هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان وحكم ختمه؟

هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟ وما الأدلة الشرعية من القرآن أو السنة التي تم الاستناد إليها في تكوين الأحكام حيال هذا الأمر؟ حيث تُعد قراءة القرآن الكريم نور منحة الله لعباده في رمضان، تُشفى به الصدور، وتُنار به القلوب، وبناءً عليه يُعد الحرمان منه أمر يُكدر المرأة المسلمة، وانطلاقًا من هذا يقدم اليوم موقع زيادة الإجابة عن هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟ في ضوء الرؤية الصحيحة للدين.

هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟

هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان وحكم ختمه؟

أنزل الله القرآن في شهر رمضان، حيث قال -تعالى-: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ” سورة البقرة الآية 185، لهذا تُعد قراءة القرآن في رمضان من أكثر الأعمال المحببة والتي ترفع من منزله العبد، وذلك بالارتقاء بروحه عبر فهمه للآيات، والارتقاء بألفاظه لأنه يُصبغ بالألفاظ القرآنية.

ناهيك عن الآجر والثواب، والذي يتشكل في: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ” صحيح الترمذي، لهذا يسعى المسلم لختم القرآن في هذا الشهر على وجه الأخص، ومن ثم عندما يأتي وقت الحيض على المرأة في هذا الشهر تحزن.

حيث تختلف الآراء حول وجوب انقطاعها عن قراءة القرآن وآراء أخرى تقول بجواز ذلك، لذلك سنوضح لكم هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟ بالاستدلال بالأدلة التي توضح جواز ذلك أو تحريم ذلك، وهذا فيما يلي:

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز تكملة ختم القرآن بعد رمضان؟

أدلة تحريم قراءة الحائض للقرآن في رمضان

تم تحريم قراءة الحائض للقرآن في رمضان بشكل عام، أي لا تقرأه حتى لو بلسانها، وتم الاستناد في هذا الرأي على حديث أجمع العلماء على ضعفه ألا وهو: “لا تقرأُ الحائضُ ولا الجنبُ شيئًا من القرآنِ”، وبناءً عليه ذهب أنصار هذا الرأي إلى منع المرأة الحائض منعًا باتًا من هذا الصواب استنادًا على حديث ضعيف.

من مؤيدي هذه الرأي: (الحنابلة، الحنفية، الشافعية)، ولكنهم أجازوا أن تنظر في القرآن وأن تردد آياته في قلبها، ويُفضل أن تفعل هذا من خلال ترديد الآيات التي تحفظها في قلبها.

أدلة جواز قراءة الحائض للقرآن في رمضان

الرأي الأكثر رجوحًا عند جمهور العلماء هو جواز قراءة القرآن للحائض، وأدلة هذا المذهب في حكمه هو أنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

“قَدِمْتُ مَكَّةَ وأَنَا حَائِضٌ، ولَمْ أَطُفْ بالبَيْتِ ولَا بيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ قالَتْ: فَشَكَوْتُ ذلكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: افْعَلِي كما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي” صحيح البخاري.

هذا الحديث يبين أن قراءة القرآن إن كان محرمة على الحائض لكان أولى برسول الله أن يذكر هذا هنا للسيدة عائشة، ولكنه منعها من الطواف لأنه كالصلاة -والله أعلم- ولكنه لم يمنعها من قراءة القرآن.

من أنصار هذا الرأي: (الظاهرية، ابن القيم، الطبري، ابن عثيمين)، وقال أنصار مذهب المالكية: “لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ إلَّا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ عِنْدَ أَخْذِهِ مَضْجَعَهُ، أَوْ يَتَعَوَّذُ لِارْتِيَاعٍ وَنَحْوِهِ لَا عَلَى جِهَةِ التِّلَاوَةِ، فَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَهَا أَنْ تَقْرَأَ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا، يُرِيدُ فَإِنْ طَهُرَتْ وَلَمْ تَغْتَسِلْ بِالْمَاءِ، فَلَا تَقْرَأُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا قد ملكت طهرها”.

أنصار هذا الرأي يذهبون أن هذا الأمر إن كان مكروه بأي شكل من الأشكال لكان حذر منه خاتم النبيين، حيث إنه قد بين للناس الظلام من النور، وأتم لنا الدين، فكيف للرسول ألا يُذكر شيء عن التحريم حينما كان نصف مجتمعه من النساء يحضن ولم يحذر إحداهن من قراءة آيات الله -والله أعلم- كما فعل فيما يخص الصيام والصلاة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين؟ ولمن تعطى؟

المسلمين ليسوا كآل إسرائيل

أغلب الظن -والله أعلم- أن الذهاب على أنه محرم على المرأة قراءة القراءة الكريم في رمضان هو إجحاف، حيث يبرز الشبه في هذا مع آل إسرائيل الذين يتجنبون المرأة أثناء الحيض، واعتبروها نجسة، ولم يشربوا أو يأكلوا معها، وما إلى آخره.

