تفسير الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}
ان الذين يرمون المحصنات نقدمها لكم اليوم عبر موقعنا زيادة حيث أنه يقول الله تعالى في الآية الثالثة والعشرين من سورة النور: ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، لعنوا في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم”، صدق الله العظيم، وسورة النور من السور التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة المنورة، وهي من سور الجزء 18 في المصحف، وعدد آياتها 64 آية.
ان الذين يرمون المحصنات
وقد تناولت السورة بتناولها للمبادئ الاجتماعية في المجمل، ومبادئ المنازل وضوابطها على نحو خاص، سعيًا لتأسيس حياة اجتماعية سليمة ومعتدلة للمجتمع الإسلامي، وحفظًا لنفس الإنسان المسلم وروحه من الانحدار الأخلاقي التي يتسبب في انهيار المجتمعات وتشتتها، ومن أبرز ما تناولته هذه السورة، قضية طلب الإذن قبل القدوم على أهل بيت، وقضية حجاب المرأة، وقضية غض البصر للمسلم والمسلمة على حد سواء، كما تناولت عقوبة جرم الزنا والسرقة، وناقشت حادثة الإفك التي تعرضت لها السيدة عائشة رضي الله عنها، وما يتعلق بها من قذف للمحصنات، وبيان عقوبة هذا الفعل.
وفي هذا المقال، نقدم لك عزيزي القارئ، كل ما تحتاج معرفته عن معنى هذه الآية العظيمة وعن أسرارها، والتفسيرات المختلفة التي تناولتها بالشرح.
ويمكن التعرف على المزيد من التفاصيل من خلال: أفضل دعاء يوم عرفة وما هو فضل دعاء يوم عرفات
ونرشح لك أيضًا: ما هي سورة الفرائض؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟
-
أولًا: لماذا أنزل الله تعالى آية ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات….”؟
لقد اقترن نزول هذه الآية بالحادثة الشهيرة المعروفة في الإسلام باسم ” حادثة الإفك”، حيث سعت ثلة من المنافقين للتشكيك في شرف رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، وقاموا بسب السيدة عائشة رضي الله عنها زورًا وظلمًا.
فعندما كان جيش المسلمين عائد من غزوة بني المصطلق، غادرت السيدة عائشة مركبها لتقوم بأمر بها، وعندما عادت لم تجد عقدها، فعادت لتفتش عنه، وقام الرجال بحمل مركبها فوق الجمل دون أن يدركوا أنها ليست بداخله.
وعندما رجعت من بحثها عن العقد، كان الجيش قد غادر مكانه، فجلست في انتظار أن يرجعوا إليها عندما يدركون أنها ليست موجودة.
بينما هي تنتظر، مر صفوان بن المعطل السلمي عليه رضوان الله وهو صحابي كريم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساعدها لكي ترجع إلى المدينة المنورة.
فقام فريق من المنافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، بترويج الأقاويل الكاذب والافتراءات حول هذه الحادثة، وسبوا السيدة عائشة.
وقد تأذى الرسول صلى الله وعليه وسلم والسيدة عائشة رضوان الله عليها من هذا الافتراء بصورة بالغة، ولم ينزل الله تعالى جبريل على النبي لمدة ثلاثين يومًا، كان المنافقون خلالها يخوضون في شرف النبي وزوجته الطاهرة، ثم أنزل الله عز وجل جبريل بآيات من القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم، جاء فيها إنصاف للسيدة عائشة وتبرئتها من هذا الافتراء الشنيع، حيث يقول الله تعالى: ” إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا، وقالوا هذا إفك مبين”، إلى آخر هذه الآيات، وفي هذا السياق نزلت آية ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، لعنوا في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم”.
ويقول ابن الجوزي في تناوله لآية: ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، لعنوا في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم”، أن هناك أربعة آراء تفسر سبب نزول هذه الآية، حيث:
- يرى الرأي الأول أن هذه الآية قد جاءت في السيدة عائشة رضي الله عنها على وجه الخصوص، حيث ذكر خصيف أنه لما سأل سعيد بن جبير إذا كان المعنى هو أن كل من يتهم امرأة مؤمنة بالزنا يطرد من رحمة الله، فأخبره سعد: أن المقصود بهذه العقوبة هم من اتهموا السيدة عائشة رضي الله عنها زورًا، وليست الآية عامة.
