هل يجوز ضرب الزوجة
هل يجوز ضرب الزوجة؟ هل يسمح الدين والعرف بذلك؟ وما هي الحالات التي من الممكن أن يضرب فيها الزوج زوجته؟ وبما أن هذا الأمر قد وصل إلى درجات من التعدي والإجرام بما لا يسمح به الشرع ولا القانون ولا العرف، لذا سنجيب لكم من خلال موقع زيادة عن سؤال هل يجوز ضرب الزوجة؟
هل يجوز ضرب الزوجة؟
إن الأصل هو معاملة الزوجة بكل محبة واحترام ويجب على الزوج الصبر على زوجته مهما كانت الظروف، ومهما كانت حالته المزاجية وذلك ما أمرنا به رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
أما الجواب المباشر في جواز ضرب الزوجة ليس بالأمر الذي يطيقه مسلم أبداً، بمعنى أن الجواب المباشر على سؤال هل يجوز ضرب الزوجة؟ بـ نعم أو بـ لا، ليس بالأمر المقبول.
وعلى هذا يجب أن يكون هناك تفصيل واضح ليس مبني على هوى الناس رجال أو نساء أزواج أو زوجات، فليس لنا نحن المسلمون خيرة في أي أمر قد شرعه الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم).
ومن رحمة الله تعالى ولطفه بنا أنه بيَّن لنا قاعدة أساسية واضحة ليس فيها لبس ولا اعوجاج في أمر إمكانية أن يضرب الرجل زوجته، وهي حالة واحدة كما أن لها شروط صارمة بينها لنا النبي (صلى الله عليه وسلم).
أما في غير هذه الحالة فأصل الأمر هو المودة والسكينة والمعروف بين الزوج وزوجته، فما جمع الله بينهما إلا ليكونا حبيبين وليسكن كل منهما إلى الآخر.
غير أن الشرع عندما جاء بنص واحد يسمح بضرب الزوجة فقد جاء بنصوص لا حصر لها في معاملة الزوجة أحسن ما يكون، بل فضلها في التعامل على سائر المقربين بعد مرتبة الأم.
ولتوضيح هذا الأمر للسائل عن هل يجوز ضرب الزوجة من منابع التشريع لكيلا تختلط الأمور على هوى الناس، نتطرق من هنا للأدلة والمراجع التي استند عليها التشريع والعُرف في الإسلام.
اقرأ أيضًا: حكم ضرب الزوجة لزوجها
تفصيل جواز ضرب الزوجة
يرجع أصل اعتماد الرجل على الشرع في أمر ضربه لزوجته على نص من كتاب الله تعالى في القرآن الكريم، وللأسف يكون هذا الاستناد غالباً أعمى وغير مقيد بالشروط الصارمة التي قيد بها الله تعالى هذا الفعل.
فكأنما يأخذ هذا الرجل الذي يضرب زوجته من القرآن ما يعجبه ويترك منه ما لا يميل إلى هواه، وفي ذلك بهتان وإثم مبين وظلم للزوجة، بل وللزوج نفسه الذي يظلم بيته ويهدد أسرته بالتفكك لعدم اتباع شرع الله تعالى على ما يجب أن يكون.
قال تعالى: ” وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا “ [النساء: 34]
في الآيات الكريمة حجة للزوج بأن يضرب زوجته في حالة واحدة فقط ولها شروطها الصارمة، فإذا خرجت الزوجة عن طاعة الزوج التي هي من أصول العلاقة الزوجية، بأن تمردت عليه بلا أسباب مقنعة بينة أو عصته في أمر يخالف الله ورسوله أو تعدت عليه سباً أو ضرباً.
ففي هذه الحالة أجاز الله تعالى للزوج فعل بعض الأمور التي يقوِّم بها سلوك الزوجة، ولكيلا يكون نشوز الزوجة أمر طبيعي ومعتاد بالمجتمع الإسلامي، وحفاظًا على البيوت والأطفال.
كيفية التعامل مع الزوجة التي ارتكبت خطأ كبير
هناك بعض الخطوات التي أمر الله بتنفيذها حتى يساعد في التعامل مع الزوجة التي تنشز عنه، وتساعد في تقويمها، وهذه الخطوات هي:
- النصيحة والتوجيه بالحسنى وبرقة: تبين صواب الرأي ورجاحة العقل وذلك بقوله تعالى “فعظوهن” وتلك هي الخطوة الأولى، وهي الأسلوب اللائق الغالب على عرف مجتمعنا المتسامح في أصله.
- الهجر: هو الخطوة الثانية لكي يتبين للزوجة أن زوجها بالفعل غير راضٍ عن أفعالها، وفي هجر النساء بالفراش ألم نفسي وإحساس بعدم الرغبة فيهن وهو أمر كبير عند النساء، فكان ذلك مؤشرًا وبيانًا على أن أفعال المرأة ليست سوية مع الزوج أو أنها لا تطيع الله فيه.
- الضرب: وهو آخر خطوة من الممكن أن يتبعها الزوج مع زوجته، بعد أن يتم الشرطين الأولين، مع ضرورة التأكيد والإعادة على إتمام الشرطين الأولين، بل وأن يكررهما حتى يتأكد من عدم جدواهم.
