حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها حسب الشرع
حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها هي من ضمن الحقوق التي ضمنها الإسلام للزوجة في العلاقة القوية التي تربطها بزوجها من حقوق وواجبات وضوابط، فإنّ العلاقة الزوجية هي من أقدس العلاقات التي جاءت في الشريعة الإسلامية؛ لأجل ذلك سمى الله -تعالى- عقد الزواج بالميثاق الغليظ قال تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً) ووصف الميثاق بالغلظة؛ لبيان قوته، ومدى أهميته في بناء الأسرة.
لذا ومن خلال موقع زيادة دعونا نقدم لكم سردًا لحقوق الزوجة بعد وفاة زوجها، وأهم المعلومات الأخرى المتعلقة بتلك الحقوق.
حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها
إن من المقاصد الشرعية المعتبرة؛ مبدأ الحقوق، فالشريعة لا ترتضي بأدنى ضرر أو ظلم يقع على الآخر؛ حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا ضرر ولا ضرار)، فللزوجة حق كامل في التمتع بحقوقها كاملة حتى بعد وفاة زوجها عنها، وحرمانها منه يعد ظلمًا واضحًا، ومخالفة صريحة لكلام رب العالمين، وحيد عن اتباع سبل النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم).
حيث جعل الله -تعالى- للزوجة نصيبًا؛ فقال -تعالى- كما في سورة النساء: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ﴾، وهذا يصدق على كل مَن عقدَ عقد الزواج حتى ولو لم يدخل بزوجته؛ لأنه وبمجرد إبرام العقد صدق على المتعاقدين أن كلاًّ منهما زوج للآخر؛ ولذلك سنوضح حقوق الزوجة المتوفى عنها زوجها في الشريعة الإسلامية في النقاط التالية.
- حقوق الزوجة في الميراث.
- حقوق الزوجة في السكن والنفقة.
- حقوق الزوجة في قائمة المنقولات.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: توزيع الميراث والمبادئ التي يتبعها الإسلام في توزيع الميراث
حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها في الميراث
فقد جعل الله -تعالى- لها الربع إن لم يوجد هناك فرع وارث فقال -جل شأنه-:
﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.
قال أبو جعفر في تفسير هذه الآية يعني جل ثناؤه بقوله:
“ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد” ولأزواجكم، أيها الناس، ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال وميراث، إن حدث بأحدكم حَدَثُ الوفاة ولا ولد له ذكر ولا أنثى ” فإن كان لكم ولد “..
يقول: فإن حدث بأحدكم حدث الموت وله ولد ذكر أو أنثى، واحدًا كان الولد أو جماعة “فلهن الثمن مما تركتم”.
يقول: فلأزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي تخلفونها بعد وفاتكم، الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها.
كما قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية:
وترث المرأةُ من زوجها الربع مع فقد الولد، والثمن مع وجوده، وأجمعوا على أن حكم الواحدة من الأزواج والثنتين والثلاث والأربع في الربع إن لم يكن له ولد، وفي الثمن إن كان له ولد واحد، وأنهن شركاء في ذلك؛ لأن الله -عز وجل- لم يفرق بين حكم الواحدة منهن وبين حكم الجميع، كما فرق بين حكم الواحدة من البنات والواحدة من الأخوات وبين حكم الجميع منهن.
يؤكد هذا ما قاله الإمام ابن كثير في تفسيره:
(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، قال: وسواء في الربع أو الثمن الزوجة والزوجتان الاثنتان والثلاث والأربع يشتركن فيه.
من ثمّ فلا خـلاف بين أحد من العلماء والفقهاء على أنه من حقوق المرأة أن ترث زوجها؛ في حال وفاته؛ وهي في عصمته، وأنّ لها نصيبين مقدرين في الشريعة الربـع -إن لم يوجد هناك فرع وارث للزوج-، والثمـن -إن كان هناك فـرع وارث للـزوج.
كما اتفقوا أيضًا على أنه إذا كان للزوج زوجات أخريات فيشتركن في هذا النصيب لقوله تعـالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) وهذا حكم عام يشمل حالتي الزواج (حالة الدخول، وحالة عدم الدخول) طالما أن الزوجات كن في عصمته.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كيفية حساب الثمن في الميراث وشروط الإرث وموانعه
ميراث الزوجة المطلقة طلاقًا بائنًا
هذا، واختلف الفقهاء في ميراث الزوجة المطلقة طلاقًا بائنًا وهي في العدة على خمسة أقوال بتفصيلات عديدة، وعلى الراجح من هذه الأقوال؛ أن الزوجة المطلقة طلاقًا بائنًا ترث -شريطة أن تكون في فترة العدة- سواء مات الزوج في مرض موته الأول أو الثاني؛ وهذا ما ذكره الإمام الكمال ابن الهمام في فتح القدير، وهو منقول عن زفر من الحنفية، والأوزاعي والثوري.
رجحان هذا القول؛ لأنه هو الذي عليه العمل، وطبق في زمن الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حيـث قضى بتوريث زوجة عبد الرحمن بن عوف ومات وهي في عدتها، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة؛ فكان في حكم الإجماع السكوتي.
كما أكد القانون المصري حق الزوجة في أخذ نصيبها من تركة زوجها ونصت على ذلك في الميراث في مجلة الأحوال الشخصية: كما في الفصل الرابع والتسعين؛ في أصحاب الربع؛ فقررت هذا النصيب للزوجة -إذا لم يكن للزوج فرع وارث- وقررت في الفصل الخامس والتسعين حق الثمن؛ حيث جعلته للزوجة -إذا كان للزوج فرع وارث.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام
حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها في السكن والنفقة
ذهب السادة الحنفية والسادة المالكية إلى أن الزوج إذا كان يملك سكنًا أو له حق الانتفاع المؤقت ثم مات؛ فللزوجة أن تسكن فيه -بشرط أن يكون قد دخل بها- واختلفوا في السكن المؤجر الذي لا يملكه الزوج؛ لأن الزوج انتقل ملكه إلى ورثته.
