هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها
هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها أم لا؟ وهل يحق للزوج منع زوجته من السفر؟ هذه الأسئلة تشكل قضية بارزة في مجتمعنا، وتعددت الآراء حول هذا الأمر، ذلك بين مؤيدين وجوب حصول الزوجة على إذن من زوجها للسفر باعتباره أمر يحسمه الدين الإسلامي، والبعض الآخر يرفضه نظرًا لتطور المجتمع وانفتاح المرأة على مجالات العمل المختلفة.
لذلك في هذا الموضوع سنعلم فعلًا هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها أم لا وفق القانون والدين الإسلامي، كما أننا سنقوم بمناقشة جميع تفاصيل هذا الموضوع من خلال موقع زيادة.
اقرأ أيضًا: الاستعلام عن منع السفر بالرقم المدني في الكويت
هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها
يعود تباين الآراء بين مؤيدي ومعارضي حصول الزوجة على إذن زوجها للسفر إلى تشريعات الدول العربية، فبعض الدول تشدد على لزوم حصول الزوجة على إذن من زوجها للسفر، بينما تتخلى تشريعات بعض الدول الأخرى عن هذا الشرط؛ نظرًا لعدم ملائمته مع تطور العصر وانفتاح المرأة على أسواق العمل.
لقد أعطى الدين الإسلامي أهمية كبيرة لأحوال الأسرة وحقوقها وواجبتها، وأراد ديننا أن يكون عمود بناء الأسر هو قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [سورة الروم الآية 21].
في ظل هذه الآية الكريمة جعل الله ميثاق الأسر الرحمة والمودة، وقد أعطى الإسلام الزوج الأحقية الكاملة في أن يكون المسؤول عن أسرته في جميع شؤونهم ورعايتهم وذلك لقول الله تعالى: (الرجالُ قَوَّامونَ على النساءِ بما فَضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنْفَقوا مِن أموالِهم) (النساء: 34)، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته”
كما أن الإسلام حدد حقوق كلًا من الزوج والزوجة، حيث أن حقوق الزوجة تتضمن الحقوق المادية مثل المهر والنفقة والحقوق الغير المادية والتي تتمثل في عدم الإضرار بالزوجة وأن تكون المعاملة قائمة على المودة والرحمة، وأوجب الإسلام على الزوجة حق الطاعة لزوجها في غير المعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أي أنه إذا أمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.. ومن طاعة الزوجة لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه وألا تخرج من بيته إلا بإذنه.
سفر الزوجة بدون إذن من زوجها هو أمر لا يجوز شرعًا ولا خلاف عليها، حيث أن سفر الزوجة دون إذن يعد إسقاطًا صريحًا لأحقية الزوج في القوامة والتي أعطاها له الدين الإسلامي، كما أنه يعد خروج صريح عن النص الحاسم وهو قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [ النساء الآية 34].
الزوجة في عصمة الزوج فلا تخضع إلا لأوامره، أي أنها لا تستطيع السفر وحدها بل يجب أن تكون بصحبة زوجها أو أحد محارمها.. ولا يحمل هذا الحكم إساءه للمرأة أو سوء ظن بها، ولكنه لحمايتها ورعايتها مما لا تستطيع مواجهته وحدها، كما أنه يعد تكريمًا لها، وقد سُئل رسول الله عن حق الزوج على زوجته فقال: “السمع والطاعة”، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسافر المرأة إلا مع محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم”.
اقرأ أيضًا: حقوق الزوجة عند الخلع وما هي آثاره على المجتمع وعلى المرأة
حكم القانون في سفر الزوجة
موافقة الزوج على سفر زوجته كان شرطًا رئيسيًا لمنحها جواز السفر، حيث أن قرار رئيس الجمهورية بتفويض وزير الداخلية سلطة تحديد الشروط الخاصة بمنح جوازات السفر للمواطنين، أو رفضها، لم يتعارض مع أحقية الزوج في منع زوجته من السفر إلى الخارج دون إذنه.
حيث أن هذا الحق أقرته الشريعة الإسلامية لذلك أصبح هو أيضًا حقًا قانونيًا ودستوري في عام 1971 ميلاديًا، والذي نص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر أساسي من مصادر التشريع ولكن هذا القانون كان قائمًا قبل حكم المحكمة الدستورية العالية.
حيث أن قرار منع السفر يستند إلى النص الخاص بمادتين 8 و11 من القانون 97 الذي يخص جوازات السفر، لذلك فإن هاتين المادتين تمكن وزير الداخلية من تحديد شروط منح جوازات السفر، كما تخوله السلطة الكاملة لرفض أو قبول منح جواز السفر، وكذلك سحبه بعد إعطائه.
ثم قضت المحكمة بعدم دستورية المادتين 8 و11 السابق ذكرهم وذلك لمخالفتهما نص المادة 41 من الدستور، بالإضافة إلى سقوط المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لعام 1996 ميلاديًا.
تلك المادة هي التي تنص على أن “منح الزوجة جواز السفر أو تجديده يكون بعد تقديم موافقة زوجها على السفر، وأنه في هذه الحالة تعتبر الموافقة على منح جواز السفر أو تجديده طوال مدة صلاحية جواز السفر، ولا يتم إلغاء الموافقة إلا من خلال إقرار من الزوج، وصحة الإقرار تكون أمام الموظف المختص بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية أو أمام إحدى قنصليات مصر بالخارج”.
بناءً على قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادتين 8 و11 تصبح المادة الثالثة من قرار الوزير الذي يخص تنظيم شروط منح وتجديد جواز السفر باطلة ومخالفة للدستور، ويصبح المتحكم الوحيد في إصدار الموافقة على صدور جواز السفر أو رفضه هو القاضي المختص أو النيابة العامة.
نتوصل من هذا أن أحقية الزوج في منع زوجته من السفر الذي منحه الدين الإسلامي للزوج بات يطبق عن طريق القضاء ومن خلال حكم من محكمة الأحوال الشخصية وهو (قاضي الأمور الوقتية)، وحتى لا يلجأ الزوج للطريق الإداري لمنع زوجته من السفر دون علمها وهي طريقة غير مستحبة، لذلك فهي لا تسافر إلا بإذنه وذلك في الحدود المشروعة دون تعسف الزوج في استخدامه لحقوقه.
اقرأ أيضًا: متى تُحرم الزوجة على زوجها وحقوق الزوجين المشتركة
هكذا نكون قد قمنا بالإجابة على سؤال هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها بالنسبة للقانون، وبالنسبة إلى الدين الإسلامي أيضًا، ونتمنى لجميع الأزواج والأسر حياة تملؤها السكينة والمودة في التعامل فيما بينهم وعدم حاجتهم إلى اللجوء إلى الأحكام القضائية لحل النزاعات.