متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً
متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً طلاقًا بيِّنًا مكتمل الأركان؟ ومتى يسقط الطلاق ولا يُعتد به؟ وما حكم من هجر زوجته بلا طلاق؟ في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم الأسباب الشرعية والحالات التي يكون فيها الطلاق جائزًا والحالات التي لا يقع فيها الطلاق، حسب ما وضحه علماء الفقه الإسلامي وما جاء في مذاهب الأئمة الأربعة.
متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً؟
الطلاق في اللغة العربية هو التحرر أو الخروج، وطلاق المرأة في الدين الإسلامي هو خروج المرأة من عصمة زوجها، وقد شرع الله الطلاق في الدين الإسلامي من أجل الحفاظ على حسن المعاشرة بين المسلمين.
ذكر الله -عز وجل- لفظة الطلاق في موضعين فقط في القرآن، وكلاهما في سورة البقرة:
- الآية 227 “وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ“.
- الآية 229 “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ “.
يكون الطلاق صحيحًا إن استوفت فيه من الشروط ثلاثة، الشرط الأول: هو الزوج وفي هذه الحالة هو المطلِّق، والشرط الثاني: هي الزوجة وهي المطلَّقة، والشرط الثالث: هي صيغة الطلاق، وهي كلمة طالق التي يجب أن تكون جهرية مع وجود شهود.
مع الأخذ في الاعتبار إن قال الرجل لزوجته صيغة الطلاق ثلاث مرات في ذات الموضع، فهي طلقة واحدة من ثلاث، ولاحتساب الطلقات الثلاثة يجب أن تكون في ثلاث أوقات أي طلقها ثم ردها ثم طلقها ثم ردها ثم طلقها.
كما حدد بعض العلماء عددًا من الشروط حتى يكون الطلاق شرعًا:
- أن تكون صيغة الطلاق واضحة سواء أكانت شفهية أو كتابية.
- يجب أن تحضر فيه نية الانفصال بين الزوجين.
- أقر العلماء على وجوب أن تكون كلمة الطلاق بينة.
- تكون النية حاضرة في حالة عدم النطق بالكلمة.
اقرأ أيضًا: متى يكون الطلاق صحيحًا
الطلاق حسب ما جاء في السُنة النبوية الشريفة
السُنة النبوية الشريفة هي المرجع الثاني لدى المسلمين في التشريع بعد ما جاء في آيات القرآن الكريم، وقد جاء في سُنة رسول الله متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً، وهو ما سنعرضه لكم بالأدلة الصحيحة من سنة المصطفى.
- الحالة الأولى لوقوع طلاق المرأة ويعتد به هو أن يكون المطلِّق عاقلاً، كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الصحابي عامر بن ربيعة “كلُّ طلاقٍ جائزٌ إلا طلاقَ المعتوهِ“، الحديث ذكره الألباني ضعيفًا، وجاء به ابن عبد البر في الاستذكار صحيحًا.
- الحالة الثانية أن تكون المرأة المطلقة زوجة للمطلق، كما جاء عن رسول الله في الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص “لا طلاقَ فيما لا يملِكُ“، الحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
- الحالة الثالثة التي يقع فيها الطلاق على المرأة ويكون صحيحًا هو تطليقها إن كانت طاهرة من الجماع، أو طهرت من الحيض، أو كانت حامل، كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه بن عُمر “فَقالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا“.
مما سبق نستنتج أن الشروط التي يكون فيها الطلاق باطلاً، ولا يقع على الزوجة يكون في تلك الحالات:
- الزوج فاقد للأهلية، أو أصيب بشيء من العته (قد يكون غضب).
- الزوج طلق امرأة لا تحل له، غريبة عنه ولم يتزوجها.
- كانت الزوجة حائضًا، أو واقعها زوجها ولم تطهُر.
