شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد (البُردة)
شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد الشهيرة في مدح سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- جاءت القصيدة من بحر البسيط، وتقول المصادر التي تؤيد صحة هذه القصيدة أنه أنشدها بعد غزوة الطائف عام 8 هجريًا.. يعتبها علماء الأدب درة من درر القصائد في المدح النبوي وفي وصف الناقة، وفي ذلك الموضوع سنتناول شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد.
شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد
عند محاولة شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد وجدنا أنه لا يُمكننا شرحها كلها كتلة واحدة؛ فقصتها تقول إنها قيلت في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي أنه في صدر الإسلام، وهذا العصر في الجانب الأدبي متسق مع أدب العصر الجاهلي من ناحية البناء الرأسي للقصيدة وتقسيمها إلى عدة مضامين عكس ما يُسمى بالوحدة العضوية في الأدب الحديث، بيد أنهم بعدوا عن بعض المواضيع التي تُخالف العقيدة الإسلامية نحو الغزل الصريح الفاحش ووصف الخمر وما إلى ذلك، قد قسم كعب ابن زهير قصيدته إلى ثلاث مضامين، هم:
- القسم الأول: (المقدمة) من بداية البيت الأول حتى البيت السابع والثلاثين يتناول فيها غرض الغزل.
فيتغزل في امرأة اسمها سُعاد، ويصف حاله حين رحلت هي وقبيلتها من جوار قبيلته، ومن ثم يصف الخمر، وينتقل من وصف الخمر إلى وصف ناقته الأسطورية.
كل هذا فقط للدخول في القصيدة وجذب انتباه السامعين، حتى إذا وصل إلى لُب القصيدة كان قد ملك عقول السامعين. - القسم الثاني: (الغرض الرئيسي) من البيت الثامن والثلاثون إلى البيت الخمسين، يتشرف فيها بمدح سيد الخلق النبي صلى الله عليه وسلم، يعتذر له ويطلب منه الصفح.
- القسم الثالث: (الخاتمة) من البيت الحادي والخمسين إلى آخر القصيدة يتناول فيه مدح المسلمين السابقين الأولين المهاجرين ووصف قوتهم الحربية.
ملحوظة: هذه الأعداد قد تختلف من كتاب لآخر، لكنا سنعتمد على ديوان كعب بن زهير الذي أورده الخطيب التبريزي، تحقيق عبد الرحمن يوسف الجمل.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة صوت صفير البلبل وصحة نسبها للأصمعي عبدالملك بن قريب
شرح بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
“بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ *** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ”
معاني الكلمات
- بانت: فارقت، فعل ماضي متصل به ضمير.
- سعاد: اسم امرأة وهي الفاعل التي قامت بالفراق، (لم يحدد الشراح إذا كانت هذه المرأة حقيقة أم إنها من خيال الشاعر، وهذا لا يفرق في شيء لأنها مذكورة فقط في المقدمة الغزلية)
- متبول: اسم مفعول من التبل وهو الوغم في القلب والحزن والألم والإرهاق.
- المتيم: هو المستعبَد.
- ورد في بعض الروايات بدل كلمة يجز كلمة يفد وكلاهما صحيح.. فقط اختلاف الرواة ولم يفد من الفداء أي فداء الأسير.
معنى البيت
يقول الشاعر أن محبوبته سعاد فارقته وابتعدت، عندما فارقته تركت قلبه حزين ومنهك، كأنه أسير حرب لا يجد من يدفع له الفدية.
شرح وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
“وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا *** إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ”
معاني الكلمات
- البين: هو الفراق.
- الأغن: الغزلان والبقر الوحشي والظباء (كان العرب يرون إنها قمة الجمال وذات عينان ساحرتان).
- غضيض الطرف: أي فاتر ومكسر (يضع عينه في الأرض لا تنظر في العين مباشرةً)
- مكحول: يقصد حدقة العين في الغزال كأنها تضع الكحل وعينيها كلها سواد، وهذه صورة مركبة.. فيصف المرأة بأنها غزال ذات عينين جميلتين وأن عين هذه الغزال كلها سواد كأنه يضع الكحل فيها وهذا من الجمال عند العرب.
معنى البيت
يصف الشاعر محبوبته وقت رحيلها بثلاث صفات جميلة، هي:
- العنة في الصوت مثل الظبي، وهذا شيء جمل.
- غض الطرف، من علامات جمال المرأة، الخجل والحياء والصوت المنخفض
- عينان واسعتان كأنها عينا غزال ولونهما أسود كأنها سكبت الكحل فيهما.
شرح هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
تابعًا لما قدمناه في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد البيت يقول:
“هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً *** لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ”
معاني الكلمات
- هيفاء: الْهَيَفُ (بِفَتْحَتَيْنِ على الهاء والأخرى على الياء) هو ضُمْرُ الْبَطْنِ وَالْخَاصِرَةِ، والمرأة الهيفاء هي ذات الخصر الرفيع، الخصر هي منطقة البطن.
- عجزاء: قال علماء اللغة: “وَامْرَأَةٌ (عَجْزَاءُ) بِوَزْنِ حَمْرَاءَ عَظِيمَةُ الْعَجُزِ” وعجز كل شيء هو نهايته، والشاعر يقصد إنها عندما تمشي من أمامه مؤخرتها كبيرة.
معنى البيت
يصف الشاعر هيئة محبوبته بثلاث صفات جميلة، هي:
- عندما تأتي له وهو ينظر إليها يراها ذات خصر رفيع ولا بطن كبيرة لها.
- عندما ترحل عنه وتمشي وهو يراقبها، يراها ذات مؤخرة كبيرة.
- يصف طولها بأنها ليست الطويلة ولا القصيرة فطولها مناسب.
ملحوظة: بعض الشراح ومؤرخو الأدب حذفوا هذا البيت من القصيدة، لكنه موجود عند الكثير منهم.
شرح: تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
“تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت *** كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ”
معاني الكلمات
- تجلو: من قل الناس جلوت السيف أي ازالت عنه الصدأ.
