التوابع في اللغة العربية
التوابع في اللغة العربية تندرج تحت أهم القواعد النحوية، ونظرًا لكون علم النحو من العلوم الضرورية عند دراسة اللغة العربية دراسة متقنة؛ وجب علينا الإشارة إلى قواعد التوابع في علم النحو من خلال موقع زيادة مع الاستعانة ببعض الأمثلة التي تعمل على توضيح القاعدة على القارئ على وجه مبسط.
التوابع في اللغة العربية
هي الكلمات التي تتبع اللفظ الذي يسبقها مباشرة في جميع الحالات الإعرابية؛ سواء أكانت نصب أو جر أو رفع أو جزم، كما أنها تتبعه في حالات التذكير والتأنيث والإفراد والجمع والتثنية، علاوةً على اتباعه في التعريف والتنكير.
تنقسم التوابع في اللغة العربية إلى أربعة أقسام رئيسية نتعرف على كل قسم منهم بشيء من التفاصيل في السطور القادمة:
١- النعت في اللغة العربية
بادئ ذي بدء في شرح التوابع في اللغة العربية نقوم بالإشارة إلى أول أقسام التوابع وأهمها وهو النعت، لأنه من القواعد المنتشرة كثيرًا في الجمل حيث يدل على معنى في المتبوع أو يدل على شيء متعلق بالمتبوع.
فإن النعت من التوابع في اللغة العربية ويوجد له الكثير من الأنواع التي نتناول كل نوع منها بالتفصيل مع شرحه بالأمثلة من خلال النقاط التالية:
- “رأيت طالبًا عبقريًا”، النعت الحقيقي وسمى بهذا الاسم لأنه يتبع منعوته في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير وغيرها من العلامات، ونجد أن كلمة عبقريًا في الجملة إعرابها نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- “احترم الطالب الكريم خُلقه”، هو نعت سببي والذي يتبع المنعوت في أمرين فقط وهم الحركة الإعرابية والتعريف والتنكير، الكريم في الجملة نعت يشير إلى خُلق الطالب ولا يشير إلى الطالب نفسه، كما أن إعرابه نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
بعد أن تعرفنا على أهم أنواع النعت في اللغة العربية ننتقل إلى التعرف على أهم صور النعت حيث ينقسم من حيث صورته إلى ثلاثة أشكال وهم:
- قول الله تعالى: “وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ“، هو مثال على النعت المفرد، وإعراب كلمة معلوم فيه نعت مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قول الله تعالى “وَاتَّقُوا يَومًا تُرْجِعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ”، هو إشارة إلى النعت الجملة، والجملة هنا لا يهم إذا كانت فعلية أم أسمية، ونجد أن جملة “ترجعون” عبارة عن جملة فعلية وقعت نعت في محل نصب، وهي تابعة لكلمة يومًا.
- مثال “عصفور في اليد”، هي إشارة إلى النعت شبه الجملة الذي يكون عبارة عن ظرف أو جار ومجرور، ونجد أن “في اليد” هي جار ومجرور.
اقرأ أيضًا: التوابع في اللغة العربية وأشكالهم
٢- البدل في اللغة العربية
استكمالًا لحديثنا عن التوابع في اللغة العربية نقوم بالتعرف معًا على ثاني قسم من أقسام التوابع وهو البدل الذي يشير إلى نسب شيء إلى شيء آخر أو شخص، ولمزيد من الفهم نتعرف على أنواع البدل وأهم الأمثلة عليه فيما يلي:
- “مررت بأخيك زيد”، هو بدل كل من كل أو ما يسمى باسم البدل المطابق، وسمى باسم المطابق لأنه يُطابق معناه، وفي هذا المثال نجد أنه قال أخيك زيد أي أنه لم يضف جديد إلى الجملة فهو فقط ذكر اسم أخيه.
كلمة أخيك في الجملة إعرابها بدل مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- “أكلت الرغيف نصفه”، بدل بعض من كل، وهو بدل الجزء من كله سواء كان الجزء قليل أم كثير، ويجب في هذا النوع أن يحتوي البدل على ضمير يعود على المبدل منه ويطابقه في العلامة الإعرابية.
