فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم
فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم من الأمور المشهورة لدى العامة أنها ذات فائدة، ونجد البعض مِن مَن حولنا يخصصون نصف ساعة تقريبًا كل يوم لقراءة سورة البقرة، فما قول الفقهاء فذلك العمل وهل هو وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا ما سنتناوله في هذا الموضوع على موقع زيادة.
فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم
لأهمية موضوع انتشار فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم بين العامة قد تحدث الفقهاء فيه مطولًا إلا أن لم يقف أحد منهم على دليل شرعي عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح في فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم.
كما قال بعض الفقهاء المحدثون أن تخصيص أي سورة من القرآن بفضل مرتبط بعدد معين بالقرآت وتخصيص لها حاجة معينة تحققها هو درب من الابتداع في الدين.
ذكر ذلك الأمر الدكتور بكر أبو زيد في كتابه (بدع القراء القديمة والمعاصرة) فقال: “…من البدع التخصيص بلا دليل بقراءة آية، أو سورة في زمان، أو مكان، أو لحاجة من الحاجات”
لكن هذا لا ينفي بالطبع الفضل العظيم لسورة البقرة وقراءتها، النفي فقط في تخصيص زمان وعدد ومكان لقراءتها أو تخصيص حاجات تحققها تلك القراءة، خاصة أن تلك الفتاوى لا تؤخذ بالرأي ولا بالتجربة لا بد لها من سند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكمن أن نقول فها فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم أبدًا.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: علامات الشفاء بعد قراءة سورة البقرة و 4 خطوات للتخلص من الحسد
في فضل سورة البقرة
ورد عدد كبير من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سورة البقرة نحو:
سورة البقرة تطرد الشياطين من البيت
عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ” (صحيح مسلم 780)
في هذا الحديث الشريف يشبه النبي البيوت التي يقرأ بها القرآن عامة مثل المقابر التي ليس فيها أي أحياء، وهذا تشبيه ضمني بان قراءة القرآن هي التي تحيي الإنسان.
أردف الرسول صلى الله عليه وسلم بتفصيل بعد إجمال أن سورة البقرة تطرد الشيطان وتجعله يكره البيت الذي تُقرا فيه، وهذا فضل عظيم لها.
سورة البقرة وآل عمران هما الزهروان
عن أبو أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام قال:
“اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. ” (صحيح مسلم 804)
أردف المحدث على هذا الحديث بقوله: “قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ”
شرح الحديث
في هذا الحديث يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن كله بركة فيقول:
- “اقْرَؤُوا القُرْآنَ” الأمر للنصح باغتنام القرآن والمدامة على قراءته.
- ” فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ” أي أن القرآن الكريم يتمثل في صورة يراها الناس يوم القيامة مثلما تتمثل الأعمال لتوزن على الميزان، يأتي ليشفع لأصحابه الذين داوموا على تلاوته في الدنيا، فأهل القرآن الذين يداومن على قراءته وتدبره والعمل بما جاء فيه من أوامر والانتهاء عن نواهيه لا ينساهم صاحبهم يوم الدين.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: سورة البقرة لإنجاب الذكور وفضلها
تخصيص البقرة وآل عمران بالفضل
يكمل الرسول بقول:
- ” اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ” كرر الني صلى الله عليه وسلم الأمر لتخصيص سورة معينة بعد الإكمال بالفضل للقرآن الكريم، وفي ذلك تأكيد على خصوصية الآتي للشفاعة يوم القيامة.
معنى الزهراوين هو المنيرتين؛ وتلك التسمية لأنهما تنيران قلب المسلم بكثرة حكم الله بها والأسماء الحسنى بها، إضافة على كل ما ورد في القرآن الكريم عام. - “البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ” أي أن التخصيص هذا لسورتي البقرة وآل عمران.
- ” فإنَّهُما تَأْتِيانِ” أي تحضران بالشكل الذي يستحقه القراء لهما والعامل بهما في الدنيا؛ وفعل الإتيان هنا يٌحمل على حقيقته بقدرة الله عز وجل كما يشاء.
- “كَأنَّهُما غَمامَتانِ” أي سحابتان تبعدا عن صحبهما حر هذا اليوم العظيم، وسمي السحاب بهذا الاسم لأنه يغم السماء ويسترها.
- “كَأنَّهُما غَيايَتانِ” أي شيء يستظل به الإنسان يسمى غاية، سواء كانت سحابة أو غير ذلك.
- “أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ” صوافة هي الفرقة من الطيور الباسطة جناحها، أي أن السورتان تتمثل في صورة فرقتان من الطيور تبعدان شمس هذا اليوم العظيم عن صاحبهما في الدنيا.
- “تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما” أي تدافعان عنه، وتخاصمان الرحمن في الشفاعة له، وإذا لم ينطق لسانه عند السؤال وضاعت الحجج من أمامه ساعدته.
تخصيص سورة البقرة بالفضل
يردف النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بقول:
- “اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ” الأمر الثالث هنا هو تفصيل بعد تفصيل بعد إجمال، وفي ذلك بيان لعظيم شأن المُخصص.
- “فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ” أي المداومة على تلاوتها والعمل بما فيها من أوامر والانتهاء عما ورد فيها من أوامر والانتهاء عما ورد فيها من نواهي.
فيه بركة ونماء وزيادة في المنافع لقرائها. - “وتَرْكَها حَسْرَةٌ” أي ترك قراءتها يخلف التلف والتحسر عما فات ابن آدم من فضل عظيم.
