ما الحكمة من إيراد القصص القرآني

ما الحكمة من إيراد القصص القرآني أو بصيغة أكثر تأدبًا مع الله عز وجل ما الدروس المستفادة لنا عندما نقرأ قصص الأنبياء في القرآن وما يعود على سلوكياتنا من تعديل بعد ما نتعلمه من تلك القصص، وذلك ما سوف نتناول بعضه في موضوعنا المقدم إليكم من خلال موقع زيادة.

اقرأ أيضًا: قصة نبي الله ابراهيم كاملة منذ بداية الدعوة وحتى وفاته

ما الحكمة من إيراد القصص القرآني

كما بينا سابقًا أن السؤال ما الحكمة من إيراد القصص القرآني لا يصح في رأي الكثير من الفقهاء لأنه يقع تحت قوله تعالى:

“لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ” (الأنبياء 23).

وقد فرق الفقهاء السؤال عن سبب فعل الله لشيء إلى قسمين:

  • الاعتراض: وفي ذلك قال الإمام الطحاوي رحمه الله: ” فمن سأل لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين” وهذا ما بينه ابن ابي العز في (شرح العقيدة الطحاوية): “اعلم أن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت بنبيها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت وسلمت وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وتسليمها على معرفته، ولا جعلت ذلك من شأنها، وكان رسولها أعظم عندها من أن تسأله عن ذلك…، بحيث لا يتوقف الإتيان به على معرفة حكمته، فإن ظهرت له فعله وإلا عطله، فإن هذا ينافي الانقياد، ويقدح في الامتثال” (شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز-1/317).
  • الاستفهام للعلم: وفي ذلك قال القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) ناقلًا عن ابن عبد البر: “فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه، فلا بأس به، فشفاء الي السؤال، ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم، فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره”

فبذلك قد يكون السؤال: ما الحكمة من إيراد القصص القرآني صيحًا إذا كان بصيغة ما الواقع الذي يحدث لنا بعد قراءة القصص القرآني، كان الهدف منه التعلم وليس المعارضة.

ملحوظة: لا يمكن لأي شخص الحكم على أخيه المسلم بأنه كافر بعينه، لكن الكلام هنا لمن أتى هذا الفعل بتلك النية.

اقرأ أيضًا: قصص الأنبياء للأطفال ونزول آدم رضي الله عنه إلى الأرض

الدروس المستفادة من قصص الأنبياء

من أصول الإيمان في الدين الإسلامي هو الإيمان بالرسل السابقين والإيمان بكتبهم، قال الله تعالى:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا” (النساء 136).

ولما كان من تمام الإيمان أن نؤمن بالرسل كان من المهم أن نعرف عنهم ما يريده الله، ونتعلم من الشرائع التي سبقتنا ما يتناسب مع شريعتنا ومكارم الأخلاق، وقال الله تعالى:

” قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة 136)

وعدد الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبيًا، يجب على المسلم الإيمان بهم جميعًا هم على سبيل التعديد والتذكرة لا على سبيل الترتيب في المقام أو الزمن ( آدم، نوح، إدريس، إبراهيم، لوط، صالح، هود، يعقوب، إسحاق، إسماعيل، يوسف، يعقوب، إسحاق، ذو الكفل، أيوب، شعيب، إلياس، سليمان، داود، موسى وهارون، يحيى، زكريا، يونس، اليسع، عيسى، محمد عليه وعلى النبين الصلاة والسلام)

بجانب أن هناك أنبياء آخرون لم يذكرهم الله تعالى في كتابه، وقال تعالى:

” وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا” (النساء 164)

وكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى على رسله أربعة هي:

  • الزبور
  • التوراة
  • الإنجيل
  • القرآن

جمعهم الله تعالى في قوله:

“نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ” (آل عمران 3) وذُكر الزبور في قوله: ” وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا” (الإسراء 55).

اقرأ أيضًا: قصص عن الفاروق عمر بن الخطاب للأطفال والدروس المستفادة منها

أخذ العظة من قصص الأنبياء

الأنبياء هم الأدلة التي جعلهم الله ليهتدي بهم البشر أجمعين، كما أن الاختبارات التي وقعت لهم في حياتهم كانت كبيرة، ذلك أدعى أن يتعلم منها البشر ويأخذون منها العبرة في حياتهم، قال الله تعالى:

“لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (يوسف 111).

فهذه الآية نزلت في قصة يوسف عليه السلام وأخوته أي ليعتبر من هذه القصص أصحاب العقول والتفكر، ولتكون دافع لأي مسلم يقع عليه الظلم أن يتمسك بحبل الله ويثبت.

اقرأ أيضًا: قصة سيدنا ادم عليه السلام

الاستبشار بمعية الله عز وجل

أن فهم هذه القصص تجعل المؤمن بالله الفاهم لها يزيد إيمانه بمعية الله تعالى وأن يستبشر بالنهاية خيرًا، فمهما وقع الأنبياء في ضيق يراه العقال لا مفر منه نحو الحرق في النار أو الرمي في بطن الحوت في بحر هائج، ينجيهم الله تعالى بفضله ورحمته، قال الله تعالى:

“وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا (الكهف 56).

تثبيت قلوب المؤمنين

فالإيمان بالله تعالى والعلم بقصص الأنبياء السابقين تجعل المؤمن ثابت الفؤاد مطمئن لما سيلاقيه فهو من تقدير الله تعالى فهو من قال:

“وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ” (هود 120)

طاعة الله تعالى في كل أوامره

فالمؤمن بالله منقاد له في أوامره ونواهيه، لكن معرفة قصص الأنبياء تثبت القلوب أكثر وتدفعه للطاعة دون أدنى خلل في القلب لمعرفته بما سيؤول إله الامر في النهاية.

الاقتداء بالأنبياء

الأنبياء كما قلنا هم القادة للبشر في كافة أحوالهم، لذلك هم بشر مثلنا.

اقرأ أيضًا: قصة يونس عليه السلام للأطفال وكيف نجاه الله من بطن الحوت

التعليم بالقصة

أثبتت الدراسات التربوية الحديث أن من أفضل طرق التدريس التعليم بالقصة وتلك القصة تثبت المعلومات أكثر في نفس المتلقي، ولأن الأنبياء هم بشر مثلنا  قال الله تعالى:

“قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” (الكهف 110)

على هذا تكون وقع القصة أكثر قربًا من البشر وتصل إليهم الدروس منها بصورة أفضل، يبقى أثرها في الذاكرة لفترة أطول.

ليس هذا فقط وإنما هناك الكثير من الدروس والعبر المستفادة من حياة الأنبياء صعب حصرها، لكن يضيق المقام عن ذكرها.

بذلك نكون تناولنا سؤال ما الحكمة من إيراد القصص القرآني بالنقد والتدقيق وإيراد أقوال المفكرين القدماء فيه، بجانب بعض الدروس المستفادة من حياة الأنبياء، جمعكم وإيانا بهم في جنة الخلد بفضله ورحمته.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.