قصة اصحاب الفيل للاطفال
قصة اصحاب الفيل للأطفال كانت ولا زالت من أحسن القصص التي يستمتع بها أبنائنا مثلما يستطيب كبارنا سماعها وقراءتها لما فيها من العظة والعبرة ما يجعل النفس عامرة بالله وبذكره، فبها نعرف قدرة الله، وبها نؤمن بأنه لا حول إلا به ولا قوة من دونه.
قصة اصحاب الفيل للاطفال
قبل أن نبدأ في متن القصة، وقبل أن نحكيها لأبنائنا الأعزاء، علينا أن نعرف ذكر قصة أصحاب الفيل في القرآن وأن نتدبر في آياتها قليلا حتى نفهم مراد الله -عز وجل- وسبب تنزيله الآيات الكريمات على رسوله المصطفى عليه أفضل الصلاة وأحسن التسليم.
لقد جاء ذكر أصحاب الفيل في القرآن الكريم في سورة من قصار السور والتي نزلت في أوائل الدعوة الإسلامية على سيدنا -محمد صلى الله عليه وسلم- حتى يؤمن الناس بها وبما أنزل على سيدنا محمد، وليعلموا أنه رسول من عند الله ونبيه المختار الذي اصطفاه الله -عز وجل- من بين الناس ليكون حاملًا لواء السلام ورافعًا لرايته مطبقًا حكم الله في الأرض.
وقد بدأت السورة الكريمة بأسلوب استفهام لا للسؤال وإنما ليدل على إنكار الله -عز وجل- أفعال المشركين الذين حاربوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول الدعوة، وليثبت الله -سبحانه وتعالى- فؤاد سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- حتى لا يحزن من أفعال من كانوا يردون عليه دعوته ويقابلونها بكل شر استطاعوا إذ قال الله عز وجل: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ”.
ثم تحكي لنا الآيات كيف أن الحق سبحانه وتعالى يعز بقدرته من يشاء وكيف أنه قد جعل للمعتدين شركًا يقعون فيه، حتى يعلموا أنه لا سلطان لهم إلا بإذن الله.
إقرأ أيضًا: كم لبث يونس في بطن الحوت وكيف عاش بداخله ؟
سورة الفيل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ * ” صدق الله العظيم.
بداية قصة أصحاب الفيل
كان في قديم الزمان، وفي سالف العصر والأوان، وقبل مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام، بخمسين يومًا بالكمال والتمام، حاكم ظالم لا يخاف الله، يعيش في أرض اليمن، ويحكم فيها حيث يشاء، وكان يدعى “أبرهة الأشرم الحبشي”، وجد هذا الحاكم الظالم أن قريشًا -والتي كانت تسكن في أرض الحجاز- يأتيها الناس من كل مكان، في كل عام بل في كل آن، وكان الناس يزورون مكة للتجارة، وكانوا يطوفون حول البيت “الكعبة”، والتي كانت الأصنام من حولها، وقد حولها الناس إلى آلهة، فيعبدونها، ويقسمون بها، ويستنصرون أيضًا بها، ومع أن كل أفعالهم خاطئة ولا يرضها الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، ولا يحيط به الإمكان، والذي تنزه عن كل شيء لعظمته وقدرته، وخلق الناس والملائكة، وخلق الشياطين وخلق الحيوانات والطيور كلها، وخلق الأرض والجبال والسماوات العلى، إلا أن الناس كانوا يأتون إلي الحجاز من كل مكان.
كما أن “أبرهة الحبشي” وجد أن هؤلاء الناس ينفقون أموالهم في تجارتهم مع قريش، فحسد قريشًا على مكاسبهم العظيمة، وقرر هذا الحاكم أن يعمل مثل ما تعمل قريش، فنادى على وزيره، وأمره أن يصنع كنيسة مثل الكعبة في بلده، حتى يأتي إليها الناس، فوافق الوزير على قرار أبرهة الأشرم، ونادوا العمال حتى يعملوا بكل جد واجتهاد، فعزموا على البناء، وسرعان ما تم بناء الكنيسة، فذهب الوزير إلى أبرهة ليبشره بأن البناء قد تم، وأن الكنيسة قد أصبحت جميلة المنظر، وجاهزة ليأتي إليها الناس من كل مكان، مثلما يأتي الناس إلى الكعبة في الحجاز.
أعجب أبرهة الحبشي بالكنيسة الجديدة التي بناها الوزير على أرضه، وقرر أن يأتي الناس إليها في يوم واحد من العام، حتى تكون مثل البيت في مكة، فعزم على أن يرسل الدعوات، إلى الحكام والأمراء والأميرات، حتى يأتوا جميعًا في يوم معلوم، إلى كنيسة أبرهة الحاكم الموهوم، ولما حان الميعاد، لم يأت إلى أبرهة واحد من الآحاد، ولم يزر الكنيسة واحد من العواد.
