ما هو الورد اليومي من التسبيح
ما هو الورد اليومي من التسبيح وما هي مشروعيته عند أهل السنة والجماعة؟ فالذكر من أسمى العبادات التي تغذي الروح وتطمئنها، وتجعلها على يقين بالله سبحانه وتعالى وزيادة به.
لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم ما هو الورد اليومي من التسبيح، وقول العلماء في مشروعيته من علماء أهل السُّنة، وهل كان لرسول الله ورد يومي في التسبيح؟
ما هو الورد اليومي من التسبيح؟
اللغة العربية هي لغة الثلاثة ملايين مفردة، ولكل مفردة منها عديد المعاني، فمثلاً كلمة التهليل تعني ذكر لا إله إلا الله، ولفظة الحوقلة هي ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولفظة التسبيح تعني ذكر سبحان الله.
هذه اللفظة تحمل من المعاني اثنين، إما المعنى الأول الذي ذكرناه وهو ذكر سبحان الله، أو ذكر الله على وجه العموم، فالذكر راحة القلوب، فقال الله سبحانه وتعالى في سورة الرعد الآية الثامنة والعشرين (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
لذلك فإن من العبادات الروحية التي يقوم بها المسلم هي ذكر الله، والعبادات الروحية هي الدعاء، والرضا بالله سبحانه وتعالى، وقد وجب علينا نحن المسلمين بعض الأذكار اليومية، التي تعد من السنن المهجورة عند العديد من المسلمين.
مثل أذكار الصباح والمساء فود في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه
“اللهم بك أصبَحْنا، وبك أمسَينا، وبك نحيا، وبك نموتُ، وإليك النُّشورُ، وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسَينا، وبك نحَيا، وبك نموتُ، وإليك النشورُ“.
الحديث صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجه والألباني، وهو ما يثبت أن الدين الإسلامي فيه من الأذكار الواجبة على المسلم، لكن وجود ما هو الورد اليومي من التسبيح، بالعدد والتخصيص هو غير موجود عند علماء أهل السُّنة.
أما عن لفظة التسبيح بعينها، فالتسبيح يذكره المسلم في قراءته للقرآن، فعلى سبيل المثال الآية رقم مائة وثمانية من سورة يوسف ورد فيها لفظة التسبيح (وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
اقرأ أيضًا: ماذا نقول في التسبيح وما هي صيغ التسبيح
التسبيح في السُّنة النبوية
السُّنة هي المناهج والطريقة، وسُّنة رسول الله هي خير الطرق التي نأخذ منها الأحكام الشرعية بعد كتاب الله عز وجل، فرسول الله ما كان ينطق عن الهوى، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم ما هو الورد اليومي من التسبيح الذي ورد في السُّنة النبوية الشريفة.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار وذِكر الله سبحانه وتعالى في مجالسه، فهو الذي سبح الحصى بين يديه عليه الصلاة والسلام حتى سمع الصحابة أزيزًا كأزيزِ النحل، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة.
الشاهد على هذا هو الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة، وأخرجه البخاري في صحيحه “واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً“، رسول الله من بني العرب، والعرب كانوا يستخدمون في عديد الأقوال الأعداد للدلالة على الكثرة.
مثل ما يقال في العامية المصرية “حفظت الشعر خمسين مرة”، لذلك فإن علماء الحديث يرون أن هذا العديد دليل على الكثرة لا الحصر، أو توضيح العدد كما هو الاعتقاد الخاطئ بالالتزام بعددٍ معين من الذكر اليومي.
الشاهد الثاني على الحث على الذكر في الإسلام جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي رواه الأغر المزني أبو مالك، وأخرجه مسلم صحيحًا ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ“.
هذا حث على ذكر الله سبحانه وتعالى، والذكر لا يتعلق بوقت أو بعدد، فورد في الأثر النبوي الشريف في أكثر من موضع كما وضحنا، ولم نجد في أيٍ من هذه الشواهد ما يفيد بعدد الأرقام، فما أصل الورد اليومي في التسبيح؟
اقرأ أيضًا: كيفية أداء صلاة التسابيح
أصل الورد اليومي في التسبيح
هذه المسألة وجدت الخلاف بين علماء المسلمين أجمع، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم قول العلماء في مسألة ما هو الورد اليومي من التسبيح.
الورد اليومي في التسبيح هو من أقوال المتصوفين، والصوفية هي حركة من حركات الكلام في الإسلام، وهذه الحركة في أقوالها ما خلق الجدال بين علماء الصوفية، وعلماء أهل السُّنة، ومما خلق هذا الجدل هو عدد أذكار الورد اليومي في التسبيح.
إن للصوفية عددٌ معين من الأذكار، ورد التسبيح اليومي الذي عن أهل الصوفية متعلق عندهم بالبركة، وأن البركة تنقطع إذا تم منها التقليل في عدد الأذكار، والشاهد هو قول الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، وذكره نصًا في أحد مجالس العلم، وقال:
“إن البركة مثل الماء الجاري في الصنبور، وعدم الالتزام بالورد اليومي وعدد الأذكار فهو يقلل من البركة التي يلقاها العبد“، وكل هذا الكلام من البدع، والبدع ضلال.
قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، واتفق معه في الشيخ يحيى بن شرف النووي إن أذكار الصوفيين، هي من نهج الإضلال للمتأخرين، فلم يرد هذا في السنة النبوية، أو في كتاب الله عز وجل.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع التسبيح قبل النوم
الورد اليومي في التسبيح عند أهل السنة
ذكرنا في السطور السابقة أن إجابة سؤال “ما هو الورد اليومي من التسبيح؟” عند أهل المذهب الصوفي يعد ضلالاً، لكن هل في الشرع والدين الإسلامي عدد معين للورد اليومي، أم لا؟
إن الدين الإسلامي قد شرَّع فيه الله عز وجل التسبيح والاستغفار وذكره سبحانه وتعالى في وقتين، الوقت الأول هو قول الأذكار بعد الصلاة، وهي الأذكار المرتبطة بعددٍ معين هي أذكار بعد الصلاة.
فورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي معناه، أن المسلم ما إن ينتهي من صلاته فإنه يستغفر الله ثلاثًا، ثم يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
ثم التسبيح أربعًا بعد الصلاة، والتحميد أربعًا “ذكر الحمد لله”، والتكبير أربعًا، ثم يسبح الله عز وجل في خمسٍ وعشرين مرة، ويحمد الله عز وجل في خمسٍ وعشرين مرة، ويكبر الله، ويهلل خمسًا وعشرين مرة.
كما ورد في حديثٍ صحيح عن كعب بن عجرة رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه مسلم في صحيحه
“مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً“.
هذه هي الأذكار التي وردت في السنة، ذات أعداد محددة، فلا تنقص، وإن زاد العبد فإنها تزيد من كسبه للثواب والحسنات، كما أن أذكار الصباح والمساء أيضًا من الأذكار التي تكون محكومة بعددٍ كما ورد في سُنة رسول الله.
أما ما يخالف ذلك من أذكار، أو الالتزام بعددٍ معين في الذكر فإنه من البدع كما ذكرنا، وتعد من المحظورات التي قد توقع العبد في المعاصي.
الأذكار من العبادات التي تُسكن الروح، وهي من المداخل التي قد تتغللها الأفكار الغريبة على المنهج الإسلامي، فكن حذرًا مما قد يشوب دينك وعقلك.