حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت

حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت لإطالة الشعر أو تعويض قصر الشعر من الأحكام التي اختلف فيها الفقهاء بشكل كبير، رغم وجود نصوص في السنة النبوية الصحيحة، إلا أن الاختلاف كان بسبب فهم المفسرين لتك النصوص.

كما فسر بعض الفقهاء نوعية هذا الشعر إذا كان طبيعي أم صناعي…، في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول أقوال الفقهاء في حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت ببعض من التفصيل.

حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت

حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت

أختلف الفقهاء القدماء والمحدثون في حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت، منهم من قال إنه محرم على الإطلاق ومنهم من قال بجواز الشعر الموصول إذا كان غير آدمي ومن مصدر غير نجس، ومنهم من حدد هذا التصريح بأن يكون وصل الشعر للزوج فقط، وفيما يلي سنتناول تفصيل كل رأي

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم تركيب الرموش؟ وحكم الرموش الصناعية والدائمة

الرأي الأول القائل بتحريم وصل الشعر كليتًا

يرى أصحاب هذا الرأي أن حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت هو التحريم، وأشهر من قال بذلك:

الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله قال: “الشَّعرُ الاصطناعيُّ المسمَّى (الباروكة) لا يجوزُ لُبسُه، سواء كان اللَّابِسُ له رجلًا أم امرأةً” (مجموع فتاوى ابن باز 29/95).

الإمام ابن عثيمين رحمه الله قال: “الباروكة محرمة وهي داخله في الوصل ، وإن لم تكن وصلاً فهي تظهر رأس المرأة على وجه أطول من حقيقته فتشبه الوصل وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة ، لكن إن لم يكن على رأس المرأة شعر أصلًا أو كانت قرعاء فلا حرج من استعمال الباروكة ليستر هذا العيب لإن إزالة العيوب جائزة ، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه في إحدى الغزوات أن يتخذ أنفاً من ذهب فالمسألة أوسع من ذلك ، فتدخل فيها مسائل التجميل وعملياته، فما كان لإزالة عيب فلا بأس به مثل أن يكون في أنفه اعوجاج فيعدله أو إزالة بقعة سوداء مثلاً فهذا لا بأس به ، أما إن كان لغير إزالة عيب كالوشم والنمص مثلاً فهذا هو الممنوع”

على هذا فهو قد أفتى بتحريمها إلا أن تكون لإزالة عيب، كأن تكون المرأة بلا شعر فهذا لا بأس به، ورد هذا في (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 11/137).

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء قالو: “لا يجوزُ للرجُلِ أن يَلبَسَ الشَّعرَ المُسمَّى بالباروكة؛ للزِّينةِ، كما لا يجوزُ ذلك للمرأةِ” (فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة -المجموعة الأولى- 5/207).

أدلة الرأي الأول

يستدل أصحاب الرأي الأول الذين يرون أن حكم تركيب الشعر الصناعي هو التحريم بعدة أسانيد من السنة الصحيحة وهي:

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تركيب وصلات الشعر الدائمة باللصق والكلبسات

الدليل الأول

الحديث الذي رواه معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “زجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تَصِلَ المرأةُ برَأسِها شَيئًا” (صحيح مسلم 2126)

وجه الدلالة في هذا الشاهد أن كلمة شيء كلمة عامة تشمل الشعر وغيره فلم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك ما قاله الإمام ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب (2/582).

الدليل الثاني

أن معاوية قد قدم إلى المدينة وخطب في الناس وكان ممسك بخصلة من الشعر،

وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك وقال: “ إنَّما هلَكَت بنو إسرائيلَ حين اتَّخَذَ هذه نِساؤُهم” (أخرَجَه البُخاريُّ 5932)،

وهذا يدل على أن الذي كان موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد خصلات من الشعر يتم تطويل بها الشعر الأصلي أو زيادة كثافته.

فالباروكة مثلها محرمة لأنها أشد منها في الفتنة والتدليس وبهذا قال الإمام ابن باز في (مجموع فتاوى ابن باز 10/56).

الدليل الثالث

حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم الأول عن السيدة أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنها وعن أبيها، أنها قالت: “جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي ابنةً عُرَيِّسًا أصابَتْها حَصْبةٌ فتمَرَّقَ شَعرُها، أفأَصِلُه؟ فقال: لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ” (أخرَجَه البُخاريُّ 5941).

الحديث الثاني عن السيدة عائشةَ أم المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها أنها قالت: “أنَّ جاريةً مِن الأنصارِ تزوَّجَت، وأنَّها مَرِضَت فتمَعَّطَ شَعرُها فأرادوا أن يَصِلوها، فسألوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ” (أخرَجَه البُخاريُّ 5934)

فتمَعَّطَ: بمعنى أنه تساقط

هذا الشاهد يدل على أنه إذا كان الشعر المستعار ما يصل الشعر القديم ويجعله أطول أو يكثر (يجعله كثيف) فهو حرام تسحق عليه المرأة التي قامت بتلك اللعنة، لما في ذلك من تدليس وزور.

كما أنه من باب أولى أن اتخاذ شعر للرأس كاملة أكبر في الزور والتدليس والخداع، وهذا ما قال به الإمام ابن باز في (مجموع فتاوى ابن باز 10/57).