- الرأي الثاني الذي ذك ذكره الضحاك: أنها نزلت في زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحدهم.
- الرأي الثالث: يرى أن الآية نزلت في النساء الذين هاجروا من مكة إلى المدينة اتباعًا للنبي، حيث ذكر أبو حمزة الثمالي أنه عندما كانت النساء يهاجرن من مكة إلى المدينة، كان كفار مكة يلقون عليهم هذه التهمة، ولذلك جاءت تلك الآية.
- الرأي الرابع وقد ذكره ابن زيد وقتادة: أنها نزلت في عموم نساء المسلمين، ومنهن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم.
ولكن هذا الرأي كان يقابل بسؤال: لماذا تكلمت الآية عن المحصنات فقط دون المحصنين؟
والرد هو أن القذف للمرأة يقترن معه قذف لرجل معها، ومن ثم فذكر المحصنات قد أغنى عن ذكر المحصنين.
ويمكن التعرف على المزيد من المعلومات من خلال: ما أول سورة نزلت في مكة المكرمة وأسباب نزولها وتفسيرها
-
ثانيًا: ما هو تفسير ” إن الذين يرمون المحصنات…” كما جاء في التفسير الميسر؟
لقد ورد في التفسير الميسر في معنى آية ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، لعنوا في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم”، أن من يتهم نساء المسلمين بجرم الزنا رغم أنها عفيفات ولم يأت ذاك الفعل على عقولهم كفكرة بسيطة، فإن الله تعالى يتوعدهم بألا تشملهم رحمته لا في الحياة ولا في الآخرة، كما أعد لهم عذاب كبير في جهنم –أعاذنا الله منها-، وقد جاءت هذه الآية بتكفير صريح لأي إنسان يقذف واحدة من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أو يفتري عليهم بأي سوء.
-
ثالثًا: ما معنى آية ” إن الذين يرمون المحصنات…” كما ورد في تفسير السعدي؟
لقد جاء في تفسير السعدي لهذه الآية، أن:
- قوله تعالى: ” إن الذين يرمون المحصنات”: معناه من يتهمون المسلمات البعيدات عن الفسق.
- ” الغافلات”: أي الغافلات عن هذا الفعل، ولا يذكرن هذا الجرم حتى في نفوسهم.
- ” لعنوا في الدنيا والآخرة”: فعقوبة اللعن لا يقرها الله إلا مع المعاصي الفجة، ومن عظم هذا الجرم، فإن الله تعالى قد أقر لهم هذه العقوبة في الدنيا والآخرة.
- ” ولهم عذاب عظيم”: وتلك عقوبة إضافية على عقوبة اللعن، وهي دليل على عظم هذا الاتهام، وغضب الله الشديد على من يقوم به.
-
رابعًا: ما هو معنى آية ” إن الذين يرمون المحصنات…” كما ورد في تفسير ابن كثير؟
لقد ورد في تفسير ابن كثير لهذه الآية، أن الله عز وجل يحذر من يقومون باتهام نساء المسلمات العفيفات البعيدات عن الفسق والفجور لدرجة أنه لا يمر على قلوبهن، بما أعده لهم من عذاب شديد، وبأنهم غير مستحقين لرحمته جل وعلا.
والرأي الأقوى عند ابن كثير أن الآية نزلت في زوجات النبي محمد صلي الله عليهم وسلم، فهن أجدر من يوصفن بالمحصنات، وخاصة أن نزول الآية اقترن بتبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها مما تعرضت له من افتراء وبهتان كبير.
وقد اتفق جمهور الفقهاء والمفسرين على أن من تجرأ على اتهام السيدة عائشة بهذا الادعاء مرة أخرى بعد الذي ورد في القرآن، فإنه قد خرج من الإسلام.
وبهذا نكون قد وفرنا لكم ان الذين يرمون المحصنات وللتعرف على المزيد من التفاصيل يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال وسوف نقوم بالإجابة عليكم في الحال.