قصة النبي عيسى ابن مريم

قصة النبي عيسى من أجمل القصص التي من الممكن أن تسمعها أو تقرئها حيث أنها مليئة بالمعجزات ومن أكبر هذه المعجزات رفع الله سبحانه وتعالى لعيسى روحًا وجسدًا حمايةً من اليهود الذين كانوا ينون قتله وصلبه ولكن الله بقدرته شبهه لهم ولكم ما قتلوه وما صلبوه، وفي آخر الزمان سيعود المسيح بن مريم إلى الأرض وذلك لقتال الدجال وفي هذا المقال المقدم لكم من موقع زيادة سنعرض لكم قصة النبي عيسى عليه السلام.

قصة النبي عيسى

جميع المسلمين يؤمنون بنبي الله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ويؤمنون بأن مولده يعد من أكبر المعجزات حيث أن عدم الإيمان به أو بأي أحدًا من الرسل الآخرين يعد كفرًا وخارجًا عن ملة الإسلام فقد أوصانا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بجميع الأنبياء والإيمان بهم دون التمييز بينهم بالإضافة إلى أن رسولنا أثني على عيسى رضي الله عنه وفي القرآن تم وصف عيسى بأنه الكلمة التي ألقاها الله إلى مريم بنت عمران رضي الله عنها، وقد حلقه الله سبحانه وتعالى بدون أب كما خلق آدم عليه السلام، أما عن أمه فهي السيدة مريم العذراء بنت عمران، وقد اختاره الله عز وجل لأن يكون نبيه ورسوله وأيده بالكثير من المعجزات وأوحي إليه بالإنجيل وفيما يلي سنعرض لكم الكثير من المعلومات عن نبي الله عيسى رضي الله عنه.

إقرأ أيضًا: لماذا سمي عيسى بالمسيح وقصة ولادته

ميلاد عيسى بن مريم عليه السلام

كانت مريم رضي الله عنها تقوم بخدمة البيت المقدس وقام زوج خالتها (نبي الله زكريا) بكفالتها  كما اتخذ لها محرابًا والمحراب هو مكان شريف في المسجد وكان هذا المكان لا يدخله أحدًا سواها، وحرصت مريم على الاجتهاد في العبادة، وقد خاطبتها الملائكة وبشرتها بالبشارة وتلك البشارة كانت باصطفاء الله لها وبأنه سيرزقها بولدًا يتسم بالذكاء بالإضافة إلى ذلك فإنه سيكون نبيًا لله كريمًا مباركًا كما سيؤيده الله بالمعجزات، فتعجبت مريم واندهشت لهذا الأمر فكيف سيكون لها ولدًا وهي لم تتزوج بعد فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على فعل أي شيء حيث إذا قضى الله أمرًا يقول له كن فيكون فاستسلمت مريم لقضاء الله وسلمت أمرها له وجاء ذلك في سورة آل عمران في قول الله سبحانه وتعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ”.

ولادة عيسى عليه السلام في القرآن

جاءت قصة ولادة سيدنا عيسى عليه السلام جاءت مفسرة وواضحة في القرآن الكريم في سورة مريم (الآيات من 16 إلى 29)حيث قال الله جل وعلا: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا”.

إقرأ أيضًا: قصة عيسى عليه السلام في القرآن

ولادة عيسى عليه السلام

يومًا خرجت مريم لقضاء بعض أمورها ومن ثم ابتعدت بمفردها وقامت باعتزال أهلها إلى بيت المقدس وذلك لعبادة الله الواحد الأحد واتخذت حجابًا من دونهم، وما كان يتردد عليها سوى نبي الله زكريا، وبعث لها الله الروح الأمين (جبريل عليه السلام)، وتمثل لها جبريل في صورة بشر حسن المظهر، لكن عندما رأته مريم خافت منه أن يؤذيها فقالت له: إني أحتمي وألتجئ إلى الله منك إن كنت تقيًا فقال لها جبريل ليطمئنها انه ما هو إلا ملك من الله أرسل ليها غلامًا طاهرًا فقام جبريل بالنفخ في جيب درع مريم فدخلت النفخة إلى جوفها فحملت من بعد ذلك بعيسى رضي الله عنه واعتزلت مريم مكانًا بعيدًا عن أهلها على مقربة من بيت لحم خوفًا من يراها الناس ويعيروها على انها حملت دون زوج وعند موعد الولادة حملها ألم الطلق إلى ساق نخلة يابسة حتى تقوم بالاعتماد عليها عند الولادة في هذه اللحظة تمنت مريم أن تكون قد ماتت قبل هذا اليوم وأن تكون قد نُسيت تمامًا ذلك ولنها شعرت انها ستمتحن بواسطة قومها عن هذا المولود، فناداها الملك من تحت النخلة وقال له ألا تحزن فقد جعل الله لك جدولًا يجري أمامك، وقومي بتحريك جذع النخلة حتى يتساقط عليك الرطب الشهي اللذيذ فكلي من هذا الرطب واشربي هذا الماء العذب وطيبي خاطرك بطفلك، أما عن الناس فإذا رأيت أحدًا منهم وسألك عن هذا المولود فقولي لهم انك نذرت الصمت والسكوت لله الواحد ولن تقومي بالكلام مع أي شخص وهكذا ولد نبي الله عيسى بن مريم.

