هل تجوز الصدقة على الوالدين

هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ وما هو فضل الصدقة على الوالدين؟ فمن المعروف أن الصدقات تزيد من البركة في المال والصحة، بل يتم تداوي المرضى بالصدقات، وللصدقة أحكام وضوابط عدة من شأننا العلم بها عند العزم على إخراج الصدقات، لذا من خلال موقع زيادة سنتعرف على حكم إخراج الصدقات لهم.

هل تجوز الصدقة على الوالدين؟

أمر الله -عز وجل- بالاستماع إلى الوالدين وحفظ حقوقهم لدى الأبناء وأمر الأبناء بصلة الرحم من خلال بر الوالدين وذلك من ورد في قول الله تعالى:

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).

فالله عز وجل أكد على إخراج الصدقات فالصدقة هي العطية التي يخرجها العبد من أمواله الخاصة مثل الزكاة، فتختلف الزكاة عن الصدقة في أن الصدقة تطوع والزكاة واجبة، لذا على العبد أن يقوم بإخراج الصدقات للحصول على فضلها الذي أكد عليه المولى عز وجل.

في سياق ذلك يمكن إجابة سؤال هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ بطرح ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح عندما قال: “الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة”، وذلك يؤكد على جواز إخراج الصدقات للوالدين سواء كانوا على قيد الحياة أو قد توفاهم الله.

اقرأ أيضًا: أيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟

فضل الصدقة على الوالدين

بعد التأكد من أن الإجابة عن سؤال هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ هي نعم وأن الصدقة على الوالدين جائزة، حيث إن العبد الذي يقوم بالالتزام بأمر الله من العباد المقربة إلى المولى عز وجل وبالتالي يرفع الله من قدرة في الحياة الدنيا ويزيد من ميزان حسناته في الحياة الآخرة.

فلمن يخرج الصدقات عن والديه فضل عظيم وذلك ما أكد عليه قول الله تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، ويمكن توضيح فضائل إخراج الصدقات عن الوالدين في الآتي مفصلًا:

  • الرزق الواسع: حيث أكد -صلى الله عليه وسلم- أن صلة الرحم تتسبب في سعة الرزق وذلك في الحديث: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، حيث تعد إخراج الصدقات للوالدين من صلة الرحم، بالإضافة إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ).

  • مداواة الأمراض: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (داوُوا مرضاكم بالصَّدَقةِ)، حيث يمكن للعبد أن يقوم بإخراج الصدقات عن والده إن كان والده مريض، فأكد الرسول أن الصدقة تداوي المرض وتذهب الوباء وبالتالي إن أحسن العبد الظن بالله ونوى على إخراج الصدقة ليخفف الله عز وجل عن أحد والديه المرض فسوف يخف المرض.
  • تطفئ الصدقة غضب الله: تغفر الصدقة عن الوالدين تقصير العبد في حقوق والديه وتغفر الذنوب وتمحو المعاصي، فإن كان العبد يتعامل مع والديه معاملة لا تناسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف فعليه بإخراج الصدقات لهم لكي يغفر له المولى عز وجل.
  • الصدقة تدفع ميتة السوء: إن كان أحد الوالدين قد توفى بسوء الختام والعياذ بالله يمكن إخراج الصدقة له للتخفيف عنه ولكي يغفر الله له وذلك ما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صَنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السُّوءِ، والصدقةُ تُطفي غضبَ الرَّبِّ، وصلةُ الرَّحمِ تزيدُ في العمر).
  • تسهيل طريق العبد إلى المولى عز وجل: حيث يمكن أن تفتح الصدقة أبواب لتوبة العبد إلى الله، حيث يقوم بها بالدفع عما قام به من معاصي وذنوب، كما تساعد على شرح الصدر وتوفيق الأمور، فقال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).

فضل إخراج الصدقات

عند التأكد من جواز إخراج الصدقات للوالدين في إجابة سؤال هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ وتأكيد الإجابة بحديث ما ورد عن رسول الله أن من يخرج الصدقة على رحمه أي والديه أو أقاربه يبتغي بها فضل صلة الرحم وفضل الصدقة.

