هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة

هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة  بناءً على آراء العلماء؟ فالعقيقة من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذا يحرص المسلمين على اتباعها، شكراً لله على ما رزقهم من نعمة الأبناء، وحتى يبارك لهم الله في ما وهبهم، وهنا يشعر أصحاب العقيقة بالحيرة، هل نأكل منها كما نشاء لأن المقصود بها هو الذبح، أم نمتنع عن الطعام منها ونهبها للمعارف والمحتاجين، فتابعوا أعزاءي لنعرف سوياً هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة عبر موقع زيادة.

هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة

هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة

كثيراً ما يتساءل المسلمون هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة ويسبب لهم هذا الأمر الشعور بالحيرة، فيرغبون في الوصول إلى إجابةٍ فاصلة ومؤكدة لحسم هذا الأمر، لذا اسمحوا لنا أن نقدم لكم أعزاءي الحكم الشرعي لهذه المسألة، مصحوبة بالأدلة التي لا مجال للشك فيها:

فقد اتفق علماء المسلمين على جواز أكل الشخص من عقيقته، سواء عق بهذه الذبيحة عن نفسه، أو عق بها عن غيره كأولاده وأحفاده، وهنا يجوز أيضاً للابن أو الحفيد الذي ذبحت العقيقة من أجله أن يأكل منها، ولا خلاف بين العلماء في جسم هذه المسألة.

ولكن اختلف العلماء خلافاً واضحاً في حسم  مسألة تقسيم العقيقة، أي الكمية التي يسمح لأصحاب العقيقة بأكلها، فمنهم من يرى أنها توزع كالأضحية تماماً أي أنها تقسم إلى ثلاثة أقسام متساوية بين أصحاب العقيقة والمعارف والفقراء، ومنهم من قال أنها توزع بالطريقة التي يراها من قام بالعقيقة، فلا يوجد غرض منها إلا الذبح، وإليك أراء العلماء بالتفصيل:

الرأي الأول

يرى أصحاب الرأي الأول في ردهم على مسألة توزيع العقيقة وكذلك هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة أن الشرع قد جعل التصرف في العقيقة كالأضحية تماماً، فيتم توزيعها إلى ثلاثة أقسام متساوية، فيوزع القسم الأول كصدقة  للفقراء، والقسم الثاني يوزع كهدية  للمعارف، والقسم الثالث يأخذه أصحاب العقيقة يأكلون منها كيفما شاءوا.

ويرجع هذا الرأي لأتباع الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وقد استدلوا على صحة رأيهم بقول الحق تبارك وتعالى:  (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَ)، فقد فسروا هذه الآية بأن مصارف الهدي ثلاثة، فقد قاسوا العقيقة عليها، ومن مؤيدي هذا الرأي الإمام النووي رحمه الله، فقد ورد لنا عن  الإمام النووي أنه قد قال: ويستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي كما قلنا في الأضحية.

الرأي الثاني

أما الرأي الثاني للرد على مسألة حكم أكل صاحب ذبيحة العقيقة من لحومها، وكيفية توزيعها، فيرى بعض العلماء أنه لا علاقة للعقيقة بالأضحية ولا يسري عليها أياً من أحكامها، فالعقيقة توزع كما يشاء صاحبها، إن أراد أن يأكلها أهل بيته كاملةً فلا مانع من ذلك، وإن أراد أن يطعمها للمعارف أو الفقراء كاملة فلا مانع من ذلك أيضاً، على عكس الأضحية فلا يجوز أن يأكلها أصحابها بكاملها، فليس لهم فيها إلا الثلث فقط.

الرأي الثالث

أما الرأي الثالث وهو رأي المالكية فقد ذهبوا إلى أفضلية الجمع بين التصدق بلحم العقيقة، وأكل أهل البيت منها، وإطعامها للمعارف أيضاً، ولكن تختلف طريقة توزيع المالكية للعقيقة عن طريقة توزيع الأضحية، في أن توزيع العقيقة غير محدد بنسب معينة، فتقديرها متروك لصاحبها، وقد استشهدوا بالقرآن الكريم لإثبات صحة رأيهم، وإليك بعض الآيات الكريمة التي استشهدوا بها:

(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، وقد استدلوا أيضاً بقول الحق تبارك وتعالى كما ورد في هذه الآية الكريمة:  (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).

وبهذا يرى المالكية من خلال هاتين الآيتين أن الله تعالى قد ذكر الأكل والإطعام في حالة العقيقة بصورة مطلقة، فلم يحدد لها قدراً معيناً في التقسيم.

الرأي الرابع

أما رابع الآراء وآخرهم وهو رأي السادة الشافعية، فيرون أن لحوم العقيقة يتم تقسيمها إلى نصفين متساويين، فيأخذ صاحب العقيقة النصف الأول إلى بيته يأكل منها كيفما شاء، والنصف الثاني يتم تخصيصه للصدقة.

وقد استدلوا على صحة رأيهم بهذه الآية الكريمة، (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، فقد توصلوا إلى هذا الحكم عن طريق تفسيره لهذه الآية الكريمة بأن العقيقة تشبه الهدي، وتأخذ نفس حكمه، وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية صنفين من مستحقي الهدي وهما المضحي والفقير، فيتم تقسيم اللحم بينهما بالمناصفة.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة

ما هي العقيقة؟

العقيقة هي سنة مؤكدة، يتم فيها ذبح شاتين عن الغلام، وعن الجارية شاة واحدة والدليل على ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة». رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر

فيجوز أن تذبح الإبل للعقيقة والعمر المناسب لها هو خمس سنوات، ويجوز أيضاً أن يعق الإنسان بلحوم البقر، والعمر المناسب لها هو سنتان، كما يمكن أن يعق الإنسان بلحوم الماعز أو التيس والعمر المناسب له هو سنة واحدة.