مواجهة مريم لقومها بالمولود

بعد ولادة عيسى توجهت مريم إلى قومها وأهلها حاملة معها مولودها، فاستنكروه وقالوا لها: “لقد جئت شيئا عظيما منكرا، فيا شبيهة هارون في الصلاح و العبادة – هارون رجل من بني إسرائيل و كان من العباد المجتهدين لله و المراد ليس النبي هارون أخو موسى – ما كان أبوك رجلًا فاجرًا و ما كانت أمك زانية فكيف صدر منك هذا و أنت من بيت طاهر معروف بالصلاح و العبادة”، فلم تقم مريم بالرد عليهم وأشارت إلى مولودها ليكلموه فقالوا لها متعجبين: “كيف نكلم طفلا رضيعا لا يزال في السرير، فأجابهم عيسى عليه السلام وهو لازال في المهد: “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم آية 30 ـ 33) وكانت هذه أول الكلمات التي نطق بها سيدنا عيسى ولم يتكلم بعدها أبدًا إلى عندما أتم عمر الكلام، وهنا اعترف عليه السلام لربه بالعبودية كما قام بتبريء أمه مما نسب إليها من قبل الجاهلون حيث اتهموها بأنها حملت فيه بالزني، فبرأها الله عز وجل وأتى عيسى بالإنجيل كما أوصاه بالمحافظة على الصلاة والزكاة طوال فترة حياته كما أن الله لم يجعله متكبرًا على أحد.

رواية ابن جرير في رفع المسيح عيسى بن مريم

قال ابن جرير الطبري: “إن عيسى بن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه، فدعا الحواريين وصنع لهم طعاما فقال: احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه فقال: من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه. فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم بيدي فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أن خيركم فلا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم لبعض نفسه، كما بذلت نفسي لكم، وأما حاجتي التي استنعتكم عليها فتدعون الله لي وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي، فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول: سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها؟ فقالوا: والله ما ندري مالنا، والله لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه.

ثم قال: الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات (أي قبل حلول الفجر)، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني. فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا: هذا من صحابه. فجحد وقال: ما أنا بصاحبه. فتركوه.

ثم أخذه آخرون فجحد ذلك، ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل وجعلوا يقودونه ويقولون: أنت كنت تحيي الموتى وتنتهر الشيطان وتبرئ المجنون، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبع”.

إقرأ أيضًا: معجزات سيدنا عيسى عليه السلام مع قومه

رواية ابن عباس

لما أراد الله عز وجل أن يرفع عيسى إلى السماء، خرج إلى أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلًا من عين في البيت، ورأسه يقطر ماء، فقال: إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي. ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟, فقام شاب من أحدثهم سنا فقال: أنا.

فقال له: اجلس، ثم أعاد عليهم.

فقام الشاب فقال: أنا.

فقال له: اجلس.

ثم عاد عليهم فقام الشاب، فقال: أنا.

فقال: نعم، أنت ذاك.

فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى عليه السلام من روزنة في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود فأخذوا شبهه فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، فتفرقوا فيه ثلاث فرق.

فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء.

وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء، ثم رفعه إليه وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه إليه، وهؤلاء المسلمون فتظاهرت الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسًا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) يعني: الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى والطائفة التي آمنت في زمن عيسى (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) بإظهار محمد صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكفار (فأصبحوا ظاهرين).

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال المقدم لكم من موقع زيادة والذي عرضنا لكم فيه قصة النبي عيسى بن مريم كما قدمنا لكم الكثير من المعلومات عن ولادته وحياته ورفعه إلى الله…إلخ، ونرجو أن نكون قد أفدناكم.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.