قصة الحجر الاسود مع الرسول
قصة الحجر الاسود مع الرسول (عليه الصلاة والسلام) أو الحجر الأسعد كما يحب أن يسميه أهل مكة فهو حجر من الجنة يبدأ منه الطواف وينتهى به، ممّا يدل على وجود قيمةٍ خاصّةٍ له، وقد أخذ المُسلمون هذا النسك الخاص ببدء الطواف من الحجر الأسود من فعل رسول الله (صلّ الله عليه وسلّم)، ويتسابق المسلمون على تقبيل الحجر الأسود كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وسنوضح في هذا المقال تفاصيل قصة الحجر الاسود مع الرسول عبر موقع زيادة
مواصفات الحجر الأسود
جاء في وصف الحجر الأسود ما يلي:
- الحجر الأسود يتكون من عدة أجزاء تم ربطها مع بعضها البعض بإطار من الفضة، ويتم تثبيتها بالمسامير الفضية ليتكون حجر، وتم تجميع بعض الأجزاء الصغيرة معًا عن طريق لصق 7 أو 8 أجزاء مع بعضهما، ويبلغ حجم الحجر الأصلي حوالي 20 سم × 16 سم، وحجمه الأصلي غير واضح بسبب تغير أبعاده على مدار الزمان، وقد تم إعادة تشكيله في عدة مناسبات.
- وقال محمد بن خزاعة عندما رد القرامطة الحجر الأسود في عام 339 هـ وعاينه قبل وضعه “تأملت الحجر الأسود وهو مقلوع، فإذا السواد في رأسه فقط، وسائره أبيض، وطوله قدر ذراع”.
- ووصفه المؤرخون في القرن العاشر الميلادي بأنه بيضاوي الشكل يبلغ 0.46 م، وفى أوائل القرن السابع عشر الميلادي سجلت قياساته على أنها 1.4 م × 1.22 م، وفى القرن الثامن عشر الميلادي قام على بك الكبير بأول محاولة لقياس الحجر الأسود، ووصل 110 سم، وفى عهد محمد على باشا تم قياسه بصورة أفضل، حيث سجلت قياساته 0.76 م طولًا، و0.46م عرضًا.
من جاء بالحجر الأسود
جاء بالحجر الأسود جبريل إلى إبراهيم (عليهما السلام) من السماء؛ ليوضع بمكانه من البيت، وروى في تفسير ابن جرير، والأزرقي في أخبار مكة، ورواه الحاكم في مستدركه، قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن خالد بن عرعرة أن رجلًا قام إلى علي فقال: “ألا تخبرني عن البيت؟ أهو أول بيت وضع في الأرض؟
فقال: لا ولكن هو أول بيت وضع فيه البركة، مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا، وإن شئت أنبأتك كيف بنى: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتًا في الأرض.
قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعًا، فأرسل الله السكينة، ولها رأسان – فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة، فتطوت على موضع البيت كتطوى الحجفة، وأمر إبراهيم أن يبنى حيث تستقر السكينة، فبنى إبراهيم وبقى حجر، فذهب الغلام يبغى شيئًا.
فقال إبراهيم: لا ابغنى حجرًا كما آمرك، قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجرًا، فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه، فقال: يا أبت، من أتاك بهذا الحجر؟ قال: أتاني به من لم يتكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء، فأتماه”
ولمعرفة المزيد من المعلومات حول قصة بناء الكعبة نوصي بالاطلاع على هذا المقال: قصة بناء الكعبة وأهم المعلومات الهامة التي لم تعرفها من قبل
قصة الحجر الاسود مع الرسول
جاء في كتب السيرة أن رسول الله (صل الله عليه وسلم)، عندما كان في عمر الخامسة والثلاثين (أي قبل البعثة)، أرادت قريش أن تعيد بناء الكعبة، فحدث خلاف على أيُّهم يكون له فخر وضع الحجر الأسود بمكانه، حتى أوشكت الحرب تنشب بينهم لهذا السبب، ثم اتفقوا على أن يحكّموا بينهم أول من يدخل من باب الصَّفا، وكان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) هو أول من دخل.
فقالوا: “هذا الأمين رضينا بحكمه”، ثم قصّوا عليه قصَّتهم فقال: “هلمَّ إلى ثوبًا”: فأُخذه، ونشره، ووضع الحجر بيده فيه ثم قال: “ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من أطراف هذا الثوب”، ففعلوا وحملوه إلى ما يحاذى موضع الحجر من البناء، فتناول هو الحجرَ وقام بوضعه في موضعه، فانحسم الخلاف.