كما أن الفقهاء قالوا إنه لا يصح العسل والتطهر من الجنابة بوجود هذا الشعر لأنه يمنع وصول الماء إلى الجذور.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: تجربتي مع الاملج للشعر وطريقة استخدامه لجابر القحطاني وهل يخشن الشعر؟

الرأي الثاني القائل بإن وصل الشعر الصناعي حلال

قال أصحاب هذا الرأي أن حكم تركيب الشعر الصناعي لإطالة الشعر حلال بشروط، إلا أنهم لم يقولوا حكم توصيل الشعر حلال عن العموم، بل قاموا بالتفصيل بين الشعر الحقيقي من إنسان أو شعر من حيوان أو الشعر الصناعي، وكان التفصيل على النحو التالي:

حكم التوصيل بالشعر الآدمي

الشعر الآدمي هو الشعر الحقيقي المأخوذ من إنسان آخر، فقد أمتنع الفقهاء المحدثون عن الحديث فيه وأكتفوا بالتصديق على أقوال جمهور الفقهاء القدماء الأربع، والحكم كان بأنه حرامٌ على كل أقوال الفقهاء الأربعة مع الاستشهاد بأدلة الرأي الأول في حكم التحريم العام، وورد ذلك عند:

  • الحنفية في ” الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين” (6/372).
  • المالكية في “التاج والإكليل للموَّاق” (1/210).
  • الشافعية في “فتح العزيز بشرح الوجيز للرافعي (4/29).
  • الحنابلة في “شرح منتهى الإرادات للبُهُوتي (1/46).

قال بذلك من المحدثين أيضًا المركز الرسمي للإفتاء التابع للهيئة العامة للشئون الإسلامية في الفتوى رقم 59

حكم التوصيل بشعر الحيوان

الفقهاء الذين أباحوا توصيل الشعر بشعر غير آدمي قد حرموا توصيل الشعر بشعر حيوان نجس، لأن في ذلك نجاسة للمرأة، والشعر النجس المقصود به هو الشعر المأخوذ من حيوان ميت أو حيوان لا يؤكل لحمه.

أما إذا كان الشعر طاهر فلا حرج عليها في لبسه لإزالة عيب أو التجمل لزوجها دون وصله (فقط بوضعه على الرأس مثل الباروكة)

حكم التوصيل بشعر صناعي

يرى الكثير من العلماء أن الشعر الصناعي لا بأس بأن تستخدمه المتزوجة في التزين لزوجها وفي ذلك قال ابن قدامة في كتابه “المغني من مستودعات الفقه الحنبلي: “ والظاهر أن المحرم إنما هو وصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس، واستعمال الشعر المختلف في نجاسته، وغير ذلك لا يحرم لعدم هذه المعاني فيه وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة”

رأي دار الإفتاء الأردنية في حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت

بهذا الرأي أيضًا أفتت دار الإفتاء الأردنية في الفتوى رقم 1289 قالوا في الرد على سؤال “هل يجوز وصل الشعر لفترة مؤقتة؟” فقالوا إنه يحرم وصل الشعر بشعر بشري (سواء كان للرجل أو للمرأة) لكن إذا كان الوصل لشعر غير آدمي فيجوز للمتزوجة من باب التجمل لزوجها، بالطبع بإذن زوجها ولا يراها الأجانب.

رأي دار الإفتاء المصرية في حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت

قال فضيلة الدكتور عمرو الورداني في إجابة هذا السؤال عبر فيديو تم بثه على موقع دار الإفتاء المصرية أنه يجوز أن تصل المرأة شعرها لكي تتجمل أمام زوجها ويجب عليها أن تظهر أمامه بأجمل شكل، فإذا كان الزوج يعلم طول الشعر الحقيقي لا يضر ذلك، وكرر أنه يجوز للمرأة أن تفعل ذلك.

حكم الوصل بالشرائط القماش

أجتمع جمهور الفقهاء الأربعة على جواز وصل الشعر بالخرق وخيوط الحرير وغيرها من زينة النساء وقال بذلك المالكية والحنابلة والليث بن سعد…
ذلك لأن ليس وصل للشعر ولا هو المعنى المعروف للوصل في الاصطلاح، كما أنه من التجميل الذي لا يغير من خلق الله ولا يمكن التدليس به لظهوره

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: متى تثبت البصيلات بعد زراعة الشعر وما هي تكلفة زراعة الشعر

حكم زراعة الشعر

اجتمع الفقهاء على جواز زراعة الشعر لأن ذلك ليس من تغير خلق الله وإنما رد الشيء لأصله ورد ما نقص وإزالة العيب، وهذا ما قال به الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى عندما سأله أحدهم على حكم زراعة الشعر بالنسبة للرجل الأصلع بأخذ شعر من خلف الرأس، قال:

“نعم ، يجوز ؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله عز وجل ، ومن باب إزالة العيب ، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل ، فلا يكون من باب تغيير خلق الله ، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب ، ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره فمسحه الملك فردَّ الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً” ( فتاوى علماء البلد الحرام صفحة رقم  1185).

بذلك نكون قد نقلنا لكم كافة أقوال الفقهاء القدماء والمحدثون حول حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت والفريقين الذين انقسموا إليه وأدلة كل فريق، ورأي كلٍ من دار الإفتاء الأردنية ودار الإفتاء المصرية، نرجو أن نكون قد وفقنا الله في توصيل المعلومة.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.