- عوارضها: هو الضرس الأول الذي يقع بعد الأنياب في أسنان الإنسان، ويسمى الضاحك لأنه يظهر عند الضحك.
- الظلم: له معنيان وكلاهما صحيح يُأخذ المعنى الأول هو ماء الأسنان، الثاني هو رقة الأسنان وشدة بياضها.
- المنهل: ماء العين الذي يشرب منه الإبل في المراعي.
- الراح: هو اسم من أسماء الخمر.
- المعلول: هو المريض ذو العلة سواء في الحواء في جسده مريض فعلا أم علقة في القلب وهو حزين.
معنى البيت
يصف كعب محبوبته بأن لها ضحكة بأسنان جميلة كأنها الخمر الذي يُذهب عقل الإنسان ويُنسيه مرضه.
ملحوظة: قد يتساءل البعض كيف يذكر الخمر وهو مسلم، لكن رد الشراح على أن هذه كانت عادة العرب في قول الشعر وأن كعب بن زهير كان حديث عهد بالإسلام.
شرح شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
إرداف لما أوردناه في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ **** صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ”
معاني الكلمات
- شُجَّت: أي مزجت ويقال شججت الخمر أي مزجته بالماء.
- بِذي شَبَمٍ: ذو برد، أي الماء البارد والشبم هو البرد.
- مَحنِيَةٍ: صيغة “مفعلة” من حنوت أي عطفت، والمحنية هي الأجزاء المنعطفة في الوديان
- صاف: من صفاء الماء من القذارة والرمال وما إلى ذلك.
- بِأَبطَحَ: الأمان المتسعة في الوديان بين الجبال.
- أَضحى: وقت في أول النهار.
- مَشمولُ: يقصد إصابته برياح الشمال، وهذا شيء جيد.
معنى البيت
يصف الشاعر الخمر الذي ذكره في البيت السابق ويقول أنه تم خلطه بماء بارد صافي جاء من وادي عظيم بين جبلين تأتيه رياح الشمال الباردة وتم تصفية الماء.
شرح تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
“تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ *** مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ”
وروي في بعض المصادر:
“تنفي الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ *** مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ”
معاني الكلمات
- تجلو: تزيل، أي أن الرياح تذيل ما علق بالماء من قذى وتصفيه.
- القذى: هو أي شيء يقع في عين الإنسان أو في الماء.
- أفرط: لها وجهان في المعنى، الأول: الامتلاء، مثل قول العرب أفرط القربة أي ملأتَها، الثاني: بمعنى تركه، يقول العرب أفرط الرجل القوم يعني تركهم وراءه وتقدم، منه قول النبي -صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه كعب بن عجزة: “فإنِّي فَرَطٌ على الحوضِ وأنتم وارِدون على الحوضِ”
- الصوب: نزول المطر ذاته وليس المطر.
- السارية: هي الأسطوانة أو السحابة التي تأتي في الليل وهذا هو المعنى المقصود هنا.
- يَعاليلُ: هي السحابة البيضاء التي تحمل الماء.
معنى البيت
يُكمل الشاعر في وصف الريح التي صفت الماء الذي خلط به الخمر، ويقول إنها آتية من سحابة شديدة البياض ونزلت على جبال شديدة البياض نزل منها إلى الوديان، وفي هذا وصف للماء بأنه صافي وبارد.
شرح يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
“يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت *** ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ”
ويروى في بعض المصادر
“أكرم بها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت *** ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ”
معاني الكلمات
- يا ويح: كلمة تُقال لطلب الرحمة، والزيادة.
- الخل: هو الخليل والصاحب، الخلة هي الصُحبة.
- عدت: عدت المريض أي زرته في مرضه.
معنى البيت
يصف الشاعر حسن أصحابه الذين يشرب معهم الخمر وحُسن خلقهم وأنهم ينصحون بعض بالخير.
شرح لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
استكمالا لما قدمناه في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها *** فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ”
معاني الكلمات
- خلة: هو الخليل والصاحب، الخلة هي الصُحبة.
- سيط: خلط، أي ظلك الشيء بعضه في بعض.
- الفجع: الإحساس المصاحب للمصيبة.
- الولع: الكذب.
معنى البيت
يصف الشاعر هذه المرأة التي يشرب من أجلها.. ويقول أنها قد خلطت بدمائها الماء والخمر المذكورين في الأبيات السابقة، وأنها كاذبة وتفجع حبيبها وتستبدله حسب أهواءها، ولا تبقى مع على حال.
اقرأ أيضًا: توكلت في رزقي على الله خالقي.. قصيدة للإمام الشافعي
شرح فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
“فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها *** كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ”
معاني الكلمات
- الغول: حيوان خرافي مرعب مشهور عند العرب، مشهور عنه الشهر.. والغول هو كل ما يغتال على الإنسان .
معنى البيت
هذا البيت هو استكمال وإيضاح للبيت السابق له فيصف المرأة هذه التي يحبها تتغير حالها، وتتلون مثل الغول، ويسمى العرب كل داهية غول.
كانوا يعرفون أنه لا حيوان حقيقي بهذا الاسم، فيقول الشاعر:
“الجُوْدُ وَالغُوْلُ وَالعَنْقَاءُ ثَالِثَةٌ *** أَسماءُ أَشْيَاءَ لَمْ تُخْلَقْ وَلَمْ تَكُنِ”
شرح وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
بعدما قدمنا من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت هذا:
“وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت *** إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ”
معاني الكلمات
- الوصل: الود والمحبة التي بين المحبين.
- الغرابيل: جمع غربال، هو إطار من الشبك تُصفى به الحبوب من الأتربة فيمنع الحبوب من السقوط وتسط ذرات التراب الصغيرة.
معنى البيت
يكمل الشاعر وصفه لتلك المرأة فيقول أنها لا يُثق لأنها لا تبقى على العهد، ويمثلها بالغربال الذي يوضع فيه الماء، فبالطبع لا يبقى به الماء.
شرح فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
“فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ *** إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ”
معاني الكلمات
- تضليل: على صيغة تفعيل من الضلال.