أما الإسلام دين وسط، والمرأة ليست بناجس حتى تُمنع عن قراءة القرآن حتى لو بلسانها في الشهر الفضيل، لأن دم الحيض نجس وليس المرأة نفسها كما كان يذهب آل إسرائيل من قبل، حيث إن: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يضَعُ رأسَه في حِجرِ إحدانا فيتلو القُرآنَ وهي حائضٌ” صحيح ابن حبان.

بناءً على كل ما سبق، فإنه من المرجح أنه لا حرج على المرأة الحائض أن تقرأ ما تيسر لها من القرآن في الشهر الكريم، ولكن تم تقييد ذلك بشروط، حيث إن القرآن الكريم مقدس: “لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)” سورة الواقعة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف؟

شروط قراءة المرأة للقرآن الكريم في رمضان

بعد الإجابة على سؤال هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟ وتوضيح البينات والدلائل فيما يتعلق به، نجد أن من قام بتأييد هذا الرأي حدد شروط لا بد من الالتزام بها حتى يتسنى للمرأة قراءة القرآن في رمضان، هذه الشروط هي:

  • عدم المس المباشر للقرآن بيد المرأة الحائض.
  • يجب التزام الإمساك بحائل لتقليب الصفحات مثل: (القفازات).

طرق مباحة لقراءة الحائض للقرآن في رمضان

يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ ما تيسر لها من القرآن في رمضان دون اللجوء لأمر الحائل في بعضه حالات، ألا وهي:

  • قراءة الحائض القرآن من كتب التفسير: ذلك حيث إن كتب التفسير لا تُعامل معاملة القرآن، أي إنها ليست كتاب الله صرف، بل يتداخل بها أقول وتفسيرات البشر، لهذا أجاز البعض إمكانية قراءة القرآن من هذه الكتب -والله أعلم-.
  • أن تقرأه عن ظهر قلب (غيبًا) إن كانت المرأة حافظة للكتاب.
  • أن تقرأه من الهاتف المحمول: حيث لا يُعامل لمس الجوال كلمس المصحف، حتى وإن حوى على تطبيق القرآن الكريم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب

هل يجب على الحائض الوضوء قبل قراءة القرآن الكريم؟

بالنسبة إلى الحائض يُعد هذا الأمر مكروه، ولكنه جائز لغير الحائض، إلا أنه بشكل عام يبيح بعض الفقهاء قراءة القرآن على غير وضوء على شرط الطهارة، وتم الاستناد في هذا على الحديث الشريف:

  • “حتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أوْ قَبْلَهُ بقَلِيلٍ أوْ بَعْدَهُ بقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عن وجْهِهِ بيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِن سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ منها فأحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي” صحيح البخاري.

هذا الحديث يوضح أن الوضوء ليس شرطًا لقراءة القرآن، حيث قرأ محمد (ص) من القرآن أولًا، ثم اتجه إلى الوضوء، ثم الصلاة، لهذا يُمكن هذا -والله أعلم- على شرط الطهارة.

ذهب آخرون إلى أن قراءة المسلم للقرآن من خلال أجهزة الجوال أو التابلت وغيرها لا تحتاج إلى وضوء.

حكم ذكر الله من قِبل الحائض في رمضان

نعم يجوز هذا، حيث يستحب أن تقول المرأة الحائض بذكر الله كثيرًا، هذا لأنها ممنوعة من الصلاة والصيام، ولذا ينبغي استغلال الوقت في الإكثار من ذكر الله، ولا يمنع حيضها ذكرها، حيث ورد عن الرسول (ص): كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يذكرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه” صحيح الترمذي.

كلمة على كل أحيانه تشير إلى أن هذا يتضمن أيضًا وقت الجنابة، وبناءً على هذا تم استشفاف أنه يُمكن بل ويسحب للحائض أن تذكر الله قدر المستطاع ولا حرج عليها في ذلك.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز تغميض العينين أثناء الصلاة وما الأفعال التي تبطل الصلاة

قراءة القرآن في رمضان عبادة ينبغي ألا تُترك، حيث إنه على المسلم أن يتحرى فعل الخيرات في هذا الشهر، لإدراك ثوابه، وحينما يصل لأخره يكون قد أظهر لله حُسنًا من نفسه، فيُغفر له -بإذن الله- لهذا ينبغي الإلمام بكافة الأحكام المتعلقة بالعبادات فيما يخص المرأة؛ لضرورة وقوعها في فترة الحيض كل شهر، ومن ثم تسقط عنها بعض العبادات، لهذا وضحنا إجابة سؤال هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه؟ ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.