ولمعرفة المزيد من المعلومات حول قصة الحجر الأسود نوصي بالاطلاع على هذا المقال: قصة الحجر الأسود وحكم تقبيل الحجر الأسود
تاريخ الحجر الأسود الأليم
مرت على الحجر الأسود العديد من الأحداث عبر الزمان، وسنذكر لكم فيما يلي تاريخ الحجر الأسود الأليم:
- ذكرت كتب السير والتاريخ بناء قريش للكعبة قبل مبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حيث نصبه بيديه الشريفة في موضعه الذى فيه، وظل منصوبًا بمكانه لم يطرأ عليه أي تغيير، إلى أن حدث الحريق العظيم بالكعبة المشرفة أثناء حصار جيش الحصين ابن نمير لعبد الله بن الزبير (رضى الله عنهما)، الذي نتج عنه تصدع الركن ثلاث فرق، فقام ابن الزبير بشده بالفضة.
- وفي سنة 189 هـ، عندما اعتمر أمير المؤمنين “هارون الرشيد” ورأى أن الفضة قد رقت ولقلقت حول الحجر الأسود، فخافوا على الركن أن ينقض، فأمر بالحجارة التي بينها الحجر الأسود فثقبت بالماس من أعلاها وأسفلها، ثم أفرغت بها الفضة، وقام بذلك “ابن الطحان مولى ابن المشمعل”، وظلت هذه الفضة حتى عهد الأزرقي أي إلى ما قبل عام 250هـ، كما ذكر بتاريخه.
- تذكر كتب التاريخ أيضًا أنه في عام 317هـ حدثت فتنة كبيرة، وحادثة شهيرة، قام بها القرامطة، وهم من الباطنية، وهم قوم جحدوا الشرائع واتبعوا طريق الملحدين، وفصل ابن الجوزي القول في أعمالهم الشنيعة وعقائدهم في كتابه المنتظم، وكان منهم ملك البحرين “أبو طاهر سليمان بن أبى سعيد حسن بن بهرام القرمطى الجنابي الأعرابي”، حيث قاموا في يوم التروية من عام 317 هـ والناس محرمون بقتل الحجيج حول الكعبة وفى جوفها، وقاموا بردم زمزم، كما قتلوا غيرهم في سكك مكة وما حولها، وسلبوا كسوة الكعبة وجردها، وأخذوا حليتها وبابها، وقبة زمزم، وكل ما كان فيها من آثار الخلفاء، التي زينوا بها الكعبة المشرفة، وصعد فوق عتبة الكعبة يصيح: “أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا”، وقيل: أن قرمطى دخل سكران على فرس، وقام بضرب الحجر بدبوس فتكسر، وقيل: أن أبو طاهر بنفسه هو الذى ضرب الحجر، وأقام بمكة 11 أو 12 يومًا، واقتلع الحجر من موضعه، وأخذه إلى بلده هجر.
- ظل موضع الحجر من الكعبة خاليًا، وظل عند القرامطة لمدة 22 عام، يضع الناس أيديهم فيه للتبرك، ثم هلك أبو طاهر بعد إصابته بمرض الجدري في شهر رمضان عام 339هـ ، ثم قاموا برد الحجر إلى المسلمين.
- قال ابن فهد في حوادث عام 339هـ: أنه في يوم يوم الثلاثاء يوم النحر جاء سنبر بن الحسن القرمطي إلى مكة، ومعه الحجر الأسود، وعندما أصبح بفناء الكعبة ومعه أمير مكة، وأحضر معه جمعًا ليشهدوا، فوضعه سنبر بيده، ويقال: أن حسن بن المرزوق هو الذى أعاد الحجر مكانه بيده وشده الصانع بالجص، وقال سنبر: “أخذناه بقدر الله تعالى، ورددناه بمشيئة الله”، ويقال: أنه قال: “أخذناه بأمر وأعدناه بأمر”، ثم نظر الناس إلى الحجر، فتبينوه وقاموا بتقبيله واستلموه وحمدوا الله (سبحانه وتعالى).
- وذكر المسبحي أيضًا فقال: “كان مدة كينونة الحجر عند القرامطة 22 سنة إلا أربعة أيام”، وكان المنصور بن القائم بن المهدي قد راسل أحمد بن أبى سعيد القرمطى أخا أبى طاهر من أجل الحجر الأسود، وبذل له 50 ألف دينار ذهبًا، ويقال: إن بَجْكَم التركي مدبر الخلافة في بغداد بذل للقرامطة 50 ألف دينار لرد الحجر الأسود، فرفضوا وقالوا: “أخذناه بأمر ولا نرده إلا بأمر”.
