ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه

ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه الذي يمكننا من خلاله التخلص منه؟ فإن تجربة ظهور الجاثوم للشخص هي تجربة مرعبة تصيب صاحبها بالذعر والفزع، فهل هو مرتبط بعالم الجن وما وراء الطبيعة؟

لذا سوف نعرف ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه حتى نقي ذاتنا من تلك التجربة المرعبة التي تصيب الكثيرين منا من خلال موقع زيادة.

ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه

محبين عالم الروايات والقراءة الأدبية، وبالأخص عشاق أدب الرعب وعالم ما وراء الطبيعة سيكون لديهم تساؤل دومًا عن سؤال ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه، وهل هو فعلًا كما عاهدوه في عالمهم الأدبي أم يختلف عن ذلك.

فمن يقرؤون ذلك النوع من الأدب سوف يكون قد مر عليهم قصة واحدة على الأقل عن بطل موضوعنا وهو الجاثوم.

فجاثوم ما وراء الطبيعي، هو ذلك الشبح الذي يقتنص فرائصه أثناء الليل فينفرد بهم ويكون حائل بينهم وبين الاستيقاظ فيفعل ما يريد بهم أثناء زيارتهم لعالمه، وهو عالم الأحلام.

فجميعنا يتخيل ما قد يفعله ذلك الوحش بنا، إذا قرر زيارتنا في أحد الأيام، فتمر الأيام ويحدث ما كنا نخشى منه، ونجد أننا قد أصبحنا تحت سيطرة ذلك الجاثوم.

لكن الحقيقة أن كل ذلك لم يتعدى كونه حكايات شعبية تراثية تتداولها الألسَنة في المُجتمعات، وكل مُجتمع يكون له بناء شخصية مختلف لشخصية الجاثوم.

فالبشر بطبيعتهم لا يجلدون على ذاتهم عناء مفرط بالبحث العلمي للتفسير، ولا يحملون عقولهم إلزامية بناء قاعدة معرفية ثقافية وعلمية لتحليل جوانب الظاهرة الغريبة وإعطائه أسباب ونتائج وتكوين رؤية معرفية واعية عن الظاهرة.

بل يكون القرار الأكثر حكمة هو الاتجاه للتفسير الخرافي، فإن من استيقظ في يوم ووجد أنه ذو أعين مستيقظة وعقل واعي مقترنين مع جسد هامد لا يقدر على الحركة أو الاستجابة وإعطاء ردود فعل.

مع اقتران الوضع ببعض الهلوسة السمعية والبصرية، الطبيعية في مرحلة التحول من العقل اللاوعي إلى العقل الواعي وترك عالم الأحلام للانتقال إلى عالم الواقع، فيكون أمام بيئة خصبة لخوض تجربة لا تُنسى، تكون توابعها الغرق في حالة من الذعر والفزع.

الآن سوف نقوم بعمل دراسة تحليلية لتلك التجربة التي قد تمر على الكثيرين منّا، لنصل لنتائج واقعية وعلمية تهدينا للتفسير السليم للظاهرة.

اقرأ أيضًا: هل الجاثوم جن عاشق

ما هو الجاثوم؟

الجاثوم أو عفريت الليل كل تلك أسماء لمسمى واحد وهو شلل النوم، وقد جاءت تسميته بالجاثوم نسبة للفلكلور الشعبي الذي تتطوع لتفسير الظاهرة العلمية، وإسنادها إلى الأسباب الخرافية والغير واقعية.

فتفسر ظاهرة شلل النوم إلى أنه يوجد شبح أو جن يكون جاثم بكل جسده على جسد الشخص الذي قرر أن يلبس جسده أو يعكر صفو حياته لأي سبب ما، فيكون اسم هذا الجن هو الجاثوم.

رغم أن الأمر قد يكون صادمًا لكثير من محبي الفنتازيا والإثارة، أو مدمنون تدفق الأدرينالين في الدم عند سماع قصة تحمل طابع الإثارة والغموض والرعب والتشويق.

فإن أسباب تلك الظاهرة جينية نفسية بيولوجية، ولا تحدث بسبب صراع ذلك الوحش الأسطوري مع البشر والحروب بينهم.

تُعرف الظاهرة على أنها حالة ما بين اليقظة والنوم فيكون المرء في المنطقة الوسطى ما بين العقل الواعي والعقل اللاوعي، فلا يغرق في عالم الأحلام وتجاهل الواقع بما فيه، ولا ينتصب للواقع ويترك كل الهلوسة الحلمية.

فيكون الشخص واعي ومستيقظ العقل -بشكل غير كامل- قادر على رؤية وإدراك ما يحدث حوله، فقد تمت إزالة الغشاء الحاجز عن عينه.

لكن جسده مازال في عالم الأحلام فلا يستطيع الحركة أو الكلام، وخلال تلك الحالة قد يطرأ على الشخص هلوسة سمعية أو بصرية، فيرى ما ليس موجد، ويسمع ما لم يُقال، وتلك الهلوسة نتيجة عن عدم استيقاظ العقل بشكل كامل.

