حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة
حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة يُعد من سنن الصلاة التي وردت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عدة مواضع، والدعاء من أفضل العبادات التي يحبها الله -سبحانه وتعالى-، إذًا فما هو حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة؟ وما هي صيغته ومحل قوله؟ هذا ما سنتناوله بالشرح من خلال موقع زيادة.
متى يُقال دعاء الاستفتاح؟
السنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في دعاء الاستفتاح أن يكون بعد تكبيرة الاحرام في أول الصلاة وقبل قراءة الفاتحة، وهذا رأي العلماء بتفضيلهم لدعاء الاستفتاح، وذلك اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال:
“وجَّهتُ وجهيَ للذي فطَر السمواتِ والأرضَ حنيفًا وما أنا من المُشرِكين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي للهِ ربِّ العالَمينَ”.
يُعد هذا دليلًا على أن دعاء الاستفتاح يكون بعد تكبيرة الاحرام في بداية الصلاة وليس قبلها، وقد أتفق جمهور العلماء بأنه يُستحب دعاء الاستفتاح فيما عدا المالكية الذين قالوا أن دعاء الاستفتاح يكون قبل تكبيرة الاحرام.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: متى يقال دعاء الاستفتاح كم مرة يقال دعاء الاستفتاح
حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة
إن دعاء الاستفتاح سنة مُستحبة من سنن الصلاة، فإذا صلى المسلم ولم يستفتح بدعاء الاستفتاح كانت صلاته صحيحة، ودعاء الاستفتاح مذهب معظم العلماء والحنفية والشافعية والحنابلة وله أدلة من السُّنَّة النبوية الشريفة وهي كالتالي:
- عن جابرٍ رضيَ اللهُ عنه: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا افتَتَح الصَّلاةَ قال: سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، وتبارَك اسمُك، وتعالى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُك، وجَّهتُ وجهيَ للذي فطَر السمواتِ والأرضَ حنيفًا وما أنا من المُشرِكين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي للهِ ربِّ العالَمينَ”.
- عن أبي هُرَيرةَ -رضيَ اللهُ عنه-، قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسكُتُ بين التَّكبيرِ والقراءةِ، فقلتُ: بأبي وأمِّي يا رسولَ اللهَ، في إسكاتِك بين التَّكبيرِ والقراءةِ ما تقولُ؟ قال: أقولُ: اللهمَّ باعِدْ بيني وبين خطايايَ كما باعَدْتَ بين المشرِقِ والمغرِبِ، اللهمَّ نقِّني مِن الخطايا كما يُنقَّى الثَّوبُ الأبيضُ مِن الدَّنَسِ، اللهمَّ اغسِلْ خطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ”.
- عن أنسٍ -رضيَ اللهُ عنه- قال: “أنَّ رجلًا جاء فدخَل الصَّفَّ وقد حفَزه النَّفَسُ، فقال: الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاتَه، قال: أيُّكم المتكلِّمُ بالكلماتِ؟ فأرَمَّ القومُ، فقال: أيُّكم المتكلِّمُ بها؟ فإنَّه لم يقُلْ بأسًا، فقال رجلٌ: جئتُ وقد حفَزني النَّفَسُ فقُلتُها، فقال: رأيتُ اثنَيْ عشَرَ ملكًا يبتدِرونها أيُّهم يرفَعُها”.
- عن ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ عنهما- قال: “بينما نحنُ نصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ قال رجلٌ في القومِ: اللهُ أكبَرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن القائلُ كذا وكذا؟ قال رجلٌ مِن القومِ: أنا يا رسولَ الله، قال: عجِبْتُ لها، كلمةٌ فُتِحَتْ لها أبوابُ السَّماءِ، قال ابنُ عُمَرَ: فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ذلك”.
حكم دعاء الاستفتاح عند التأخر عن الصلاة
إذا حضر المأموم في الصلاة وأدرك الإمام في الركعة الأولى أو في الركعة الثانية، فيقول دعاء الاستفتاح طالما أطمئن أنه سيلحق بالإمام قبل ركوعه، فإن خشى ركوع الإمام أكتفى فقط بقراءة الفاتحة لأنها واجبة في الصلاة.