معنى البيت
يكمل الشاعر باقي الوصف عن هذه المرأة، يقول أنها كاذبة ومضللة فلا تغتر ما تقوله من أماني ووعود.
شرح كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً
بعدما أوردنا من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت هذا:
“كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً *** وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ”
معاني الكلمات
- عُرقوب: هو رجل من العمالقة مشهور عند العرب اسمه: “عرقوب ابن معبد”
شرح البيت
يكمل الشاعر وصف هذه المرأة وأنها لا تحترم المواعيد وتتأخر دومًا، وتخلف المواعيد ولا تأتي أصلًا.
شرح أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ
“أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ *** وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ”
معنى البيت
يقول الشاعر أنه يأمل أن تعود سعاد مرة أخرى ويتقابل، لكن مهما قربت هذا الموعد كأنه الأبد وذلك لمدى شوقه لها.
شرح أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها
“أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها *** إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ”
معاني الكلمات
- العتاق: جمع عتيق وهي الكريمة الأصيلة من الإبل.
- الناجيات: هي الخيل القوية.
- المراسيل: جمع مِرسل وهو وصف الناقة السعيدة
شرح البيت
يقول الشاعر إن سعادة بِعدت جدًا عن سكنه، وأصبح لا يقدر على الوصول إليها إلا على ظهور الجمال القوية والأحصنة الأصيلة.
شرح وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ
متابعتًا لما أوردناه من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد.. يقول البيت:
“وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ *** فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ”
معاني الكلمات
- عُذافِرَةٌ: ناقة (أنثى جمل) قوية وصلبة، سلالة مميزة بنقرة خلف الأذن.
- الأَينِ: التعب والإرهاق.
- إِرقالٌ وَتَبغيلُ: نوعين من أشكال السير سريعًا، فالتبليغ هو مشابهة الناقة لمشي البغل من شدة التعب.
معنى البيت
يُكمل الشاعر البيت السابق ويؤكد المعنى فيقول أن مكان محبوبته لا يصل إليه أحد إلا بشق الأنفس، وحتى النياق القوية الأصيلة لا تصله إليه إلا بصعوبة وبعد إرهاق ويتحول مشيتا.. مثل: مشية البغال من التعب.
شرح مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت
يقول البيت: “مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت *** عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ”
معاني الكلمات
- نَضّاخَةِ: كثيرة الماء.
- الذفرى: هو ما تحت أذن الناقة من على الجانب الأيمن والأيسر.
- النضخ: هو البلل.
- عرضتها: أي عرضتها على السفر، يعني إنه دربها على السفر كثيرًا، وتعرف كل الطرق.
- طامس: مختفي.
- الأعلام: هي العلامات التي تحدد الطريق.
معنى البيت
يقول الشاعر أن هذه الناقة التي سيصل بها إلى محبوبته كثيرة العرق من ذفريها، بسبب شدة الإرهاق، وإنها عالمة بكل الطرق حتى المختفية منها لأنها ناقة عليمة، وقوية للسفر.
شرح تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ
بعدما قدمنا الأبيات السابقة من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت هذا:
“تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ *** إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ:
معاني الكلمات
- الغيوب: جمع غيب، وهو أي شيء يغيب عن الأعين ولا يعرفه الفرد.
- المفرد: الثور الوحشي، ويشبه الناقة كأنها الثور الوحشي
- اللهق: الأبيض.
- الحزن: جمع حزين، وهي الأماكن الغليظة الحجارة في الأرض.
- الميل: الأماكن من الأرض المعروفة للناس، والميل من الأرض هي المساحة إلى مد النظر.
معنى البيت
أن هذه الناقة قوية جدًا حتى إنها إذا كانت الأرض بها نار مشتعلة سوف تمشي فيها، وأن هذه الناقة حادة البصر فهي ترى حتى العلامات المختفية في الطريق.
شرح ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها
“ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها *** في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ”
معاني الكلمات
- المقلد: موضع القلادة، أي أسفل الرقبة، والشاعر يقصد إنها غليظة الرقبة.
- فعم: ممتلئ
- المقيد: موضع القيد في الناقة، أي الأطراف، والشاعر يقصد أنها غليظة الأطراف؛ وفي هذا قوة لها على المسير.
- الفحل: الذكر من الإبل.
معنى البيت
يصف الشاعر تلك الناقة بأنها سمينة الرقبة وسمينة الأقدام وفي ذلك إشارة على مدى قوتها، ودلالة قوله: “في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ” أي أنها تشبه الذكور وتفوقهم، في هذا قوة كبيرة، فتلك الناقة العظيمة تُنافس فرس أمرؤ القيس الأسطورية.
اقرأ أيضًا: شرح نص الصديق الشافع وتقسيم القصيدة حسب أطراف الحوار
شرح غَلْبَاءُ وَجناءُ عُلكومٌ مُذَكَّرَةٌ
“غَلْبَاءُ وَجناءُ عُلكومٌ مُذَكَّرَةٌ *** في دَفِّها سَعَةٌ قُدَّامُها مِيلُ
معاني الكلمات
- غلباء: غليظة الرقبة
- وجناء: غليظة الوجنتين.
- مذكرة: أي أنها تشبه الذكور من الإبل.
- قُدَّامُها مِيلُ: كناية على أن رقبتها طويلة جدًا أمامها.
معنى البيت
يُكمل الشارع المعنى في البيت السابق ويصف الصفات الجسمانية للناقة ذات الرقبة الغليظة والرأس الكبيرة التي بها وجنتين واسعتين والرقبة الطوية، كما أنه من قوتها وقدرة تحملها تشبه الذكور من الإبل.
ملحوظة: بعض الشراح ومؤرخو الأدب حذفوا هذا البيت من القصيدة، لكنه موجود عند الكثير منهم.
