تفسير سورة العلق للأطفال
تفسير سورة العلق للأطفال يُعزز في قلوبهم الإيمان ويُرسخ العقيدة في نفوسهم، لاسيما أنها أول ما نزل من سور القرآن على رسول الله، لذا لا يُكتفى بتلقينها وتحفيظها للأطفال، بل ينبغي تعليمهم كل ما يخصّها من أسباب النزول، وتفسير آياتها بشكل مبسط، وبيان الدروس المستفادة منها، نُبين ذلك عبر موقع زيادة.
تفسير سورة العلق للأطفال
أولًا: تفسير الآيات
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتى نزلت عليه سورة اقرأ، وجاءه جبريل عليه السلام بالرسالة.
- اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ: يأمر الله عز وجل رسوله الكريم بقراءة ما نزل عليه، أي اقرأ أيها الرسول ما نزل عليك من القرآن، بادئًا باسم ربك الخالق المتفرد بالخلق.
- خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ: خلق كل إنسان من علقة وهي قطعة الدم الغليظة الحمراء.
- اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ: اقرأ أيها الرسول ما نزل عليك، فربك كريم واسع الجود.
- الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ: أي علّم العباد الكتابة بالقلم.
- عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ: أي علم الإنسان ما لم يكن يعلم، وأخرجه من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
- كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى: أي ما ينبغي أن يكون هذا حال الإنسان، بعدما أنعم عليه ربه وسوّاه في أحسن صورة، وعلمه ما لم يكن يعلم، ثم يكفر بربه ويطغى.
- أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى: فالإنسان بطبعه وجهله حين يرى نفسه غنيًا يطغى ويتجبر، وينسى ما أنعم عليه ربه.
- إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى: إن مصير الإنسان ومرجعه إلى ربه، فيحاسبه على ما فعل.
- أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْداً إِذَا صَلَّى: وهو أبو جهل، أي أرأيت طغيان هذا الرجل الذي ينهى عبدًا يصلي وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونزلت تلك الآية في أبي جهل حينما توعد رسول الله على الصلاة عند البيت، فقال:
- “ واللاتِ وَالْعُزَّى، لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ.”
- أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى* أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى: أي أرأيت إن كان من ينهاه عن الصلاة على الطريق المستقيم، أو كان يأمر غيره بالتقوى، فكيف له أن ينهاه عن ذلك!
- أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى: أرأيت كيف كذب (أبو جهل) بما يُدعى إليه من قبل الرسول، وكيف أعرض عنه.
- أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى: أما علم هذا الذي ينهى عن الهدى أنه الله عز وجل يراه ومطلعًا عليه، وأنه يسمع كلامه وسيجازيه عليه!
- كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَ بِالنَّاصِيَةِ: توعد الله عز وجل لكل من تسول له نفسه الصد عن سبيل الله والدعوة، أي لئن لم يرجع عما هو فيه من عناد وتجبر واستكبار لنأخذنّ مقدم رأسه أخّا شديدًا عنيفًا.
- نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ: الناصية مجاز عن جميع الإنسان، أي ناصية أبي جهل ناصية كاذبه في مقالها، وخاطئة في أفعالها.
- فَلْيَدْعُ نَادِيَه: هذا تحدٍ من الله عز وجل لأبي جهل، أي إن كان صادقًا فيما يدعي فليدع أصحابه وأهله وعشيرته ليُعينوه على ما يحِل عليه من عذاب..
- سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ: لما نهرهُ رسول الله وأغلظ عليه حينما نهاه عن الصلاة في البيت قال له: “يَا مُحَمَّدُ، بِأَيِّ شَيْءٍ تُهَدِّدُنِي؟ أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَكْثَرُ أَهْلِ الْوَادِي نَادِيًا.” فنزلت الآية.
- أي إن دعا ناديه فإن الله عز وجل يرسل عليه زبانية العذاب تأخذه في ساعته، ويقصد بالزبانية ملائكة العذاب.
- كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ: أي كلا يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه، وداوم على العبادة، وصل حيث شئت دون مبالٍ له، فإن الله عاصمك وحاميك وحافظك، واسجد على ربك وتقرب إليه بالعبادات.
ثانيًا: المعنى الإجمالي للسورة
الله عز وجل افتتح السورة بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: اقرأ يا محمد ما نزل إليك من القرآن بادئًا باسم ربك الخالق، خلق الإنسان من علقة، وهو الدم الغليظ، اقرأ القرآن، وربك صاحب الجود والكرم كثير المحاسن والمحامد.
علّم عباده الخط بالقلم، وعلمهم ما لم يعلموا، ثم بين الأسباب التي تجعل الإنسان يطغى قائلًا: كلا! أنه من طبع الإنسان أن يطغى إذا كثر ماله واستغنى عن غيره، فتوعد من يطغى قائلًا: إن إلى ربك المرجع والمصير.
بين حال الشقي، وضرب المثل بأبي جهل كيف نهى سيدنا محمد عن الصلاة، وبين أن الله مطلعًا على أفعاله وأقواله، وسائر أعماله، وأمر سيدنا محمد بالمداومة على العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، وألا ينقاد لنهي هذا الكافر له، فيقول: كلا أي لا تطعه يا محمد واسجد إلى ربك في صلاتك واقترب منه.
ثالثًا: معاني الكلمات
- عَلَقٍ: أي: الدمٍ الجامد.
- لَيَطْغَى: يَتجاوز الحد في الخُروجِ عن الحقِ.
- الرُّجْعَى: أي: المَرجِع والرُّجوعَ.
- لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ: أي: لَنَقبِضَنَّ بناصيتِه ونَجُرُّه بها ذليلًا.
- خَاطِئَةٍ: من الخاطئ وهي الإثم والذَّنبُ.
- نَادِيَهُ: أي: قومه وعشيرتَه وأهل مجلِسه.
- الزَّبَانِيَةَ: أي: ملائِكةَ العَذابِ الغِلاظَ الشِّدادَ؛ لأنَّهم يَدفَعونَ أهلَ النَّارِ إليها.
اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة العلق
فضل سورة العلق
للسورة فضل كسائر سور القرآن الكريم، وتلاوتها تزيد من حسنات العبد، بيد أنها لها من الأفضال الأخرى ما لم يرد في غيرها، لا بد من بيان تلك الأفضال حال تفسير سورة العلق للأطفال، مما يحث على الاستزادة من قراءتها، تدبر معانيها.
1- أنها أول ما نزل من القرآن
ذلك أن أول 5 آيات فيها أول ما أوحى به الله لسيدنا محمد عن طريق الوحي، ورد هذا فيما روته السيدة عائشة رضي الله عنها عن رسول الله:
“حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ، فجاءَه المَلَكُ، فقال: اقْرَأْ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما أنا بقارِئٍ، قال: فأخَذَني فغَطَّني حتَّى بَلَغ مِنِّي الجهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَني، فقال: اقْرَأْ، قُلْتُ: ما أنا بقارِئٍ…
… فأخَذني فغَطَّني الثَّانيةَ حتَّى بَلَغ مِنِّي الجهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، قُلْتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذني فغطَّني الثَّالثةَ حتَّى بَلَغ منِّي الجهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلني، فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ الآياتِ إلى قولِه: عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1- 5]”
2- أنها من سور المفصل
سور المفصل هي السور التي أوتيت لرسول الله نافلة عن سائر الأنبياء، والتي أخبر بها رسول الله في الحديث المروي عن واثلة بم الاسقع قال: “أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ.”
3- بها سجدة
هذا يزيد من فضلها ويرفع شأنها، وهو قوله تعالى: “ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ” [العلق: 19]، تحث على السجود حال سماعها أو قراءتها، حيث روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
“سَجَدْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1]، واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1]”
موضوعات سورة العلق
احتوت سورة العلق رغم قِصرها العديد من الموضوعات، وتطرقت إلى كثير من الفوائد، والتي ينبغي بيانها حال تفسير سورة العلق للأطفال.
