هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل
هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟ وما الذي يجب فعله حتى لا يبطل الصيام؟ توجد أحكام فقهية يغفل عنها المسلمون رغم أن معرفتها أمرٌ ضروري وهام، حتى يبتعد المسلم عن قبيح الأفعال، وفي أمر الصيام يجب أن يحرص المسلم على ألا تشوبه شائبة تبطله، لذلك سنقدم لكم من خلال موقع زيادة إجابة لسؤال هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟
هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟
إذا كان الفعل نفسه من الأمور الغير مستحبة بشكل عام، فما بال ارتكاب نفس الفعل في أيام الصيام وشهر رمضان المبارك الذي صيامه فرض؟ بالفعل تكون أشد قبحًا، فالله أمر الناس رجالًا ونساءً بحفظ فروجهم وقرن ذلك بعلامات الإيمان.
إن حكمة الصوم البالغة أنّ فيه عفة للمسلم من القيام بالذنوب والمعاصي، لذا هو لا يعتبر امتناعًا عن الطعام والشراب فقط، لأن الهدف من الصوم هو ترويض النفس وجهادها.
فممارسة العادة السرية من الأمور المستقبحة، لأنها من قبيل الاعتداء على النفس، كما أنها عملٌ شهوانيّ قبيح في الطبع والشرع، فقد قال الله تعالى في سورة المؤمنون: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ” (الآية 5).
كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ” (صحيح البخاري)، وفي الحديث إشارة ضمنية على أنه لا يجوز ممارسة العادة السرية للرجال أو النساء.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم من جامع زوجته في نهار رمضان متعمدا
حكم الصيام بعد ممارسة العادة السرية في الليل
قبل الإجابة هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟ نشير أن العادة السرية هي (الاستمناء)، أي خروج المني عمدًا دون جماع، كما أنها فعل شاذ لا يتفق مع الفطرة السوية التي تعتبر الغريزة الجنسية غاية جليلة في حياة الإنسان ليس إلا، كما أنه في ممارسة العادة السرية عند الرجال والنساء أضرار صحية ونفسية شتى.
إذا تمت ممارسة العادة السرية في الليل، رغم أنها فعلٌ محرم، إلا أنه يجوز الصيام بعد هذه الليلة، لأن الليل ليس محلًا للصوم، وذلك استنادًا على قاعدة أخف الضررين.
إذًا إجابة سؤال هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟ أنه لا يؤثر ذلك على صحة الصيام بعدها، فليغتسل المسلم ثم يستغفر الله ويعزم على التوبة من هذا الأمر، وينوي الصيام.
بعد أن أجبنا على سؤال هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟ بقي هنا أن نشير إلى حكم الصيام لمن مارس العادة السرية في الليل ولم يقوم بالاغتسال، فلعلّ أبلغ القول هو أن نتخذ من السنة الشريفة النصح والإرشاد.
عن عائشة رضي الله عنها في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ يُدرِكُني الصُّبحُ وأنا جُنبٌ أفأصومُ يومي ذلك؟ فسمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ربَّما أدرَكني الصُّبحُ وأنا جُنبٌ فأقومُ وأغتسِلُ وأُصلِّي الصُّبحَ وأصومُ يومي ذلك، فقال الرَّجلُ: إنَّك لسْتَ مِثْلَنا إنَّك قد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم مِن ذنبِك وما تأخَّر فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي أرجو أن أكونَ أخْشاكم لله وأعلمُكم بما أتَّقِي” (صحيح مسلم).
لكن هذا لا يعني التقصير في العبادة على أساس الاتكال على مغفرة الخالق، ولكنه فقط من سبيل التيسير على المسلم التائب.
حكم الصيام بعد ممارسة العادة السرية في النهار
إذا تمت ممارسة العادة السرية في النهار، وكان ما خرج منيًا، فهنا يفسد الصيام ولا يصح الاستمرار فيه، ويجب هناء قضاء اليوم الذي بطل صيامه، كما أنه يفسد الصلاة، كما يجب الاغتسال قبل الذهاب إلى الصلاة.
هنا نشير أن القيام بهذا الأمر في النهار والإنسان صائم، يبطل صيامه سواء كان رجلًا أم أنثى، فلا اختلاف في الحكم، لكن مجرد التفكير في الشهوة بالنسبة للرجل أو المرأة لا يُفسد الصيام إنما يوجب الاستغفار.
الأمر مقرونٌ بنزول المنيّ من الرجل أو الأنثى، ففي حالة عدم نزوله فهذا لا يفسد الصيام.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم الاحتلام في رمضان وهل هناك فرق بين الاحتلام والعادة السرية ؟
حكم خروج المني دون ممارسة العادة
قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ بهِ” (صحيح مسلم)، فيؤكد الحديث الشريف على وجوب النية المتعمدة في فعل الشيء حتى تتم المحاسبة عليه إن كان إثمًا.
إن المرء وهو نائم يُرفع عنه القلم، أي لا يحاسب حتى يستيقظ، استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد:
“أما علِمتَ أنَّ القلمَ قد رُفِع عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ حتَّى يبرأَ، وعن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يعقِلَ؟ قال: بلَى، قال: فما بالُ هذه تُرجَمُ؟ قال: لا شيءَ، قال فأرسِلْها، قال: فأرسِلْها، قال: فجعل يُكبِّرُ” (صحيح).
بالتالي طالما كان خروج المني ليس عمدًا من الشخص سواء باستخدام اليد أو بأي وسيلة أخرى، فليس عليه إثم، وبالنسبة لصيامه فلا يبطل.
كما نشير أن مجرد التفكير العارض في المني لا يعتبر استمناء بالنسبة للذكر أو الأنثى، وبالتالي لا يفسد الصيام سواء كان بالنهار أو الليل، لكن يجب الاستغفار ومحاولة تجنب وساوس الشيطان بذكر الله.
ما يجب فعله
نشير أنه بأي حال من الأحوال من أجل الطمأنينة يمكنك الاغتسال إذا شعرت بنزول المني فهذا أفضل وأضمن، وإذا كان هناك قدرة على الاغتسال فليغتسل المسلم حتى يستطيع القيام بالعبادات كالصوم والصلاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “التَّائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ له” (صحيح)، وهي رحمة الله بعباده العصاة، وفي الحديث الشريف تأكيد على أن التوبة تمحي الذنوب وتبدلها بالحسنات، مما يحفز من يريد التوبة إلى الله وهو مستقبح لذنبه أن يشرع في التوبة.
إن أفضل وسيلة يمكن للمرء اتخاذها عند فعل أي شيء هو مدرك أنه محرم، أن يستشعر وجود الله في كل ما يفعله، بأنه مطلع على كل شيء وعالم للخفايا والمقاصد، فيجب التقرب إلى الله والبعد عما نهى عنه.
فعلى من وجد نفسه منجرفًا في ممارسة هذا النوع من الأفعال أن يعزم التوبة ويستغفر لما اقترف، والنية الصادقة ألا يعود ثانية للأمر ولا يسير وفقًا لأهوائه.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل معجون الأسنان يبطل الصيام وحكم بلع معجون الأسنان أثناء الصيام؟
قدمنا لكم الإجابة على هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل؟ وعلمنا أن القيام بالعادة السرية أمرٌ محرم في المطلق، وتشتد حرمته أثناء القيام بأفضل العبادات عند الله ألا وهو الصيام، وعلمنا حكم ممارستها في نهار الصيام، وبناءً على ما تقدم يجب على من كان لا يعلم بمثل هذا الأمر أن يعزم على تركه، وتجديد توبته لله عز وجل.