شرح وجِلْدُها منْ أَطُومٍ لا يُؤَيِّسُه
استكمالًا لما أردفنا من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد.. يقول البيت:
“وجِلْدُها منْ أَطُومٍ لا يُؤَيِّسُه *** طِلْحٌ بضَاحِيَةِ الصَّيْداءِ مَهْزُولُ”
معاني الكلمات
- الأطوم: هو حيوان ذو جلد أملس يقول الشراح إنه هو الزرافة أو كائن بحري، لكن بالبحث في علوم الحيوان سنجد أن الأطوم هو دائن من الثديات البحرية يعيش في البحر الأحمر مهدد بالانقراض يشبه خروف البحر واسمه باللاتينية: Dugon، الشاعر هنا يقصد أن جلدها أملس.
- التأيس: هو التذليل والتطويع، أي يُؤَيِّسُه بمعنى لا يمكن تطويعه وثنيه بسهول، ولا يؤثر فيه شيء.
- الطلح: هو القراد، حشرة تُصيب الحيوانات وتمتص دمائهم.
- بضَاحِيَةِ: يقصد الأماكن التي تظهر للشمس.
معنى البيت
يُكمل الشاعر وصف ناقته العظيمة ويصف جلدها بأنه ناعم أملس قوي سميك لا يؤثر فيه شمس ولا حتى القراد يقدر عليه”
شرح حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ
“حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ *** وَعَمُّها خَالُها قَوداءُ شِمليلُ”
معاني الكلمات
- الحرف: هي ناقة ضامرة البطن، أي أنها تشبه الحرف المرسوم على ورقة.
- شميل: على وزن فعليل.. الناقة التي شملت هي الناقة السريعة الخفيفة.
- معنى قوله: “أَخوها أَبوها” وقوله: “وَعَمُّها خَالُها”: يحكي الشاعر عن العلاقة الأسرية التي جاءت بها هذه الناقة لدلالة على أنها سلالة أصيلة.
وذكر الأصفهاني في الأغاني:
معنى البيت
يُكمل الوصف لهذه الناقة الأسطورية السريعة القوية ضامرة البطن التي جاء تكوينها من عائلة كلها أقوياء وتم التزاوج في مجوعة لتقوية هذه الصفة.
شرح يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ
بعدما ذكرنا شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد في الأبيات السابقة، نكمل بهذا البيت يقول:
“يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ *** مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ”
وفي قول آخر في بعض المصادر: “إذا القراد نمى فيهن أزلقه *** منها لبان وأقرب زهاليل”
معاني الكلمات
- نمى: أرتفع
- لَبانٌ: مكان في صدر الفرس أو الناقة يلامس اللُب الذي هو ما يربط على ظهر الدابة من سروج وخلافه.
- الأقرب: جمع كلمة قرب، وهي الخاصرة من الدابة.
- الزهاليل: جمع زهلول وهو الأملس.
معنى البيت
يصف الشاعر جلد ناقته بأنه ناعمة للغاية.. وأنها قوية في كل الأماكن فلا يقدر عليها القراد وينزلق قبل أن يتمسك بها.
شرح عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ
يقول البيت: “عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ *** مِرفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ”
معاني الكلمات
- عيرانة: الناقة تشبه الوحش في قوتها.
- النحض: هو اللحم.
- عن عرض: يقصد عن اعتراض وممانعة.
- الزور: البطن.
- بنات الصدر: ما حول الصدر ويتصل به.
- المفتول: القوي المدمج المحكم.
معنى البيت
يصف الشاعر لحم الناقة أنه سمين، لكنه ذات جودة عالية ومتركز في الأماكن التي يستلذها الإنسان في الأكل.. في الصدر مثلًا لا يضغط عليها في المشي ولا يمثل لها أي ممانعة وصعوبة.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة ابن زيدون الى ولادة بنت المستكفي بالتفصيل
شرح كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها
يقول البيت: ” كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها ***مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ”
معاني الكلمات
- فات: سبق.
- مذبحها: منحرها (مكان الذبح).
- الخطم: الأنف.
- اللحيان: العظمتان في وجه الإنسان حيث ينموا شعر اللحية.. فالشاعر يقصد مثيلهما في الناقة.
- البرطيل: شكل من أشكال الحجارة يكون مستطيل وكبير، ويشبه الشاعر به رأس الناقة للدلالة على أن رأسها كان كبير، وقِيل في بعض المعاجم أن البرطيل هو الحجر الذي يستخدم في سلاح المنجنيق.
معنى البيت
يُسهب الشاعر في وصف كل عضو في أعضاء الناقة، فنراه في هذا البيت يركز على وصف رأسها الكبير الذي يعطيها قوة كبيرة.
نكمل شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد بباقي الأبيات.
شرح تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ
يقول البيت: ” تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ *** في غارِزٍ لَم تَخَوَّنَهُ الأَحاليلُ”
معاني الكلمات
- الخصل: جمع خصلة وهي مجموعة من الشعر.
- الغارز: الضرع.
- لَم تَخَوَّنَهُ: تنقصه.
- الأَحاليلُ: موضع خرج اللبن في الضرع.
معنى البيت
يستمر الشاعر في وصف ناقته، في الشطر الأول يصف ذيلها القوي المشبه بجريدة النخل ومتناسق الشعر ومُهذب.. أما في البيت يتحدث عن صفة قوة.. أي أنها قد يبس لبنها ولم تعد منتجة، هذا في علم العرب أن الناقة التي لا تدر اللبن تكون أقوى على المسير.
شرح قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها
” قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها *** عِتقٌ مُبينٌ وَفي الخَدَّينِ تَسهيلُ”
معاني الكلمات
- القناء: هو الاحديداب الذي يكون في الأف، فيقول ناقة قنواء وذكر أقنى.
معنى البيت
يكمل الشاعر وصف جمال الناقة، يصف سهولة خديها وشكل أنفها، مما يدل على أن هذه الناقة أصيلة، يروي في الخطيب التبريزي أن النبي – صلى الله عليه وسلم لما سمع هذا البيت سأل أصحابه الحاضرين: “ما حُرَّتَيها ؟” رد عليه بعضهم قالوا عينيها، وسكت بعض الصحابة لأنهم لا يعلمون، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أذٌنها، نسبها إلى الكرم”
شرح تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ
“تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ *** ذَوابِلٌ وَقعُهُنُّ الأَرضَ تَحليلُ”
معاني الكلمات
- الخدي: شكل من أشكال السير بالنسبة للنياق.
