قصص عن حسن الظن بالناس
إن قراءة قصص عن حسن الظن بالناس هو أمر ضروري في عصرنا هذا، فقد شاع الظلم في هذا العصر وكثر الفساد، واندثرت الكثير من قيم ومبادئ المسلمين، وأصبح الكثير من المسلمين يأخذون من طرق حياة الغرب منهج لهم، فأصبحنا لا نثق ببعضنا سواء في المعاملات التجارية أو المعاملات الاجتماعية مع الأهل والأقران، والآن لنتعرف بصورة تفصيلية على قصص عن حسن الظن بالناس من خلال موقع زيادة.
قصص عن حسن الظن بالناس
علينا أن نتوقع الخير من الآخرين ما دمنا لم نرى منهم إلا الخير وألا نستمع إلى وساوس إبليس اللئيم، فقد قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:
(إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا.) صحيح مسلم، وفي السطور الآتية سوف نتحدث عن أفضل القصص عن حسن الظن بالناس، والتي تتمثل في الآتي:
1ـ نبي الله موسى
حاول أتباع فرعون أن يشككوا بنبي الله موسى، وأن ينشروا عنه السوء بين قومه والتابعين له، فقالوا عنه أنه لا يريد سوى السلطة والمال، يريد بيوتكم وممتلكاتكم ليس إلا، يريد الشهرة وحب الناس، إنه ليس سوى شخص يجيد التلاعب بعقول البشر وإغفالهم عن الحق.
فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)).
لكن الكثير من أتباع نبي الله موسى تغاضوا عن أكاذيبهم، فهم صدقوا ما تراه أعينهم فنبي الله موسى لا يدعوا إلا للعدل والمساواة، لا يدعوا إلا لإكرام الفقير وإبطال الظلم والقهر بين الناس، وألا يتخذ الناس بشر مثلهم أربابًا، بل يتخذوا المولى إله لهم، وهنا يتمثل المعنى الحقيقي لتوقع الخير من نبي الله موسى، لذلك تعد هذه من أفضل القصص عن حسن الظن بالناس.
اقرأ أيضًا: كلمات جميلة جدًا ومعبرة
2ـ تعامُل النبي مع أتباعُه
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يثق كثيرًا بالصحابة وكان يثق بآرائهم، فقد كان يستشيرهم في المشاكل التي تمر عليهم، وكان يستشيرهم في توزيع الجنود في المعارك فقد قال الله تعالى:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)) سورة آل عمران.
فنجد هنا أن النبي كان يثق بقدراتهم على تقديم الكثير، فقد كان يكلف كلًا منهم بالمهمة التي تتناسب مع قدرات كل شخص فيهم، حتى إذا فشلوا أو أخطأوا في بعض الأحيان فهو يعفوا عنهم ويعطيهم المزيد من الفرص لإثبات جدارتهم.
فعندما فشل المسلمين في غزوة أحد نتيجة عدم إتباعهم لقول النبي، لم يتوقف النبي عن الوثوق بهم بالرغم من أن الرسول قد تأذى كثيرًا لهذا السبب، وخسر حمزة أسد الله في هذه المعركة، ولكن بالرغم من ذلك كان لديه ثقة في المسلمين وثقة في الله عز وجل، فقد قال الله تعالى:
(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)) سورة آل عمران.
فهنا دلالة على أن المسلمين قد غفلوا عن مهامهم وأهتموا بجمع الغنيمة، وعصوا أوامر الرسول، ولكن بالرغم من ذلك عفا الله والرسول عنهم، وهذه من أروع القصص عن حسن الظن بالناس.
3ـ رد الدين
من أحب القصص عن حسن الظن بالناس إلى قلب الكثير من الأناس، هي قصة رجل تقي ميسور الحال يحب الخير للآخرين، كان هذا الرجل يدرك جيدًا بشاعة الربا، وينفذ قول الله تعالى:
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)) سورة البقرة.
لذلك كان يسعى إلى مساعدة الناس بدون ربا بل وبدون ضمانات أيضًا، وكان هناك رجل آخر يعمل في صناعة العباءات الشتوية الثقيلة، لكن عمله لم يكن يوفر له الدخل في المنطقة التي يسكن بها لأن هذه المنطقة درجة الحرارة بها مرتفعة، كما كان عليه الديون.
ففكر هذا الرجل أن يسافر إلى بلد درجة الحرارة بها منخفضة ليصنع هذه العباءات ويبيعها هناك، ولكنه لم يكن لديه المال، فذهب إلى الرجل التقي الذي يعطي الناس الأموال بدون ربا، فأعطاه مبلغ كبير من المال وتعهد إليه أن يرد هذا المال بعد عام.
فسافر الرجل الفقير إلى إحدى البلاد التي تتميز بدرجة الحرارة المنخفضة مع زوجته، وبدء في تصنيع العباءات وباع منها الكثير والكثير وازدهر عمله، وكسب الكثير من الأموال، حتى مرت السنة وحان الوقت لكي يرد ما عليه من نقود.
