لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل
لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل؟ وكيف نتخلص منها؟ حيث يستغرق البعض فترات طويلة في التخلص من المشاعر السلبية والأحزان التي مر بها، أو المواقف التي تعرض فيها إلى ألم جسدي.. ولا تنطبق تِلك الحالة على الجميع، فهناك من يتخطون المواقف السيئة بسرعة، ومن خلال موقع زيادة يُمكن التعرف على الأسباب التي تدفع البعض إلى الاحتفاظ بتلك الذكريات.
لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل
يظن الكثير أن الذكريات المؤلمة تترسخ في ذاكرتنا إلى الأبد ولا تتلاشى مهما مر الزمن وأنها تظل تطارد الشخص كالشبح ولن تتركه وشأنه.. لكن حقيقة الأمر أنها تتلاشى وتبدأ في الاختفاء أو تغير درجة تذكرها بمجرد حدوث نتيجة إيجابية لذلك الألم وتخف حدة الألم بتذكر النتيجة.
على سبيل المثال شعور الأم بألم المخاض فهي بالتأكيد ذكرى مؤلمة لا تستطيع الأم نسيانها ولكن مجرد حصولها على طفل بصحة جيدة يجعل تلك الذكرى من سعيدة.
بعض الذكريات المؤلمة تتحول إلى درع واقي من تكرار الأخطاء السابقة التي تسبب الألم على سبيل المثال الإحساس بوخزة ألم من جرح سببه فتح علبة معدنية؛ ذلك الألم سيساعدنا على التذكر في كل مرة نقوم بفتح علبة مماثلة ويجعلنا نتوخى الحذر من تكرار ذلك الخطأ.
من الجدير بالذكر أن ذاكرة الإنسان ليست بقرص مدمج لتجعلنا نتذكر الأحداث الماضية كفيديو تصويري ولكن محتوى الذاكرة الأصلية وطريقة تذكرنا للحدث تختلف في كل مرة نستعيد فيها تلك الأحداث.
يظن الكثير أن الشعور بالألم هو شيء بغيض لا يرجع بالنفع دائمًا ولكن هذا اعتقاد خاطئ فالمشاعر المؤلمة تجعل الإنسان يقظ عند مواجهة مواقف مشابهة وتقوم بالوقاية من التعرض لتلك الألآم مجددًا.
فبعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية تمنعهم من الشعور بالألم معرضون دائما للإصابة بالحروق والجروح وذلك لفقدهم درع الحماية وهو الشعور بالألم فيمكننا الاعتراف هنا أن الألم في بعض الأحيان هبة من هبات الله علينا.
يميل الإنسان الى التركيز على ملاحظة السلبيات أكثر من ملاحظة الإيجابيات بشكل عام، وذلك لعدة أسباب.
اقرأ أيضًا: التخلص من الماضي في علم النفس هل يمكن؟
1- غريزة البقاء
حيث هذا يعد من الجذور التطويرية للمحافظة على غريزة البقاء مثل تركيز الإنسان على ملاحظة وجود الأسد واتخاذ الحذر من مهاجمته أكثر من تركيز الإنسان على ملاحظة منظر جميل يجذب انتباهه.
2- نشاط مناطق أكثر عمقًا بالدماغ
ترسيخ الذكريات المؤلمة بشكل أقوى يرجع الى تنشيط مناطق أكثر من الدماغ عند حدوث مواقف صعبة، فبعد انتهاء ما تسبب في شعورك بالضغط يؤدي إلى تنشيط منطقتي الحصين وهما في الدماغ والتحكم في الوصول إلى الذكريات وتعديل المشاعر.
3- محرك الذاكرة
الشعور برجفة عند اصطدام أحد أصابع القدم بحافة الكرسي أو الباب سببها إنزيم يسمى بوتين (PK Mzeta) والذي يطلق عليه الكاتب العلمي إد يونغ اسم محرك الذاكرة.
