قصص عن الجار في عهد الرسول

قصص عن الجار في عهد الرسول كانت ذا قيمة ومعني ونصيحة، حيث كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائمًا ما يوصي المسلم بجاره ويحثه على إكرامه ومعاملته معاملةً حسنة، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ نعم الجار طوال حياته، لذا سنعرض لكم من خلال موقع زيادة قصص عن الجار في عهد الرسول.

قصص عن الجار في عهد الرسول

كان الرسول ـ صلة الله عليه وسلم ـ يمتاز بخلقه العظيم في كافة التعاملات، فقد كان كما يقولون قرآنً يمشي على الأرض، وكان يسير بين الناس بالخير والإحسان، كما أنه ربط بين كلًا من الإيمان بالله وبين إكرام الضيف، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ…” [رواه أبو هريرة بإسنادٍ صحيح]

كما كان للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكثير من المواقف مع الجيران والتي كان من خلالها يبث للمسلمين رسالة بأهمية الحفاظ على العلاقة الطيبة بين الجيران وعدم مقاطعتهم وجعل البر دائم بينهم، لذا ومن خلال ما يلي سنعرض بعض قصص عن الجار في عهد الرسول.

اقرأ أيضًا: أهم حقوق الجار على جاره

1ـ قصة إيذاء الجار اليهودي للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ

تعد هذه القصة من أشهر القصص التي وردت عن الجار في عهد الرسول، خاصةً أن التعامل فيها كان معه ـ عليه الصلاة والسلام ـ مباشرةً، حيث كان للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أحد الجيران اليهود، وكان هذا الجار يتعمد دائمًا إيذاء النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن طريق وضع القمامة أمام منزله كل يوم، وكان النبي يعرف أنه هو من يفعل ذلك وعلى الرغم من ذلك صبر على أذاه ولم يرد له الأذى.

في أحد الأيام سمع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن هذا الجار مريض، وعلى الرغم من الأذى الذي كان يسببه له هذا الجار ذهب الرسول إلى منزله لزيارته في مرضه وتمنى له الشفاء، فما أحسن هذا الخلق الذي جعله يتحمل الأذى ويبر جاره ويزوره ليطمئن عليه على الرغم من علمه أنه دائمًا ما يؤذيه.

من هذا الموقف يريد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعلمنا مدى أهمية الجار والضرورة من عدم رد أذى الجار حتى لو كان هو من يتعمد إيذائنا، وكان هناك أحد الروايات الأخرى التي نقلت عن زيارة الرسول لجاره اليهودي المريض، ولكن هذه الرواية كانت مختلفة بعض الشيء في محتواها.

يقال إنه ذات يومٍ سمع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أحد جيرانه اليهود قد أصابه المرض، فذهب ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليزوره وعاد من زيارته يروي ما حدث كالتالي: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبي صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فقال له: أَسْلِمْ فَنَظَرَ إلى أبيه وهو عِنْدَهُ، فقال له: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَنْقَذَهُ من النَّارِ[رواه أنس بن مالك في صحيح البخاري بإسنادٍ صحيح]

في هذا الموقف كان حسن تعامل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الجار اليهودي أحد الأسباب التي جعلت هذا اليهودي يدخل الإسلام ويشهد أن لا إله إلا الله، فما بالك بأثر الإحسان إلى الجرار في النفوس وكيف يحقق الترابط والود بين الكثير من الأفراد.

2ـ قصة نخلة الجار والشاب اليتيم في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ

تعد هذه أحد القصص التي وردت في التاريخ وقد حدثت في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أتاه شابٌ يتيم أثناء جلوسه مع أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ فقال الشاب للرسول يا رسول الله، كنت أقوم بعمل سور حول بستاني فقطع طريق البناء نخله هي لجاري، طلبت منه ان يتركها لي لكي يستقيم السور، فرفض، طلبت منه إن يبيعني إياها فرفض

عندما سمع الرسول شكوى هذا الشاب طلب منه أن يأتيه بهذا الجار، فأتى الجار إلى الرسول وسرَدَ عليه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ شكوى هذا الشاب، فصدق الرجل على كلامه وأكد للرسول أن هذا ما حدث فعلًا، فطلب منه الرسول أن يترك للشاب اليتيم هذه النخلة أو يبيعها له، فرفض الجار فعل هذا.

فأعاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله على الجار حيث قال له: ” بع له النخلة ولك نخلةً في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام” ذهل أصحاب الرسول الذين يسمعون الحديث، فما الذي تساويه أحد نخل الدنيا بنخلة في الجنة! وعلى الرغم من ذلك رفض الرجل بيع النخلة للشاب مرةً أخرى، وهنا تدخل أحد أصحاب الرسول كان يسمى أبا الدحداح، فقال للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” إن اشتريت تلك النخلة وتركتها للشاب ألي نخله في الجنة يا رسول الله؟” فأجابه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنعم.

هنا وجه أبا الدحداح كلامه لهذا الجار الذي يرفض بيع النخلة سائلًا: “أتعرف بستاني يا هذا؟ فأجابه الرجل نعم، فمن في المدينة لا يعرف بستان أبا الدحداح ذو الستمائة نخله والقصر المنيف والبئر العذب والسور الشاهق حوله، فكل تجار المدينة يطمعون في تمر أبا الدحداح من شده جودته فرد عليه أيا الدحداح ” بعني نخلتك مقابل بستاني وقصري وبئري وحائطي”

فنظر الرجل إلى الرسول غير مصدقًا لما يقوله أبا الدحداح، فكيف له أن يقايض شجرةً واحدةً من شجاره بستمائة شجرة من شجار أبا الدحداح وستكون صفقته ناجحةً بكل المقاييس، وبدون تفكير وافق الرجل على البيع مقابل ما قالع أبا الدحداح وأشهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البيعة.

بعد رحيل الرجل نظر أبا الدحداح إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأله “أ لي نخله في الجنة يا رسول الله؟” فأجابه الرسول ” لا” ثم أكمل “الله عرض نخلة مقابل نخلة في الجنة وانت زايدت علي كرم الله ببستانك كله، ورد الله على كرمك وهو الكريم ذو الجود بأن جعل لك في الجنة بساتين من نخيل أعجز عن عدها من كثرتها

كان الجار الأول مثال للجار السلبي الذي لا يريد أن يساعد جاره ولم يكن يفكر إلا في متاع الدنيا، أما أبا الدحداح فكان يريد مساعدة هذا الشاب اليتيم طمعًا في النخلة التي سيحصل عليها في الجنة، ومن دون تفكير قرر بيع كل ما يملك لتقديم المساعدة والحصول على نعيم الجنة.

3ـ موقف كرم الرسول مع جيرانه

ثالث قصص عن الجار في عهد الرسول تدل على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يتصف بكرمه الشديد مع جيرانه ومع كافة الناس في كل المواقف، ومن أحد أبسط الموافق التي دلت على هذا الكرم وطيب النفس أنه في أحد الأيام طلب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من زوجاته وأهل بيته أن يقمن بذبح شاه وتوزيعها على الجيران، وكان أكثر الأجزاء التي يشتهيها ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو الذراع.

فعند الانتهاء من توزيع الطعام ذهب إلى السيدة عائشة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ وسألها عما تبقي من الطعام قائلًا: ” ما بقيَ منْها؟” فأجابته السيدة عائشة قائلةً ما بقيَ منْها إلَّا كتفُها” فرد عليها بطيب نفسٍ ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ فقال: ” بقيَ كلُّها غيرَ كتفِها” مما يدل على كرمه وعطائه دون تفكر لجيرانه، كما كان يقصد بقوله إن الأجر والثواب بقي كله إلا للكتف الذي تبقى منها.

