ماذا تسمى صغار الذنوب

ماذا تسمى صغار الذنوب؟ ومتى تصبح الصغائر من الكبائر؟ فإنَّ العبد الذي يخشى الله في أقواله وأفعاله وأحواله، يخاف مقام ربِّه، يبحث عن الصغير والكبير، ويحاسب نفسه في الدنيا مخافة الحساب يوم الدين، ويتجنب الوقوع في الصغائر، لذلك نوافيكم بهذا التفصيل من خلال موقع زيادة حول صغار الذنوب، وماذا سمَّاها الله في القرآن.

ماذا تسمى صغار الذنوب؟

يقول الله تعالى في سورة النجم: “الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ” آية (32)، فسمَّى اللهُ صغارَ الذنوب في هذه الآية ب “اللَّمَم”، وهذه رحمة الله بعباده إذ أنَّه لا يرضى لعباده الكفر والمعاصي، وإنما يرضى لهم الشكر- وهو غنيٌّ عنهم –

الشكر يكون بالطاعة، والبعد عن الذنوب والمعاصي كبيرها وصغيرها، لكن مع كونه سبحانه لا يرضى لعباده الذنوب، وارتكاب الذنوب ينافي الشكر الذي يرضاه الله إلا أنَّه يعفو عن اللمم! فما هو اللمم؟! وماذا يعني هذا التعبير القرآني الفريد؟!

اقرأ أيضًا: دعاء التوبة من الذنوب والمعاصي

ما هو اللمم؟

هي إجابة ماذا تسمى صغار الذنوب؟ وقد اختلف المفسرون وأئمة الدين فيما يتعلق بمعنى اللمم في الآية الكريمة، ولكنَّ أقوالهم وإن اختلفت في ظواهرها إلا أنَّها تتضافر في معانيها.

كما تُبيِّن بشكل واضح معنى اللمم، وتعطي للسائل تصوُّرًا واضحًا عن طريقة تعامله مع الذنوب حتى تكون دائما من اللمم المغفور المعفيِّ عنه، فيكون من المرحومين، ومن هذه المعاني :

1- عدم الإصرار على الذنب

عدم الإصرار على الذنب -وإن كان كبيرًا- مع التوبة والاستغفار يعرِّض العبد للعفو والمغفرة، والإصرار على الذنب -وإن كان صغيرًا- يعرِّض العبد للعقاب، ولا يكون هذا الذنب من اللمم الذي يعفو الله عنه.

حول هذا المعنى روي عن جماعة من المفسرين منهم أبو هريرة، ومجاهد، والحسن، وكذلك رواية عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا في معنى اللمم أنه (الإلمام بالذنب مرة، ثم لا يعود إليه، وإن كان كبيرًا).

2- الخواطر السيئة

المقصود المعاصي التي تخطر على قلب الإنسان، وتُحدِّثه نفسه بفعلها، ولكن لا يعزم عليها عزيمة كاملة، ولا يصرُّ في باطنه على ارتكابها، يعفو الله عنها، بل إنه إذا نوى ترك هذه الخواطر إرضاء لله، فإنه يحصل الأجر والثواب من الله، وإذا تركها فقط بلا نية لا يأخذ لا أجرا ولا وزرا؛

أما إذا أصرَّ قلبه على ارتكاب تلك المعصية، ولكن تركها رغما عنه إذ لم تهيأ له الأسباب، فإنه يحمل وزرها، لأنه أصرَّ على فعلها بقلبه، ولكن منعته الأسباب، فهو كمن فعلها في الإثم.

حول هذا المعنى روي عن التابعي الجليل سعيد بن المسيب أنه قال عن اللمم بهذا المعنى الذي ذكرناه أنه (ما ألمَّ به القلب، أي خطر عليه)

3- ما يحدث عن غير قصد الإنسان ويُعدّ في الأصل معصية

مثل النظر من غير تعمد إلى ما أمر الله بغضِّ البصر عنه، فهو من المغفور الذي لا يؤاخذ الله به عباده، وحول هذا المعنى روي عن الحسين بن الفضل رحمه الله أنه قال عن اللمم أنه (النظر من غير تعمد ، فهو مغفور ، فإن أعاد اللمم : فليس بلمم ، وهو ذنب).

اقرأ أيضًا: دعاء تكفير الذنوب قبل النوم

4- الإسلام بعد الكفر

إذا كان المرء كافرًا وأسلم، فإن ما فعله في الجاهلية قبل الإسلام يغفر جميعه إن هو أحسن بعد الإسلام أما إذا أساء بعد الإسلام، فإنه يؤخذ بالأول والآخر.. وهي من الأمور التي تندرج تحت إجابة ماذا تسمى صغار الذنوب؟

حول هذا المعنى ذهبت طائفة من أهل العلم كزيد بن ثابت وزيد بن أسلم، فقالوا عن اللمم أنه (ما فعلوه في الجاهلية قبل إسلامهم ، فالله لا يؤاخذهم به ، وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين: أنتم بالأمس كنتم تعملون معنا – أي كنتم تعملون معنا المعاصي – ، فأنزل الله هذه الآية).

5- صغائر الذنوب

ما ليس فيها حدًا في الدنيا ولا وعيد في الآخرة، أي وعيد خاص  كالوعيد بالنار والغضب واللعنة، وهي ذنوب يكتبها ملك السيئات، والإصرار عليها مهلك، لكن بترك الإصرار والاستغفار وفعل الطاعات تغفر هذه الصغائر، وتكون هي اللمم المقصود في الآية والذي لا يؤاخذ الله به.

حول هذا المعنى ذهب جمهور العلماء إلى أن اللمم هو صغار الذنوب، ومما رووه وقالوه في ذلك:

روى البخاري (6243) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا ، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .

اقرأ أيضًا: هل الذنوب تتضاعف في رمضان

خطورة صغار الذنوب على العبد

على المسلم الإلمام بأمور دينه، ومن ذلك معرفة ماذا تسمى صغار الذنوب؟ فهي مرحلة من مراحل تدرُّج الشيطان مع العبد حتى يصل به إلى الكفر، فيوقع الشيطان بني آدم في حبائله وشراكه مرة بعد مرة، ويتدرج معهم في الوسوسة والتزيين، بالمباحات أولا بأن يتوسعوا فيها.

ثم بالمكروهات أن يعملوها ولو قليلا، ثم يستزيدوا منها، ثم يوقعهم في الإثم والحرام، فيجعلهم من أهل المعاصي؛

يبدأ بالمعاصي الصغيرة قبل الكبيرة، ثم يوقعهم في الكبيرة، ويتخذ الفرص، ويتربص بهم الدوائر، وينظر مواطن ضعف الإنسان على اختلافها من إنسان لآخر، فيدخل لكل إنسان من موطن ضعفه حتى يهلكه.

تراكم صغار الذنوب على القلب يهلكه، ويجعله أسود مربادّا لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه، والإصرار على الذنب الصغير يجعله كبيرًا، فعلى العبد أن يحذر من صغار الذنوب.

التعليقات مغلقة.