يقوم محرك الذاكرة بتوليد حساسية جسمانية عند حدوث تجربة مؤلمة ويقوم بتقوية الروابط بين الخلايا العصبية في الدماغ عند تعلم أمر جديد.
4- إفراز الأدرينالين
تثبت أحد التفسيرات أن إفراز الهرمونات المختلفة في جسم الإنسان عند التعرض لموقف مخيف أو يصعب استجابته مثل هرمون الأدرينالين تعمل على زيادة الوعي والانتباه وترسيخ الذكريات بشكل أقوى وتساعد في تذكر الأشياء بشكل دقيق من الصعب نسيانه.
5- إعادة بناء الذكريات بشكل مختلف
أجابت أبحاث علم النفس عن التساؤل حول لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل وهي أننا نعيد بناء الذكريات بشكل مختلف قليلًا كلما تذكرناها.
اقرأ أيضًا: كيف انسى شخص نهائيا
6- تعليق المواقف المؤلمة دون حلها
من أسباب ترسخ الذكريات المؤلمة أيضا والتساؤل الذي يراود الكثيرين لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل؟
أن تجاهل الأشخاص للمواقف السلبية دون حلها يجعلها عالقة في أذهاننا لفترات أطول لأن المشاعر السلبية تبقى عالقة ويسهل إثارتها واسترجاعها مع أي مشاعر مؤلمة أخرى.
7- الاستسلام للأفكار السلبية
الاستسلام للأفكار السلبية وعدم التجديد في الحياة وحصر الشخص نفسه في دائرة أشخاص محددين معلق عليهم استمرار حياته تؤدي إلى فقدان سيطرة الشخص على نفسه عند ذهاب هؤلاء الأشخاص وتجعلهم أكثر عرضة للأمراض النفسية.
اقرأ أيضًا: طريقة التخلص من التشويش الذهني
نصائح لتفادي ترسيخ الذكريات المؤلمة لزمن طويل
- الاستعانة بالطب النفسي لإخراج المشاعر المكبوتة ومنع تأثيرها على المدى الطويل ويمكنك أيضا التعامل مع ذكرياتك المؤلمة وإخراج مشاعرك بنفسك.
- تدوين مشاعرك عن طريق كتابة يوميات في مذكراتك؛ لإخراج المشاعر وتجنب ترسخها في الذاكرة عن طريق وضع خطة للتعامل معها والنظر لتلك الإيجابيات عند إعادة النظر لها.
- عدم الاستسلام وعدم حصر الشخص لذاته في دائرة الأفكار السلبية وأنه لن يستطيع الاستمرار فيها فهي من الأمور المهمة لتخطي الذكريات المؤلمة.
- حب الشخص لذاته يجعله أكثر ذكاءً ومقاومة للذكريات السيئة ويدرك كيف يتخطى المواقف الصعبة ويجيد استخدام ذكرياته المؤلمة كدافع قوي للاستمرار والنجاح.
- التركيز على الأهداف الشخصية والعمل على تحقيقها وعدم تفرغ الشخص للتفكير في تلك المشاعر المؤلمة
- إشغال أوقات الفراغ في السعي إلى تحقيق الأهداف.
- ممارسة الهوايات والأعمال الإيجابية والتأني في اختيار دائرة الأشخاص المحيطين بك أن يكونوا إيجابين وألا يكونوا مشتركين في تكوين هذه الذكريات المؤلمة.
- إدراك أن الحياة ليست دائمًا تجعل الشخص متقبل للكثير من الصعوبات والشعور بالرضا والإيمان بأن اليوم التالي سيكون أفضل وأنه سيتلقى التعويض عن كل تلك الآلام
- الثقة من قدراتك على تخطي ذلك الألم وعدم إيقاف الحياة على أشخاص أو أشياء تم فقدها.
لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل هو سؤال يقوم بطرحه عدد كبير من الأشخاص الذين لديهم مشاعر مكبوتة لم يستطيعوا التخلص منها أو تفريغها أو الاعتراف بالأسباب الحقيقة لتلك المشاعر المؤلمة.