- الحث على العلم والتعلم، والتنويه على القراءة والكتابة.
- فيها وعيد وتهديد لكل من يحارب الإسلام، ويقف في وجه الدعوة.
- إبلاغ الرسول الكريم بأن الله عز وجل مطلع على ما يخفيه أعداؤه من إيذاء للنبي، وتسلية لرسوله أنه ناصره وقامعهم.
- أمر من الله عز وجل للرسول بأن يسير على الطريق، ويتصبر بالصلاة والاقتراب من الله عز وجل بالعبادات.
- اشتملت السورة على صفات الرب في الآيات الأًول، من ذلك الوحدانية والوجود، وبعض صفات الأفعال.
اقرأ أيضًا: سورة القلم مكتوبة كاملة
مقاصد سورة العلق
اشتملت السورة على العديد من المقاصد رغم قِصرها، لا بد من الإلمام بها وتعليمها حال تفسير سورة العلق للأطفال، من تلك المقاصد:
- إعلام لرسول الله أن الله مطلع على الظاهر والباطن، وأنه عليم بما يضمره أعداءه من حقد ومكر، وطمأنة رسول الله بأن الله قامعهم وناصره عليهم.
- الوعيد لكل من يقف في وجه الدعوة التي جاء بها رسول الله.
- أمر للرسول بأن يسير في طريقه فهو الطريق الحق، وألا يلتفت لهؤلاء الماكرين ولا لسفاهتهم.
سبب نزول سورة العلق
لم تنزل سورة العلق جملةً واحدة على رسول الله بل جاءت مقسمة، كان الجزء الأول منها هو أول ما نزل على رسول الله مطلقًا من القرآن، وهذا ما قال به جموع العلماء.
فكان سبب نزول أول خمسة آيات منها أنها أول ما نزل من الوحي على رسول الله، فكان هذا أول تلقي للوحي من رسول الله.
أما باقي السورة، من قوله: ” كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ” قيل إنها نزلت في أبي جهل بعد إيذاءه لرسول الله ومنعه من الصلاة في البيت، وهذا ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه حيث قال:
“ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي فجاءَ أبو جهلٍ فقالَ ألم أنهَكَ عن هذا ألم أنهَكَ عن هذا ألم أنهَكَ عن هذا، فانصرفَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فزبرَه فقالَ أبو جهلٍ إنَّكَ لتعلمُ ما بها نادٍ أكثرُ منِّي فأنزلَ اللَّهُ تبارك وتعالى {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} قالَ ابنُ عبَّاسٍ واللَّهِ لو دعا نادِيهُ لأخذتْهُ زبانيةُ اللَّهِ.”
اقرأ أيضًا: ترتيب سور جزء عم
الدروس المستفادة من سورة العلق للأطفال
- اشتملت على أساس التوحيد، من خلال اشتمالها على أمور ثلاث يستقيم بها حال العباد وهي: مم خُلق، ولماذا خُلق، وما مصيره.
- في السورة مدح لأهل العلم وذم للمال، وبيان أن الاكتفاء بالعلم يغني عن الدنيا والمال.
- الأمر بالقراءة، وبيان شرف العلم والتعلم.
- فيها حثّ على التمسك بالدعوة رغم الصعاب والعقبات.
- أن القرآن وحي من عند الله عز وجل، أمر الله عز وجل نبيه بكتابته، لذا أخذ الرسول كُتّابًا للوحي من أول بعثته عليه الصلاة والسلام.
- أن مصير الإنسان وآخرته هي الموت والرجعى إلى الله عز وجل مهما طال عمره، لذا ينبغي على المرء أن يعمل لهذا اليوم.
تحُثّ سورة العلق على وجوب شكر الله على النعم، لاسيما أنها تبين نِعم الله على خلقه من بداية الخلق بعد العدم، إلى نعمة التعلم والخروج من ظلمات الجهل، وهذا ما ينبغي بيانه حال تفسير سورة العلق للأطفال.