إقرأ أيضًا: لماذا ابتلع الحوت سيدنا يونس وكيف عاش سيدنا يونس في بطن الحوت ؟
غضب أبرهة
هنا.. غضب أبرهة الحبشي، وقرر أن يهجم على بلدة إسماعيل النبي، فأمر وزيره أن يعد جيشًا كبيرًا، وأن يركب مركوبًا عظيمًا، حتى يدمر الكعبة في الحجاز، لأنها تجذب الناس ولا يأتي الناس إليه، وكان جيش أبرهة المعتدي في مقدمته حيوان ضخم غير الفرس الذي تعود الناس ركوبه وامتطائه، لقد ركب على حيوان أكثر ضخامة، وأشد هيبة، لقد ركب أبرهة على الفيل، ولذلك تعرف تلك القصة باسم “قصة أصحاب الفيل”.
تقدم “أبرهة الأشرم الحبشي” فوق الفيل، وأتى من اليمن السعيد حتى يدمر الكعبة في الحجاز، ولما وصل إلى الحجاز وبالتحديد في مكة، قابل قريشًا، والذين خافوا من جيشه المغوار، وخشوا الحاكم الظالم الجبار، فما استطاعوا أن يردوه عما يريد، فنهب أبرهة منهم كل شيء ملكوه، ودمر كل شيء بنوه، ووقف أمام الكعبة يرد أن يهدمها، فيكسر شوكة قريش العربية، ولكن الله عز وجل لم يشاء أن تدمر تلك الكعبة، لأنها ستكون كعبة لدين الله، وبيت الله الحرام، والذي سوف يفد إليه المسلمون فيما بعد حتى قيام الساعة، فحدث أمرًا غريبًا على أبرهة.
عبد المطلب وأبرهة
في هذه الأثناء كان هناك في قريش رجل معروف يحبه الناس، سيدا من ساداتهم، من بني هاشم، يدعى “عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف”، قد نهب أبرهة إبله فيما نهب، فغضب عبد المطلب لأن أبرهة سلب مائتي بعير من إبله، وخرج على أبرهة الظالم، وسأل في غضب عن إبله، فأجابه أبرهة: “تسألني في مائتي بعير، ولا تسألني عما أنا عازم عليه؟!، فإني سوف أسلب دينك ودين آبائك وأجدادك” فرد عليه عبد المطلب وكأنه لا يأبه لأبرهة المتكبر: “أما الإبل فأنا ربها، وأما البيت فله رب يحميه”.
هزيمة أبرهة ونهاية الحكاية
أعطى أبرهة لعبد المطلب ما سلبه منه رغم أنفه وإلا سوف تقوم العرب وقريشًا بكاملها لقيامته، وتوجه إلى الكعبة لكي يهدمها، ولكن.. حدث ما لم يكن يعمل حسبانه أبرهة المغرور، وشاء الله أن تبقى الكعبة قائمة، فأرسل الله جنوده على أبرهة، لقد رفض الفيل الذي يركبه أبرهة أن يتحرك، وبرك في مكانه، ولما أرغمه أبرهة على التحرك أظلمت السماء، وأرسل الله -سبحانه وتعالى- الطير يقذف أبرهة بالحجارة من السماء فتنزل على رؤوسهم وتدمرهم وتقتلهم، حتى جعلهم الله سبحانه وتعالى مثل العصف المأكول.
ولما هزم أبرهة فرح العرب وصدقوا قول عبد المطلب لما قال للبيت رب يحميه، وعرفوا أن النصر لا يأتي إلا بالله وأن العزة لا بأحد وإنما العز لله جميعًا.
إقرأ أيضًا: معلومات عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبه ورضاعته وزوجاته
من هو عبد المطلب
عبد المطلب هو جد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد استخدمه الله سبحانه وتعالى في ذلك الموقف، وفي مواقف أخرى وأشهرها أنه حفر بئر زمزم، وكل ذلك بإرادة الله حتى يهيئ للناس استقبالهم رسول الهدى الذي سوف يأتيهم بعد ذلك بدين الله الحق الذي لا عوج فيه.
وفي قصة اصحاب الفيل للاطفال عبر كثيرة وحكم جليلة ودروس شتى، فالله سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم أبدًا ولا ينصره مهما طال الزمان، وإن كلمة الله هي العليا، وإن الناس لو اعتصموا بغير دين الله فإنهم اعتصموا بحبل رقيق، وإن اعتصموا بحبل الله فإن الله ذو القوة المتين.