- “لا تَسْتَطِيعُها” لا يقدر عليها أو لا يقدر على تجاوزها ولا يقدر على تحصيلها
- “البَطَلَةُ” قد فسرها علماء الحديث على قولين هم:
- البطلة هم السحرة، فهم لا يقدرون على قراءتها ولا يستطيعون دفعها واختراق تحصينها لابن آدم، فهي تحفظ قراءها من السحر وحفظه بفضل الله عز وجل.
- البطلة هم الكسالى، فهم لا يستطيعون قراءتها ولا حفظها لطولها، لضعف همتهم.
ففي الحديث السابق نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين الفضل العام للقرآن عامة ومن ثم خصص الفضل لسورتي البقرة وآل عمران، ومن ثم خصص منهما سورة البقرة وهذا يبين عظيم فضلها.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل قراءة سورة البقرة يوميًا بدعة أم لا
البقرة سنام القرآن
عن سهيل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ” (أخرجه ابن حبان في صحيحه 780)
هذا الحديث يبين الفضل العظيم لسورة البقرة الزائد عن باقي القرآن، كما يبن الرسول صلى الله عليه وسلم أن قراءتها في بين تحمي البيت ثلاث أيام (ثلاثة سواء ليل أو نهار) من دخول الشيطان، وهذا يحضنا على المداوة على تلاوة سورة البقرة في البيت.
نهايات سورة البقرة تحمي المؤمن
كلام الله كله فضل ونعمة وحفظ للمؤمنين، ولكن الله تعالى قد فضل بعضه بفضل زائده ومنه هذا الفضل الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة:
” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)”
فعن أبو مسعود بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ” (صحيح البخاري 5009)
في تفسيرهم لهذا الحديث قال علماء الحديث أن معنى كلمة: “كفتاه” أي حفظته من الشرور وتقي قرائها من الشرور، بينما قال البعض الآخر أنها تكفير شر السحرة وشرورهم وقيل أنها تكفيه قيام الليل.
هذا الفضل لما في تلك الآيتان من معن الالتجاء إلى والاستعانة به والتوكل عليه لله، وتحقيق معان العبودية لله بطلب الرحمة والمغفرة منه.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أفضل وقت لقراءة سورة البقرة وفضل سورة البقرة وفضل قراءتها
فضل ختام سورة البقرة
كما أن هناك حديث آخر طويل عن فضل نفس الآيتان العظيم، نقتطف منه موضع الشاهد في موضوعنا هنا.. عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إنَّ اللَّهَ كتبَ كتابًا قبلَ أن يخلُقَ السَّماواتِ والأرضَ بألفي عامٍ أنزلَ منهُ آيتينِ ختمَ بِهما سورةَ البقرةِ ولا يقرآنِ في دارٍ ثلاثَ ليالٍ فيقربُها شيطانٌ” (صحيح الترمذي 2882)
في هذا الحديث الشريف يوضح النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد لنا أن الشيطان لن يقرب من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة؛ مجرد الاقتراب فقط لا سيما الدخول به ، ذلك التحصين لمدة ثلاث ليال كاملة، وهذا تأكيد الحث على قراءة سورة البقرة في البيت لحفظه وحفظ أهله.
كما أن في فضل نفس الآيات روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ” أُعطِيتُ هذه الآياتُ من آخرِ سورةِ البقرةِ من كنزٍ تحت العرشِ ، لم يُعطَها نبيٌّ قَبلي” (صحيح الجامع 1060) فهذا الحديث يبين الفضل العظيم لنهايات سورة البقرة ويؤكد على كل ما سبق ذكره في ضرورة تلاوتها باستمرار.
أحاديث موضوعة في فضل سورة البقرة
كما أن هناك أحاديث كثيرة لا تصح في فضل سورة البقرة وجب علينا نقلها حتى تعلما وتجتنبها وتجتنب نقلها فقط، من أشهر تلك الأحاديث:
- “ما خيَّبَ اللَّهُ تعالى عبدًا قامَ في جوفِ اللَّيلِ ، فافتتحَ سورةَ (البقرَةِ) و (آلِ عمرانَ) ونِعمَ كنزُ المرءِ (البقرَةُ) و(آلُ عمرانَ)”
- هذا الحديث أخرجه الألباني رحمه الله في (ضعيف الجامع 5063) وأكد على أنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
- “من قرأ البقرةَ وآلَ عمرانَ ولم يدعْ بالشيخِ فقدْ ظلم” ورد في الفوائد الموضوعة 79 وتأكد انه موضوع باتفاق.
- “لو تَمَّتِ البَقَرةُ ثلاثَ مئةِ آيةٍ لَتَكَلَّمتِ البَقَرةُ مع الناسِ” ورد في ترتيب الموضوعات للذهبي 61
- “مَن قرأَ سورةَ البقرةِ ؛ تُوِّجَ بتاجٍ في الجنَّةِ” ورد في السلسلة الضعيفة للألباني 4633
بجانب عدد كبير جدًا من الاحاديث الموضوع تذخر بها كتب تصنيف الأحاديث الضعيفة وحتى تلك لم يرد بها فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم.
خلاصة الموضوع في 5 نقاط
في نقلنا لأقوال الفقهاء حول فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم قد خلصنا إلى
- لا صحة لما ورد حول فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم ولا يوجد له أصل في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قراءة سورة البقرة في المنزل تطرد الشياطين منه.
- يأتي القرآن يوم القيامة شفيعًا لأصحابه يوم القيامة وتأتي سورتي آل عمران والبقرة لتظل العبد من حر الشمس في هذا اليوم.
- تلاوة سورة البقرة تحمي المؤمن من الشر وتكفيه السحر والعين، وجاء التخصيص بالفضل فيها الآيات في نهايتها.
- هناك أحاديث كثيرة موضوعة في فضل سورة البقرة وفضل تلاوتها لا يجب الأخذ بها