لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم
لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم؟ وما المواعظ المستفادة منها؟ اسم سورة العنكبوت تم ذكره في الربع الثاني من السورة وخواتيم الجزء العشرين من القرآن الكريم، كما أن السورة مكونة من ثلاثة أرباع وتقع بين سورة القصص وسورة الروم، والتي ذكر فيها قصة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام وقصة سيدنا لوط وجزاء المؤمنين في الدار الآخرة، ولذلك سنقوم بالإجابة على سؤال لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم من خلال موقع زيادة.
لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم
بحسب ترتيب المصحف العثماني نجد أن سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون، والتي يبدأ عندها الثلث الثاني من المصحف وتنتهي ببداية الثلث الثالث، سبب التسمية يرجع إلى اتخاذ الكفار الأصنام التي لا تنفع ولا تضر آلهةً لهم.
هنا تأتي روعة القرآن في تشبيه بيت العنكبوت الضعيف والهزيل بتلك الأصنام في قوله تعالى: “ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ“ ويمكن أن يكون هذا هو السبب الأساسي لاسم السورة “العنكبوت”.
بتدبر الآية الكريمة نجد مدى إعجاز القرآن في الوصف والتوضيح ومدى الضلال الذي يعيشه الكافر بالإيمان بعقيدة ضعيفة، وضرب هذا المثل للعالمين بآيات الله وشرعه كما قال الله عز وجل في سورة العنكبوت: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}
سوره العنكبوت من السور التي نزلت في أم القرى ” مكة المكرمة”؛ ولذلك فهي سورة مكية، وكانت من أواخر السور التي نزلت في مكة قبل سورة المطففين والتي تعد آخر السور المكية، وهناك قول بأن السورة كلها مكية ماعدا أول عشر آيات قد نزلت في المدينة المنورة.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة القصص بهذا الاسم
قصص الأنبياء في سورة العنكبوت
حديثنا الخاص بالإجابة على سؤال لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم، يجعلنا نتطرق أكثر إلى معرفة قصص ومواعظ السورة، وتم ذكر بعض من قصص الأنبياء في سورة العنكبوت، ومن هذه القصص ما سنعرفه في السطور التالية.
1- قصة سيدنا نوح عليه السلام
ابتعاد البشر عن منهج وعبادة الله هو السبب الرئيسي في إرسال الأنبياء والرسل لهداية الناس والخروج من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وقوم سيدنا نوح ليسوا الكافرين الوحيدون فقد سبقهم آخرين.
مكث نبي الله نوح ألف سنة إلا خمسين عام يدعو قومه إلى عبادة الله وحده والابتعاد عن الشرك بالله فلم يستجيب له إلا القليل كما قال تعالى في سورة هود: “وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ“، وقوله تعالى: “فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ“ طاف بهم الماء وأغرقهم وهم ظالمين لأنفسهم بكفرهم وطغيانهم.
كما يوضح تعالى رحمته في قوله تعالى: “فَأَنجَيْنَٰهُ وَأَصْحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَٰهَآ ءَايَةً لِّلْعَٰلَمِينَ”، فنجى الله تعالى نبيه نوح ومن معه من المؤمنين وجعل الله السفينة عبرة للعالمين.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح
تتميز قصة سيدنا نوح بطول الوقت التي استمرت فيه دعوته إلى قومه، وهي واحدة من أكثر القصص التي تم ذكرها في القرآن الكريم ومن الدروس المستفادة من القصة:
- جهاد النفس: الذي يعد أصعب أنواع الجهاد من التحمل والصبر على طاعة الله عز وجل؛ فظل سيدنا نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما.
- الشجاعة: في الدفاع عن الحق وعدم الاهتمام بوعيد أهل الباطل.
- السعي: أهم ما يمكن أن يتعلمه المرء من سيدنا نوح، الاستمرار في العمل دون النظر إلى النتائج.
اقرأ أيضًا: الإعجاز البياني في القرآن الكريم
2- قصة سيدنا إبراهيم مع قومه في سورة العنكبوت
بعد الحديث عن طوفان قوم نوح ونجاة المؤمنين نتكلم عن قصة خليل الرحمن “إبراهيم عليه السلام”، ذكرت القصة في العديد من السور مثل سورة هود والذاريات والصافات.