ولكن أفضل ما يعق الإنسان به هو لحوم الضأن والشاة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عق عن حفيديه الحسن والحسين بشاة، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه عن الأضحية لفظ شاة، ويفضل أن يكون عمرها ستة أشهر، ويشترط في العقيقة أن تكون البهيمة خالية من العيوب، فلا يجوز العقيقة ببهيمة عوراء عور واضح، ولا ببهيمة مريضة، ولا عرجاء، وغير ذلك من العيوب.

وأفضل موعد العقيقة هو في اليوم السابع من عمر المولود، فإن لم يحدث ذلك فيفضل في اليوم الرابع عشر، فإن لم يكن ففي اليوم الواحد والعشرون، وهذا هو الوقت المفضل لها، لكنها ليست محددة بموعد ثابت.

فيجوز للأب أن يعق عن ولده متى استطاع ذلك، فإن لم يستطع فليعق الولد عن نفسه عندما يستطيع ذلك، ويجوز للجد أيضًا أن يذبح العقيقة عن حفيده بدلاً من والده، فالعقيقة سنة مؤكدة ولا إثم على من تركها.

فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضحى عن الحسن والحسين رضى الله عنهما، حيث جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود. وعند النسائي: (كبشين كبشين).

اقرأ أيضًا: هل يجوز ذبح العقيقة قبل اليوم السابع ؟

حكم تقديم لحوم العقيقة مطبوخة والوليمة عليها

كثيراً ما يصاب الناس بالحيرة ويعم بينهم الجدل والاختلاف، أثناء مناقشته طريقة إخراج لحوم العقيقة، فتجد من يقول نطبخها ونجمع الناس لنولم عليها ونشعر بفرحة المولود الجديد، ومنهم من يقول نخرج لحومها نيئة كما نخرج لحوم الأضحية ليطبخها الناس بالطريقة التي يرغبون، ومنهم من يقول نخرجها مطبوخة، لذا اسمحوا لنا أعزاءي أن نحسم الأمر سويا.

ونقدم لكم أراء العلماء في حسم هذه المسألة الهامة التي شغلت أذهان الكثير من المسلمين وخاصة من حرصوا على تطبيق سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفتها في شيء.

فقد اختلف علماء المسلمين في حسم هذه المسألة وتفرقت أراءهم بين جواز طبخ لحوم العقيقة أو توزيعها نيئة وإليكم أهم الآراء:

الرأي الأول

يرى بعض العلماء أن أفضل طريقة لتقديم لحوم العقيقة هي تقديمها إلى الفقراء  بعد طبخها، وقد فضلوا ذلك عن دعوتهم إلى المنزل للطعام، حتى يأكل الناس دون حرج، وحتى لا يشعر صاحب العقيقة بالفخر والمن عليهم، فيفسد ذلك عليه الأجر، وهذا هو رأي جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، حيث قد عق الإمام مالك رحمه الله تعالى، عن ولده وقد وصف لنا في المبسوط طريقة العقيقة حيث قال:

عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم، وهيأت طعامهم، ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران، وأكل منها أهل البيت، وكسروا ما بقي من عظامها فطبخت، فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا، قال مالك: فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل فليفعل.

وقد فضل الإمام أحمد رضى الله تعالى عنه، أن تقدم لحوم العقيقة مطبوخة،  فقد قيل له: تطبخ العقيقة؟ قال: نعم. قيل له: يشتد عليهم طبخها. قال: يتحملون ذلك”.

وقد أكد على هذا الرأي أيضاً  ابن القيم رحمه الله تعالى، حيث قد ورد عنه أنه قال: وهذا لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ، وهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة فإن من أهدي إليه لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء يحتاج إلى كلفة وتعب”

الرأي الثاني

ومن علماء المسلمين من يرى أن صاحب العقيقة حر في طريقة تقديمها، فله أن يدعوا قومه من أصدقاء وأقارب وجيران وفقراء المسلمين ليأكلوا منها، ولا مانع من إرسالها إلى الفقراء مطبوخة، فله أن يتصرف فيها تبعاً لرغبته، ومن أصحاب هذا الرأي محمد بن سيرين رحمه الله حيث قال: اصنع بلحمها كيف شئت، وهذا هو رأي أصحاب مذهب الإمام أبي حنيفة.

اقرأ أيضًا: شروط ذبح العقيقة

وختاماً نكون قد عرفنا سوياً إجابة سؤالكم المميز، هل يجوز الأكل من ذبيحة العقيقة وبالفعل قد عرفنا أن علماء المسلمين قد اتفقوا على جواز ذلك، ولكن اختلفوا في طريقة تقسيم ذبيحة العقيقة، وطريقة تقديمها فمنهم  من أفتى بجواز توزيع لحومها مطبوخة أو نيئة، ومن من رأى كراهة توزيعها نيئة حتى لا يكلف الفقراء مئونة الطبخ، ومنهم من رأى جواز دعوة الناس للمنزل والوليمة بلحوم العقيقة، ومنهم من رأى كراهة ذلك حتى لا يشعر صاحب العقيقة بالفخر، وأيضاً كي لا يشعر المدعوين بالحرج، لذا يفضل توزيعها على الناس في بيوتهم بعد طبخها.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.