- اليسرات: قوائم الناقة.
- اللاحقة: الضامرة.
- الذوابل: جمع ذابلة وهي اليابسة ( يصف قوائمها بالنحول والخفة)
معنى البيت
يصف الشاعر ناقته هذه أنها تسرع في السير بقوائمها الرفيعة غير المترحلة التي تحركها بسرعة دون استرخاء، وترفعهم من على الأرض بسرعة فلا تكاد تلمس الأرض في حالة أنها كانت تلحق بالنوق التي تسبقها، فكأنها الرمح المنطلق الذي لا يوقفه شيء.
شرح سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَماً
نكمل وصف النياق في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد
إذ يقول البيت: “سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَماً *** لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ”
معاني الكلمات
- العُجاياتِ: جمع عجة وهي الجزء العصبي في قائمة الناقة أو في قوائم الخيل.
- الزيم: المتفرقة
- لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ: أي لم يضع تحت خفها نعل من الجلد حتى تستطيع المشي على الحجارة.
معنى البيت
يصف الشاعر الناقة في مسريها وقوتها على الأرض الحجرة، ويقول أن هذه الناقة شديدة وقوية ولونهما أسمر.. وهم مثل الرمح فهي عندما تمر من مكان تتناثر الحجارة وتتبعثر، بخلاف إنه لا يلبسها النعل الذي كان متعارف عليه عندما تمشي الإبل على الأراضي القاسية، وهذا لأنها ناقة قوية لا تحتاج لهذه الأشياء.
شرح كَأَنَّ أَوْبَ ذرَاعَيْهَا وَقَد عَرِقَتْ
يقول البيت: ” كَأَنَّ أَوْبَ ذرَاعَيْهَا وَقَد عَرِقَتْ *** وقَدْ تَلَفَّعَ بالقُورِ العَسَاقِيلُ”
معاني الكلمات
- أوب زراعيها: رجوع أطرافها للخلف حين مشيها.
- إذا عرقت: وقت الحر الشديد.
- القور: جمع قار، والقار هو موضع مرتفع من الأرض.
- العَسَاقِيل: السراب (ما يراه المسافر فيحسبه ماء)
معنى البيت
يصف الشاعر سرعتها وقوتها وكمية المجهود الذي تبذله هذه الناقة، فكمية العرق الذي يتساقط من أطرافها حين ترجعهم بسرعة للخلف كأنها السراب.
شرح يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِداً
استكمالًا لوصف الناقة في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت هذا:
“يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِداً *** كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ” وفي رواية “مُصطَخِماً”
معاني الكلمات
- الحرباء: دابة تحب الشمس وتستقبلها بكل جسمها (الحرباء أحد أنواع الزواحف)
- مُصطَخِدًا: منتصبًا.
- ضاحية: المكان التي تستقبل من الشمس.
معنى البيت
يصف الشاعر الأماكن التي تسير فيها ناقته دون أي خوف ولا رهبة، في الوقت الحار الشديد والشمس تحرق الأرض كأنها كرات نار.
شرح وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت
يقول البيت: “وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت *** وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا”
معاني الكلمات
- الجنادب: جمع جندب وهو ذكر الجراد، ويجري الجراد وقت الهجرة مع تحريج أجنحته فيسمع الناس لهم صوتًا.
- قيلوا: من القيلولة.
- ورق: جمع أوارق وهو الأخضر المائل إلى السواد، وهذا النوع من الأوراق يكون في الأراضي القفر البعيدة الموحشة
- الحادي: الرجل الذي ينشط الإبل على المشي.
معنى البيت
يصف الشاعر درجة الحرارة العالي في الأماكن المقفرة، وأن الناقة العظيمة تسير بلا تعب ولا مشقة.
شرح شَدَّ النهارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ
بعدما قدما الأبيات السابقة من شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد نكمل بالبيت:
“شَدَّ النهارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ *** قامَت فَجاوَبَها نُكدٌ مَثاكيلُ”
معاني الكلمات
- شد النهار: ارتفعت الشمس في كبد السماء.
- العطيل: الطويل.
- النصف: بين الشابة والكهلة.
- النكد: النساء اللائي لا يعيش لهن ولد.
- مثاكيل: النساء اللائي فقدن أولادهن.
معنى البيت
يقول الشاعر عن ناقته الأسطورية هذه أنه عندما يشتد الحر في النهار أثناء السفر، لا تقف ولا تكسل وإنما تزيد سرعتها وترفع أقدامها مثل النساء الذين يبكون على أولادهن الذين فقدوهم.
شرح نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها
“نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها *** لَمّا نَعى بِكرَها الناعونَ مَعقولُ”
معاني الكلمات
- نواحة: اسم فاعل وصيغة مبالغة.. وهو البكاء الكثير.
- الرخوة: هي المسترخية.
- الضبع: هو العضد.
- بكرها: البكر هو الولد الأول للرجل أو للمرأة.
معنى البيت
يصف الشاعر هؤلاء النساء اللاتي ذكرهن في البيت السابق.. ويقول أن ناقته مثل امرأة كثيرة النواح تُحرك يدها بصورة سريعة وهي مسترخية العضد، لكن لما أخبرها الناس بموت فلذة كبدها طار عقلها وأصبحت تشقق بيديها وجهها.
اقرأ أيضًا: شرح نص هل يخفى القمر وخصائص شعر عمر بن أبي ربيعة
شرح تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها
استكمالًا لما قدمناه في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها *** مُشَقَّقٌ عَن تَراقيها رَعابيلُ”
معاني الكلمات
- تفري: تقطع وبشدة وعنف.
- اللبان: الصدر.
- المدرع: هو قميص المرأة.
- التراقي: جمع ترقوة، وهي عظمة بارزة في الصدر، التي تقع عليها القلادة
- الرعابيل: القطع.
معنى البيت
يُكمل الشاعر وصف المرأة الباكية وأنها تقطع ملابسها وجسمها من النواح وتضرب صدرها.