اقرأ أيضًا: بحث عن حقوق الجار

توصية الرسول على حسن معاملة الجار

لم يقتصر الأمر فقط على قصص عن الجار في عهد الرسول، بل كان هناك العديد من الأحاديث التي نُقلت عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي كان يوصي فيها المسلمين بالجيران وحسن التعامل معهم، لذا ينعرض من خلال الفقرات التالية بعض الأحاديث التي تدل على موافق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع جيرانه.

حديث إكرام الجار والإحسان إليه

هناك ثلاثة من الأحاديث التي وردت في السنة النبوية والتي توضح أهمية إكرام الجار وحسن معاملته، ومنها الحديث الذي سبق وذكرناه عن ربط الإيمان بإكرام الضيف، كما قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ … وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا

كما أكد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن حسن معامله الجار له علاقة بمعايير الخير حين قال: خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ [رواه عبد الله بم عمرة بإسنادٍ صحيح]

حديث التحذير من قطع الجار

من الأمور التي نهى عنها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك هي قطع الصلة مع الجار، وكان ذلك من خلال أحد الأحاديث التي رويت عنه والذي ينص على ” كَمْ مِنْ جَارٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا لِمَ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي وَمَنَعَنِي فَضْلَهُ” [رواه عبد الله بن عمر لكن بإسنادٍ ضعيف]

حديث المحبة والترابط بين الجيران

هناك أحد الأحاديث التي تصدق على أمر الرسول لنا بحب الجار وحين معاملته، فكان الحديث الوارد في السنة النبوية كالتالي: وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُحِبَّ لِجَارِهِ -أو قال لِأَخِيهِ- ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” [رواه أنس بن مالك بإسنادٍ صحيح]

أحاديث نهي الرسول عن إيذاء الجار

هناك العديد من الأحاديث التي ورد فيما يخص النهي عن إيذاء الجار، هذا الإيذاء لذي كان يتعرض له النبي كما ذكرنا في قصص عن الجار في عهد الرسول، فكان نص الأحاديث التي وردت في النهي عن إيذاء الجار كالتالي:

والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ. قِيلَ: وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: الذي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه [رواه لأبو شريح العدوي خويلد بن عمرو بإسنادٍ صحيح]

قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ” [رواه أبو هريرة بإسنادٍ صحيح]

يا نِساءَ المُسْلِماتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لِجارَتِها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ” [رواه أبو هريرة بإسنادٍ صحيح]

اقرأ أيضًا: قصص واقعية من الحياة

آداب التعامل مع الجار

بعد ذكر قصص عن الجار في عهد الرسول، يجب العلم أن هناك العديد من الآداب الهامة التي يجب اتباعها عند التعامل مع الجار، هذه الآداب ليست خيارًا بل إنها من أهم ما أوصى به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن أبرز هذه الآداب ما يلي:

  • تقديم النفع والعون للجار في حال احتاج إلى ذلك، ومن الأفضل ألا يتم ينتظر الجار أن يطلب المساعدة من جاره.
  • من الأفضل تبادل الهدايا بين الجيران ولو كانت مما يزيد الحب والمودة بين الجيران وبعضهم.
  • مواساة الجار والوقوف إلى جانبه في المواقف الصعبة والأزمات التي يمر بها.
  • زيارة الطبيب في حالات مريضة وتقديم المساعدة له حتى يتم شفاؤه.
  • الاقتداء بالنبي في كافة المواقف التي تدل على حسن معاملته لجيرانه.
  • يجب احترام الجار وعدم إيذاءه وحسن معاملته وإعطاءه حقوقه التي أوصى بها الإسلام.

من الضروري اتباع كافة الآداب التي سبق ذكرها عند التعامل مع الجار وعدم رد الأذى بالأذى والاقتداء بأحاديث وقصص عن الجار في عهد الرسول التي ذكرناها لكي نسير على النهج القويم الذي كان يتبعه الرسول مع جيرانه.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.