حكم الأضحية في المذاهب الأربعة
حكم الأضحية في المذاهب الأربعة قد يختلف، حيث جاء اختلاف الآراء لتعدد الأدلة العقلية واختلاف تفسير الأدلة النقلية، وقد كان هُناك اختلافًا بسيطًا في حُكمها، اتفق بعض أصحاب المذاهب على الحُكم واختلف الآخرين، ويُمكن بيان حُكم الاضحية ووقتها الصحيح، وما يُجزئ فيها من خلال موقع زيادة.
حكم الأضحية في المذاهب الأربعة
الأضحية هي كل ما يذبح من بهيمة الأنعام بغرض التقرب إلى الله عز وجل، كما أن لها وقت وشروط و حكم الأضحية في المذاهب الأربعة لا يختلف إلا في بعض الأمور الصغيرة.
1- الشافعية، المالكية والحنابلة
يرون أنها سنة مؤكدة، استنادًا إلى حديث أم سلمة رضى الله عنها: “إذا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وأَظْفارِهِ”.
كما أخذوا بما روى أبو هريرة رضي الله عنه: “أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ”، [وفي رواية]: قالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَديثِ أَبِي عُثْمَانَ”
كما استدل بفعل الصحابة أبى بكر وعمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهم، وقال الشافعي رحمه الله عن ذلك «وبلغنا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يُرَى أنها واجبة»، وعن عكرمة مولى ابن عباس: «كان إذا حضر الأضحى أعطى مولىً له درهمين فقال: اشتر بهما لحماً وأخبر الناس أنه أضحى ابن عباس».
اقرأ أيضًا: شروط توزيع الأضحية وسننها
2- الحنفية، ابن تيمية وبعض الحنابلة
أن الأضحية واجبة، واستدلوا من القرآن ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (سورة الكوثر، الآية 2) واستدل بها الحنفية ففسروا معنى (وَانْحَرْ) أنه أمر يقتضي الوجوب.
استدلوا من السنة: – خطبنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم فقام أبو بردة بن نيار فقال يا رسول اللهِ والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم تلك شاة لحم فقال إن عندي عناقا جذعة وهي خير من شاتي لحم فهل تجزئ عني قال نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك
في هذا الحديث في العيد قام النبي صلى الله عليه وسلم ليخطب بالمسلمين يعلمهم أمور ذبح الذبيحة وشروطها وأحكامها، وأن من ذبح الذبيحة قبل صلاة العيد، فهي لا تعد أضحية وإنما لحم فيجب لأن تصلي العيد ثم تذبح، واستدل الحنفية بهذا الحديث على أن الأضحية واجبة، كما استدل الشافعية والمالكية والحنابلة بهذا الحديث على أن الأضحية سنة مؤكدة.
القدرة المالية للأضحية في المذاهب الأربعة
كما اختلف حكم الأضحية في المذاهب الأربعة اختلفوا كذلك في تحديد المقدرة المالية الواجبة للأضحية.
- الحنفية: يقولون أن يمتلك الرجل مائتي درهم، أو يملك عرض يساوي مائة درهم، كما اشترطت أن يكون الرجل مقيمًا، وإن تطوع بها وهو مسافر لا بأس.
- الشافعية: أن يكون المال التي تشترى منه فائض عن حاجته وحاجة من يعول من أهله يوم العيد.
- ما زاد المالكية والحنابلة إلا ألا يكون حاجًّا.
متى شرعت الأضحية
شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة، وثبت مشروعيتها بالكتاب والسنة النبوية، في قوله تعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [سورة الحج: 36]
حكمة مشروعية الأضحية
رغم اختلاف حكم الأضحية في المذاهب الأربعة، إلا أنه أجمع الفقهاء الأربعة والعلماء على مشروعية الأضحية، وورد في مشروعيتها الكثير من الأدلة في القرآن والسنة، والحكمة من مشروعيتها أنها تقربهم من الله عز وجل، كما أنها توسع على الفقراء وذوي الحاجة، كما تدخل على الفقراء واليتامى والمساكين وغيرهم من الذين في حاجة لها الفرحة والراحة، وتكفهم عن ذل الطلب والسؤال يوم العيد.
اقرأ أيضًا: هل يجوز اشتراك الأب والابن في الأضحية
شروط ذبح الأضحية
- أن تكون من بهيمة الأنعام، والأنعام هي (الإبل، البقر، الغنم).
- السن يشترط فيها أن الإبل عمرها خمس سنوات، والبقر عن عمر سنتين، والغنم يجزئ منها الجزع وهو ما كان عمره ستة أشهر، والماعز ما كان عمرها سنه، ولا يدخل أي شيء آخر غير هذا.
- أن تكون ملكًا للمضحي ولا يكون عليها دين ويجب أن تكون ليس بها حق للغير.
- أن تكون خالية من العيوب وخلوها من العيوب على ثلاثة، أولهما لا يجزئ وهذا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم والعيوب التي لا تجزئ (العرجاء، والعوراء، والمريضة، العجفاء)، وقسم يجزئ مع الكراهة، وقسم بها عيب معفو عنه.
- الحنفية: (مقطوعة الأذن، مقطوعة الذنب، مقطوعة الذيل، الهتماء، الجلالة).
- المالكية: (مكسورة القرن، مقطوعة الذنب، مشقوقة الأذن، لا يوجد لديها أذن).
- الشافعية: ( الجرباء، مقطوعة الأذن، مقطوعة الذنب، الحامل).
- الحنابلة: (العمياء، العاجزة، مبتور أحد أطرافها، مقطوعة الذيل).
اقرأ أيضًا: شروط ذبح الأضحية
وقت الأضحية عند المذاهب الأربعة
- الحنفية: عند طلوع الفجر يوم النحر أي يوم العيد، ويستمر إلى قبل غروب اليوم الثالث.
- الشافعية: بعد مضي قدر ركعتين بخطبتين بعد طلوع الشمس يوم عيد النحر، ويستمر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة.
- المالكية: يبتدئ يوم الذبح لغير الإمام في اليوم الأول بعد تمام ذبح الإمام، ويبدأ وقتها بعد الفراغ من الخطبة بعد صلاة العيد، أو مضي زمن على ذبح الإمام أضحيته إن لم يذبح الإمام، ويستمر وقتها لليوم الثالث.
- الحنابلة: بعد صلاة العيد والخطبة ويجوز قبل الخطبة ولكن لا يستحب، ويستمر إلى زمن اليوم الثاني، وعندهم أيام النحر ثلاث أيام يوم العيد واليومين التاليين بعده.
لقد اهتمت الشريعة الإسلامية ببيان كل ما يتعلق بأحكام النحر وشروطه وحكمه، فيجب تنفيذ السنة في ذبح الأضحية كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.