شرح يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم
“يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم *** إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ”
معاني الكلمات
- الوشاة: هو جمع واشي وهو الذي يسعى للوقيعة وينقل الكلام كذب بين الناس.
- بِجَنبَيها: تعمل نفس معنى حوليها.
معنى البيت
أن الوشاة يسعون حول محبوبته سعاد.. الذي ذكر سابقًا إنه لا يمكنه الوصل إلى مكانها إلا بالإبل القوية، وهناك من وشى إلها بوعيد الرسول -صلى الله عليه وسلم – له بالقتل.
شرح البيتين وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ
“وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ *** لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ”
“فَقُلتُ خَلّوا طَريقي لا أَبا لَكُمُ *** فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ”
معاني الكلمات
- الخليل: الصاحب والرفيق.
- آمله: أتوسم فيه الخير وألجئ إليه.
- لا أُلفِيَنَّكَ: اشغلنك.
- لا أبا: كلمة تقال للمدح أو للذم.
معنى البيتين
يقول كعب ابن زهير أنه عندما علم بوعيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استجار ببعض أصدقائه الذين كان يتوسم فيهم أن يجيروه؛ فلم يجيره أحد، ولما يأس من أن ينصره أحد منهم، أمرهم أن يتركوه ولا يقف بينه وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن يتركوه إلى أن يصل يقف بين يديه، ليقضي فيه حكمه، فإنه قد أيقن أن كل شيء بقدر الله تعالى.
شرح كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُه
“كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ *** يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ”
معاني الكلمات
- حدباء: صعبة.
معنى البيت
يجري البيت مجرى الحكمة، يقول الشاعر أن كل إنسان وأن طالت سلامته في الدنيا وبعد عن الحوادث والآفات، لابد أن يأتي عليه يوم ويموت.
شرح أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
“أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني *** وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ”
معاني الكلمات
- أنبئت: أُخبرت.
- الوعد: يكون في الخبر الجيد والخير، الوعيد والإيعاد يكونا في الشر.
معنى البيت
يقول الشاعر أنه تم إخباره أن الرسول وعده بالأمان، وهو يأمل في عفو الرسول – صلى الله عليه وسلم- عنه.
شرح مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ
“مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال *** قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ”
معاني الكلمات
- نافلة: الزيادة
معنى البيت
يستعطف كعب ابن زهير الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعف عنه، وستعطفه بالقرآن الذي أنزله عليه الله تعالى، وزاده عليه مواعظ.
نُكمل غرض الاعتذار في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد..
شرح لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ
“لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم *** أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ”
معنى البيت
يقول كعب بن زهير إني لم أذنب فلا تأخذني بأقوال الوشاة الذين يسعون للإفساد بيننا.
شرح لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ
“لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ *** أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ”
وروي: “إني أقوم مقامًا لو يقوم بِهِ *** أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ”
معنى البيت
هناك محذوف في البيت تقديره هائلًا، فيقول الشاعر لقد أقوم/ إني أقوم مقامًا هائلًا أرى وأسمع أشياء لو رآها وسمعها الفيل.
اقرأ أيضًا: شرح نص غربة العشاق وقصة الحب بين جميل وبثينة
شرح لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ
“لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ *** مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ”
معاني الكلمات
- تنويل: على وزن تفعيل من النول، وهو الإعطاء والهبة.
معنى البيت
يكمل الشاعر المعنى الذي بدأه في البيت السابق في سياق مُتصل فيقول أنه إذا كان هذا الفيل سمع ورأى ما سمعت ورأيت لظل يرتعد خوفًا، إلا أن يكون له من الرسول -صلى الله عليه وسلم- العفو، ونلاحظ أنه استخدم الفيل لأنه أكبر المخلوقات وأعظمها بالنسبة للعرب.
كما أنه قدم بقوله: (بِإِذنِ اللَهِ).. في هذه إشارة إلى قوله تعالى: “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” [النجم: 3، 4]، فكل شيء بأمر من الله تعالى.
شرح مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً
غرض وصف الرحلة في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً *** جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ”
معاني الكلمات
- البيداء: هي الصحراء، المفازة وإنما سُميت مفازة لأن من ينجو منها فقد فاز.
معنى البيت
يصف الشاعر رحلته إنه كان يقطع الصحاري في الليل مرتدي درع الحرب كامل، تحت غطاء الظلام.
شرح حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
نبدأ في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد غرض طلب السماح والصفح فيقول البيت:
“حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ *** في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ”
ويروى في بعض المصادر:
“حتى جعلت يَميني لا أُنازِعُهُ *** في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ”
معاني الكلمات
- لا أنازعه: لا أجاذبه.
- نقمات: جمع نقمة وهي ما ضد الرحمة من سوء.
- قيلُهُ القيلُ: أي قول القول (فعل الفعل)، القول إذا قاله أحد.
معنى البيت
يقول الشاعر إنه أتى ليضع يده في يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطاعة منه غير مجبر من أحد.
شرح لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ
في وصف هيبة الرسول –صلى الله عليه وسلم في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ *** وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ”
ويروى في بعض المصادر:
“لذاك أرهب عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ *** وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ”
معاني الكلمات
- منسوب: هناك أقوال منسوبة إليك، قلتها.. قيل منسوب من النسب أي أنك من قبيلة عظيمة فكيف يصدر عنك هذا الكلام.
معنى البيت
يصف الشاعر حالته النفسية عندما يقف بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو خائف وفي رهبة كبيرة بسبب ما يُنسب إليه من أقوال.. وبسبب أن قبيلته التي يُنسب إليها عظيمة، فكيف يصدر منه مثل هذه الأقوال، وأن قبيلته لن تحميه، وسوف يتم سؤاله ومحاسبته على كل كلمة قالها.
شرح من خادر من ليوث الأسد مسكنه
“من خادر من ليوث الأسد مسكنه *** من بَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ”
ويروى “مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً *** بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ”
معاني الكلمات
- خادر: دخل في الخدر، الخدر هو البيت الصغير أو الهودج أو الخيمة الصغيرة للنساء.
