فضل أيام التشريق
فضل أيام التشريق من الكتاب والسنة المؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، هي أيام ذكر الله وشكره وإن كان الحق أن يذكر الله في كل وقت وحين لكن يتأكد في هذه الأيام، وهي الأيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر على أصح الأقوال التي قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم فيها: “أيام التشريق أيام أكل وشرب” (رواه مسلم).
فضل أيام التشريق
إن أعظم أيام السنة على الإطلاق هو يوم النحر، يوم الحج الأكبر أفضل أيام المناسك وأكبرها، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: “وقف رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال: هذا يوم الحج الأكبر”
وذِكر الله في هذا اليوم والأيام التي تليه من أعظم العبادات.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ” أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله” (أخرجه مسلم) وفي رواية الإمام أحمد ” من كان صائمًا فليفطر فإنها أيام أكل وشرب”.
إقرأ أيضًا: متى يبدأ موسم الحج وعدد أيامه وأركانه وشروطه
هذا الحديث الشريف يتناول أمرين:
- أن هذه الأيام أيام أكل وشرب وفرح ولعب للأطفال وتوسعة على الأهل والترويح عليهم بما لا يخالف الشريعة ولا يشغل عن فرائض الله تعالى لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: “يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ” ولا مانع من التوسع في الأكل والشرب خصيصًا الأكل من الأضحية بلا أفراط وتهاون مع نعمة الله لقوله تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف 31).
- أن هذه الأيام لذِكر الله بالتكبير عقب الصلوات في كل وقت وحين، حيث أنه يجب الاجتهاد في الذكر في تلك الأيام فلا يأخذ المسلم صدر الحديث ويترك عجزه.
قال الله تعالى: “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” (البقرة 203 )
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: “الايام المعدودات هي أيام التشريق والأيام المعلومات أيام عشر، والأيام المعدودات هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر.
يجتمع على المسلم في تلك الأيام – بجانب نعم الله التي لا تعد ولا تحصى- نعيم الجسد بالأكل والشرب واللهو مع الأولاد والأهل، ونعيم الروح والقلوب بذكر الله وحمده، وكلما أحدث المسلم حمدًا على نعمة كان ذلك مدعاة لشكر الله ونعمة أخرى تستحق الحمد.
بالأخص نعمة الأكل من بهيمة الأنعام في أيام التشريق، فإن هذه الأنعام مسخرة لنا وتطيع الله لا تعصي له أمرًا، وهي تسبحه كما أخبرنا تعالى في قوله: “تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا” (سورة الإسراء 44) وتسجد لله تعالى كما في قوله: ” وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ” (النحل 49) وقد أخبرنا الله في كتابه أن كثير من الإنس والجن هم كالأنعام بل أضل سبيلًا.
فأباح الله ذبح هذه البهائم رغم ما ذكرناه من صفات لعباده المؤمنين حتى تقوى به أجسادهم وتكمل لذتهم في الحياة الدنيا بأكل اللحوم ليكون ذلك عونًا لهم على العلوم النافعة والأعمال صالحة.
فلا يجب على المؤمنين مقابلة ذلك إلا بالشكر والحمد و التصدق منها على المحتاجين؛ قال الله تعالى: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (الحج36)
بل في بعض الأحيان تكون الأنعام أفضل من بني البشر في إنها تسبح الله أكثر منه، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “أركبوها سالمة، وأنزلوا عنها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم، ومجالسكم، فلرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكرًا لله منه” (رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه).
ميقات أيام التشريق
انتهى أهل اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ إلى أن أيام التشريق تبدأ من بعد يوم النحر، لكن الاختلاف كان بين هل هي يومان أم ثلاثة.
إقرأ أيضًا: هل يصوم الحاج يوم عرفة وحكم صيام يوم عرفة لغير الحجاج
سبب تسمية أيام التشريق بهذا الاسم
قال ابو عبيد في هذه المسألة أن هناك قولين:
- أنهم كانوا يُشَرِّقُونَ لحوم الأضاحي في هذا اليوم (أي يقددونها ويضعونها في الشمس لئلا تفسد).
- أن كلها أيام تشريق ليوم النحر فبالتالي هي تابعة ليوم النحر.
وقد أيد القول الثاني لأن أيام التشريق سميت بذلك حيث أن صلاة العيد تُصلى بعد شروق الشمس لا مثل الفجر مع أول ضوء وباقي الأيام تبعًا لهذا اليوم العظيم.
- قال ابن الأعرابي: أنها سُميت بذلك لأن الأضحية لا تذبح إلا بعد شروق الشمس.
- قال يعقوب بن السكيت: إنه موروث من قول الجاهلية.
حكم صيام أيام التشريق بالنسبة لمن لم يحج
- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أنه قال: “نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ” (رواه البخاري ومسلم)
- روى ابو داود في صحيحه: “عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ . فَقَالَ : إِنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا” علق الإمام مالك على هذا الحديث أن هذه الأيام هي أيام التشريق.
فقد أجمع علماء الفقه على أن صوم يوم الفطر ويوم النحر محرم، ويلحق بهم في الحكم باقي أيام التشريق.
حكم صيام أيام التشريق بالنسبة للحاج
- يجوز صيام أيام التشريق بالنسبة للحاج الذي لا يجد الهدى لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها: “لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي” (رواه البخاري).
- يرى الشيخ ابن عثيمين أنه يجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجد الهدي صيام الثلاث أيام هذه حتى يتم موسم الحج ولا يفوته قبل صيامهم.
أما ما سوى ذلك لا يجوز صيامهما حتى ولو كان المسلم يصوم صيام شهرين متتابعين فليفطر يوم العيد، وثلاثة أيام التشريق ثم يواصل صيامه.
أذكار أيام التشريق
مؤكد عن الرسول في هذه الأيام المباركة التكبير دبر كل صلاة مكتوبة، والتكبير المطلق في كل وقت إلى مغرب يوم الثالث عشر من ذي الحجة.
عُرف عن ابن عمر-رضي الله عنهما – أنه كان يكبر في هذه الأيام في كل مكان؛ في المسجد دبر الصلوات المكتوبة وفي مجلسه وفي الفسطاط وفي الطرقات والأسواق.
ورد في صحيح البخاري أن الناس كانوا يكبرون خلف “أبان بن عثمان بن عفان” وخلف “عمر بن عبد العزيز”.
إقرأ أيضًا: فضائل صيام يوم عرفة ولماذا سمي بهذا الأسم
فضل صيام يوم عرفة
ويسبق يوم عرفة يوم آخر هو من أعظم المواقيت عند المسلمين ألا وهو يوم عرفة حيث قال فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” (رواه مسلم) أي أن صيام يوم عرفة يكفر أعمال المسلم في عامه الماضي والأعمال التي ستقع منه في عامه القادم ولا يعلم الغيب إلا الله.
ويستحب القيام بكافة ألوان الأعمال الصالحة في أول شهر ذي الحجة عمومًا لقوله صلى الله عليه وسلم: “آمن أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء” (رواه البخاري).
- الأيام العشر هنا مقصود بها العشر الأوائل من ذي الحجة.
هكذا نكون قد نقلنا لكم أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأقوال الفقهاء في فضل أيام التشريق وحكم صيام أيام التشريق والأذكار الصحيحة في أيام التشريق ندعو الله يبلغكم إياها.