فبدأ في جمع ما له من حاجيات واستعد للسفر، ولكن في هذا الوقت كانت الرياح شديدة جدًا وكانت هناك عاصفة شديدة في البحر، فلم تُخاطر أي سفينة بالسفر خلال هذه العاصفة، فمن المحتمل ألا ينجو من عليها من أشخاص.
فقرر أن يأخذ قطعة من الخشب ويفتحها من المنتصف ويضع فيها الأموال ويكتب رسالة ويضعها في البحر حتى تصل إلى صاحبها، لقد وثق بأن الله سوف يوصلها إلى صاحبها، في الوقت ذاته كان الرجل الذي أعطاه المال متعثر للغاية وفقد الكثير من الأموال، وكان معتمد فقط على ما سوف يرده له الرجل المسافر لكي يتحسن حاله.
لكنه لم يأتي، فظلت زوجته تأنبه على ما أعطاه للرجل من نقود بدون وجود أي ضمان لحقه، ولكنه كان يثق فيه الرجل الذي أخذ منه الأموال، وفي هذا الوقت قال لزوجته أنه سوف يخرج ليأتي ببعض الحطب وأثناء مروره بطريق البحر وجد قطعة من الخشب عائمة على مياه البحر، فقرر أن يأخذها بدلًا من الذهاب لتقطيع الأشجار.
عندما ذهب بها إلى البيت وبدأ في تقطيعها وجد الأموال والرسالة، وعندما رجع الرجل من سفره ذهب إلى الشخص الذي أعطاه الأموال ليردها إليه مره أخرى لأنه ظن أنها ربما تكون قد ضاعت في البحر، وهنا أخبره الرجل أن النقود قد صلت إليه، فكانت مشاعر الثقة ببعضهما والثقة بالله تنير مجلسهما.
اقرأ أيضًا: تعبير عن حسن الخلق
أسباب الوقوع في سوء الظن بالناس
في سياق الحديث عن موضوع قصص عن حسن الظن بالناس، يجب أن نتعرف على الأسباب التي يمكن أن تحول بين الإنسان وبين الثقة في الآخرين فالله نهانا عن هذا الفعل، فقد قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) سورة الحجرات، وتتمثل هذه الأسباب في النقاط التالية:
1ـ وجود خصومة
يمكن أن يسيء الشخص الظن بالآخرين بسبب وجود خلاف بينه وبين الأشخاص، فما يفعلوا من شيء إلا ويظنون به الشر على فعلته، حتى إذا قام بالأعمال الحسنة يقولون ما فعلها إلا من أجل أن يحبه الناس، فعمله ليس خالص لله، ويتمثل ما يفعلون في قول الله تعالى:
(إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ (23)) سورة النجم، فما تميل له النفس في هذه الحالة هو سوء الظن.
فعند الشعور بالغضب من شخص آخر يتوقف إعمال العقل، وتكون النفس الأمارة بالسوء هي السائدة، ولكن هذا من خصال الكفار وليس من خصال المسلمين، فقد قال الله تعالى:
(إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا) (الفتح – 26)
فنحن المسلمون نتميز بإعمال العقل والسلام النفسي فحتى إذا كانت لدينا خصومة مع الآخرين لا نذكر إلا خير ما يصنعون، وهذا الأمر يمكن أن يكتسبه الشخص بالتدريج والتدريب، فإذا شعر بغضب من شخص ما يقوم بالدعاء له في صلاته، حتى لا يتمكن إبليس من ملئ قلبه بالوساوس.
اقرأ أيضًا: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وأحاديث عن حسن الخلق
2ـ الأفعال السيئة لِمن يُسيء الظن
إن النفس تقنع صاحبها بانه ليس أقل من الآخرين، فإذا كان الشخص يسرق الأموال، يقول إن جميع الناس سارقون وإذا لم أسرق فسوف يتم سرقتي، وتقول الفتاة التي تفعل الفواحش، أن جميع البنات يفعلن الفواحش في الخفاء فتظن بالكثير من الفتيات السوء، فقد قال المتنبي:
(إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ)
3ـ الفطنة الزائدة
بعض الأشخاص يعتقدون أن عليهم أخذ الحرص من الجميع، ولا يجب إعطاء الأمان إلى غيره من الأشخاص، بل ويعتقدون أن هذا ذكاء شديد وخبرة منهم، فيتحول الأمر على صورة من المكر، بل يمتلئ قلبهم بالخبث مع الوقت، فلا يعرفون للراحة ولا الاطمئنان سبيل.
إن حسن الظن بالناس له الكثير من الفضائل على القلب، فيتغلغل في القلب شعور من الود والمحبة والرحمة بالآخرين، ويصبح الشخص مع الوقت تقي نقي لا يعرف حقدًا ولا حسدًا.