فتلك النوبة من شلل النوم تستمر ما بين ثواني إلى دقائق، فكلما زادت زاد تعرض المرء لحالة من الذعر والفزع وصدمة ما بعد الاستيقاظ، فكانت كل تلك العوامل مجتمعة هي البيئة الخصبة، لتطرح عنها أُسطورة الجاثوم.

فسوف نحلل في الفقرة التالية، هل تلك الأعراض صراع مع الجن فعلًا أم هي ظاهرة طبيعية.

معدلات الإصابة بشلل النوم

استكمالًا لحديثنا حول ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه، نذكر أن الحقيقة أن كل تلك الأعراض المذكورة بالفقرة السابقة ليست إلا أعراض لنوبة شلل النوم، وهي نوبة يعاني منها 50% من البشر خلال فترة من فترات حياتهم، وهناك 5% من البشر تستمر معهم تلك الحالة لتصيبهم بشكل دوري خلال حياتهم.

بذلك نكون قد أنهينا الرد على الجزء الأول لسؤال ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه، يبقى أن نعرف أسبابه العلمية وكيفية علاجها.

أقرأ أيضًا: هل المس يسبب الخوف

أسباب حدوث ظاهرة الجاثوم أو شلل النوم

كما ذكرنا أن ظاهرة الجاثوم، أو نسميها باسمها العلمي ظاهرة شلل النوم هي ظاهرة طبيعية بشكل كامل لها تفسير علمي وأسباب، ليست صراع بين الإنسان والجن.

تلك الظاهرة تحدث بسبب خروج الشخص من طور النوم الحالم إلى النوم الغير حالم، فيستيقظ عقله وينتقل إلى حالة الإدراك، ما يجعل تلك النوبة مختلفة عن أي حالة استيقاظ طبيعية تحدث لكل البشر كل يوم.

هو أن العقل يستيقظ دون الجسد، فيكون الجسد مازال في حالة النوم والارتخاء العضلي الكامل، ذلك ما يسبب شعور نفسي مضطرب للشخص، من خلال شعوره بالعجز والاختناق، ومع حدوث بعض الهلوسة البصرية والسمعية، يدخل المرء إلى نوبة من الذعر.

أقصى معدل لانتهاء تلك الحالة من الارتخاء العضلي واليقظة العقلية المسمى بشلل النوم هو لا يتعدى الدقائق المعدودة، لكن ما يحمله على الشخص المصاب من آثار نفسية يستمر لأكثر من ذلك بكثير، وهناك عوامل مُسببة لها:

الحرمان من النوم أو السهر المفرط

في حديثنا عما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه، يعد الحرمان من النوم هو أحد الأسباب الرئيسة لحدوث نوبات شلل النوم، فيرجع ذلك إلى أن الشخص عندما يستمر مستيقظ لفترة طويلة ويقاوم احتياجه الجسدي للنوم والاسترخاء.

فيكون جسده في حالة نشاط مستمرة ولا يحصل على الراحة الكافية، يكون أكثر عرضة للإصابة بنوبة شلل النوم.

بسبب أنه عندما يستيقظ لمواصلة النشاط يكون جسده رافض لذلك ومازال في حاجة للاسترخاء والراحة، فيحدث تضارب بين العقل المشغول بمسؤولياته ويريد الاستيقاظ للسعي بها وبين الجسد المستنزف لكل طاقته ويريد الراحة.

التوتر لفترات طويلة والقلق المفرط

أحد أسباب الإصابة بنوبة شلل النوم، هو تعرض الشخص لفترات طويلة من القلق وتوتر الأعصاب، مما يجعل العقل دومًا في حالة من الاضطراب ويجعل الجهاز العصبي المركزي في جسم الإنسان في حالة شد دائمة.

فتصبح الأعصاب الجسدية مرهقة من الشد الدائم لها، وتسعى لأي فرصة للاسترخاء، فعندما يقرر الشخص الاستيقاظ تكون الأعصاب لا تمتلك القدرة على تلبية تلك الرغبة وغير قادرة على استجماع قواها لتقوم بذلك، فتحدث نوبة شلل النوم.

كما أن هناك أسباب أخرى لشلل النوم منها:

  • الاستعمال الدائم لوضعية النوم على الظهر.
  • الإصابة ببعض الأمراض النفسية تكون من العوامل المؤثر للإصابة بنوبة شلل النوم، مثل اضطراب القطب الثنائي.
  • تناول الشخص لعلاجات الاكتئاب يجعله أكثر عرضة للإصابة بنوبة شلل النوم.
  • قد تكون الإصابة بنوبة شلل النوم متعلقة بعوامل وراثية، لذلك تكثر إصابة الافراد بتلك النوبات في العائلة الواحدة.
  • عدم انتظام معدل التنفس للشخص النائم وانقطاع النفس أثناء النوم، فيحدث نقص لمعدلات الأكسجين الواجب وجودها بالمخ، مما يسبب حدوث شلل النوم.
  • النوم بمواعيد غير منتظمة، يتسبب باضطراب بيولوجية للجسد مما يجعله أكثر عرضة لحدوث شلل النوم.
  • تغير نمط الحياة بصورة مستمرة وتغير ظروف الحياة والبيئة المحيطة من العوامل المسببة لحدوث شلل النوم، لعدم قدرة الجسد على التكيف مع ظروف الحياة المتغيرة بصورة مستمرة.
  • استخدام العقاقير المنومة، قد يكون سبب رئيسي لحدوث نوبات شلل النوم.