- ضيغم: على وزن فعيل من الضغم وهو العض.
- الغيل: مكان الأسد.
- ضراء: جمع ضار، الشيء المؤذي.. وهو من أسماء الأسد ومنه جاءت تسمية ضواري.
- عثر: اسم مكان في الصحراء يعرفونه.
معنى البيت
يقول كعب بن زهير أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أكثر هيبة من الأسد في عرينه، وأنه يخاف منه أكثر من خوفه من أقوى الأسود في مكان يعرفه العرب جميعًا.
شرح يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما
يردف في نفس المعنى في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد.. يقول البيت:
“يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما ***لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ”
معاني الكلمات
- يلحم: يأكل اللحم.
- ضرغامين: أسدين.
- معفور: من العفر، وهو التراب الخفيف.
- الخراذيل: المقطع، فخرذل اللحم أي قطعه، وردت في المعاجم العربية بحرفي الذال والدال كلاهما صحيح، فتقول خراديل وخراذيل.
معنى البيت
يصف الشاعر هذا الأسد بأنه يأكل لحوم من القوم، يذهب أول النهار ليصطاد ليطعم صغاره، وأن اللحم في عرينه كثير مُلقى في التراب قطع صغيرة، معنى ذلك أنه يذهب للصيد كل يوم ويصيد دواب كبيرة، وهذا يُعطي هيبة أكبر للوصف.
شرح إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ
“إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ ***أ َن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ”
وروى: “إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ ***أ َن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَجدولُ“
معاني الكلمات
- يُساوِرُ: المساورة هي المواثبة، والسًّور هو الوثب ذاته.
- القرن: المقاوم في البطش.
- لا يحل له: لا يمنعه أحد، لا يُمنع.
- المفلول: المهزوم/ المكسور، الهارب بعد هزيمة.
- المجدول: هو المرمي بالجدالة، والجدالة هي وجه الأرض العارية من الحشائش.
معنى البيت
يُكمل الشاعر وصف صفات هذا الأسد القوي، فيقول أنه إذا ألتقى مع شخص يقاومه ويتصارع معه؛ لا يترك هذا الشخص إلا وهو مقتول أو مهزوم مكسور هارب أو مرمي جثة هامدة على الأرض.
شرح مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً
في وصف الأسد في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد يقول البيت:
“مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِزَةً *** وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ”
معاني الكلمات
- ضامزة: ممسكة، والضمز هو الإمساك.. ووردت بحرف الراء بدل من الزاي ببعض المصادر وبنفس المعنى.
- الأَراجيلُ: الناس الراجل أي الذين لا يركبون دابة، والحيوانات البرية التي تمشي.
معنى البيت
يكمل الشاعر وصفه لهذا الأسد المهيب، فيقول أنه يكمن في مسمنه بهدوء دون أدنى اهتمام، رغم ذلك تخاف الحيوانات والحمر الوحشية أن تقرب من هذا الوادي الذي يسكنه.
شرح وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ
“وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ *** مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ”
معاني الكلمات
- أخو ثقة: يقصد الرج الواثق من نفسه.
- البز: السلاح (يُقال على السلاح عامة وعلى الدرع والسيف والمغفرة”
- الدرسان: الأثنين من الثياب.
معنى البيت
يصف الشاعر انتقاء الأسد لمن يأكلهم، فيقول أن هذا الأسد لا يمر من واديه إلا الشجاع الذي لا يخاف أحد ولا يخشى الموت، فيلقي سلاحه وثيابه خلفه.. وأن هذا الأسد لا يأكل سوى الشجعان ولا يلتفت للجبناء ولا يستلذ طعم لحومهم.
شرح إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
يبدأ مدح سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد فقول البيت: “إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ *** مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ”
معاني الكلمات
- يُستَضاءُ: يُطلب به الإضاءة، فينير الطريق.
- مُهَنَّدٌ: اسم من أنواع السيوف القوية منسوب إلى الهند، فيُقال سيف مُهَنَّدٌ، وسيف هنداوي.
معنى البيت
يُشبه الشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيف الله المختار الذي سوف يُضيء الطريق للعالمين وهذه استعارة.
شرح في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
يصف المهاجرين في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد ببيت يقول:
“في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم *** بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا”
ويروى في بعض المصادر:
“في فتيةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم *** بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا”
معاني الكلمات
- العصبة: هم الجماعة من الناس.. يتراوح عددهم بين العشر أشخاص إلى أربعين شخص
- زولوا: أي هاجروا من مكة إلى المدينة.
معنى البيت
ينتقل الشاعر إلى وصف المهاجرين الذين استمعوا إلى كلام سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- حين أمرهم بأمر من الله بالهجرة من مكة إلى المدينة.
شرح زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
“زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ *** عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ”
معاني الكلمات
- أنكاس: جمع نكس وهو الرجل الضعيف.
- الكشف: جمع كلمة أكشف، هو الرجل الذي لا سلاح له ولا يحمل شيء للحرب.
- ميل: جمع كلمة أميال ومائل، وهو الذي لا يعرف ركوب الخيل ولا يستطيع الثبات على ظهره، ويميل على أحد الجانبين بالسرج.
- معازيل: من قول العرب “الرجل أعزل” أي أنه لا يحمل سلاح.
معنى البيت
أن هؤلاء المهاجرين العظماء زالوا من مكة وامتسلوا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رغم إنهم ليس فيهم أي صفة من هذه الصفات بل هم فرسان مهرة مسلحين.
شرح شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
يستكمل وصف المهاجرين في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد بقوله..
“شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ *** مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ”
معاني الكلمات
- شم: جمع أشم، تعنى الارتفاع والعلو.
- العَرانينِ: جمع عرنين، وتعني الأنوف.
- الأبطال: جمع بطل، وهو الشخص الذي يُبطل عنده الدم ولا يطلبه أحد بالثأر خوفًا منه، وقيل البطل هو الذي تبطل فيه الحيل والخطط فلا يصل إليه أحد.
- لَبوسُ: هو ما يلبس المحارب.