في الجملة السابقة نجد أنها تشير إلى أكل جزء من الرغيف، وكلمة نصفه عبارة عن بدل بعض من كل منصوبة لأنها تتبع كلمة الرغيف.
- “يعجبني زيد خلقه”، الجملة عبارة عن بدل اشتمال، وهو بدل يدل على شيء من شيء آخر يشتمل عليه، وفي هذه الجملة دلالة على أن الشيء هو زيد والشيء المشتمل عليه هو خلقه الذي يعجبني، ويجب في هذا النوع ذكر ضمير متصل بالبدل يدل على المُبدل منه.
نجد في الجملة السابقة أن كلمة خلقه بدل اشتمال مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والهاء المتصلة به ضمير مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
علاقة البدل والمبدل منه
بعد أن أوضحنا المزيد من التفاصيل عن البدل وأنواعه نقوم بالتعرف على العلاقة التي تجمع بين البدل والمبدل منه مع دعم الشرح بمثال لتأكيد الفهم وذلك فيما يلي:
قال الله تعالى: “ لَنَسْفَعَنْ بالنّاصيةِ ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ“، نلاحظ من هذه الآية العلاقة بين البدل والمبدل منه ليست قائمة على التطابق في التعريف والتنكير، حيث إن كلمة ناصية هي البدل وهي نكرة، بينما بالناصية هي المُبدل منه وجاءت معرفة.
٣- التوكيد في اللغة العربية
في إطار حديثنا عن التوابع في اللغة العربية نقوم بالتعرف على ثالث قسم من أقسامها وهو التوكيد، والجدير بالذكر أنه يتم استخدامه في جمل اللغة العربية من أجل تأكيد معناها.
عند تعرفنا على التوكيد لابد لنا من التعرف على أنواعه حتى نستطيع التفريق بينهم وذلك من خلال أمثلة نذكرها أسفل كل نوع فيما يلي:
1- التوكيد اللفظي
هو التوكيد الذي يستخدم من أجل التأكيد على لفظ معين لضمان فهمه، ومن أهم الأمثلة على هذا النوع:
- “الخيرُ الخيرُ قادم”، تم تكرار كلمة الخير من أجل التأكيد على حدوث الخير في وقت قريب، والجدير بالذكر أن كلمة خير هنا إعرابها توكيد لفظي مرفوع بالضمة الظاهرة، والسبب في رفعه أنه يتبع كلمة خير الأولى التي وقعت مبتدأ.
- “حضر سعد حضر سعد”، تكرار الجملة مرتين أفاد التأكيد على حضور سعد، والجملة الفعلية كلها توكيد لفظي لا محل له من الإعراب.
- ” مررت بك بك “، تكرار الضمير أفاد التأكيد على أن المتكلم قد مر بالمستمع، وعند إعرابه نقول إنه توكيد لفظي لا محل له من الإعراب.
- “بلى بلى ذهبت”، تكرار حرف بلى في هذه الجملة يفيد التأكيد على الذهاب، وعند البحث عن إعرابه نجد أنه توكيد لفظي لا محل له من الإعراب.
2- التوكيد المعنوي
هذا النوع يُستخدم فيه ألفاظ معينة من أجل التأكيد ولا يتم فيه تكرار أي كلمة من كلمات الجملة، كما يشترط في هذا النوع أن يتم ذكر ضمير بعد الألفاظ الدالة عليه من أجل الإشارة إلى المؤكد.
من الألفاظ التي يتم ذكرها في الجمل من أجل التأكيد “نفس – ذات – عين – كل – جميع – عامةً – كلا – كلتا”، والأمثلة على استخدام هذه الألفاظ في جمل: “جاء الولد نفسه” نجد أن كلمة نفسه إعرابها توكيد معنوي مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
في المثال السابق نجد أن الهاء المتصلة بالتوكيد، إعرابها ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
اقرأ أيضًا: المرفوعات في اللغة العربية
٤- العطف في اللغة العربية
هو عبارة عن حرف يأتي بعد متبوعه والذي يسمى “المعطوف عليه” وبين الكلمة التي تليه ليربط بين الكلمتين، وهذا الحرف يتبع متبوعه في علامات الإعراب كلها.