بذلك نكون قد عرفنا ما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه سوف نعرفه من خلال الفقرة القادمة للموضوع، لنصل إلى مرحلة التعافي منه بشكل كامل.

اقرأ أيضًا: مدة الشفاء من المس

علاج شلل النوم أو ظاهرة الجاثوم

في إطار حديثنا عما هو الجاثوم وأسبابه وعلاجه، فبعد أن توصلنا إلى حقيقة أن ظاهرة الجاثوم هي ظاهرة طبيعية بنسبة 100% ولا يوجد أي تدخل للجن والأشباح والخوارق الكونية بها.

فبالتالي يجب أن يكون علاجها مناسب لطبيعتها فلا نحاول منع الجاثوم من مطاردتنا بعقد اتفاقية صلح معه، أو البحث عن وسيط روحاني للواسطة لدينا عنده وحل الخلافات.

كل ما علينا فقط هو اتباع نمط حياة صحي من خلال القيام بالأشياء الآتية:

  • الانتظام على ممارسة الرياضة، وإعداد مواعيد ثابتة للرياضة يوميًا.
  • تنظيم مواعيد الاستيقاظ والنوم، والبعد عن نمط النوم العشوائي.
  • إعطاء الجسم الفرصة الكاملة للاسترخاء، عن طريق ترك الجسم للنوم عدد الساعات التي يحتاجها كاملة.
  • مراعاة عدم الاستلقاء على الظهر لفترة طويلة أثناء النوم، فبدلًا من ذلك يفضل النوم على أحد الجانبين، بالتحديد الجانب الأيمن فهو الأكثر صحية لوضع الجسد.
  • عدم الاستسلام للقلق والتوتر لفترات طويلة، وإن وجدنا استمرار حالة التوتر، علينا التوجه لمعالج سلوكي، أو دراسة طرق العلاج السلوكي المعرفي.
  • بعض الحالات من التوتر والقلق تستوجب التدخل الدوائي من خلال الانتظام على بعض الأدوية المهدئة.
  • التأكد من عدم الإصابة بأمراض مثل النوم القهري.

نشير إلى أنه عند التعرض لشلل النوم يراعى الآتي:

  • عدم الصراع مع نوبة الشلل ومقاومتها فيزيد ذلك من حالة الفزع.
  • محاولة تحريك أصابع القدم.
  • محاولة فتح وغلق العينين بشكل تكراري.

فكل تلك العوامل تساعد على تقليل مدة النوبة وتخفيف الإصابة النفسية التي يتعرض لها المصاب بها.

بذلك نكون قد عرفنا العلاج العلمي للتخلص من ظاهرة شلل النوم، البعيدة كل البعد عن الدجل والخرافات، لكن فقط من خلال تنظيم نمط حياة مستقر وهادئ وصحي، بعيدًا عن أي اضطرابات وتوتر.

اقرأ أيضًا: علامات وأسباب ظهور الجن في الليل

الجاثوم في الإسلام

يجزم الكثيرين أن الجاثوم هو أحد سلالات الشياطين المذكورة في دين الإسلام، وذلك بسبب اختلاط الأمر عليهم وعدم معرفتهم اللغوية الكافية.

فيكون استنادهم على الحديث المذكور عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

“الشيطانُ جاثِمٌ على قلبِ ابنِ آدمَ؛ فإذا ذَكَر اللهَ خَنَسَ وإذا غَفَل وَسْوَسَ” (صحيح).

فيخلط الغير مدركين لمعنى الحديث الشريف، وأصحاب الضعف اللغوي بمصطلحات ومعاني اللغة العربية التي كرمها الله بأن تحمل القرآن بين حروفها.

بين قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إن “الشيطان جاثم” وبين الاصطلاح الشعبي بتسمية ظاهرة شلل النوم بالجاثوم، فإن جاثم التي ذكرت في الحديث هي أسم فاعل للشيطان من فعل “جثم” أي لازال مكانه ولم يبرح.

فمعنى الحديث إن الشيطان يظل جالس على قلب الإنسان فإن ذكر العبد ربهُ ذهب عنه، وإن غفل عن الذكر وسوس له.

فلا ربط بين الحديث الشريف وبين ما إطلاق عليه محبين أدب الرعب الجاثوم، إن الاثنين قد جاءوا من مشكاة فعل واحد وهو الجَثَمَ.

فالجاثوم في التراث الشعبي، يجثم على صدر الإنسان فيمنعه من الحركة.

إن ظاهرة الجاثوم ظاهرة طبيعية لها أسباب وعلاج، فإن أردنا علاجها يجب أن نُرجع الأمر لتفسيره الأصلي بعيدًا عن الخرافات.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.