ما حكم تربية الكلاب في الإسلام
ما حكم تربية الكلاب في الإسلام؟ وهل يجوز لنا لمسها؟ إن أمر تحريم تربية الكلاب أو إجازته يعد من الأمور التي تثار حولها الكثير من الأسئلة المتشعبة، والتي يسعى كل شخص إلى معرفة الإجابة التي تمثل الحد الفاصل لهذه التساؤلات.
سنعرف من خلال هذا الموضوع عبر موقع زيادة، الحكم النهائي بالنسبة للدين والشريعة في أمر تربية الكلاب، لكي يتثنى لجميع المسلمين حسم هذا الأمر بالنفي أو بالإيجاب.
ما حكم تربية الكلاب في الإسلام
إن الإجابة عن سؤال ما حكم تربية الكلاب نسبية إلى حد ما، ويمكن القول إنه محور جدال واسع فيما بين علماء الدين والفقهاء، وذلك لأن فئة تذهب إلى أن الكلب غير نجس وتجوز تربيته في المنزل، بينما ذهبت فئة أخرى إلى أن الكلب نجس ولكن يمكن استغلاله من أجل حراسة المنزل أو المكان المراد حراسته أيًا كان.
بينما ذهبت فئة أخرى إلى أن الكلب سواءً كان نجسًا أم لا، فتوجد طريقة للتطهر بعد ملامستنا له باليد أو ملامسته لنا بلسانه عن طريق اللعق، وطالما وجدت الطريقة فيجوز تربيته لأن نجاسته هنا ليست مطلقة ونهائية، كل هذا يؤكد أن هذا الأمر لا يزال موضع مناقشة واختلاف وربما خلاف أي أنه موضع شبهة في الدين، لذا من الأفضل أن نتقي الشبهات بالابتعاد عنها حتى يحكم الله فيها وهو خير الحاكمين.
ما حكم تربية الكلاب للحراسة
يذهب البعض إلى أن حكم تربية الكلاب قد يكون جائزًا وقد يكون محرمًا وفقًا للحاجة أو الغاية التي يرمي إليها الإنسان، فعلى سبيل المثال يجوز اقتناء الكلب إذا كان هدف المسلم من اقتنائه هو القيام باستخدامه في الصيد، واستند أصحاب هذا الرأي إلى حجة قوية تتمثل في قول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عندما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ“
رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري
حكم الحديث: صحيح وقوي الإسناد.
إن هذا يعني يجوز للمسلم أن يقوم باقتناء الكلب وتربيته إذا كان الهدف منه الحراسة.
ما حكم تربية الكلاب للرفاهية
لقد أجمعت فئة كبيرة من علماء الدين والمحدثين على أن المسلم لا يحل ولا يجوز له أن يقوم باقتناء الكلب وتربيته بهدف الترفيه والتسلية أو التنزه به، ولقد تم تأكيد صحة هذا الرأي من قبل أصحابه استنادًا لبعض الأدلة ومنها:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ“
إن هذا الحديث يدل على حرمانية تربية الكلاب من باب الترفيه أو التنزه وتوضيح الغاية والطريقة الصحيحة أو الهدف الأفضل الذي يبرر ويجيز تربية الكلب وهو الحراسة وإما الصيد، وإذا تمت تربيته لهدف غير هذا فسيعتبر أجر المسلم منقوص عند الله في كل يوم.
قول الرسول عليه الصلاة والسلام: “لا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولَا صُورَةٌ”
رواه أبو طلحة الأنصاري زيد بن سهل، وحدثه الإمام البخاري والإمام مسلم
المصدر صحيح مسلم وصحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح وقوي الإسناد.
إن هذا الحديث الشريف يدل على الضرر الذي يلحق بالمسلم عند قيامه بتربية الكلب في منزله لهدف غير الحراسة أو الصيد أو لمبرر غير ضروري، والضرر هنا هو أن الملائكة لا تطأ مكانًا يقيم فيه كلبًا أو تعلق به صورة أو أيقونة، ويؤكد صحة هذا أيضًا إنه ذات مرة تأخر الملك جبريل عليه السلام في زيارته للنبي ودخوله عليه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينها كان يحتفظ بكلب في أسفل فراشه أو في جواره.
اقرأ أيضًا: هل تربية الكلاب حرام
ما حكم تربية الكلاب للصيد
هنا ذهب فريق ثانٍ من العلماء والفقهاء إلى أن تربية الكلاب بهدف القيام باستخدامها في الصيد يعد جائزًا مباحًا، وهذا الفريق أيضًا استند إلى سبب وحجة قوية تبرر رأيه وتجعله مقبولًا أو ربما محلًا للتفكير ويستحق أن نقف عنده قليلًا، فأصحاب هذا الرأي استندوا إلى قول الله تعالي (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
[سورة المائدة، الآية رقم 4]، وهذا يعد أحد الأدلة على أن شراء الكلب وتربيته والاعتناء به من أجل استعماله في مهام الصيد المختلفة يعد جائزًا ولا حرام فيه.