حكم الطلاق حسب ما جاء من أقوال الأئمة الأربعة
المذاهب الفقهية الأربعة هي أربع طرق في شرح وتفسير القاعدة الفقهية، والتشريع الذي أنزله الله عز وجل إما في كتابه أو في سنة رسول الله، وهذه المذاهب هي (مذهب الإمام أحمد بن حنبل، مذهب الإمام مالك بن أنس، مذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام أبي حنيفة النعمان).
لم يختلف الأئمة الأربعة في تحريم الطلاق أو لا فهو أصل من أصول الدين، والعقيدة الإسلامية، وذهب المالكية وجمهور من علماء الحنفية والمالكية والشافعية أن الطلاق المعتد هو طلاق رجعي أي يحق للزوج رد زوجته في فترة العدة.
بالعقد الأول، لا بعقد جديد إلا إذا انتهت العِدة، وفي هذه الحالة إن أرادا العودة تكون بمهر جديد، وعقد زواج جديد، كأنه يتقدم لخطبتها للمرة الأولى، وأجمع جمهور الحنفية على أن الطلاق لا شية فيه.
لكن عند جمهور الحنابلة والشافعية، والمالكية حلال لكن غير مستحب، لما فيه من قطع أُلفة بين الرجل وزوجته، ولا حرج إن طلق الرجل زوجته طلاقًا واجبًا لشروط، وهي:
- كانت الزوجة سليطة اللسان.
- مفرطة في حقوق الله، لا تؤدِ واجباتها من صلاة وصيام.. إلخ.
- ناقصة العقل أو الدين.
- غير عفيفة، ولا تحفظ أسرار بيته.
أما جمهور المذاهب الأربعة فإنهم يرون الطلاق حرامًا، إذا ما طلَّقَ الرجل زوجته ووقع في الزنا، ويكون الطلاق جائزًا لكن مكروهًا إن كان المتزوج يرغب في الزواج من أجل النسل فقط ليس إلا، ويكون الطلاق واجبًا إن كان طلاق الزوجة يجعله محرم في النفقة عليها.
اقرأ أيضًا: حكم من حلف بالطلاق على شيء لم يحدث
طلاق المرأة الصحيح ابن باز وابن عثيمين والشعراوي
الشيوخ الأجلاء عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ محمد بن صالح آل عثيمين، والشيخ محمد متولي الشعراوي من كبار علماء الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وقد تعرض الشيوخ إلى سؤال متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً، وقد أجابوا كالآتي.
قول الشيخين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين
الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين ذكر بأن تكون المرأة مطلقة طلاقًا شرعيًا لا فصال فيه حينما يكون الطلاق طلاقًا سُنيًا لا بدعيًا، وقد أوضحا الشيخان أن الطلاق السٌني يكون إذا كانت المرأة حُبلى، أو كانت طاهرة من الحيض.
أو كانت المرأة طاهرة ولم يطأها زوجها، ففي تلك الحالات يكون الطلاق سُنيًا شرعيًا لا عيب فيه ولا رجعة فيه، وإن كان الطلاق قد وقع من الزوج بعدما دنا من زوجته، أو كانت زوجته في حالة غير الطهر فالطلاق باطل.
كما أضاف الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن طلاق إذا وقع من شخص قد أعماه غضبه وذكر لفظة الطلاق لا يقطع فيه حكم الطلاق، حتى وإن كان تلفظ بكلمة الطلاق ثلاث مرات، أو كانت زوجته في حالة طهارة، ولم يطأها.
أما الشيخ ابن باز فقد ذكر أن تطليق الزوجة لزوجته وهو مرغم على ذلك من أهله، فإن طلاقه يكون صحيحًا في حالة ثبوت سوء معاملة الزوجة لأهله، كما أضاف الشيخ أيضًا جواز تطليق الزوجة في حالة عدم طاعتها لأوامر زوجها لكن بشرط نية الخروج لا يمين قسم.
