شعر عن الصديق الحقيقي

شعر عن الصديق الحقيقي يعد من أفضل أشعار العصر الحديث بمدارسه المختلفة، هذا بالإضافة إلى الغرض الشعري الذي برع فيه فطاحل شعراء العرب قديمًا في العصر العباسي، والأموي، والإسلامي، وبالطبع الجاهلي.

لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم شعر عن الصديق الحقيقي من كافة العصور الأدبية، مع شرح بعض هذه الأشعار، وذكر نبذة عن كل شاعر.

شعر عن الصديق الحقيقي

قديمًا كان يطلق العرب على من يشعر بما لا يشعر به غيره شاعرًا، والشاعر يستطيع أن ينظم الأبيات التي لا تكتب إلا بماء الذهب على القلوب، والأدب العربي بحرٌ لا قاع فيه.

لذلك فإن الشعر العربي يزخر بالدرر التي لا يصطادها إلا الصياد الماهر الذي لا يهاب الموج، ومن أبرز الأشعار عن الصديق، هو شعر عن الصديق الحقيقي من نظم أبي العتاهية.

أبو العتاهية هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي، هو شاعرٌ ذهنه حاضرٌ على الدوام كان ينظم أكثر من مائة بيت في اليوم، وحبسه هارون الرشيد بعد ما أعلن زهده، وهدده بالقتل إن لم ينظم الشعر فعاد إلى نظم الشعر لكن كان ما ينظمه من شعر الزهد.

أما ما قاله أبو العتاهية في الصديق قبل أن يزهد:

لَعَمرُكَ ما شَيءٌ مِنَ العَيشِ كُلِّهِ*** أَقَرَّ لِعَيني مِن صَديقٍ مُوافِقِ.

وَكُلُّ صَديقٍ لَيسَ في اللَهِ وُدُّهُ*** فَإِنّي بِهِ في وُدِّهِ غَيرُ واثِقِ.

أُحِبّو أَخي في اللَهِ ما صَحَّ دينُهُ*** وَأَفرِشُهُ ما يَشتَهي مِن خَلائِقِ.

لعمرك هو قسم كان العرب يستعملونه قديمًا، وتكون بفتح العين لا بضمها وتسكين الميم، والبيت الأول معناه أن الشاعر أحب ما إلى قلبه هو، والأكثر فرحًا لعينه هو رؤية صديق موافق له في الطباع، والصفات.

أما البيت الثاني فمعناه أن الأصدقاء هما المتحابان في الله، وكل صديق يأز ُّ صديقه على فعل الشر لا يثق فيه، وكأنه إنسان غريب عنه، أما البيت الثالث فهو دعوة للناس والأصدقاء كي يتحابوا في الله، فهذا هو الصديق الحقيقي عند أبي العتاهية في شعره.

اقرأ أيضًا: ابيات شعر عن الصداقة والاخوة

شعر أبو تمام عن الأصدقاء

لا شك في أن أبا تمام من أشعر شعراء عصره ،بل قيل إن أبا تمام هو أشعر العرب، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم من شعر أبو تمام عن الصديق.

أبو تمام هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، نسبه يرجع إلى قبيلة طيء المعروفة بالنبل والكرم والشهامة، ومنها الشاعر الشهير حاتم الطائي، ولد في سوريا، ورحل إلى مصر، ثم طلبه الخليفة العباسي المعتصم بالله ليكون في بغداد.

توفي في الموصل، ولا يوجد أي ناقد من نقاد الشعر قديمًا أو حديثًا لم يمدح أبو تمام في شعره، فذكره صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني، وابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء بأنه من أشعر العرب، وذكروا من شعره شعر عن الصديق الحقيقي، ومنه:

هِيَ فُرقَةٌ مِن صاحِبٍ لَكَ ماجِدِ*** فَغَداً إِذابَةُ كُلِّ دَمعٍ جامِدِ.

فَاِفزَع إِلى ذُخرِ الشُؤونِ وَغَربِهِ*** فَالدَمعُ يُذهِبُ بَعضَ جَهدِ الجاهِدِ.

وَإِذا فَقَدتَ أَخاً وَلَم تَفقِد لَهُ*** دَمعاً وَلا صَبراً فَلَستَ بِفاقِدِ.