ما حكم تربية الكلاب في المذاهب الأربعة
إن حكم تربية الكلب عند الأئمة الأربعة ومذاهبهم يصنف كل على حدة كالتالي:
حكم تربية الكلاب عند الإمام مالك بن أنس
لقد قال الإمام مالك بن أنس وأتباعه من المالكية أن الكلب حيوان طاهر وليس نجسًا، ولكن ما ذكر بشأن طهارة الكلب ورطوبته بالكامل لا يعد دليلًا قاطعًا يحلل أمر اقتنائه أو تربيته، وذلك وفقًا لما ورد في كل من صحيح مسلم وصحيح البخاري من الحديث النبوي السابق ذكره، ولقد قال الإمام مالك في منح الجليل من كتب المالكية “ وشرط المعقود عليه طهارة وانتفاع، وعدم نهي عن بيعه وإن كان طاهراً منتفعاً به مأذوناً في اتخاذه؛ إذ لا يصح بيع ما نهى عن بيعه ككلب صيد“
حكم تربية الكلاب عند الإمام أبو حنيفة النعمان
لقد رأى الإمام الحنفي ومعظم فريق المسلمين الذي ينتمي إلى الحنفية أن الكلب طاهر تمامًا لا نجاسة فيه ولا رجس في تربيته، ولكن هذا كله لا ينكر عليه أن لعابه أو أي رطوبة تخرج من جسمه وتنتجها مسامه أو حواسه نجسة، كالعرق أو اللعاب أو البول أو أي رذاذ يخرج منه.
اقرأ أيضًا: حكم تربية الكلاب في المنزل
حكم تربية الكلاب عند الإمام أحمد بن حنبل
إن الإمام أحمد بن حنبل والحنابلة المتبعين لمذهبه ومعهم أيضًا أصحاب المذهب الشافعي، يرون أن الكلب نجس العين بمعنى أنه نجس الكيان بالكامل ولقد استندوا في إثبات رأيهم إلى حديث أبو هريرة رضي الله عنه عندما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولَغ فيه الكلبُ أنْ يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ أُولاهنَّ بالتُّرابِ”
رواه أبي هريرة، وحدثه شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج صحيح بن حبان
حكم الحديث: صحيح الإسناد على شرطهما.
ما حكم تربية الكلاب في الإسلام
إن كثيرًا من الأحاديث النبوية الشريفة قالت وبشكل صريح أن تربية الكلاب أو ملامستها غير جائزة، ومن أبرز هذ الأحاديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:
” لولا أن الكلابَ أمةٌ من الأممِ لأمرتُ بقتلِها، فاقتلوا منها الأسودَ البهيمَ، وأيُّما قومٍ اتخذوا كلبًا ليس بكلبِ حرثٍ أو صيدٍ، أو ماشيةٍ، فإنه ينقصُ من أجرهِ كلَّ يومٍ قيراطٌ“
رواه عبد بن مغفل، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح النسائي، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
إن نجاسة الإفرازات السائلة التي ينتجها جسم الكلب تعد هي مصدر النجاسة فيه على الأغلب، وهذا ما رمى إليه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: “ طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولَغ فيه الكلبُ أنْ يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ أُولاهنَّ بالتُّرابِ“
رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وحدثه بن حبان، المصدر: صحيح بن حبان
حكم الحديث: صحيح الإسناد.
اقرأ أيضًا: هل تجارة الكلاب حرام
أسباب تحريم تربية الكلاب
إن هناك بعض الأسباب التي يرجح أن الكلب قد حرمت تربيته أو ملامسته أو اقتنائه لأجلها، وتلك الأسباب المتعارف عليها يمكن تلخيصها في الأمور الآتية:
- إن الكلب يتسبب في إخافة وترويع الناس وخاصةً الأطفال.
- إجماع شريحة عريضة جدًا من الفقهاء وعلماء الدين على أن الكلب مجس بأكمله.
- اجتمع أشهر فقهاء الإسلام على رأي ثابت وهو أن الكلب نجس ومن أبرز هؤلاء الفقهاء الإمام الأوزاعي، والإمام الحنفي وتلاميذه أبو يوسف ومحمد بن الحسن والإمام أحمد بن حنبل والإمام الشافعي.
- إن أمر إجازة أو تحريم تربية الكلب يعد أحد مواضع الشبهة في الإسلام.
- إن الكلب يتسبب في تلويث مكان وجوده بسبب روثه أو فضلاته.
- إذا تعرض الشخص لعضة كلب أو مخالطة لعابة لطعام أو شراب الإنسان يتسبب في إلحاق الضرر بالشخص.
- بعض الأشخاص يعانون من فوبيا أو ما يعرف بالخوف المرضي من الكلاب، لذا لا يحق للغير ترويعهم وإثارة خوفهم الهستيري وأذيتهم على الصعيد النفسي من باب الترفيه أو التسلية بالتنزه مع الكلاب.
- يتسبب الكلب في إزعاج للجيران ولأهل البيت أو سكان الشارع أو البناية السكنية بالكامل بسبب نباحه العالي، فهو ليس كالقطة مثلًا والتي لا يزعج أحدًا موائها ولا يثير خوفه، ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث شريف له بضرورة حفظ المسلم لحقوق الجار فلا يحق له أن يزعجه إذًا أو يخيفه بسبب الكلب.
بعد الإجابة عن سؤال ما حكم تربية الكلاب في الإسلام وعند الأئمة الأربعة، جدير بالذكر أن تربية الجراء الصغيرة أيضًا محرمة إلا لنفس الهدفين أي الصيد أو الحراسة.