اقرأ أيضًا: شروط الطلاق في الإسلام وشروط الطلاق في المحكمة
قول الشيخ الشعراوي
إن أطلق كلمة الطلاق لفظة فهو صحيح مع النية الصحيحة، أما إن كان الطلاق ببعض الكلمات التي تعبر عن الطلاق، لكن بشرط النية في الطلاق، لا التهديد فقط.
الطلاق الصحيح من أقوال العلماء المعاصرون
في سطور هذه الفقرة سنعرض عليكم من أقوال أشهر المشايخ العالم الإسلامي المعاصرين، مثل الشيخ صالح المنجد، والشيخ خالد المصلح، والشيخ مصطفى العدوي.
أولاً: قول الشيخ محمد صالح المنجد
الشيخ محمد صالح المنجد أحد أبرز المشايخ في عالم الدعوة الإسلامية في العصر المعاصر، ذكر الشيخ أن الطلاق الصحيح هو الطلاق الذي تم بالنية على تطليق الزوجة، وذكر لفظة الطلاق صريحة أو مكنية بغرض الطلاق، وطُهر الزوجة.
ثانيًا: قول الشيخ مصطفى العدوي
الشيخ مصطفى من أشهر الدعاة على القنوات الفضائية الدينية، قد أجاب الشيخ في إحدى حلقات برامجه، أن الطلاق إذا حدث بين الزوج والزوجة دون شهود، والزوج يقول إنه قد طلَّق الزوجة فالقول قول الزوج والطلاق لا جدال فيه.
أما إن كان الزوج كاذب، فعلى الزوجة العودة والنصرة إلى دينها، أي تطلب الطلاق أو الخلع، ويوضح الشيخ أن الطلاق الذي لا يكون واقعًا في حالة الغضب وعدم إدراك ما يقول فهو لا يجوز، لكن إن كان يعرف ويدرك، لكنه لا يستطيع كبح نفسه طلاقه ليس بواقع.
ثالثًا: قول الشيخ صالح المصلح
الشيخ خالد بن عبد الله المصلح يعد أحد الدعاة البارزين في هذا العصر، وهو ابن الشيخ الجليل عبد الله المصلح، وقد أفتى الشيخ بأن طلاق من أكرهته زوجته على تطليقها، أو كان الطلاق الرجل لزوجته فالطلاق لا يقع.
الحالات التي تطلب الزوجة فيها الطلاق من الزوج
عرضنا عليكم في سطور هذا الموضوع السابق متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً، لكن ما هي الحالات التي يجب على المرأة أن تطلب فيها الطلاق من زوجها، وهو ما سنعرضه لكم في هذه الفقرة.
- جاءت الإجابة مما أجمع عليه أهل العلم والفقهاء، إن كان الزوج يؤذي زوجته نفسيًا أو جسديًا فعليها طلب الطلاق منه، وإن فقدت الزوجة زوجها فلا تعرف أكان حيًا أو ميتًا وانقطعت سُبُل التواصل بينهم، ففي هذه الحالة يكون طلب الطلاق حق واجب للزوجة.
- من أشهر الحالات أيضًا إن كان بالزوج عيبًا خلقيًا كان يخفيها على الزوجة قبل الزواج، ففي تلك الحالة أباح أهل العلم طلب المرأة الطلاق من زوجها.
- إن أصاب الزوج الجنون، أو الجذام أو البرص، أو ما يكون فيه ضررًا للزوجة في الخلوة الشرعية فإن الطالق واجب، وحق من حقوق الزوجة، كي لا يصيبها أذى.
اقرأ أيضًا: رد يمين الطلاق وقت الغضب ما هو حكمه؟
بذلك نكون قد عرضنا عليكم في سطور هذا الموضوع الإجابة الوافية عن سؤال متى تعتبر المرأة مطلقة شرعاً؟ مما جاء في سنة رسول الله، وأجمع عليه الفقهاء، ونرجو أن تكون الإجابة نافعة لكم.