الفرقة هي الرحيل والافتراق، وفي البيت الأول يظهر أبو تمام وهو حزين على رحيل صديقه الذي غادر الدنيا، وكان خله ورفيق دربه فيها، وفي الشطر الثاني من البيت الأول كناية عن شدة الحزن الذي أصابه على فراق صديقه.

ثم يترسل في البيت الثاني وصفه لحاله الحزين الذي لا ينفك أن ينتهي، أما البيت الثالث ففيه وصف أبي تمام للصديق، فأبو تمام عد الصديق أخًا له، لا يكاد الدمع أن يتوقف من عينه الدمع.

كما يقول إن الأخ والصديق الحقيقي إن توفي تفقد له الدمع كأنك تبكي عليه وتعول، كأنك تبكي على أخٍ قد مات لك لا صديق عرفته في الدنيا.

ما قاله البحتري في شعره عن الصديق الحقيقي

عند نقاد القرن الرابع الهجري الشعراء الثلاثة الأفضل في عصرهم، هم أبو تمام، والبحتري، والمتنبي، وقد عرضنا لكم في السطور السابقة شعر عن الصديق الحقيقي لأبي تمام، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شعر البحتري عن الصديق الحقيقي.

صاحب سلاسل الذهب، هكذا كان وصف شعره ووصفه، هو أبو عبادة البحتري الوليد ين يحيى الطائي، ولد وتوفي في الشام، ورحل في حياته إلا العراق، وكان على اتصال ببعض الخلفاء العباسيين مثل الخليفة المتوكل، وقال البحتري شعر عن الصديق الحقيقي:

كَم صَديقٍ عَرَفتُهُ بِصَديقٍ*** صارَ أَحظى مِنَ الصَديقِ العَتيقِ.

وَرَفيقٍ رافَقتُهُ في طَريقٍ*** صارَ بَعدَ الطَريقِ خَيرَ رَفيقِ.

إِذا ما صَديقي رابَني سوءُ فِعلِهِ*** وَلَم يَكُ عَمّا رابَني بِمُفيقِ.

صَبَرتُ عَلى أَشياءَ مِنهُ تَريبُني*** مَخافَةَ أَن أَبقى بِغَيرِ صَديقِ.

يبدأ البحتري بسؤال استنكاري فسائلاً كم عدد الأصدقاء الذين عدهم أصدقاءً حقيقيين، ويقول في البيت الثاني أن صديقًا رافقه في طريق، أي أنه صديق عرفه في إحدى مرات ترحاله فأصبح بعدها خير أصدقاءه.

معنى رابني أي أصابني بالريبة، والمقصود في البيت أن لهذا الصديق بعض الأفعال التي كانت تثير الريبة في نفس البحتري، وعلى الرغم من هذا فإن هذه الأمور لم تجعله يستفيق من غفلته.

في البيت الرابع يكمل السرد في هذه القصة، ويوضح أن صبره هذا لم يكن إلا لغرضٍ واحد، وهو ألا يبقى وحيدًا في حياته بدون أصدقاء.

في هذه الأبيات القليلة أوضح لنا البحتري أن الصديق الحقيقي هو الذي لا تخاف من أفعاله، ولا تشعر بالريبة منه، بل الصديق الحقيقي هو من يتوافق مع صديقه في كل الصفات، ويؤمن صديقه ويأمنه صديقه.

قول أحمد أبو الطيب المتنبي عن الصديق في شعره

هذا الشاعر قال عنه أبو علاء المعري “أبو تمام والمتنبي حكيمان..“، وهو الضلع الثالث من فطاحل شعراء العصر العباسي، وقد عرضنا في الفقرة السابقة شعر عن الصديق الحقيقي لأبي تمام، والبحتري على الترتيب، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم شعر المتنبي عن الصديق.

هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الكوفي الكندي الشهير بأبي الطيب المتنبي، ولد في الشام وقُتل وابنه في بغداد، وله عديد الأشعار التي يحفظها العرب مثل “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي“، “الخيل والليل والبيداء تعرفني“، “عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ“.

على الرغم من هذه الأشعار إلا أنه لم ينظم قصيدة كاملة عن الصداقة، أو الصديق، وإنما أشعار متفرقة مثل:

شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ*** وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ.

البيت من ميمته الشهيرة “واحر قلباه”، وفي هذا البيت بيان لأهمية الصديق، فالصديق إن كان صديق سوء لم تكن له أهمية، والحياة لا تحلو دون رفقة، وهذا هو غرض المتنبي من هذا البيت.

صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا*** وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا.

البيت من افتتاحيته لقصيدة “صحب الناس”، وفيها بيان لنوع آخر من الأصدقاء، وهو الصديق الذي لا يصادق إلا الناس من أجل مصلحة ما في الدنيا، والمقصود وذا الزمانا هو الشخص الدنيوي العربيد.

ما الخِلُّ إِلّا مَن أَوَدُّ بِقَلبِهِ*** وَأَرى بِطَرفٍ لا يَرى بِسَوائِهِ.

الخِلُّ بكسر الخاء هو الصديق، ومنها اشتقت كلمة الخليل، أما معنى البيت فهو أن الصديق هو الشخص الذي يفدي صديقه بقلبه، ولا يرى الصديق بعينه سواه، والمقصود بطرف هنا عين الإنسان.

ابن الرومي وشعره عن الصديق

ابن الرومي واحد من الشعراء المهدور حقهم في تاريخ الشعر العربي، على الرغم من كون شعره من أحسن الأشعار العربية في تاريخ الأدب العربي، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شعر عن الصديق الحقيقي الذي ألقاه ابن الرومي.

أبو الحسن علي بن العباس بن جريج المعروف باسم ابن الرومي لنسبه الغير عربي، والذي يرجعه إلى الروم، ولابن الرومي العديد من الأشعار الجميلة المليئة بالألوان البيانية، ومن ضمن الأشعار هي أشعار ابن الرومي عن الصداقة، ومنها:

حبذا حشمة الصديق إذا ما*** حجزت بينه وبين العقوقِ.

حين لا حبذا انبساطٌ يؤدي*** ه إلى بخس واجبات الحقوقِ.

وكلت حاجتي إليك فأضحت*** وهي مني بموضع العَيّوق.

وجعلت الصديق أولى بأن يل*** غى ويرضى بخُلَّبات البروق.

يبدأ ابن الرومي القصيدة بمدح في حشمة الصديق التي يرى أنها من أفضل الصفات في الصديق الحقيقي، أما شر الأصدقاء في وجهة نظر ابن الرومي أنهم الفرحين، وعند فرحهم يبخسون حقوق الصداقة.

أما البيت الثالث يحكي ابن الرومي أنه وكل وألجأ حاجته إلى صديق لم يكن إلا من أهل العقوق، وأصبح صديقه مثل البرق الخادع الذي لا يأتي مطرٌ بعده، ففي لسان العرب الخُلبة بضم الخاء إن أتت مع البرق أو السُحُب تدل على الخداع.

القصيدة حرف الروي فيها هو القاف، وفيها من الألوان البيانية العديدة، ولعل أبرزها ما جاء في الشطر الثاني من البيت الأخير “ويرضى بخُلَّبات البروق“، وفيها استعارة مكنية حيث شبه الشاعر صديقه الغير صادق بالبرق المخادع.

اقرأ أيضًا: شعر عن صديق وأهم ما قيل في شيم الصديق الوفي

شعر الإمام الشافعي عن الصداقة

الإمام الشافعي من كبار أئمة أهل السنة، وله مذهب فقهي معروف باسمه يسير عليه أهل السنة في عديد بلاد العالم الإسلامي، أبرزها مصل، وله في الشعر ما لاقى استحسان آذان الناس، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شعر عن الصديق الحقيقي للإمام الشافعي.

هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ثالث الأئمة الأربعة بعد أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس، تتلمذ على يد الإمام مالك بن أنس، وكان فصيحًا في الشعر، فورد في كتب الأدب شعرًا عن الصديق الإمام الشافعي، وهو:

وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ*** وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا.

وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ*** وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا.

سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها*** صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا.

كان مبسطًا للعلوم مثل شيخه الإمام مالك بن أنس، فذكر في هذه الأبيات الثلاثة خير وصف للصديق الحقيقي بالتضاد، أي أنه ذكر الصفات السيئة للصديق ليوضح بها فكرته، فقيل في الشرح إن الصديق الحقيقي هو الأمين الذي لا يخون صديقه، ويرد إليه الإحسان في المعاملة بالإحسان.