خلاصة هذه المسألة أن البيت إذا كان مملوكًا للزوج أو دفع أجرته فـإن المتوفى عنها زوجها لها البقاء فيه مدة عدتها؛ لأنها واحدة من الورثة، وأما إذا كان البيت مؤجرًا ولم يكن الزوج قد دفع أجرته فاختلف العلماء في هذه المسألة على قولين.
الأول:
يرى أن الورثة يدفعون أجـرة الأشهر لعدتها مـن مال الميت وذلك مقـدم على الميراث والوصية؛ لأنه دين مستحق.
الثاني:
يرى أن المتوفى عنها زوجها تدفع أجرة سكنها من مالها من أي مصـدر لها، وذلك؛ لأنه لا تكليف على الزوج بعـد مماته، ولأن المال أصبح ليس من ملكه بل من ملك غيره، وآل إلى الورثة؛ حيث يوزع على الورثة بعد وفاته.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: جدول تقسيم الإرث في الإسلام
حق الزوجة في مؤخر الصداق
كما أنَّ للزوجة حقٌ مالي محفوظ وهو مؤخر الصداق؛ فهو دين مؤجل ينقل لها في حالتي (موت الزوج أو الطلاق).
قال تعالى في شأن الصَّدَاق (أي المَهر):
﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4].
وقال سبحانه:
﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 24].
فلو مات الزوج فلزوجته الحق وهو(مؤخر الصداق)؛ لأنه يعد دينا عليه، ويقضى من تركته، فلو أوصى به؛ فعلى الورثة أن ينفذوه، ولا يجوز لهم أن يعلقوه؛ لأنه من باب الديون، ولا يجوز تعليق الديون؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) رواه أحمد والترمذي.
ولا يعترض حق مؤخر الصداق للزوجة مع حقها في الميراث؛ حيث نصت نصوص السادة الفقهاء؛ على أن الزوجة من حقها المطالبة بمؤخر صداقها على زوجها المتوفى؛ وأخذه من الدية قبل توزيعها على الورثة؛ حيث يجب إخراجه أولًا، ثم تأخذ نصيبها من الميراث وهو الثمن مما تبقى.
قد جاءت الفتاوى تؤكد ذلك ومن ذلك الفتوى رقم 3468 المنشورة بالموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية فتوى تؤيد ما ذكرناه ونصها:
“مؤخر الصداق دَين مؤجل على الزوج لزوجته يَحِلُّ بأقرب الأجلين: الطلاق أو موت أحد الزوجين”.
حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها في قائمة المنقولات
هل يمكن للزوجة التي مات عنها زوجها الحق في قائمة المنقولات؟ هذا سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية قائلة:
إن قائمة المنقولات ومؤخر صداق الزوجة ملك لها؛ فإذا توفي الزوج وفي حوزته هذه الممتلكات فللزوجة أن تستوفيها مِن تَرِكته قبل تقسيمها حتى ولو كانت وفاته قبل الدخول، ثم تقسم تَرِكته على ورثته الشرعيين كل حسب نصيبه.
من هنا يتبين لنا أن الزوجة لها الحق أيضًا في قائمة المنقولات، وقد أوضح مفتي الديار المصرية أحقية الزوجة في عفش الزوجية بما في ذلك الأجهزة الكهربائية باستثناء متعلقات الزوج الشخصية، ككتبه وملابسه وسلاحه، وكل ذلك يخرج مما ترك قبل تقسيمه على الورثة، ولا يدخل في الميراث؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
لُخص ذلك كله في قول دار الإفتاء:
إن مؤخر الصداق دَين مؤجل على الزوج لزوجته يَحِلّ بأقرب الأجلين: الطلاق أو موت أحد الزوجين، وللزوجة الحق في قائمة منقولاتها بالإضافة إلى كامل عفش الزوجية بما في ذلك الأجهزة الكهربائية باستثناء متعلقات الزوج الشخصية، ككتبه وملابسه وسلاحه، وكل ذلك يخرج مما ترك قبل تقسيمه على الورثة، ولا يدخل في الميراث؛ لقوله تعالى: ﴿مِن بعدِ وَصِيّةٍ يُوصِي بها أو دَينٍ﴾ [النساء: 11]، فهذه الأشياء إما ديون لزوجته عليه وإما حق خالص لها دونه.
أوضحت أيضًا أن الزوجة ترث ربع ما تركه زوجها من التركة؛ في حالة عدم وجود الفرع الوارث ، والثمن في حالة وجود الفرع الوراث -كما بينا-، كما أن لها، مؤخر الصداق، ولها قائمة المنقولات؛ لأن ذلك يعد دينًا على الزوج يجب أن تأخذه زوجته؛ بل يجب سداده قبل أن تقسيم التركة.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل تأخير توزيع الميراث يعذب الميت وما حكمه في الإسلام؟
عرضنا لكم في هذا الموضوع بعضًا من حقوق الزوجة بعد وفاة زوجها؛ والتي تضمنت حقوق المرأة في الميراث والنفقة والمنقولات، إلى جانب ذلك فقد استشهدنا بما أورده الفقهاء في كتبهم ومذاهبهم الفقهية المختلفة، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم النفع والفائدة.
زوجه توفي زوجها وليس لديهم اولاد، فما هو حقها في مسكن الزوجيه سواء كان تمليك او ايجار وماهو حقها في السيوله الماديه التي تركها الزوج بالمنزل ؟
حزاكم الله خيرا