حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا

حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا من الأحكام المتعلقة بالأشهر الحُرم، والتي ترتبط بعدد من الأحكام والأسئلة المختلفة حول هذا اليوم المميز، فما هو حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا؟ وما هو ثوابه؟

لكل تلك التساؤلات أجوبة مفصلة نعرضها بالأسانيد الصحيحة عبر موقع زيادة؛ وذلك ليحصل القارئ على الإفادة الكاملة من جميع المعلومات الخاصة بيوم عاشوراء.

حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا

حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا

يتساءل بعض الناس عن مدى جواز حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، فقد تعددت آراء الفقهاء وعلماء الدين بكافة المذاهب بين حنفية، ومالكية، وحنابلة حول إجازة صيام يوم عاشوراء منفردًا.

أجمع أغلب الفقهاء على إباحة حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، إن لم يستطع الشخص صيام يوم تاسوعاء الذي يسبقه واليوم الذي يلحقه لمرض أو سفر، فإن لم تتواجد تلك الأسباب فعليه بصيام عاشوراء وما قبله واليوم الذي يلحقه.

المذهب الحنفي وصيام عاشوراء منفردًا

ذهبت الحنفية إلى أن إفراد حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا مكروه كراهة تنزيه؛ وقد جاءوا بذلك في كتاب “مراقي الفلاح” في شرح نور الإيضاح” للطحطاوي صفحة رقم 640.

أما بالنسبة إلى القسم السادس وهو المكروه، حيث إنه نوعان الأول مكروه تنزيهًا ومكروه تحريمًا، والثاني الذي كُره تنزيهًا كصوم يوم عاشوراء منفردًا عن التاسع أو اليوم الحادي عشر.

ما هو يوم عاشوراء؟

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم في العام الهجري عند المسلمين، وصيامه من السنن الفعلية عند المسلمين؛ فلهذا اليوم مكانة جليلة وقدسية خاصة عند جميع أهل الكتاب.

يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجى الله فيه نبيه موسى عليه السلام مع قومه من بني إسرائيل من الغرق، ونصره على فرعون وجنوده بشقه للبحر وعبورهم؛ لتكون تلك المعجزة وهذا اليوم المبارك عبرة لمن خلفهم.

فبقوله تعالى عن هذا اليوم وتلك المعجزة (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ) سورة البقرة، الآية رقم 50.

كما يصادف تاريخ العاشر من شهر محرم تاريخ مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، في معركة كربلاء في العام الحادي والستين من الهجرة، ولهذا يعتبره أصحاب المذهب الشيعي يوم عزاء وحزن شديد.

اقرأ أيضًا: حكم صيام يوم عاشوراء

يوم عاشوراء عند الجاهلية

كانت قبيلة قريش تحتفل في يوم عاشوراء ويعيدون على بعضهم، كما كانوا يجددون كسوة الكعبة، وبرروا سبب صيام يوم عاشوراء والاحتفال به أنهم قد أذنبوا ذنبًا كبيرا، وقد عظم شأنه في نفوسهم.

لذا أرادوا التكفير والرجوع عن ذنبهم فعزموا صيام يوم عاشوراء، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:

كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ، في الجَاهِلِيَّةِ وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لا يَصُومُهُ” صحيح البخاري.

اليهود ويوم عاشوراء

في الحديث عن حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، من الضروري ذكر أن لهذا اليوم المبارك قدسية خاصة عند اليهود منذ القدم حتى وقتنا هذا.

فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “كانَ أَهْلُ خَيْبَرَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ، يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فيه حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَصُومُوهُ أَنْتُمْ” رواه مسلم.

يعد حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا عند اليهود من الأيام الأكثر قدسية، لأنهم يعتقدون أن هذا اليوم هو اليوم الذي بدأت فيه الخليقة.

كما أنه اليوم العاشر من شهر “تشري” العبري، ويطلقون عليه يوم عاشور أو “كيبور” بمعنى يوم الكفارة، مدعين أنه لم يُفرَض عليهم أي صيام إلا صيام هذا اليوم.

أما بالنسبة إلى الأيام الأخرى التي يصومونها فيرون أن صيامهم لها ما هو إلا نافلة، يقومون بها زاعمين ومتظاهرين بالتقوى والتدين.

صيام يوم عاشوراء عند اليهود يبدأ قبل غروب الشمس بحوالي ربع ساعة، ويستمر حتى ما بعد غروب شمس اليوم التالي بحوالي ربع ساعة، فهو لا يزيد بأي حال عن خمس وعشرين ساعة متتالية من الصيام.

