ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا

ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا؟ وما هي الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على هذا الحكم؟ وهل يوجد عليه كفارة؟ وما حكم ما قد سبق؟ سنجيب على الأسئلة السابقة، ونذكر أهم آراء علماء الدين، وفتواهم حول الاستمناء في نهار رمضان، وأهم الأحكام الشرعية من خلال موقع زيادة، وذلك في السطور المقبلة.

ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا

فرض الله سبحانه وتعالى على عباده فريضة الصيام، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)”.

تلك الفريضة العظيمة يتم أدائها في شهر واحد في العام هو شهر رمضان، قال تعالى:

“أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)”.

إن هذه الأيام المعدودات التي يصوم فيها المسلمون جميعًا أجزل الله سبحانه وتعالى الثواب، ورغّب الله سبحانه وتعالى ورسوله على أداء فريضة الصوم، والحصول على الثواب العظيم من الصيام.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ” رواه مسلم.

فالصوم يتميز عن بقية الفرائض أنه سر بين العبد وربه الله وحده الذي يعلم إتمام عبده للفريضة على الوجه الذي يرضيه أم لم يفعل، ويظهر من الحديث السابق أنه الصوم يكون عن الطعام والشراب والشهوة، حيث جاء فيه: “يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي”.

نبين فيما يلي رد علماء الفتوى على السؤال الذي جاء فيه: ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، والأدلة الشرعية التي استدلوا بها في فتواهم للرد على هذا السؤال.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: مقدار زكاة الفطر في الإمارات

فتوى دار الإفتاء المصرية

جاء رد علماء الأزهر الشريف في دار الإفتاء المصرية على سؤال يشبه ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، وكان السؤال نصه: ما حكم ممارسة العادة السرية (الاستمناء) أثناء الصيام.

رد فضيلة الشيخ محمد خاطر، وهو مفتي الجمهورية الأسبق رحمه الله وغفر له، وقال في فتواه: “المقرر في فقه الحنفية أن الاستمناء بالكف لا يفسد الصوم إذا لم يحدث إنزال للمني، وإذا حدث الإنزال بعد ذلك فسد الصوم ووجب عليه القضاء فقط”.

من الفتوى السابقة يتضح الحكم في فقه الحنفية كما أفتى الشيخ رحمه الله أنه من استمنى متعمدًا ولم ينزل منيًا لم يفسد صومه، ولا يجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه ولم ينزل مني.

أما إذا استمنى المسلم متعمدًا أثناء الصوم وأنزل منيًا فسد صومه، ووجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه بعد انتهاء شهر رمضان، والله أعلم.

جاء في أقوال علماء الأزهر أثابهم الله ووفقهم إلى ما يحب ويرضى نصيحة لجميع المسلمين لمن ابتلي بهذه العادة من أن يستعين بالله، ويدعو الله أن يتوب عليه ويعزم على التوبة، ويكثر من الاستغفار، ويسأل الله أن يعفّه ويرزقه الزواج الصالح.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم الاستحمام مع الزوجة

آراء علماء الدين من السلف الصالح

إن صيام رمضان من الأركان الخمسة في الإسلام ، جاء في قوله تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” [البقرة: 185].

كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ، وحَجِّ البَيتِ”.

اتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة على أن من تعمّد ترك صوم يوم واحد من شهر رمضان كسلًا فقد أتى كبيرة من الكبائر، ووجب عليه القضاء والتوبة؛ لأنه فرّط في أداء أحد أركان الإسلام .

نقل هذا الإجماع الكاسانيُّ في (بدائع الصنائع 2/75)، وقال عنه: “وأمَّا الإجماع، فإنَّ الأمَّةَ أجمعت على فرضِيَّةِ شَهرِ رَمَضان، لا يجحَدُها إلَّا كافِرٌ”، وهو ما عليه كثير من أهل العلم الشرعي فيما يخص ترك الفرائض جحودًا وإنكارًا، والله أعلم.

كما بين العلماء من السلف الصالح أن من تعمد ترك صوم يوم واحد من شهر رمضان جحودًا منه للفريضة فهو كافر، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو كانت نشأته في معزل عن المسلمين، أو لم يعلم بالوجوب، فلا يكفر، والله أعلم.

كذلك أجمع جمهور علماء الدين على أن الصيام فريضة، وهو مما لا خلاف فيه، وجمهور العلماء أفتوا أن من أكل أو شرب أو أنزل منيًا متعمدًا فسد صومه، ووجب عليه قضاء الصيام بعد شهر رمضان والتوبة إلى الله.

لكن خالف الجمهور فيما يخص الرد على ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، فقد ذهب بعض أهل العلم من الحنفية كأبي بكر بن الإسكاف وأبي القاسم، ووافقهم من أهل العلم الشرعي ابن حزم والشيخ الألباني إلى أن تعمد الاستمناء لا يفسد الصوم.

