معنى الصلاة على النبي
ما معنى الصلاة على النبي عند أهل اللغة؟ وما فضل الصلاة على النبي؟ إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة نتقرب بها إلى الله جل وعلا، فبها تغفر الذنوب وتكفى الهموم، وقد أوضح العلماء معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أوضحوا صفاتها وحكمها، وفوائدها، ومن خلال موقع زيادة سنتعرف أكثر على معنى وأهمية الصلاة على النبي.
معنى الصلاة على النبي
أمرنا الله جل وعلا بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال في كتابه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (سورة الأحزاب: 56)، حتى يكفر عنا سيئاتنا وتكون قربة لنا.
قد أوضح ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أهمية الصلاة عليه حين قال: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ) حديث صحيح، رواه أنس بن مالك، مصدره صحيح النسائي.
إذًا الصلاة من العبادات العظيمة التي أمرنا بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبها يزيد الله من حسناتك، ويرفع من درجاتك، ويكفر عنك سيئاتك، أما عن معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد وضح علماء اللغة أن الصلاة تعني الدعاء.
أما الصلاة إن كانت من الله فهي تعني الثناء على العبد، وذكره في الملأ الأعلى والملائكة، وإن كانت الصلاة من الملائكة، فتعني ثناء الملائكة على العبد وتعظيم قدره، واستغفارهم ودعائهم له، أما صلاة العباد على النبي -صلى الله عليه وسلم- فتعني الدعاء له والثناء عليه، وتعظيمه، فقولنا اللهم صل على محمد، تعني عظم محمد بإعلاء ذكره في الدنيا، وأظهر سنته وتشفيعه في أمته.
التسليم في قولنا (اللهم سلم على محمد) أو (صل وسلم على محمد) أي سلم محمد -صلى الله عليه وسلم- من النقصان فقد أعطاه الله مكارم الأخلاق، وجوامع الكلم، أما البركة في قولنا (وبارك على محمد) تعني زد في إكرامه في الدنيا، وزد له من الخير الكثير.
اقرأ أيضًا: معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
حكم الصلاة على النبي
استكمالًا لموضوعنا عن معنى الصلاة على النبي نذكر أن العلماء وأصحاب المذاهب الأربعة قد اختلفوا في حكم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فانقسموا إلى فريقين، فريق قال بالاستحباب، وفريق قال بوجوب الصلاة عليه، وسوف نتعرف فيما يلي على آراء العلماء، وذلك استكمالًا لموضوعنا عن معنى الصلاة على النبي.
قال أبو جعفر الطحاوي وأبو عبد الله الحَليمي إن الصلاة على النبي واجبة كلما ذكره أحد، بينما قال البعض الآخر إنها مستحبة فلا يأثم تاركها، وقال الإمام أحمد بن حنبل إن الصلاة على النبي ركن في التشهد الأخير، فلا تصح صلاة الفرد إلا بالصلاة على النبي في التشهد الأخير.
قال أبو حنيفة، والإمام مالك، والثوري: إن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تكون مرة واحدة في العمر؛ لأن الأمور المطلقة لا يجب تكرارها، ولكن الرأي الراجح أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- واجبة، ودلّ العلماء على ذلك بقول الله جل وعلا (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا) (سورة الأحزاب: 56).
روى جابر بن عبد الله قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رقِي المنبرَ، فلمَّا رقِي الدَّرجةَ الأولَى، قال: آمين، ثمَّ رقِي الثَّانيةَ، فقال: آمين، ثمَّ رقِي الثَّالثةَ فقال: آمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! سمِعناك تقولُ آمين ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: لمَّا رقِيتُ الدَّرجةَ الأولَى جاءني جبريلُ فقال: شَقِي عبدٌ أدرك رمضانَ فانسلخ منه ولم يُغفرْ له فقلتُ: آمين، ثمَّ قال: شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ فقلتُ آمين، ثمَّ قال: شَقِي عبدٌ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك فقلتُ: آمين) حديث حسن، مصدره القول البديع.
روى أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (رَغِمَ أنْفُ رَجلٍ ذُكِرتُ عِندَه فلَمْ يُصلِّ عليَّ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثُم انْسَلَخَ قبلَ أن يُغفرَ لهُ، ورَغِمَ أنْفُ رجلٍ أدركَ عِندَه أبواهُ الكبَرُ فلم يُدْخِلاهُ الجنةَ) حديث صحيح، مصدره صحيح الجامع.
إذًا فالله تعالى قد أمرنا بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك وجب على العبد أن يطيع أمر الله جل وعلا، والنبي ليس في حاجة إلى صلاتنا عليه فقد صلى عليه ربه والملائكة، ولكننا نحن المستفيدون من الصلاة عليه.
صفة الصلاة على النبي
بعدما أوضحنا معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- نشير إلى أن منها سبع صفات، وقد أوضحهم الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه صفة صلاة النبي، والصلاة على النبي في التشهد الأخير لا تكون بقول (اللهم صل على محمد) فقط.
فهذه الصيغة تكون خارج الصلاة وليس في التشهد، كما أن بعض الأشخاص يخطئون في التشهد الأخير ويقولون (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد…. إلخ) فصيغة السيادة لم ترد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكرها الصحابة رضوان الله عليهم.
تكون صفة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أمرنا في حديث أبو مسعود عقبة بن عمرو قال: (أَتَانَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ في مَجْلِسِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ له بَشِيرُ بنُ سَعْدٍ: أمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ، فَكيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟…
…قالَ: فَسَكَتَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّه لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: قُولوا اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ في العَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، والسَّلَامُ كما قدْ عَلِمْتُمْ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.