متى فرض صيام يوم عاشوراء؟

عند الحديث عن حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا علينا أن نعرف متى تم بدأت تلك السنة الشريفة على المسلمين، والتي اصبحت إحدى العلامات البارزة في الدين الإسلامي.

بدأ الرسول صيام هذا اليوم عندما وصل المدينة، وقد وجد يهود يثرب يحتفلون في هذا اليوم وهم صائمون، فسأل وقال ما هذا فرد اليهود على النبي قائلين بأن هذا يوم مبارك، نجى الله فيه موسى وبنو إسرائيل من فرعون وجنوده.

فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: “أنا أحق بموسى منكم”، فصامه الرسول الكريم وأمر المسلمين بصيامه في كل عام“.

فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: “أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا مِن أسْلَمَ: أنْ أذِّنْ في النَّاسِ: أنَّ مَن كانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فإنَّ اليومَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ“، رواه الإمام البخاري.

كما أن عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في يَومِ عَاشُورَاءَ: “إنَّ هذا يَوْمٌ كانَ يَصُومُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، فمَن أَحَبَّ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَن أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ“.

فكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه لا يصومه إلى أن يوافق صيامه، صحيح مسلم.

اقرأ أيضًا: ما هو يوم عاشوراء

مراتب صيام يوم عاشوراء

في ظل الحديث حول ما حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، يجب أن نتطرق بالحديث إلى مراتب صيام عاشوراء، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فَإِذَا كانَ العَامُ المُقْبِلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا اليومَ التَّاسِعَ قالَ: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ، حتَّى تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ” برواية مسلم، وذلك يدل على أهمية صيام هذا اليوم.

كما قال ابن القيم الجوزية رحمه الله بكتابه “زاد المعاد ” عن فضل صيام يوم عاشوراء:

مراتب صوم عاشوراء ثلاثة، أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، وأما إفراد التاسع، فمن نقص ‏فهم الآثار وعدم تتبع ألفاظها وطرقها وهو بعيد من اللغة والشرع“.

المصدر: لابن القيم الجوزية، وأيده بن حجر في ذكر هذه المراتب الثلاثة بكتابه فتح الباري.

بينما رد عنه الإمام أحمد في ‏المسند والبيهقي، عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صوموا يومَ عاشوراءَ، وخالفوا فيه اليهودَ، صوموا قبلَه يومًا، وبعدَه يومًا “.

بالإضافة إلى قول الإمام أحمد بن حنبل وبن خزيمة “صوموا يومَ عاشوراءَ، وخالِفوا فيه اليهودَ، صوموا قبلَه يومًا، أو بعدَه يومًا“.

ما فضل صيام يوم عاشوراء؟

استكمالًا للحديث في موضوع ما حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، يجب التنويه عن فضل صيام هذا اليوم المبارك وعن فضائله، فلصيام يوم عاشوراء المبارك الأفضال التالية:

  • يكفر الله عام سابق لعباده.
  • اتباع سنة مؤكدة من سنن الرسول وطاعته.
  • إذا لم يرتكب العبد أي ذنوب خلال العام السابق كٌتِبَت له حسنات في هذا اليوم.

نستدل على حكم وفضل صيام عاشوراء بحديث الرسول، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ” أخرجه مسلم وأبو داود.

كما قال الإمام النووي رحمه الله: “صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ… كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ… وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ“.

المجموع شرح المهذب صحيح مسلم.

صيام عاشوراء خيار أم إجبار؟

تضاربت بعض الآراء حول حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا، وكذلك تضاربت الآراء حول ما إن كان الفرد مجبرًا على صيامه أو لا.

لكن وجِدَت الإجابة بأحاديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وبعض الصحابة الآخرين عن لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها:

أنّ قريشًا كانت تصوم عاشوراء في الجاهليّة، ثمّ أمر رسول الله بصيامه، حتّى فرض رمضان، فقال رسول الله صل الله عليه وسلّم إنه من شاء فليصمه ومن شاء فليفطره” حديث عروة رواه مسلم.

كما قال معاوية ابن سفيان أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ ولَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وأَنَا صَائِمٌ، فمَن شَاءَ، فَلْيَصُمْ ومَن شَاءَ، فَلْيُفْطِرْ” أحدثه البخاري.

اقرأ أيضًا: دعاء يوم عاشوراء مكتوب

وجِدَت أحكام مختلفة حول صيام يوم عاشوراء، وهو ما زرع الشك في قلوب محبين اتباع سنن الرسول، لذلك يجب التحقق من حكم صيام هذا اليوم المبارك.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.