فإذا أتم الرجل هذين الشرطين ” النصيحة والهجر” وصبر عليها الكثير من الوقت، ولم يجد أي أنه آتى ثماره، ولم يجد حلًا أو نفعًا من ذلك فوقتها فقط يقع على الزوجة أمر الله تعالى بأن يضربها الزوج لو شعر بأن ذلك قد يؤتي جدواه، ولكن مع الشروط التالية:
- أن يكون الضرب غير مبرح ولا يسبب الكدمات، مثل أن يدفعها بلطف أو أن ينزغها بكتفها، بطريقة فقط توصل للمرأة فكرة أن زوجها عاقبها بضربها، وهذا هو الغرض.
- عدم مساس الوجه: حيث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهانا من أن نضرب أي أحد على وجهه، لأن الوجه هو واجهة الإنسان وكرامته، كما يُمكن ان يتسبب ذلك في إحداث أضرار بالغة.
- عدم السباب أو التقبيح: فحتى في أشد حالات الخلاف لا يجب على المسلم أن يهين أخاه المسلم، فما بالك أن تكون المُهانة هي الزوجة التي كرمها الله تعالى.
غير أن السب والشتم ينقص من قدر فاعله نفسه، ويقلل من مكانته في أعين الناس، ولا يرضى الله تعالى بذلك.
اقرأ أيضًا: حكم تعليق الزوجة الناشز
عدم الضرب المبرح للزوجة شرط أصيل
بتوضيحنا لأمر هل يجوز ضرب الزوجة؟ وبعد أن بينا أن الضرب ليس اختياراً بل اضطرارًا في أشد حالات المرأة نشوزاً، هنا نشدد على أمر أن الضرب إذا وقع في أشد هذه الحالات بعد تطبيق شروط الله تعالى وحدوده، وجب أن يكون غير مبرحاً أبدًا.
فعن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنه قال في حجة الوداع: ” اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ” رواه مسلم.
هنا بين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن اتقاء عقاب الله فيمن تعدى على النساء أمر عظيم، فمن أحسن فيه له الحسنى ومن خالف فيه فقد اعتدى.
ومن اضطر لتنفيذ آخر قاعدة من قواعد نشوز الزوجة، فليكن ضربه غير مبرح، ولو تمعنا في معنى غير مبرح في اللغة لتبين أنه الذي لا يبرح مكانه أي أن يكون الضرب على غير شدة أو قوة تتسبب في تحريك الزوجة من وقفتها التي هي عليها.
فضلا عن أن الضرب يجب ألًّا يمس الوجه مُطلقًا.
حكم الضرب على الوجه
بتوضيحنا لجواب هل يجوز ضرب الزوجة أم لا، يجب توضيح أمور لا يجوز تجاوزها مثل حكم المساس بالوجه للخلق المحترم، فما بال المساس بوجه أحد من بني آدم بل الزوجة، وهذا الدليل:
عَنْ مُعَاوِيَةَ بن حَيْدَة الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ).
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَلَا تُقَبِّحْ: أَنْ تَقُولَ قَبَّحَكِ اللَّهُ.
اقرأ أيضًا: حق الزوجة على الزوج في المعاملة
ضرب الزوجات حالياً
من يسأل الآن من الرجال هل يجوز ضرب الزوجة؟ أم لا ففي غالب الأمر يسأل لكي يكون له الحق في ذلك فقط وليستخدم هذا الأمر على هواه بلا ضوابط، ومشكلة العصر في أمر سؤالنا هل يجوز ضرب الزوجة؟ فهي أن الزوج قد يهم بضرب الزوجة أو يضربها فعلياً بضرب صريح مبرح لأسباب على هواه، وقد تكون الزوجة هي المحقة في خلافها وبالرغم من هذا يدعي الحق.
بل أنه يتعدى على شرع الله تعالى بأن يضربها دون تنفيذ شرط الله المسبق بالنصح أو الهجر، حتى أن هذين الشرطين لا يجوز له تطبيقهما إلا بأن تكون الزوجة غارقة بالخطأ ولا تطيعه في أي أمر.
وفي ظنِّي أن أمر تنفيذ ضرب الزوج للزوجة لا ينطبق على من هم ليسوا رجالاً ثقات يفهمون ما أمر به الله ويعملون ما عليهم قبل أن يعلمون ما لهم، ويستطيعون تقييم الأمور على قدرها، ويَزِنُونَ أفعالهم قبل أن يَزِنٌوا أفعال غيرهم.
ولننظر إلى فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع زوجاته، فمن أحرص في تطبيق دين الله تعالى من نبيه (صلى الله عليه وسلم).
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنه قالت: ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل.
فكان خيار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو الرقة والحلم والصبر على كل المسلمين فما باله بأزواجه (رضي الله عنهن)، ونذكر بواقعة إرسال إحدى أمهات المؤمنين الطعام إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه إلى بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
فلما رأت الطعام قد جاء من إحدى زوجات النبي الأخريات أطاحته فسقط على الأرض، فما كان من رسول الله (صلى الله عيه وسلم) إلا أن قال لأصحابه ” غارت أُمُّكُم “.
فتفهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما عند زوجته، وبالرغم من فعلها إلا أنه توجه إليها بلطف وأمرها أن تصنع طعاماً مثله وأن تردُّه لمن أرسلته، هكذا علم رسول الله زوجاته وأدبهن بالمعروف والحسنى، فما رفع يده على أي من زوجاته قط.
إن حكم ضرب الزوجة من الزوج في الإسلام يكاد أن يكون بالنهي إلا بحالة واحدة، وحدد الله تعالى شرطها في كتابه الكريم.