كما أن الصديق الحسن هو الذي لا ينكر العيش القديم، ولا يفشي سرًا لصديقه، ويختم الإمام قصيدته بعبارة تدل على الحسرة، ويظهر أخيرًا بعد الإبهام الذي أنتج شوقًا في معرفة طبيعة الصديق الحقيقي، أن يكون صادقًا، وصادق الوعد، ومنصفًا في الحق، في الجد والهزل.

شعر الإمام علي بن أبي طالب عن الصديق الحقيقي

كثرٌ من الناس يعرفون بأن الإمام علي بن أبي طالب كان يقول الشعر، لكن لم يخطر على بال بشر أن من ضمن ما قاله في الشعر شعر عن الصديق الحقيقي، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم من الأبيات التي فيها الصداقة.

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي، من بيت نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تربى في بيت رسول الله وأم المؤمنين خديجة، تزوج من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أبنائه سيدا شباب أهل الجنة.

كان من أحسن الناس قولاً للشعر، ومن الأغراض التي قال الشعر فيها الصداقة، ومن شعر الإمام علي بن أبي طالب عن الصديق الحقيقي.

وَإِذا الصَديقَ رَأَيتَهُ مُتَعَلِّقاً*** فَهوَ العَدُوُّ وَحَقُّهُ يُتَجَنَّبُ.

لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ*** حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ.

وَاِختَر قَرينَكَ وَاِصطَفيهِ تَفاخُراً*** إِنَّ القَرينَ إِلى المُقارَنِ يُنسَبُ.

الأبيات الثلاثة من قصيدة طويلة للإمام مقامها ستة وستين بيتً، والقصيدة بعنوان “صَرَمتِ حِبالَكِ بَعدَ وَصلَكِ زَينَبُ“، يقول الإمام علي في هذه القصيدة أن الصديق إن كان متعلقًا بالذنوب والمعاصي فإن حاله كحال العدو يجب تجنبه.

فحال هذا الصنف من الناس كحال المتملق الذي يصادق الناس طمعًا فيما لديهم، وحقدًا عليهم، وقد وصف الإمام علي أنه حلو اللسان، لكن قلبه غيور يلتهب من الحقد.

أما البيت الأخير فهو نصيحة من أحد صحابة رسول الله، وأحد العشرة المبشرين بالجنة في اختيار الصديق، وفي البيت إيجاز بالحذف، وهو أحد دروب علم المعاني من البلاغة العربية، والحذف هنا لمجموع الصفات الحسنة في الإنسان، بعد عرض سيئها.

قول الأحنف العكبري من شعر في الصديق

على الرغم من أن واحد من أشهر الأبيات في شعر عن الصديق الحقيقي تعود للأحنف العكبري، إلا أنه شاعر مجول قليلاً بين شعراء العرب، وفي سطور هذه الفقرة سنعرض لكم من أشعار الأحنف العكبري في الصديق.

أبو الحسن الأحنف عقيل بن محمد العكبري، شاعرٌ عباسي ذكره الناقد القديم أبو منصور الثعالبي أنه شاعر المكدين وظريفهم، وكان يتفاخر بالقلة من أهل المال من الناس، ومن أشهر الأبيات عن الصديق الوفي:

إذا ما الصديق جنى واعتذر*** وعاود في فعله واستمر.

فذاك عدوك لا تلقه*** ولا تانسنّ به والحذر.

ولو كان مستبصرًا منصفا*** وقد رابه منك ريب عذر.

ولكن حداه على ما أتاه*** فساد الطباع ولؤم الظفر.

يوضح أن الصديق الحقيقي هو الصديق الذي لا يعود إلا فعله الخاطئ مرة أخرى بعد أن يعتذر منه، ثم يوضح في البيت الثاني أنه عدو فلا تقابله، أو تجعله من أصدقائك مرة أخرى، وفي البيتين الأخيرين يوضح صفات الخليل الصالح.

فإن كان ذا بصيرة، وهدىً وتقى في تعامله مع نفسه ومع الناس فهو خير الصديق، ولكن إن سعر بالريبة منك فلا تتعجب فإن هذا من الطباع اللئيمة التي شاهدها في حياته، الأبيات فيها من علوم البلاغة فرع البديع، وبالتحديد حسن التقسيم، الذي يعطي جرسًا موسيقيًا.

أما لفظة تأنسن فهي الفعل المضارع تأنس مضاف إليها نون التوكيد، أو كما يقال في الصرف نون القسم، والقصيدة حرف الروي في قافيتها هو حرف الراء.

