دعاء دخول العام الهجري الجديد 1446
دعاء دخول العام الهجري الجديد الذي يتكرر كل عام في شهر محرم.. هو دعاءٌ ليس له أصلٌ في السنة، وسنوضح ذلك من خلال مقالنا هذا المقدم لكم عبر موقع زيادة.
كما سنوضح لكم حكم التهنئة بين المسلمين بحلول العام الهجري عند فقهاء المسلمين وعلمائهم.
دعاء دخول العام الهجري الجديد
بعد البحث عن دعاء دخول العام الهجري الجديد لم نجد له أي أصلٍ صحيحٍ في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا في مقدمة هذا الموضوع.
بل إن من المثبت في كتب التاريخ أن التقويم الهجري الذي يشتهر بين الناس لم يكن موجودًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تم اعتماد التاريخ الهجري على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد عامين ونصف من توليه الخلافة، أي في السادس عشر من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
بالتحديد تم البدء بها في يوم 1 محرم لعام 17 للهجرة؛ هذا بخلاف أن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في بداية شهر محرم، بل كانت بعد قرابة الشهرين منه بالتحديد في يوم 22 من شهر ربيع الأول.
وبالتالي فإن الرسول صلى الله عليه وسلم انتقل إلى جوار ربه قبل اعتماد هذا التقويم، ولم يكن هناك مفهوم يسمى (السنة الهجرية) من الأصل، فكيف جاء تشريع هذا الدعاء، وعلى مَن نزل مِن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الوحي انقطع عن الأرض.
وعلى ذلك فإن أي اعتقاد بأن في السنة دعاء دخول العام الهجري الجديد يعد بدعة، والخير كله هو الابتعاد عن البدع، لكن الله تعالى أمرنا بالدعاء له في كل وقت وحين.
اقرأ أيضًا: دعاء أول يوم دوام وأهم الأدعية للنجاح في الدراسة وفي العطلة
التهنئة بالعام الهجري الجديد
كما ذكرنا سالفًا أنه لا يوجد أي شيء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص العام الهجري الجديد، بل أنه لم يوجد في زمنه ما يسمى العام الهجري.
إلا أن التهنئة ونشر روح الود بين المسلمين لا حرج فيه كما قال الفقهاء، فلا حرج برد التهنئة بهذا اليوم دون الاعتقاد أن هذا من الدين.
وبيَّن ذلك الإمام محمد بن صالح بن عثيمين حين سُئل عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد، فرد أنه لا يبتدأ بهذه التهنئة، لكن إذا هنأه أحدٌ فيرد عليه ويبتسم في وجهه ويدعو له؛ فمثلا يقول: “كل عام وأنت بخير هنأك الله، وجعله عام خير وبركة”، فيرد الآخر بالمثل.
وبذلك أيضًا قال شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يبتدئ بالتهنئة، لكن إذا هنأه أحد أجابه؛ لأن رد التحية واجب.
والابتداء بالتهنئة ليس من السنة المنهي عنها وليست من السنن المأجورين بها، فمن فعله فهو قدوة ومن لم يفعلها فهو قدوة.
كما قال الإمام ابن باز رحمه الله عنها أنه لا يُعلم لها أصل في السنة ولا أفعال الصحابة ولا القرآن ولا شيء يدل على شرعيتها، فلا يعلم أصل في الابتداء بها، لكن إذا بادئه أحدٌ فأجابه بالدعاء والتهنئة فلا مانع في ذلك.
اقرأ أيضًا: دعاء لابي المتوفي يوم الجمعة
فضل الدعاء
من المثبت بالأدلة الشرعية من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف أن للمؤمن أن يدعوا الله تعالى في كل وقت وحين، وأن الدعاء هو أسمى العبادات التي تمثل الاعتراف بالألوهية والربوبية وحاجة العبد لربه.
اقرأ أيضًا: دعاء اخر يوم في رمضان مكتوب كامل ومستجاب إن شاء الله
قال الله تعالى: “ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةًۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)” (الأعراف)
فللمؤمن أن يدعوا الله في مسائل الحياة الدنيا والآخرة، لأن من يملك الضر والنفع له هو الله تعالى.
كما روي عن سلمان الفارسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ يستحيي مِن عبدِه إذا رفَع يدَيْهِ إليه أنْ يرُدَّهما صِفرًا” (سنن أبي داود 1488)
في هذا الحديث يرشدنا النبي إلى التوجه بالدعاء لله تعالى مع اليقين بالإجابة، والاستحياءِ من الصِّفاتِ الخبريَّةِ التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم في قولِه تعالى: “إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَة فَمَا فَوْقَهَا” (البقرة 26)، وقال: “وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ” (الأحزاب 53)، وحَياء الله تعالى على الوصْفِ الذي يَليقُ بكَمالِه وجلالِه؛ فليس كحَياءِ خلقه وعبيده.
كما قال تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (البقرة: 186)
في تفسير هذه الآية يقول ابن جرير الطبري (كتاب الجامع في تفسير القرآن): “إن الأمر هنا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن يخبرنا أن الله قريب بنا يسمع دعوانا، ويجيب دعوة الداعي منا إذا دعا”.
وعلى هذا لا يجب على المسلمين ابتكار دعاء جديد مثل دعاء دخول العام الهجري، فهم لا يحتاجون للابتكار في الدين من الأساس.
بذلك نكون قد نقلنا لكم أقوال الفقهاء المسلمين في دعاء دخول العام الهجري الجديد والأدلة التاريخية بخصوصه، وفضل الدعاء وحكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؛ أعاد عليكم الأيام بالخير واليمن والبركات.