حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق
حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق، وهذه الحالة هي أن الزوج والزوجة يعيشان تحت سقف واحد ولكن كل منهما في واد غير الآخر، ويحدث ذلك نتيجة أسباب عدة، فهل هذا الأمر جائز دينيًا؟ وكيف يمكن أن يصل الأمر إلى الانفصال دون طلاق؟
هذا ما سنجيب عنه من خلال موقع زيادة، حتى يتسنى لنا التعرف على حكم شرع الله في الانفصال بدون أن يتم الطلاق.
حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق
خلق الله الإنسان وشرع له الزواج وجعله ميثاقًا غليظًا يبنى على أفضل السمات، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم الآية رقم 21.
حيث أمر الله الزوج بعدة أوامر وجعلها حقوقًا عليه تجاه زوجته وكذلك الأمر في المرأة، حيث جعل لها من الحقوق والواجبات ما يضمن لها حياة زوجية كريمة في ظل شرع الله عز وجل وأوامره.
كما شرع في محكم تنزيله الطلاق في حال عدم توافق الزوجين، وعدم وجود القدرة في استئناف المعيشة الزوجية، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:
(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة البقرة الآية رقم 229.
فلم يرد في ديننا الانفصال، فإما زواج شرعي يحتوي على المعاملة الأسرية الكريمة، والعلاقة الزوجية التي تعف كلا الزوجين، أو طلاق بذهاب كل منهما إلى طريقه ليبدأ حياته دون الآخر، وعليه فإنه لا يجوز شرعًا الانفصال دون الطلاق.
اقؤرأ أيضًا: ما حكم الطلاق ثلاثة في حالة الغضب
ما هو الانفصال؟
فيما سبق تعرفنا بشكل مجمل على الانفصال علاوة على حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق، لذا دعونا نسلط الضوء على ذلك المصطلح الدارج بين الأزواج ونشاهده عن كثب لنتعرف على كافة تفاصيله من خلال ما يلي.
الانفصال الجسماني بين الأزواج
تزداد المشكلات وتتفاقم دون وجود حل مما يؤدي إلى التبلد العاطفي بين الزوجين، ولكنهما في تلك المرحلة لا يكونا قادرين على اتخاذ خطوة الطلاق، فيلجآن إلى الانفصال الجسدي، وهو أن يهجر المرء فراش زوجته، أو تهجر الزوجة زوجها فلا يتم الجماع بينهما.
فكيف للإنسان أن يحرم على نفسه ما أحل الله، فهذا لا يحتاج إلى سماع حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق، فقد شرع الله الهجر في حالة تأديب الزوجة بعد العظة، ولكن ذلك لا يستمر لمدة طويلة، فقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز:
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) سورة النساء الآية رقم 34.
ففي تلك الحالة أولى بالزوجة أن تطلب الطلاق، حتى لا تقع في الفواحش والعياذ بالله، كذلك على الرجل أن يفكر حينها مليًا في أمر تطليق زوجته، بدلًا من أن يقع فيما حرم الله، وعليه إعطاء زوجته كافة الحقوق التي شرعها الله لها في الطلاق.
اقرأ أيضًا: متى يكون الانفصال هو الحل للرجل
الانفصال في التعامل بين الأزواج
بعد التعرف على حكم منهجنا في انفصال الزوجين بدون طلاق، فإن الانفصال الجسماني محرم شرعًا كونه قد أخل بأحد فروض الزواج، إلا أنه في بعض الأحيان يلجأ الأزواج إلى الانفصال الحسي، وهو أن يتجنب الزوج التعامل مع زوجته فلا يتحدث معها.
كما أنها تقوم باتباع الأوامر التي فرضها الله عليها اتجاهه ولكنها لا تتحدث معه، ولا تجعله مسار حياتها، وفي آخر اليوم من الممكن أن يقيما العلاقة الزوجية بشكل روتيني حتى لا يقعا في إثم الهجران، والذي رأينا عدم جوازه من خلال طرحنا لحكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق.
في هذه الحالة حري بكلا الزوجين أن يسعيا إلى الإصلاح في حياتهما الزوجية، ومحاولة معالجة الخلل، امتثالًا لقول الله تعالى عز وجل:
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) سورة النساء الآية رقم 128.
معالجة المشكلات للحد من الانفصال
إذا كان أمر الانفصال في أوله، حينها يمكن تدارك المشكلات من خلال حلها، حتى لا يتورط الزوجين في معصية الله عز وجل، فقد رأينا من خلال حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق أنه أمر منبوذ، ولا يحل للمسلم العمل به، لذلك يمكنه اللجوء إلى حل مشكلاته من خلال ما يلي:
- معالجة المشكلات المادية، وأن يعرف الرجل أنه المسئول أمام الله بمصروفات زوجته وأولاده، فهي من أهم الأسباب التي تسبب المشاحنات بين الأزواج.
- الابتعاد عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي لما تبثه من طاقة سلبية وسرقة للوقت الذي من الممكن أن يقضيه الزوجين في المناقشات التي تقرب بينهما.
- تنازل أحد الأطراف قد يجدي نفعًا في حل بعض المشكلات، على ألا يجور أحدهما على حق الآخر.
- توفير مناخ هادئ في المنزل من شأنه أن يحل العديد من المشكلات، فإن صياح الزوجة، وصوت الزوج العالي من شأنهما أن يهدما فقط.
- اختيار الوقت المناسب لحل المشكلات يعتبر قطع نصف المشوار لتجنب تفاقم الأمر.
اقرأ أيضًا: متى يكون الانفصال هو الحل
أسباب لجوء المرأة إلى الانفصال وليس الطلاق
بعد أن تعرفنا على حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق، كما تناولنا تفصيليًا ما هو الانفصال، علينا أن نعرف أن هناك الكثير من السيدات التي تكابد العديد من المشكلات والتي لم تستطع حلها بالطرق السابق ذكرها في تلك الحالة أحل الله لها أن تطلب الطلاق.
لكنها أثرت الانفصال على ذلك، رجوعًا إلى الأسباب الآتية:
- إن الوضع المادي لأهل الزوجة لا يسمح برجوعها إليهم خاصة إذا كانت لديها أولاد، مع تعنت الزوج في الإنفاق عليهم، تجد أن أمر الطلاق أصبح مأساويًا.
- وجود الأولاد المتعلقين بكلا الأبوين، ورغبتهما في العيش السوي في ظل وجودهما، على الرغم من أن ذلك في بعض الأحيان قد يأتي بالنتائج المعكوسة، حيث إنه لا حب ولا مشاعر دافئة في ذلك المنزل بين الزوجين.
- الضغط المتشكل من أهل الزوجة بقولهم تقبلي العيش من أجل أبنائك، غاضين النظر عن تعاسة ابنتهم ومعاناتها في تلك الزيجة الفاشلة، والتي دفنت حقوقها، وخرجت عن إطار الشرع في ظل الانفصال الزوجي.
- عادات المجتمع التي تنظر إلى المرأة المطلقة، وكأنها عار، مما يجعل الزوجة تخشى من حمل ذلك اللقب، حتى وإن جاءت على نفسها ومتطلباتها الجسدية والمعنوية.
على الزوجين أن يفكر مليًا فيما يدور بينهما في المنزل، فإما حياة زوجية سعيدة أو لا مفر من شرع الله، وذلك بعد أن رأينا حكم التشريعات الإسلامية في انفصال الأزواج بدون طلاق.