ما هو عذاب القبر بالتفصيل
ما هو عذاب القبر وما هو العذاب في البرزخ وعلم من يقع عذاب القبر وهل يكون عذاب القبر على الروح فقط أم على الجسد والروح.. تلك الأسئلة تدور في خُلد الكثير من المسلمين، فلا نعرف من حياتنا الأخرى – معرفة العين المادية – سوى القبر، هو نهاية الطريق بالنسبة للأحياء، النهاية المحتمة لكل مَنْ على الأرض، الله جل عُلاه قال: “كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ”(الرحمن 26، 27).
ما هو عذاب القبر
من عقيدة أهل السنة والجماعة أن هناك فتنة القبر وعذاب القبر وحياة في البرزخ، وبالطبع هناك نعيم وتنعيم وراحة حسب حال الميت وما قدمه لحياته في الدنيا.
ومن الأدلة النقلية على وجود عذاب القبر:
- قوله تعالى: “النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ” (غافر 46)
بما إن آل فرعون يُعرضون على العذاب مرتين يوميًا وهم ميتون؛ إذًا هناك عذاب في القبر. - عن السيدة عائشة – رضي الله عنها – قالت: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يدعو في الصَّلاةِ: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن عذابِ النَّارِ وأعوذُ بك مِن عذابِ القبرِ وأعوذُ بك مِن فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ وأعوذُ بك مِن فتنةِ المَحيا والمماتِ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن المأثمِ والمَغرَمِ) قالت: فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ ما أكثَرَ ما تستعيذُ مِن المَغرَمِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إنَّ الرَّجلَ إذا غرِم حدَّث فكذَب ووعَد فأخلَف)” (تخريج صحيح ابن حبان 1968).
موضع الشاهد في الحديث قول النبي – صلى الله عليه وسلم : “وأعوذُ بك مِن عذابِ القبرِ” أن النبي يستعيذ من عذاب القبر وهذا دليل على وجود عذاب القبر. - قوله تعالى في سورة التوبة: وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ” (101)
قال الحسن البصري أن العذاب المرتين هما عذاب الدنيا وعذاب القبر.
وقال الطبري أن أحد هذان العذابان هو عذاب القبر والآخر هو ذكرته الآيات السابقة للآية هذه قتل وسبي وجوع وإذلال.
يعتقد بعض الفرق الإسلامية بعدم وجود عذاب القبر مثل المعتزلة والخوارج ومن وافقهم، وليس محل للجدال الآن، فهذا موضوع لا يجب الجدال فيه فقد استقر على رأي السنة والجماعة فيه.
إقرأ أيضًا: احاديث عن عذاب القبر وما الأمور المسببة لعذاب القبر
عذاب القبر يكون على الروح أم الجسد
على الصحيح من أقوال الفقهاء أنه يقع على الجسد والروح معًا في آن واحد، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (الاختيارات الفقهية صـ 94) أن الأمة اجتمعت على أن العذاب والنعيم يحصل للروح والجسد معًا، وأن الروح تبقى في جسد صاحبها بعد الموت إما مُعذبة أو مُنعمة، وتتصل بالجسد في بعض الأحيان ويحصل على النعيم أو العذاب معها.
ويوم القيامة تعاد الروح إلى الجسد، فقاموا من قبورهم للحساب وهذه اتفقت عليه الأديان السماوية كلها.
ويرد أهل هذا الرأي على من يقول إننا نرى الجسد مدفون أمامنا فأين العذاب بقولهم أن ذلك غير ممتنع بل نظرة في العادة للنائم فأنه يتلذذ أو يتألم في الأحلام ونحن لا نشعر بذلك شيئًا، وأيضًا يجد الإنسان في حالة اليقظة لذة أو ألم لما يسمعه أو يشعر به ويفكر فيه دون أن يشعر من حوله بشيء.
كذلك كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي – صلة الله عليه وسلم – والصحابة حوله فيخبره بالوحي ولا يدركه أحد من الصحابة .
ولا يجوز قول أنه ما يجده الميت من العذاب والنعيم في القبر مثل ما يجده النائم؛ بل ذلك أكثر كمالًا وأتم فهو نعيم حقيقي وعذاب حقيقي كما أخبرنا رب العزة، لكن هذا مجرد مثال للتوضيح وبيان إمكانية ذلك.
إقرأ أيضًا: عذاب القبر في القران بالأدلة
سؤال الملكين في القبر ونعيم القبر
روي عن أنس ابن مالك – رضي الله عنه – أنه قال: “قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتَوَلَّى عنهُ أصحابُه؛ – حتى أنَّه يَسمعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ – أتاُه مَلَكانِ، فيُقعِدانِه فيَقولانِ له: ما كنتَ تَقولُ في هذا الرجلِ؟ – لِمُحمدٍ – فأمَّا المُؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنَّه عبدُ اللهِ ورَسولِهِ، فيُقالُ: انْظُرْ إلى مَقعدِكَ من النارِ قدْ أبْدَلَكَ اللهُ به مَقعدًا من الجنةِ، فيَراهُما جمِيعًا ويُفسحُ لهُ في قبرِهِ سَبعونَ ذِراعًا، ويَملأُ عليه خُضْرًا إلى يومِ يُبَعثُونَ. وأمَّا الكافِرُ أو المنافقُ فيُقالُ له ما كُنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: لا أدْرِي، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فيُقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ثُم يُضربُ بِمطراقٍ من حَديدٍ ضَربةً بين أُذُنَيهِ ، فيَصِيحُ صَيحةً يَسمَعُها مَن يلِيهِ غيرُ الثَّقلَينِ، ويُضيَّقُ عليه قَبرُه حتى تَخْتَلِفَ أضْلاعُه” (رواه البخاري 1338)
يخبرنا الرسول عن حال أول منزل من منازل الآخرة ألا وهو القبر ودخول الإنسان فيه لأول مرة، بعد رحيل أهله وأحبابه يأتيه ملكان يسألاه عما كان يفعل في الدنيا من مسائل عقيدته فإذا كانت إجابته تدل على إيمانه كان طريقه منير إلى يوم يبعثون، فيفسح له في قبره ليسع تقريبًا 32 متر بمقاييسنا الدنيوية القاصرة ويمتلئ عليه خضرة إلي يوم القيامة ويريه الملكان مكانه في جهنم الذي كان ظالمًا لنفسه سيصله لكن نجى منه برحمة الله وإيمانه.