أبو الفتح البستي والصديق الصدوق

من شعراء العصر العباسي الغير معروفين، وله في شعر عن الصديق الحقيقي من أجمل ما نظن فيه، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شعر عن الصديق الحقيقي الذي ألفه أبو الفتح البستي.

أبو الفتح محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن العزيز البستي، ولد في مدينة بست في سجستان “أفغانستان حاليًا”، وله العديد من الأشعار الحسنة أبرزها شعر عن الصديق الحقيقي، فقد أظهر فيه من الاقتباس الحسن من القرآن الكريم:

فديتُكَ عزَّ الصديقُ الصَّدوقُ*** وَقلَّ الصَّفِيُّ الحَفِيُّ الوَفِي.

ولي رغبَةٌ فيكَ إمَّا وفَيْتَ*** فهلْ راغِبٌ أنتَ في أنْ تَفي.

وأرعى ذِمامَكَ ما دمتْ حَيَاً*** ولا أستحيلُ ولا أنتَفي.

يعرض الشاعر أنه فدا صديقه الحميم في وقت ندر فيه الصديق الحفي، الصديق الذي يرعى حقوق أصدقائه وعهودهم، وفي البيت الثاني ظهر الشاعر رغبته في أن يفي كلٌ منهما بوعده مع الآخر في أن يكونا ذا وصال مع بعضهما، وذلك حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

أما في البيت الثالث وهو البيت الذي استشهد فيه بآية من آيات القرآن الكريم، حينما قال “وأرعى ذِمامَكَ ما دمتْ حَيَاً“، استشهد بالآية الحادية والثلاثين من سورة مريم “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا“.

أما معنى كلمة أنتفي فتعني الفناء والانتهاء، والمقصود بها الموت.

شاعر الحمراء يحكي عن الصديق الوفي

في هذه الفقرة سنعرض لكم شعر عن الصديق الحقيقي من العصر الحديث لشاعر الحمراء حمد السراج، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم أبرز الأبيات التي قالها السراج في الصديق الوفي، ومن هم السراج.

حمد بن إبراهيم السراج الهواري المراكشي، كان يكنى بابن إبراهيم، له العديد المؤلفات الثورية على حكم مولاي أحمد في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن ما سنعرضه لكم عن ابن إبراهيم ليس الشعر السياسي، بل شعر عن الصديق الحقيقي، ومنه:

وَاسِني أيها الصَّديقُ المُواسِي*** واجعَلَنَّ الوِسادَ مِن تحتِ رَاسِي.

وضَعِ الدَّنَّ عن يمِيني لَعلِّي*** أستفيقُ ذَا غُلَّةٍ مِن نُعاسى.

إسقِني وقِني تَباريحَ أشجَا*** نٍ أُقاسِي من حرِّها ما أُسِي.

يدعو الشاعر صديقه إلى أن يواسيه في هذه الحياة الصعبة عليهما في ظل حكم مولاي أحمد الحاكم الفاشي للملكة المغربية في القرن العشرين، وفي ظل الحماية الإسبانية والفرنسية على بلاد المغرب العربي، وقوله في الشطر الثاني “ واجعَلَنَّ الوِسادَ مِن تحتِ رَاسِي “.

يدل على أن الشاعر يرتاح قلبه حينما يكون بين أصحابه وخلانه، ويطلب الشاعر من صاحبه أن يكون عن يمينه صانعًا للضوضاء لعله أن يستفيق من غفلته التي فيها، بعد أن أهلكه الشوق وأصبح يقاسي به أحر الأسى.

فمعنى تباريح الشدائد، على الرغم من النظم الجيد لهذه الأبيات، إلا أن بعض النقاد عابوا عليه، فقالوا إنه ليس بشعر عن الصديق الحقيقي، بل هو شعر رومانسي، وقال البعض الآخر أن هذا سجان بين لوني الشعر الرومانسي، والاجتماعي.

اقرأ أيضًا: شعر مدح الصديق الحقيقي

الشعر مرآة الإنسان العربي، فقد استطاع عبر السنين أن يعبر من خلالها عما في وجدانه، ويرسل رسائل الحب إلى من يهمه أمرهم، ويوضح للأصدقاء مدى تعلقه بهم.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.