نجد في سورة العنكبوت بداية ذكر خليل الرحمن بدعوة قومه إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان والتماثيل وأداء الفرائض والواجبات لتحقيق التقوى في قوله تعالى: “وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ۖ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ”.
كعادة أهل الكفر لم يكن جوابهم سوى برفض الإيمان وقال بعضهم لبعض اقتلوه أو حرقوه فنجى الله خليله منهم وأمر النار أن تكون بردا وسلاما على عليه، وقال إبراهيم أنهم اتخذوا آلهة باطلة يعبدونها من دون الله ويتحابون على عبادتها ثم يأتي يوم القيامة ويتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعض.
في النهاية يكون مصيرهم إلى النار وكان ذلك في قوله تعالى: “وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ”
من خلال إجابتنا على سؤال لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم وتوضيح سبب تسمية السورة بسورة العنكبوت، تحدثنا عن بعض قصص الأنبياء التي تقوي قلب المؤمن بما تحمله من مواعظ؛ كما قال الله لنبيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في نهاية سورة هود: “وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ ۚ وَجَآءَكَ فِى هَٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ“.
مواعظ وحكم ووعود سورة العنكبوت
القرآن الكريم دائما يخبرنا بقصص الأنباء والوعود لأهل الحق وأهل الباطل، وما يترتب على العمل الصالح من استغفار وصلاة وزكاة.
بعد الإجابة على سؤال الموضوع لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم وبالتدبر في سورة العنكبوت نجد العديد من العديد المواعظ الإيمانية التي تتضمن:
- ابتلاء المؤمنين الذي ذكر في بداية السورة.
- جزاء الله تعالى إلى المؤمنين.
- وصية الله بالإحسان إلى الوالدين.
- ضرورة جهاد النفس حتى الوصول إلى رضا الله.
- قصص الأنبياء والاطلاع على أخبار الأمم السابقة وما تعرضوا له من عقاب.
- الدعوة إلى الحق بأيسر الطرق.
- فوز المؤمنين بالجنات في الدار الآخرة.
- هداية الله تعالى لمن آمن جاهد وصبر وتحمل الأذى في سبيل الله.
اقرأ أيضًا: تفسير سورة المطففين للاطفال
تأملات في سورة العنكبوت
بعد إيضاح إجابة سؤال الموضوع لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم، نتأمل في معاني بعض الآيات المذكورة في تلك السورة المكية.
“أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”
بالنظر لتلك الآية الجليلة نجد أن المؤمن معرض للابتلاء والاختبار ومطالب بالصبر؛ فإذا وضع كل منا نفسه محل تلك الآية يجد أن قراره بالإيمان بالله لا يتركه بدون اختبارات وصعوبات في هذه الدنيا.
“ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ”
جهاد الإنسان في معركة الحياة مع نفسه الأمارة بالسوء ووسوسة الشيطان من أجل طاعة الله والبعد عن المعاصي؛ فهو يجاهد لنفسه لأنه يفعل ذلك طمعا في الثواب، والله تعالى له ملك السماوات والأرض وما بينهم وغني غنى تامًا عن أعمال جميع خلقه.
“وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”
تم ذكر الجهاد في السورة مرتين أولها كما ذكرنا سابقًا، والثانية في الآية الأخيرة من السورة، حيث إن المؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله والنفس والشيطان وصبروا على الفتن سيهديهم الله سبل الخير ويثبتهم على الصرط المستقيم.
هذه إحدى صفاته سبحانه فهو محسن لنفسه ومحسن لغيره. وإن الله تعالى لمع من أحسن من عباده بالتأييد والهداية.
“اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ“
قضية الرزق تشغل بال المرء من لحظة إدراكه لأمور الحياة؛ فالله بحكمته يوسع الرزق لمن من يشاء من عباده ويضيق على آخرين لعلم الله ما ينفع العبد وينجيه وما يضره ويهلكه.
يجب أن يستغل العبد الكنز الذي بين يديه وهو القرآن الكريم بالتدبر والحفظ والقراءة والعمل به، فخير حافظ في أيام الفتن هو القرآن الكريم، كما أنه دستور الحياة والقوانين التي يجب على كل مسلم السير بها، وهو الذي يأتي شفيعًا لصاحبه يوم القيامة.