عندما نجد في جمل اللغة العربية حرف الواو أو الفاء أو كلمة ثم أو حتى أو كلمة “أو” بل ولكن ولا، نتعرف على الفور على أن الجملة بها معطوف، وأنه لابد للكلمة التي تأتي بعد هذه الحروف أن تتبع الكلمة التي تسبقهم في حالات الإعراب.
مثال على العطف قول الله تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ“ ونلاحظ هنا أن حرف الواو هو حرف العطف الموجود في الآية، وهو عمل على عطف كلمة نوح على إبراهيم وجعلهم يأخذون نفس علامة الإعراب وهي النصب.
أنواع العطف في اللغة العربية
بعد أن تعرفنا على العطف وهو أهم التوابع في اللغة العربية، نتعرف على أهم أنواعه مع ذكر أمثلة على كل نوع وذلك فيما يلي:
١- عطف البيان
هو العطف الذي يأتي من أجل توضيح الكلمة التي تسبقه إذا لم تكن واضحة للقارئ، وهو أيضًا يتبع ما قبله في جميع العلامات، ومن أهم الأمثلة عليه قول الله تعالى: “مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ“ ونجد أن العطف هنا لم يتم باستخدام أدوات بل هو يبين لنا أن زيتونة جاءت بعد مباركة لتوضحها فقط.
كما نجد أن كلمة زيتونة مجرورة مثل كلمة شجرة، ونستدل بذلك من علامة الكسرة الظاهرة على آخر الكلمة.
٢- عطف النسق
هو النوع الأشهر في الاستخدام حيث إنه يظهر في جمل اللغة العربية في الحروف التي سبق وأشرنا لها، ومثال على هذا النوع جملة “أكرمت محمدًا ومحمودًا”، التي نجد فيها أن العطف تم من خلال استخدام حرف الواو الذي ربط بين محمد ومحمود وجعلتهما يأخذان نفس العلامة الإعرابية وهي النصب بالفتحة.
الجدير بالذكر أن حروف العطف لها الكثير من المعاني فقد تكون موجودة في الجملة لتدل على معنى “قد” أو ربما تدل على الهمزة أو النفي والتوكيد، لذلك يجب قبل تحديد نوع العطف التعرف إذا كان يعطي معنى العطف أم لا.
اقرأ أيضًا: أمثلة على النعت في اللغة العربية
أمثلة توضح طريقة إعراب المعطوف والمعطوف عليه
بعد أن تعرفنا على العطف وأنواعه ننتقل إلى الفقرة التالية التي نوضح فيها أهم الأمثلة على العطف، مما يتسنى لنا معرفة كيفية إعراب كل من المعطوف والمعطوف عليه:
- قول ابن الأشتر الفقعسي من كتاب شرح الشواهد الشعرية:
“أنّا ابنُ التَّاركِ الْبَكْريِّ بِشْرِ * عَليْهِ الطَّيْرُ تَرقَبُهُ وُقُوعَ“
نجد أن كلمة البكري تقع في الجملة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخر الحرف كما يعد المعطوف عليه في الجملة.
كذلك كلمة بشر هي العطف، ونوعها عطف بيان حيث لم يستخدم حرف من حروف العطف في الجملة، وبما إنها تتبع ما قبلها فنجدها مجرورة وعلامة جرها الكسرة الظاهرة.
- “يموت الناس حتى الأنبياء” مثال مشهور
نجد كلمة الناس في الجملة إعرابها فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخر الكلمة.
أما عن كلمة الأنبياء فهي المعطوف في الجملة وهي مرفوعة مثل كلمة الناس، وعلامة رفعها الضمة الظاهرة على آخرها، ونجد كلمة “حتى” هي حرف العطف بين الجملتين لذلك نوع العطف نسق.
- قول الله تعالى: “هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ“.
في الآية الكريمة حرف أم هو حرف العطف الذي يعطف الجملة الفعلية التي قبله “يستوي الأعمى والبصير” بالجملة التي بعده “تستوي الظلمات والنور”.
إن اللغة العربية تتميز بعمق مرادفاتها وتعدد قواعدها، فلكل جانب قاعدة تحكمه، كما الحال للتوابع في اللغة العربية التي تحكمها بعض القواعد النحوية.