أما إذا كانت إجابته تدل على إنه كافر أو منافق مثل قوله: “لا أدْرِي، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ” فيدعوا عليه الملائكة بقولهم: “لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ” أي أنك لم تكون في الدنيا داريًا بشيء ولا تتلوا كتاب الله فلا وفقك الله في موقفك هذا، ثم يُضرب على رأسه بين اذنيه بمطرقة ثقيلة ويصرخ صرخة يسمعها كل المخلوقات إلا الإنس والجن، ويضيق عليه القبر حتى تتشابك أضلاع صدره من الضيق.
ما هي حياة البرزخ
يقسم العلماء الحياة التي يعيشها الإنسان إلى ثلاث أقسام:
- الحياة الدنيا: التي نعيشها جميعًا الآن وتنتهي بالموت.
- حياة البرزخ: تنحصر ما بين الموت إلى قيام الساعة.
- الحياة الآخرة: هي الحياة الحقيقية، الحياة الأبدية يعيش الناس في منزلتين لا ثالث لهم أن يقوموا من قبورهم إلى الجنة – نسأل الله أن نكون منهم – وينعمون فيها إلى الأبد، أو يقوموا من قبورهم إلى النار والعياذ بالله.
فالحياة البرزخية هي التي تبدأ من بعد الموت إلى يوم القيامة سواء دفن الإنسان أو حُرق أو غرق أو أكلته الحيوانات.
هذا الحياة تكون إما نعيمًا أو شقاء، القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
إقرأ أيضًا: ماذا يحدث في القبر من عذاب ونعيم وما هي ضمة القبر
أنواع عذاب القبر
تناول الفقهاء موضوع أنواع عذاب القبر وعددوا أنواع منها:
- الضرب مطرقة من حديد بين الأذنين فيصيح صيحة يسمعها كل العالمين إلا الثقلين (الإنس والجن) كما في حديث أنس ابن مالك السابق ذكره
- يفرش له القبر نار، ويلبس نارًا و يضيق عليه قبره وضرب بمطرقة ويبشر بالعذاب في الآخرة فيتمنى ألا تقوم الساعة أبدًا.
- الخسف في الأرض كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه: “بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه ، مرجّلٌ جمّته ، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة” (البخاري ومسلم)
- اشتعال المال المسروق من العباد على صاحبه كمن سرق من غنائم الحروب كما ورد في حديث أبو هريرة – رضي الله عنه: ” خَرَجْنا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى خَيْبَرَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عليْنا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولا ورِقًا، غَنِمْنا المَتاعَ والطَّعامَ والثِّيابَ، ثُمَّ انْطَلَقْنا إلى الوادِي، ومع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَبْدٌ له، وهَبَهُ له رَجُلٌ مِن جُذامٍ يُدْعَى رِفاعَةَ بنَ زَيْدٍ مِن بَنِي الضُّبَيْبِ، فَلَمَّا نَزَلْنا الوادِيَ، قامَ عبدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَحُلُّ رَحْلَهُ، فَرُمِيَ بسَهْمٍ، فَكانَ فيه حَتْفُهُ، فَقُلْنا: هَنِيئًا له الشَّهادَةُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: كَلّا والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، إنَّ الشِّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عليه نارًا أخَذَها مِنَ الغَنائِمِ يَومَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْها المَقاسِمُ، قالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ، فَجاءَ رَجُلٌ بشِراكٍ، أوْ شِراكَيْنِ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أصَبْتُ يَومَ خَيْبَرَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: شِراكٌ مِن نارٍ، أوْ شِراكانِ مِن نارٍ”( صحيح مسلم 115)
- شق جانبي أو السباحة في نهر من الدم مع الرجم بالحجارة أو الحرق في تنور من نار…
- العذاب المعنوي والندم عندما يرى الكافر مكانه في الجنة الذي فقده بكفره وعصيانه لله كما ورد في حديث أنس ابن مالك الذي ذكرناه.
هكذا نكون قد نقلنا لكم أقوال الفقهاء في إجابة سؤال ما هو عذاب القبر والأدلة النقلية على وجود عذاب القبر وإثبات إنه على الروح والجسد معًا والتعريف بحياة البرزخ، وندعو الله بما دعا بيه نبيه الكريم، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النَّارِ وعَذابِ النَّارِ، وفِتْنَةِ القَبْرِ وعَذابِ القَبْرِ.