تسمى هذه الصيغة بالصلاة الإبراهيمية، وهي التي يجب على الإنسان أن يقولها في التشهد الأخير عند كل صلاة، تطبيقًا لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضًا: كم عدد واجبات الصلاة
فضلُ الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم
الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لها عظيم الفضل على العبد ليس في آخرته فقط، وإنما في دنياه، وجاء أبي بن كعب -رضي الله عنه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فقال له أجعل لك صلاتي كلها، فرد عليه النبي وقال إذًا تُكفى همك ويغفر لك ذنبك.
فالصلاة على النبي راحة للقلوب في الدنيا، والتمتع بالنعم في الآخرة، وفي إطار موضوعنا عن معنى الصلاة على النبي، سوف نعرض لكم بعض أفضال الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
- الله -جل وعلا- يضاعف أجر من صلى على النبي عشرة أضعاف، ويرفع قدره عشر درجات في الجنة، والدليل على ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً؛ صلَّى اللهُ عليه عشرَ صلواتٍ، وحطَّ عنه بها عشرَ سيئاتٍ، ورفعَه بها عشرَ درجاتٍ) حديث صحيح، رواه أنس بن مالك، مصدره صحيح الترغيب.
- يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة على من يصلي عليه، حيث روى أبو الدرداء، عن رسول الله أنه قال: (مَن صلى عَلَيَّ حين يُصْبِحُ عَشْرًا، وحين يُمْسِي عَشْرًا أَدْرَكَتْه شفاعتي يومَ القيامةِ) حديث حسن، مصدره الجامع الصغير.
- من صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد زادت خطاه نحو الجنة، ومن لم يذكره فقد ابتعد عنها، وهذا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الحسين بن علي وابن عباس وأبو جعفر الباقر (مَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَخَطِيءَ الصَّلاةَ عليَّ خَطِيءَ طَريقَ الجنةِ) حديث صحيح، مصدره صحيح الجامع.
- إن أقرب الناس منزلة من النبي يوم القيامة، وأولاهم شفاعة، هم الذين يكثرون من الصلاة عليه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ أولى النَّاسِ بي يَومَ القيامةِ أَكْثرُهُم عليَّ صلاةً) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره بلوغ المرام.
اقرأ أيضًا: دعاء الاستفتاح في الصلاة مكتوب
مواطِنُ الصلاة على النبيِّ
بعدما قدمنا لكم معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- سنتعرف على بعض المواطن الواجب فيها الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن لا ننسى أن الصلاة عليه تكون في أي وقت، وتلك الأوقات هي:
- الراجح من أقوال العلماء والأئمة الأربعة، أن الصلاة على النبي واجبة في التشهد الأخير من الصلاة، وقال الإمام الشافعي -رحمه الله- بوجوب الصلاة على النبي في التشهدين، الأوسط والأخير.
- في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية، اتفق العلماء على مشروعيتها، ولكن اختلفوا في وجوبها، حيث يرى الإمام مالك وأبو حنيفة أنها مستحبة، ولكن الأئمة الشافعي وأحمد، قالوا بوجوبها.
- شرع الله -تعالى – الصلاة على النبي في الخطب، مثل خطبة الجمعة، وخطبة العيدين، وخطبة الاستسقاء، وغيرهم من الخطب.
- بعد انتهاء الأذان تجب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح مسلم.
- الصلاة على النبي عند الدعاء، وذلك وفقًا لما قال في حديث أنس بن مالك وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن بسر ومعاذ بن جبل: (كلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصَلَّي علَى النَّبِيِّ) حديث صحيح، مصدره صحيح الجامع.
- تسن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند دخول الشخص إلى المسجد، والدليل على ذلك حديث أبو حميد أو أبو أسيد الساعدي: (إذا دخل أحدُكم المسجِدَ فليُصَلِّ على النبيِّ، وليقُل: اللهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحمتك، وإذا خرج فلْيسلِّمْ على النبيِّ وليَقُل: اللهمَّ إني أسألُك من فَضلِك) حديث حسن، مصدره الجامع الصغير.
- أهم مواطن الصلاة على النبي هو يوم الجمعة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أوصانا بأن نكثر في الصلاة عليه، حيث قال: (أكثِروا من الصلاةِ عليَّ يومَ الجمعةِ وليلةَ الجمعةِ) حديث صحيح، مصدره سفر السعادة.
- الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة معروضة عليه، لذلك قال بعض العلماء بوجوب الصلاة عليه، والدليل على ذلك قوله: (إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ قالَ قالوا يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرِمتَ – يقولونَ بليتَ – فقالَ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ علَى الأرضِ أجسادَ الأنبياءِ) حديث صحيح، وراه أوس بن أوس، صدره صحيح أبي داود.
- الصلاة على النبي في الصباح والمساء، تكون سببًا في نيل شفاعته ورضاه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صلى عَلَيَّ حين يُصْبِحُ عَشْرًا، وحين يُمْسِي عَشْرًا أَدْرَكَتْه شفاعتي يومَ القيامةِ) حديث حسن، رواه أبو الدرداء، مصدره الجامع الصغير.
الصلاة على النبي لا تأخذ من وقت العبد سوى ثوان، ولكن يترتب عليها ثواب يقدر بالأعوام، فالصلاة على النبي سبب كبير من أسباب دخول الجنة، وسبب من أسباب الراحة في الدنيا.