكلنا نعلم أنه لم يكمل من البشر سوى الأنبياء –عليهم السلام.

إقرأ أيضًا: كم عدد بنات الرسول وأهم المعلومات عن حياتهم

تحريم التبني

أنزل الله –سبحانه وتعالى- آية تفيد بتحريم التبنِّي فقال –تعالى-: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، فأفاد مضمون الآية الكريمة تحريم التبني في الإسلام، فصار الناس ينادون زيدًا بـ “زيد بن حارثة” بعد أن كانوا ينادونه بـ “زيد بن محمد”.

وبعد طلاق السيدة “زينب بنت جحش” من “زيد بن حارثة”، تزوج زيدٌ مرة أخرى من الصحابية “أم كلثوم بنت عقبة” –رضي الله عنهم- أجمعين.

رحلة زيدٍ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  إلى الطائف

بعد وفاة أم المؤمنين “خديجة بنت خويلد” وعم الرسول –صلى الله عليه وسلم- “أبو طالب بن عبد المطلب” واللَّذان كانا سبيلًا في نصرة دعوته وإبعاد أذى المشركين عنه في مكة، ازداد أذى المشركين لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقرر الارتحال إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام ومعه مولاه وابنه بالتبنّي آنذاك “زيد بن حارثة”.

فلما أعرض بنو ثقيف وغطفان (وهم أشهر قبائل الطائف) عن دعوة النبي –صلى الله عليه وسلم- ورموه بالحجارة حتى امتلأ وجهه دمًا من تلك الواقعة، كان زيدٌ خير مدافعٍ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان يتلقي الحجارة في وجهه وجسده بدلًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصيب بجراحٍ بالغة.

ولما ابتعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزيدٌ عن أولئك الصبية التي كانوا يرمونهم بالحجارة، احتموا في بستان رجلٍ من عِليةِ القوم وهو شيبة بن ربيعة، فاستظل النبي -صلى الله عليه وسلم- وزيدٌ بظل شجرة وأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول الدعاء المشهور: “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

ثم عادا إلى مكة وظلّا كذلك إلى أن نزل أمر بالهجرة إلى المدينة المنورة.

غزوات زيدٍ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

حضر زيدٌ العديد من الغزوات مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، فقد شَهِدَ غزوات (بدر – أحد – الخندق – خيبر)، وحضر أيضًا صلح الحديبية، وكانت الغزوة الأخيرة له هي غزوة مؤتة التي استشهد في أرض المعركة بها.

ولكن لنعرف قصة استشهاده يجب أن نعرف سبب إرسال هذه الغزوة أولًا، فبعد أن انتهي النبي -صلى الله عليه وسلم- من درء كيد المشركين ودحرهم، اتجه لينشر دعوة الإسلام إلى خارج حدود شبه الجزيرة العربية، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم-  يرسل رُسله إلى الملوك بغرض تعريفهم بدعوة الإسلام وما يحث عليه من أخلاق وقيم، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصحابيٍ يدعى “الحارث بن عمير الأزدي” ومعه رسالة يدعو فيها ملك “بُصرى”، وفي الطريق إلى هناك قبض على “الحارث بن عمير الأزدي” ليعرَضَ على ملك من ملوك الروم الغساسنة وهو “شرحبيل بن عمرو الغسّاني” وكان يدين بالمسيحية، فلما سمع دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قِبَلِ “الحارث بن عمير الأزدي” أمر بقتل رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

إقرأ أيضًا: قصة عمر بن الخطاب: حياته وإسلامه وجهاده وخلافته وفضائله

ردُّ فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تلك الحادثة

لمّا كانت الرسل لا تقتل في عرف البلدان آنذاك، جهّز النبي -صلى الله عليه وسلم- جيشًا قوامه 3000 جندي مسلم ليذهبوا للقاء جيش الروم الذي كان قوامه 250 ألف مقاتل على أرجح الأقوال.

ثم جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- زيدًا أميرًا وقائدًا للجيش الإسلامي وحاملًا لراية المسلمين في معركتهم ضد جحافل دولة الرومان، ففي الحديث الشريف الوارد في صحيح البخاري بسند صحيح أن رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَمَّرَ في غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ قَالَ عبدُ اللَّهِ: كُنْتُ فيهم في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ في القَتْلَى، ووَجَدْنَا ما في جَسَدِهِ بضْعًا وتِسْعِينَ، مِن طَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ”.

فكان زيدٌ –رضي الله عنه- من أوائل شهداء هذه الملحمة التي انتصر فيها المسلمون نصرًا ساحقًا في نهاية الأمر.

فاستقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- خبر وفاته ببالغ الحزن والأسى، كيف لا وهو المعروف عند المسلمين بـ “حِبِّ رسول الله” لشدة حب النبي -صلى الله عليه وسلم- له؟، ولم تذهب تضحيات زيدٍ سدى بعد ذلك، فقد كان “أسامة بن زيد بن حارثة” أصغر قائد جيش في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بخروج جيش لقتال الروم بقيادة “أسامة بن زيد بن حارثة” وهو لم يتجاوز العشرين سنةٍ آنذاك.

إلى هنا نكون قد أتممنا عرض سيرة الصحابي الجليل زيد بن حارثة على أمل أن نكون قد ساهمنا في إثراء معلوماتكم عن التاريخ الإسلامي وتاريخ الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- أجمعين.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.