الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح
الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح كثيرة، حيث إن طريق الله تعالى بحاجة إلى العبد القوي النية، والإلمام بفضل العامل الصالح يهم المُسلم الحق.
فيكون راغب في المداومة عليه؛ للوصول إلى مكانة كبرى عند الله تعالى، لذا سوف نتطرق إلى عرض الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح من خلال موقع زيادة.
الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح
عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدْومُها وإن قَلَّ” [حديث صحيح الجامع].
طريق التقرب إلى الله تعالى يبدأ بالعمل الصالح، وأهم ما يجب على الإنسان معرفته أن المداومة على الأعمال الصالحة من أحب الأمور إلى الله ـ عز وجل ـ حتى وإن كانت صغيرة القيمة بالنسبة له، فلا هم أن يبدأ طريق التقرب إلى الله تعالى بالعمل الكبير.
الذي لا يقوى الإنسان على تكراره مرة أخرى سوى بعد شهور وأحيانًان سنين؛ لذا فسوف نتطرق إلى عرض الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح بشكل تفصيلي، حتى يتمكن المُحب لله ـ عز وجل ـ من الاستمرار في فعل الخير بشتى أنواعه، من خلال الإلمام بالتالي:
1ـ العزيمة والثبات
أولى الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح هو أن يعقد الإنسان النية والعزم على رغبته في المداومة والإكمال في طريق الخير المُراد، حيث إن العمل دون عزيمة ناقص، ومن كان لديه عزيمة قوية ولم يستطع أن يثبت عليها فهو ناقص.
أي أن العزيمة والثبات مكملان لبعضهما البعض، فلا عزيمة دون ثبات، وهو ما تعلمناه من رسولنا الكريم ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ في سيرته النبوية التي نقلت العديد من التعاليم الدنيوية والدينية، فقد كان يدعو بالعزيمة والثبات.
“اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد”
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الباقيات الصالحات
2ـ الاقتصاد في العبادة
أهم الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح هو أن يقتصد العبد في عبادته، أي يتهاون ولا يثقل على نفسه، بشكل لا يجعله مهمل أو بعيد، ولا يجعله مسفر على نفسه، فنفس الإنسان لا تطيق المشقة، وتلك من نصائح رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ التي نقلت على ألسنة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ” [حديث صحيح البخاري]، أي أنه على العبد اختيار العبادة والعمل الصالح القادر على إتمامه والاستمرار عليه، فدين الإسلام يسر لا عسر ومشقة.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ.” [حديث صحيح البخاري].
أوضح رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ سبب من الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح في هذا الحديث، حيث نصح بأن دين الإسلام دين يسر، وحث أن يختار العبد الأعمال برفق والتي يطيقها، بحيث يتمكن من الاستمرار عليه.
كما أشاد بأن من اشتد في الدين وتعمق فيما لا يطيقه من الأعمال لا يستطيع المداومة على العمل الصالح، فالتوسط في العبادة أمر يقوي النفس والعزيمة، كما بشر وأمر بالتفاؤل بأخذ الأجر كامل والثواب على العمل الصالح وإن قل.
3ـ التعرف على سير الصحابة والصالحين
قراءة الكتب ومعرفة قصص الصحابة وزهدهم في الدنيا، وتمكنهم من الاستمرار على العمل الصالح من ضمن الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح، حيث يحتذى الإنسان بالهمم والعزيمة، كما يتعلم من مكارم الأخلاق، فاقرأ كتب الصحابة أو استمع إلى قصصهم تظفر.
4ـ قراءة وتدبر القرآن الكريم
القرآن هو وسيلة الثبات والمداومة على العمل الصالح القوية، حيث إنه هو من يعلم الأمة حدود الله تعالى، وهو من أقوى المواثيق التي يُحتذى بها، ففيه زكى للنفوس، وعلو للهمم كما يقوي الإيمان في الأفئدة، ويعلم العبد بالتدبر قيمة العمل الصالح مما يمكنه من الاستمرار على القيام به.
كما يعلم الإنسان أهمية عدم البخل وعقابه، ويعلم جزائه الحسن من أعماله الصالحة، فيسعى لأن يحظى بتلك المكانة عند الله تعالى، فقد قال في كتابه الكريم: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [سورة المنافقون، الآية: 10 – 11].
5ـ التضرع لله وسؤاله الثبات والعزيمة
أهم ما قد يحمي الإنسان نفسه منه بعد القيام بالعمل الصالح، هو الدعاء إلى الله تعالى لأن يُبعد عنه شر نفسه قبل شر الدنيا، حيث قد يتملكه الغرور بفعله الأعمال الصالحة وهو ما يبعده عن طريق الله تعالى، لذا تضرع لله بأن يثبت عزيمتك، وألا تزل قدمك من على طريق الله بعد معرفته.
فق قال تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [سورة آل عمران، الآية: 8]، كما أن الدعاء من أرقى العبادات التي تقرب العبد من ربه، فتجعله قادر على المواظبة في طريقه، فقد كان رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ يدعو كذلك بالهداية والثبات.
عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام قال: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُكثِرُ أنْ يقولَ: يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلْبي على دِينِكَ وطاعَتِكَ، فقيل له: يا رسولَ اللهِ -قال عَفَّانُ: فقالَتْ له عائِشةُ-: إنَّكَ تُكثِرُ أنْ تقولَ: يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلْبي على دِينِكَ وطاعَتِكَ، قال: وما يُؤَمِّنِّي؟ وإنَّما قُلوبُ العِبادِ بَينَ إصْبَعَيِ الرَّحمنِ، إنَّه إذا أرادَ أنْ يَقلِبَ قَلبَ عَبدٍ قَلَبَه، قال عَفَّانُ: بَينَ إصْبَعَينِ مِن أصابِعِ اللهِ عزَّ وجلَّ.” [حديث صحيح المسند].