نزول المني دون تعمّد يوجب الغسل ولا يفسد الصيام؛ لأنه مما لا طاقة للإنسان على تجنبه أو كفّه، والله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ الناس على ما لا طاقة لهم به، قال تعالى في سورة البقرة: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ…”.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم سجود السهو في الصلاة

هل تجب الكفارة على من استمنى في نهار رمضان

اختلفت آراء العلماء وتعددت فيمن تعمد الاستمناء وأنزل هل تجب عليه الكفارة مع القضاء أو يكفيه القضاء، ونبين آراءهم حول الرد على هذا السؤال فيما يلي:

  • أكثر علماء الدين يرون أنه يكفيه القضاء بعد رمضان دون وجوب كفارة عليه مع ضرورة التوبة إلى الله والاستغفار وعدم التهاون بما فعل، والشعور بتعظيم الإثم حتى لا يكرره مرة أخرى.
  • الدليل على عدم وجوب الكفارة في قول علماء الدين في الرد على ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، وهل تجب الكفارة أم لا، أن الكفارة تجب بالدليل القاطع، والدليل على الكفارة تكون على من تعمّد الجماع في وقت صيامه لأيام شهر رمضان، وهي كما جاء في الحديث الآتي:
  • عن ابي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للواقعِ على أهلِه أي جامع امرأته: “هل تجِدُ رقبةً تُعتِقُها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيعُ أن تصومَ شهرَيْن متتابعَيْن؟ قال: لا ، قال: فهل تجِدُ إطعامَ ستِّين مسكينًا؟ قال: لا.”، وذكر سائرَ الحديثِ.
  • كذلك بينوا انه لا يقيس على هذا الحكم غيره؛ لأن الجماع أغلظ من الاستمناء، كما لا تجب الكفارة على المسلم إلا بالدليل القطعي من القرآن والسنة، والله أعلم.
  • إن من المشهور عند اهل العلم أن الكفارة تختص بمن جامع إمرته في صيام رمضان، أما من أكل أو شرب متعمدًا فعليه القضاء والتوبة والاستغفار، والاستمناء عمدًا يشبه الأكل والشرب عمدًا عند كثير من أهل العلم.
  • خالف هذا الرأي علماء المالكية؛ لأن عندهم وجوب الكفارة على من تعمّد إفساد صومه، وكما يتضح أن الأمر في ذلك الأمر واسع في عدم وجود دليل ثابت.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل الأغاني حرام

ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا ولم يكن يعلم بالحكم

أفتى علماء الدين من (مجموع فتاوى ابن باز) في الرد عن مجموعة من الأسئلة التي تحمل معنى ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، ولم يكن يعلم بالحكم، أنه يتوب ويستغفر الله عن ذلك، وما دام أنه كان يجهل الحكم بفساد صومه، فلا شيء عليه، والله أعلم.

اعتمد العلماء في هذا الرأي على القياس بمن أكل وشرب ناسيًا أو لم يكن يعلم بأن الشرب والأكل من مفطرات الصيام لحداثة عهده بالإسلام أو نشأته بين ناس يجهلون أحكام الإسلام.

نجد ذلك في قول البدر الزركشي في (المنثور في القواعد): “لو أكل أو شرب جاهلاً بالتحريم وكان يجهل مثل ذلك لم يفطر وإلا أفطر“، كما جاء في (الموسوعة الفقهية) قول الشافعية: “لو جهل تحريم الطعام أو الوطء بأن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ بعيداً عن العلماء لم يفطر”.

مما سبق نكون قد بينّا آراء العلماء في الرد على السؤال الذي يقول: ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدًا، وفيما يلي نلخص آراء علماء الدين والطب في الاستمناء والإفراط فيه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الصيام على جنابه في غير رمضان

آراء علماء الدين والطب في الاستمناء (العادة السرية)

بين علماء الدين، ووضحوا حكم الاستمناء، وفصّلوا الحديث فيما يخص الاستمناء في شهر رمضان لأنه كما بيّنّا من خلال فتواهم المتعددة يؤدي إلى فساد الصوم، ولكن الاستمناء له مضار أخرى يجب التنبيه عليها، وذكر أقوال العلماء فيما يخصها، ونلخص أهم ما ورد في أحكام الفقه عن الاستمناء فيما يلي:

  • الاستمناء لا يجوز في رمضان، ولا غير رمضان، والدليل من القرآن في قول الله تعالى في سورة المؤمنون:

    “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)”،

    والعادون هم المعتدون لحدود الله المجاوزون لها، والله أعلم.

  • ورد في تفسير بن كثير عن هذه الآيات:

    “استدل الإمام الشافعي ، رحمه الله، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة ( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) قال : فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ، وقد قال: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).

  • إن الاستمناء مع الإنزال يجب الغسل أو تعميم الجسم بالماء، سواء كان نزول المني تعمّدًا أو غير ذلك؛ لأن نزول المني من موجبات الاغتسال، ونقض الطهارة، والاقتصار على الوضوء لا فائدة منه دون الاغتسال.
  • أثبت علماء الطب أن الاستمناء يضر البدن بل ويؤثر في الصحة النفسية تأثيرًا كبيرًا وليس في الصحة البدنية وحسب، كما أن الإفراط في الاستمناء يؤدي إلى إدمان تلك العادة السيئة.
  • من الأمراض التي تسببها العادة السرية: الإصابة بالقروح والتورمات واحتقان المجاري التناسلية، وزيادة أعراض القلق والاكتئاب، وفقدان التركيز، كما أن الإفراط فيها يسبب الضعف العام في الأنشطة الحيوية للجسم.
  • إن الإسلام وضع حدًا لشهوة المسلم بالزواج، وعلى غير القادر أن يعمد إلى الصيام ، فعن عبد الله بن مسعود قال:

    كنا مع رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم شبًابًا ليس لنا شيء فقال: يا معشر الشبًاب من استطاع منكم البًاءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بًالصوم فإن الصوم له وجاء”.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.