يفسر العلماء أنه إذا جاء المأموم والإمام عند الركوع، فإنه يركع معه، ولا يقرأ دعاء الاستفتاح ولا يقرأ شيئًا بل يكبر ويركع، أما إن جاء في وقت واسع والإمام قائم فإنه يستفتح ويقرأ الفاتحة.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هو دعاء الاستفتاح في الصلاة وما هو فضله
حكم دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة
دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة للصلوات، أما بالنسبة لصلاة الجنازة فهي صلاة بلا ركوع أو سجود ولهذا نجد أن العلماء قد اختلفوا فيها وظهر فيها رأيان، الأول يقول بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يستفتح في صلاة جنازة؛ ذلك لأن صلاة الجنازة شرعت بالتخفيف فالأفضل فيها ترك الاستفتاح، وهو القول الأقرب للعلماء.
أما الرأي الثاني، فهو قول الحنفية: أقروا بدعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، ودليلهم أنها صلاة ويستفتح لها مثل باقي الصلوات.
صيغة دعاء الاستفتاح
ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صيغ عديدة لدعاء الاستفتاح ويستطيع المسلم أن يستعين بأيً منها وقد روى مسلم، والنسائي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال:
- “وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ. لَبيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ”.
- “اللَّهُمَّ باعِد بَيني وبينَ خطايايَ، كما باعَدتَ بينَ المشرقِ والمغرِبِ، اللَّهمَّ نقِّني من خطايايَ، كالثَّوبِ الأبيضِ منَ الدَّنسِ، اللَّهمَّ اغسِلني من خطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبردِ”.
- “سبحانكَ اللهمَّ وبحمدِكَ وتباركَ اسمُكَ وتعالى جدُّكَ ولا إلهَ غيرُكَ”.
- “الله أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا”.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم دعاء الاستفتاح وفوائده ومتى يقال
فوائد دعاء الاستفتاح
ضمن إطار التعرف على حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة، فتجدر الإشارة إلى أن لهذا الدعاء العديد من الفوائد، ومنها ما سنشير إليه عبر السطور المقبلة:
في الدعاء “اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللهم نَقِّنِي من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ” فوائد عديدة فنجد فيه الاعتراف بالذنوب والخطايا والطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن يباعد بيننا وبين هذه الذنوب.
كما أن بها ثلاث مراتب، الأولى هي مرتبة المباعدة بين المسلم والخطايا والذنوب أمدًا بعيدًا وهذا أدعى للسلامة من الوقوع فيها، والمرتبة الثانية وهي مرتبة التنقية من الخطايا وهي تتناول الذنوب التي فعلها المسلم ويطلب من الله أن يمحوها ويغفر له، بينما المرتبة الثالثة وهي مرتبة الغسل من الخطايا وهي طلب العبد من ربه بإزالة أثر الذنب عنه.
أما عن الدعاء: “وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وما أنا من الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ له وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأنا من الْمُسْلِمِينَ، اللهم أنت الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إلا أنت، أنت رَبِّي وأنا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جميعا إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنت، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلا أنت، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلا أنت، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ وَالشَّرُّ ليس إِلَيْكَ ،أنا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ”، فقد ذكر الوجه دون غيره من أعضاء الجسم لأنه أشرفها.
كما أن اسم الله الملك يناسب دعاء الاستفتاح عن باقي الأسماء الحسنى، وفي هذا الدعاء كله ثناء على الله ومقام الاستفتاح يناسب أن يكثر المصلي من الثناء على الله لأن الثناء هو من مزايا الملوك، والله ملك الملوك ولا يليق للمسلم الثناء إلا لله -سبحانه وتعالى-.
أما عن الدعاء الثالث “سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ولا إِلَهَ غَيْرُكَ “ فقد جمع هذا الدعاء أحب الكلام وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وقد ثبت أنهن أفضل الكلام وبالتالي فإن هذا الدعاء به ميزتان أولاً أنه يستفتح به الصلاة والثانية أنه لأفضل الكلام.
كما أن الدعاء “الله أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” جمع بين التكبير والتحميد والتسبيح فيفتح له أبواب السماء، كما ذكر لنا رسولنا الكريم في حديثه الشريف “عجِبْتُ لها، كلمةٌ فُتِحَتْ لها أبوابُ السَّماءِ”.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء في بداية الصلاة وفضل دعاء الاستفتاح
من هنا يتبين لنا حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة بأنه سنة مؤكده وفوائده عظيمة جدًا للمسلم وهي التي تؤكد لنا أهمية الصلاة، فإن كانت كل هذه فوائد دعاء الاستفتاح فما بالنا ببقية أقوالها وأفعالها، لذا فقد أشرنا في السطور السابقة إلى كل ما يخص حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة، ونرجو أن نكون قد قدمنا لكم النفع والفائدة.