لا يدخل الجنة قاطع رحم وأهمية صله الرحم
لا يدخل الجنة قاطع فلقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يخلق الإنسان من نسل أب وأم لهما أخوة وأخوات ولهما أمهات وآباء وعمات وخالات ليجد الإنسان نفسه منذ اللحظة الأولى محاطًا بالأهل وأقارب وذوي الرحم، فيأنس بالرعاية والاهتمام من الأب والأم ويأنس بالصحبة والأنس والمراعاة من قبل العمات والخالات ويتمتع بطيب المعاملة وحسن العشرة فينشأ سويًا، لا يعاني ويلات الوحدة ولا مرارة الوحشة، فذوي الرحم والقرابة نعمة من الله تستوجب الشكر وهنا سينصب حديثنا على البر بذوي الرحم والإحسان، وتوضيح معنى لا يدخل الجنة قاطع عبر موقع زيادة
لا يدخل الجنة قاطع
ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم حديث يرويه عنه أبي محمد جبير بن مطعم عنه –صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يدخل الجنة قاطع وقَالَ سفيان في روايته: يَعْني: قاطِع رحِم. متفقٌ عَلَيهِ.
وفي هذا الحديث الشريف دلالة واضحة على حرمة قطع الرحم إذ توعد الله فاعل هذا الذنب بالحرمان من الجنة، وهذا لعمري أقسى عقوبة يمكن أن يعاقب بها مسلم، ويدل على عظم الذنب وقبحه.
» نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: أحاديث صلة الرحم وفضلها وحكم قطعها بسبب الميراث
معنى الرحم والمقصود بها
إن المتأمل لمعنى الرحم وتعريفها ودلالتها يستشعر عظمتها وقيمتها، فكلمة رحم في اللغة تطلق على موضع تكوين الجنين وحمله في بطن الأم، كما تطلق على معنى القرابة وأسبابها، ويقال ألو الرحم لكل الأقارب الذين تجمع بينهم وبين الإنسان صلة دم وقربى.
المقصود بصلة الرحم
يقصد بصلة الرحم وصلها بالزيارة والسؤال وتفقد الأحوال، والإحسان إلى كل من تربطنا بهم تلك الرابطة المقدسة وتشمل الرحم الأخوة والأخوات والآباء والأمهات، والعمات والخالات والجدود والجدات وكل من تجمعنا بهم قرابة.
مع العلم أن هناك قرابة قريبة جدًا مثل الأم والأب والأخوة وهناك قرابة أبعد كالعمات والخالات وأبعد منهم كأبناء العمات وأبناء الخالات وهكذا.
والمسلم مأمور بوصل الرحم والإحسان إلى أقاربه كل بحسب درجة قربه واحتياجه والإحسان إليهم في حدود مقدرته وطاقته، ومنهي عن هجرهم أو قطع الصلة بهم فضلًا عن مخاصمتهم أو عقوقهم.
حث القرآن الكريم والسنة النبوية على صلة الأرحام والتنفير من قطعها
لقد ورد الكثير من الآيات في الحث على صلة الرحم وبيان فضائلها ومنزلة تلك القربى العظيمة عند الله عز وجل ومنها قول الله عز وجل في سورة الرعد: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ).
فالله عز وجل هنا يمتدح واصل الرحم ويزكيه ويثني عليه، ويصفه بخشية الله عز وجل والخوف من سوء الحساب، وهذا مقام المسلمين والصالحين والعارفين، ومنه أيضا قوله عز وجل: (وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ).
أما السنة النبوية فهي زاخرة بالأثار والأحاديث التي تحث على صلة الرحم وتدعو إليها ومنها قول رسول الله صلى اله عليه وسلم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ).
وكذلك قوله –صلى الله عليه وسلم- في موضع آخر: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
وكما وردت تلك الأثار وغيرها في الحث على صلة الأرحام وردت أيضًا آثارًا قرآنية ونبوية مباركة تؤكد على تحريم قطيعة الرحم وتنفر ومنها، أما الآيات فكثيرة ومنها قوله عز وجل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ• أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ).