6ـ اختيار الصحبة الصالحة
لا يستطيع الإنسان أن يكمل في طريق وأمامه تشتيت أو مغريات عدة لطرق أخرى، ذلك ما يجعل من أهم الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح أن يصاحب العبد من يشابهه في حب الله، ويتشاركه الأعمال الصالحة ويحثّه على القيام بها.
حيث إن الإنسان إذا ما قام بالعمل الصالح وله صحبة صالحة يشجعونه عليها مما يزيد من عزيمته، كما أنه يشعر بالخجل من نفسه إذا ما رأى أحدهم يقوم بالعمل الصالح وهو متخاذل أو منقطع، فيقاوم نفسه ويستمر على العمل الصالح.
اقرأ أيضًا: موضوع إنشاء عن العمل الصالح
7ـ الابتعاد عن المعاصي
ارتكاب المعاصي بجانب القيام بالعمل الصالح من الأسباب التي تقلل من المداومة على العمل الصالح، حيث إن المعصية تجر المعصية، حتى يجد العبد نفسه خاسرًا للذة العمل الصالح، لذا إن كنت تبحث عن الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح، فابتعد عن المعاصي وحاول تحصين قلبك من ارتكابها.
8ـ كثرة الاستغفار
أهم الأسباب المعينة للعبد على المداومة على العمل الصالح، هو أن يكثر الإنسان من الاستغفار والتقرب إلى الله تعالى بتعطير اللسان بذكره، حيث إنه من الأذكار التي تقوي القلب، تزيد الإيمان وتبعد الإنسان عن غفلته.
9ـ المحافظة على النوافل
من ضمن الأسباب المعينة للعبد على المداومة على العمل الصالح هو أن يحاول الإنسان المحافظة على صلاة النوافل بعد صلوات الفرائض، حيث إنها من العبادات التي تحفظ القلوب وتحمي الشخص من التخاذل أو التكاسل على أداء الأعمال الصالحة.
10ـ تذكر الحياة الآخرة
أقوى الأسباب المعينة للإنسان للمداومة على العمل الصالح هو أن يتذكر الإنسان موته، وأنه سوف يقابل وجه الله تعالى في النهاية، ويسأله عن أعماله الصالحة التي قدمها طيلة حياته، مما يزيد من قابلية الشخص لأن يداوم على الأعمال الصالحة لوجه الله تعالى.
كما أن تذكر الموت وطبيعة الدنيا من الأمور التي تجعل الشخص يزهد فيها، ويحب أن يتقرب إلى الله أكثر، ليحفظ لنفسه مكانًا في جنات النعيم، جزاءً على أعماله الصالحة.
اقرأ أيضًا: اسم يطلق على صلاة النافلة
فضل المداومة على العمل الصالح
عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال “اجْتَمع حُذَيْفَةُ، وأَبُو مَسْعُودٍ، فقالَ حُذَيْفَةُ: رَجُلٌ لَقِيَ رَبَّهُ، فقالَ: ما عَمِلْتَ؟ قالَ: ما عَمِلْتُ مِنَ الخَيْرِ إلَّا أنِّي كُنْتُ رَجُلًا ذا مالٍ، فَكُنْتُ أُطالِبُ به النَّاسَ فَكُنْتُ أقْبَلُ المَيْسُورَ، وأَتَجاوَزُ عَنِ المَعْسُورِ، فقالَ: تَجاوَزُوا عن عَبْدِي. قالَ أبو مَسْعُودٍ: هَكَذا سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ.” [حديث صحيح مسلم].
من ضمن الأسباب المعينة للإنسان للمداومة على العمل الصالح هو أن يدرك العبد قيمتها وفضلها عند الله تعالى، فيتمكن من الاستمرارية عليها، لذا سوف نعرض لك فضل المداومة على العمل الصالح في السطور التالية:
- دوام التقرب إلى الله تعالى بالعمل الصالح يقوي القلب ويزداد تعلقه بالرحمن، وهو يجعله متوكلًا عليه في جميع أموره.
- المداومة على العمل الصالح من أسباب النجاة من الشدائد ومصائب الدنيا.
- العمل الصالح من وسائل محو الذنوب والتخلص من السيئات، حيث إن الحسنات تذهبن السيئات.
- المداومة على العمل الصالح يحفظ الإنسان من الوقوع في ارتكاب الذنوب.
- العمل الصالح سبب لتسهيل حساب الشخص يوم القيامة.
- إن انقطع العبد عن العمل الصالح المداوم القيام به، يكتب الله تعالى له أجره كاملًا، فعن أبو موسى الأشعري أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا” [حديث صحيح البخاري].
- المداومة على العمل الصالح تساعد في تقويم النفس، وترويضها حيث إن الإنسان بعدما يتلذذ بقرب الله تعالى يؤنبه ضميره على ابتعاده عنه أو ارتكابه الذنوب.
العمل الصالح من صفات عباد الله المتقين، والمداومة عليه تحتاج إلى العديد من الوسائل التي تقوي عزيمته وتمسكه به، لذا ادعُ الله باستمرار أن يرزقنا الثبات على طريقه وهداه.