- وقال ابن أبى الدم في الفرق الإسلامية: إن الخليفة راسل أبا طاهر في ابتياع الحجر فأجابه إلى ذلك، فباعه من المسلمين بخمسين ألف دينار، وجهز الخليفة إليهم عبد الله بن عكيم المحدث ومعه جماعة، فأحضر أبو طاهر شهودًا على نواب الخليفة بتسليمه، فأخرج لهم أحد الحجرين المصنوعين، فقال لهم عبد الله بن عكيم، “إن حجرنا لنا علامة فيه أنه لا يسخن بالنار، وثانية أنه لا يغوص في الماء”، ثم ألقاه في الماء فغاص، وألقاه في النار فحمى، وأوشك أن يتشقق، فقال: “ليس هذا بحجرنا”، فأحضر الحجر الثاني المصنوع، وكان قد أغمره بالطيب وغطاه بديباج يظهر كرامته، فصنع به عبد الله بن عكيم كما صنع بالحجر الأول، وقال: “ليس هذا بحجرنا”، فأحضر الحجر الأسود بعينه ثم قام بوضعه في الماء فلم يغص وطفا فوق الماء، ثم وضعه في النار فلم يسخن، فقال: “هذا حجرنا”، فتعجب أبو طاهر.
- ذكر ابن فهد في حوادث عام 363هـ: أنه ذات يوم في وقت القيلولة وشدة الحر، فإذا رجل يسير رويدًا، حتى دنا من الركن الأسود، فأخذ معولًا، وضرب الركن ضربة شديدة، ثم رفع يديه يريد أن يضربه مرة أخرى، فأسرع إليه رجل من أهل اليمن حين رآه وهو يطوف، فطعنه طعنة بالخنجر حتى أسقطه، فحضر الناس من جميع نواحي المسجد فنظروه، فوجدوه رجل من أرض الروم، وقد منح الكثير من المال على ذهاب الركن ومعه معول عظيم، وقتل من أراد ذهاب الركن وكفى الله شره.
- ذكر المؤرخ “حسين باسلامة” في كتابه “تاريخ الكعبة المعظمة” تلك الحادثة التي وقعت في شهر محرم من عام 1351هـ فقال: “جاء رجل فارسي من بلاد الأفغان، فقام باقتلاع قطعة من الحجر الأسود، وسرق قطعة من ستارة الكعبة، وقطعة من فضة من مدرج الكعبة الموجود بين بئر زمزم وباب بنى شيبة، فأحس به حرس المسجد الحرام، فاعتقلوه، ثم تم إعدامه عقوبة له”.
- في يوم 28 من ربيع الثاني من عام 1351هـ حضر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود من مصيفه بالطائف قبل أن يتوجه إلى المسجد الحرام وحضر معه الشيخ عبد الله الشيبى، وبعض الأعيان، ثم أحضر مدير الشرطة العام “محمد مهدي بك” تلك القطعة التي اقتلعها ذلك الفارسي، وقام الأخصائيون بعمل مركبًا كيماويًا مضافًا إليه المسك والعنبر، لاستخدامه في تثبيت تلك القطعة التي اقتلعت من الحجر الأسود في موضعها الذى قلعت منه، ثم أخذ الملك عبد العزيز آل سعود قطعة الحجر بيده ووضعها في مكانها تيمنًا، وقام الأخصائيون بتثبيتها بإحكام.
ولمعرفة المزيد من المعلومات حول قصة آدم وحواء في الأرض وأولادهم والتفاحة نوصي بالاطلاع على هذا المقال: قصة آدم وحواء في الأرض وأولادهم والتفاحة
حكم تقبيل الحجر الأسود
يُشرَع للحاجّ والمعتمر تقبيل الحجر الأسود أثناء الطّواف بالكعبة، ولكن ينبغي على المسلم في ذلك أن متيقنًا من أنّ الحجر الأسود هو مجرّد حجرٍ لا يضُرّ ولا ينفع، ولكن جرى العُرف على تقبيله بناءً على فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) وإرشاده إلى ذلك، وليس هناك أبلغ ولا أروع من قول سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أثناء العُمرة، عندما قال: “إنّي لأعلمُ أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيتُ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يُقَبِّلُك، ما قَبَّلْتُك”.
ولمعرفة المزيد من المعلومات حول تفاصيل مناسك الحج نوصي بالاطلاع على هذا المقال: شرح مناسك الحج وما شروط الحج وأشهر الحج
وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال وذلك بعد أن تم توضيح كافة المعلومات عن مواصفات الحجر الأسود ومعرفة من جاء به وأيضًا قصة الحجر الاسود مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتاريخ الحجر الأسود الأليم وحكم تقبيله، ونرجو أن ينال المقال على إعجابكم.