- سَرابيلُ: كل ما يلبسه الإنسان من لبس عادي أو لبس الحرب من الدروع وما إلى ذلك.
معنى البيت
يصف الشاعر هؤلاء المهاجرين بأن أنوفهم عالية مرتفعة كناية عن النبل والشأن العالي والعزة.. وهم أبطال الجميع يخاف منهم وذكائهم لا يُقعهم في أي فخ ولا تفلح معهم الخطط، ويصف لبس الحرب خاصتهم كأنه من صنع النبي داود – عليه السلام- كناية عن العظمة.
شرح بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
“بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ *** كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ”
ويروى في بعض المصادر:
“بيضٌ سَوابِغُ قَد سكَّت لَها حَلَقٌ *** كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ”
معاني الكلمات
- بيض: جمع أبيض والمقصود بها الدروع.
- السوابغ: جمع سابغة وهي الدروع التامة التي تغطي كامل جسم المحارب.
- قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ: يقصد أنه لها حلقات تدخل في بعضها البعض متصلة، وهذه تكون في الدروع المضاعفة ذات الطبقتين القوية.. وأصل الشك هو إدخال الشيء في الآخر.
- قَد سكَّت لَها حَلَقٌ: يقصد أنها ضيقة ومناسبة بالضبط على صاحبها وأصل السك هو الضيق، أي أن هذه الدروع دون فتحات فقد سُكت كلها.
- القَفعاءِ: نبات متشابك ينموا على وجه الأرض، له حلقات تشبه حلقات الدروع.
- المجدول: المحكم الصانعة، ومنه جدل الشعر أي جعله ضفائر متداخلة.
معنى البيت
يصف الشاعر دروع الفرسان المهاجرين من المسلمين.. على أنها دروع مصقولة لامعة كأنها بيضاء قوية مضاعفة الحجم طويلة، وتامة التداخل في بعضها البعض محكمة الصناعة، وفي هذا توضيح لمدى قوة هؤلاء الرجال ومقدرتهم الحربية.
شرح لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ
“لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ *** قَوماً وَلَيسوا مَجازيعًا إِذا نيلوا”
معاني الكلمات
- مجازيع: جمع مجزع وهو كثير الجزع والحزن والندم.
معنى البيت
أن هؤلاء الرجال لا يقاتلون من أجل الدنيا فلا يفرحوا بالنصر لشخصهم ولا يجزعون ويحزنون لضر أصابهم، فهدفهم هو الحياة الأخرى، قال الله تعالى: “لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” ( الحديد 23).
شرح يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
“يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم *** ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ”
معاني الكلمات
- الزُهرِ: جمع أزهر وزهراء.
- يَعصِمُهُم: يجمعهم.
- عَرَّدَ: قر.
- لتَنابيلُ: جع كلمة تنبال وهو القصير.
معنى البيت
يصف كعب بن زهير الفرسان المهاجرين حين يمشون إلى الحرب كأنهم الجمال البيض العظيمة، ويمنعهم من الضرب إذا الناس هربوا، وهذه كناية عن مدى عظمة هؤلاء الفرسان.
شرح لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
يُنهي شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد بوصفه لشجاعة المهاجرين بقوله..
“لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ *** ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ”
معنى البيت
يُنهي الشاعر قصيدته بالوصف الأخير لشجاعة واقدام هؤلاء الفرسان المهاجرين، فغنهم لا يهربون من أرض المعركة منهزمين، فيتم قتلهم من ظهورهم، بل إنهم عندما يطعنهم عدو يكون ذلك في الصدور والرقاب، يلاقون عدوهم وجهًا لوجه ولا يخافون إلا الله تعالى، ولا يتأخرون عن الموت بل يبحثون عنه إذا تأخر.
سبب تسمية قصيدة بانت سعاد بالبردة
بعد أن قدمنا لكم شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد نجد أن كثير من الناس يطلقون عليها بردة كعب ابن زهير، وذلك فيه جدل عند علماء الأدب العربي، فانقسموا إلى فريقين:
الأول: أنها سُمِيت بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدى لكعب بن زهير بردته بعدما ألقى عليه هذه القصيدة.. وهذا هو الرأي الذي مال إليه الخطيب التبريزي في شرحه للقصيدة.
الثاني: أن هذه التسمية خطأ وأن البردة هي فقط بردة البوصيري، أن القصيدة الخاصة بكعب بن زهير تُسمى لامية كعب بن زهير، وهذا الرأي مال إليه ابن سلام الجمحي.
قصة قصيدة بانت سعاد
تحكي المصادر أن جبير ترك أخيه كعب بن زهير وذهب ليسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، فلم بلغ كعب ذلك أنشد قصيدة يذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بسوء.
لما بلغ ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم أهدر دمه، وقال “مَنْ لَقِيَ كَعْبًا فَلْيَقْتُلْهُ، فكتب إليه أخوه أن يسلم وأن يأتي مسلم ويعتذر للرسول صلى الله عليه وسلم، فلما جاء واعتذر وأنكر ما قاله.. وقال أن هذا البيت ما قاله في آخر القصيدة..
“سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةً … وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا”
وليس الذي وصله، فأمنه رسول الله
ثم أنشد كعب بن زهير القصيدة التي ذكرناها.
اقرأ أيضًا: عيد بأي حال عدت يا عيد: شرح قصيدة العيد للمتنبي
المصادر
اعتمدنا في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد على عدة مصادر قديمة وحديثة، أهمها:
- معجم العين للخليل.
- شرح أبي عباس أحمد بن يحيي للقصيدة.
- شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد لابن دريد.
- شرح الإمام السيوطي للقصيدة.
- مقال الدكتور علي جواد الطاهر في شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد بعنوان “بانت سعاد في تحقيقات لشروحها”.
- ديوان كعب بن زهير شرح أبي سعيد الحسن بن الحسن.
بذلك نكون قد قدمنا لكم شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد متحرين الدقة في المعاني والألفاظ والسياق الدلالي لكل بيت، نرجو أن نكون قد أفدناكم.