فالمتأمل للآية الكريمة يرى أن قطيعة الرحم معصية كبيرة لدرجة أنها تستوجب لعنة الله والعياذ بالله، واللعن هو الطرد من رحمة الله، ثم يؤكد الله عز وجل وجوب اللعن لهؤلاء الأشقياء من قاطعي الأرحام، وسوء المنقلب الذي ينتظرهم في آية أخرى فيقول:
(وَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
أما السنة النبوية فقد أكدت على حرمة قطع الأرحام ونفرت منها أيما تنفير وبينت جرائرها وسوء عاقبتها وحذرت مرتكبها ومما يدلنا على ذلك حديث أبي هريرة –رضي الله عنه وأرضاه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
( إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قامت وقالت: يا رب، هذا مقام العائِذ بك من القطيعة، فقال الله لها جلَّ وعلا: ألا ترضين أن أَصِلَ مَن وصلَكِ، وأن أقطعَ مَن قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك).
وفي موضع آخر يقول –صلى الله عليه وسلم-: (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم)، وغيره الكثير والكثير من الأحاديث الشريفة التي تصب في بوتقة واحدة وهي الحث على صلة الرحم والتنفير من قطعها.
ولعل المتأمل في فضائل صلة الأرحام يدرك أنه المنتفع الأول بها فقد وعد الله فاعلها بسعة الرزق وطول العمر والبركة فيه، وما أحوجنا إلى ذلك وليس ذلك فحسب بل أن واصل الرحم يحظى بمحبة الأهل والأقارب ودعواتهم ومحبة الله عز وجل، ويتمتع بالقبول بين الخلق والتوفيق في حياته.
كما إنه إن تغير حاله فمسه سوء وجد أهله وأقاربه ملتفين حوله مساندين له في جميع أحواله، ولعلنا نستطيع اجمال فضائل وثمار صلة الرحم في النقاط التالية:
- البركة والكثرة في النعم وفيما يرزق به الإنسان.
- تقوية روابط الأخوة وبناء أسر متماسكة، وبالتالي بناء مجتمعات مترابطة وقوية يسودها المودة والمحبة وحسن العشرة.
- سبب من أسباب حسن الخاتمة والميتة السوية.
- سبب من أسباب الغنى وسعة الرزق.
- سبب في طول العمر والبركة فيه بالهداية من لدن الله عز وجل والتوفيق للعمل الصالح الطيب المقبول عنده.
- تنطوي صلة الرحم على تحقيق معنى الصلة بالله عز وجل، فالرحم هي كلمة مشتقة من اسم الله الرحمن، ومن وصلها فهو موعود بالصلة من الله عز وجل ومن قطعها موعود بالقطيعة.
» نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: حديث شريف عن بر الوالدين وصلة الأرحام
من هم الرحم الذين يجب وصلهم
اختلف العلماء في بيان وتحديد ذوي الأرحام الذين يجب على المسلم وصلهم وبرهم فورد في ذلك ثلاث أقوال:
- القول الأول: أن حد الرحم الذي يجب وصله هو الرحم المحرم وهذا يشمل الأم والجدات، والأخوات، والخالات، والعمات، وبنات الاخوات وهكذا من المحارم الذين يحرمون حرمة أبدية على الانسان.
- القول الثاني: أنهم ذوي الرحم الذين يرثون، أما غيرهم فيستب وصلهم والإحسان إليهم كعامة المسلمين، ولكن لا يرقى إلى مرتبة الوجوب.
- القول الثالث: أن ذوي الرحم الواجب وصلهم هم الأقارب من النسب سواء كان لهم حق في الميراث أم لا، فهو أوسع وأشمل من الرأي الثاني.
» نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: كلمة عن صلة الرحم وأجمل العبارات عن عبارات عن صلة الرحم
وفي الختام كان هذا مقالنا عن لا يدخل الجنة قاطع وقد بينا معنى الحديث وكل ما يتعلق بصلة الرحم وقطعها في الكتاب والسنة، ونتمنى أن يكون مقالنا مفيدًا ونافعًا لك عزيزي القارئ.