لذا يمكن توضيح الفضل العظيم الذي يحصل على العبد الذي قام بإخراج الصدقات لوالديه بخلاف الفضل الذي يعود له وهو يتمثل في الآتي:

1- الحصول على أضعاف من الحسنات

تعد الصدقة هي ما يقوم العبد بإخراجه عن طيب خاطر بدون الشعور أنه ملزم بفعل ذلك، ومن أهم مميزات الصدقة التي يمكن أن يحصل عليها العبد الذي يتساءل هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ أنه يحصل على أجر مضعف فقال الله تعالى:

(مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّـهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

2- تكفير السيئات

كل الأعمال الذي يقوم بها العبد ابتغاء لوجه الله تعالى يكفر الله عز وجل بها عن سيئاته، فقال الله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)، كما قال تعالى:

(إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

حيث يجب أن يعرف العبد الذي يقوم بإخراج الصدقات عنه أو عن والديه أن الصدقات التي يقوم المؤمن بإخراجها في السر أفضل من إخراجها في الجهر، بالإضافة إلى أن الصدقة تطفئ غضب المولى عز وجل حيث قال صلى الله عليه وسلم:

(الصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ).

اقرأ أيضًا: أفضل أنواع الصدقة بنية الشفاء

3- البركة في الرزق

قال الله عز وجل: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

، وفي تلك الآية تعهد الله للعباد المتصدقين بأن الصدقة تزيد من أموالهم وتباركها، حيث أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يتصدق بشيء يحسبه الله له بسبعة آلاف من مقداره.

حيث قال صلى الله عليه وسلم: (منْ أنفقَ نفقةً في سبيلِ اللهِ، كتبتْ له سبعمائةُ ضعفٍ)، وإن الله يدخر الصدقات التي يتصدق بها العبد، حيث قال المولى عز وجل (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).

فحتى لو كانت الصدقة قليلة يبدلها الله ويعظمها ويزيدها سبحانه عز وجل ويعود على العبد في اتساع في الرزق والمال حتى أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العبد المتصدق تكون يوم القيامة ميزان حسناته كالجبال.

4- تحصين النفس من شرور الدنيا

في حين التأكد بالإيجاب على إجابة سؤال هل تجوز الصدقة على الوالدين؟ نذكر الفضل الذي يعود على العبد من إخراج الصدقة لوالديه الذي يؤجر عليه مثل إخراج الصدقة لنفسه، حتى أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة أن العبد الذي يخرج الصدقات يكون في حماية إلهية من شرور الدنيا والمصائب.

كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الصدقةَ لَتُطْفِئُ غضبَ الربِّ، وتَدْفَعُ مِيتةَ السُّوءِ)، ولذلك يرحم الله عز وجل من يتصدق ويهون عليه الكرب والبلاء.

5- دعاء الملائكة للمتصدق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)

، وذلك ما يؤكد على أن الله يسخر ملائكة تدعو للعباد المتصدقين، كما ينفع العبد نفسه بها أكثر ما ينتفع بها الفقير.

6- تطهير النفس

قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)

، وفي تلك الآية أكد المولى عز وجل أن الصدقة تنقي المؤمن من البخل وقسوة القلب والطمع وارتكاب الرذائل والسعي وراء المعاصي، لذلك على العبد أن يقوم برفع نفسه وتذكيتها وتحصينها بإخراج الصدقات.

عن عبد الله بن أبي أوفى قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بصَدَقَتِهِمْ، قالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليهم فأتَاهُ أَبِي، أَبُو أَوْفَى بصَدَقَتِهِ، فَقالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى آلِ أَبِي أَوْفَى)

، ودعا -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين لإخراج الصدقات ووعدهم بمكافأتهم على إخراج هذه الصدقات.

اقرأ أيضًا: فضل إخراج الصدقة في ليلة القدر

7- الاستظلال بظل الرحم يوم القيامة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: …. ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ)، حيث أكد ذلك الحديث الشريف على منزلة الصدقة ومنزلة من يقوم بالتطوع لإخراجها، وأن المتصدق لا ينتقص من ماله شيء لأن الله عز وجل يعوضه بغيرها.

من أهم ما يقوم به العبد أن يخرج الصدقات وهو يحسن الظن بالله أن الله عز وجل سوف ينجيه من شرور الدنيا ويحد عنه الكرب والأذى، لكن يجب أن يراعي أن تكون الصدقة سرًا.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.