كيفية صلاة قضاء الحاجة
كيفية صلاة قضاء الحاجة من الأحكام التي يجب على كل مسلم إدراكها، فحينما يؤدي المرء الصلاة يجب أن تكون بالطريقة الصحيحة التي جاءت في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لذا في السطور التالية وعبر موقع زيادة سنعرض لكم كيفية صلاة قضاء الحاجة، وذلك كما جاء شرحها لدى علماء المذاهب الأربعة الفقهية، والعلماء المعاصرين في طريقة صلاة الحاجة، ودعائها.
كيفية صلاة قضاء الحاجة
الصلاة هي طريقة اتصال وقرب العبد من ربه سبحانه وتعالى، فالله عز وجل يكون قريبًا من عبده في أوقات العبادة فقال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة في الآية السادسة والثمانين بعد المائة:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
كما أن الصلاة هي عماد الدين، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وفيه دلالة على أن الصلاة تقرب العبد من الله، والحديث هو “أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ” الحديث أخرج مسلم صحيحًا.
الصلاة منها الفريضة مثل الصلوات الخمس، ومنها النوافل مثل تحية المسجد، والشفع والوتر، ومن صلوات النافلة أيضًا صلاة قضاء الحاجة، وصلاة الاستسقاء، وصلاتي الكسوف والخسوف.
صلاة الحاجة هي صلاة تصلى من ركعتين بتسليمة واحدة، وتشهدٍ واحد، ويكون فيها العبد على يقين بأن الله عز وجل سيجيب دعوته ويجبر بخاطره، وتصلى هذه الصلاة في أي وقت باليوم عدا أوقات الكراهة.
أوقات الكراهة هي بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وعند طلوع الشمس حتى يكتمل شروقها، ما عدا ذلك فهي تصلى في أي وقت كان، الصلاة تكون بالدعاء إلى الله عز وجل في الركعة الثانية منها، بأن يقضي الله حاجته.
كما يوجد جزء من دعاء قضاء الحاجة يعرفه القاصي والداني، وهو:
“أسألُكَ مُوجِبَاتِ رحمتِكَ وعَزَائِمَ مغفرتِكَ، والغنيمةَ من كلِّ بِرٍّ، والسلامةَ من كلِّ إثمٍ، لا تَدَعْ لي ذنبًا إلا غَفَرْتَه، ولا هَمًّا إلا فَرَّجْتَه، ولا حاجةً هي لك رِضًا، إلا قَضَيْتَها يا أرحمَ الراحِمِينَ“.
اقرأ أيضًا: كيفية صلاة قضاء الحاجة ووقتها ودعائها
صلاة الحاجة في السنة النبوية
السنة النبوية الشريفة هي ثاني مراجعنا نحن المسلمين في معرفة أصول الدين وشرائعه، ومن هذه الشرائع معرفة كيفية صلاة قضاء الحاجة، وفي هذه الفقرة سنوضح لكم كيفية صلاة قضاء الحاجة حسب ما وردت في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث فيه تشريع قضاء الحاجة، وفي هذا الحديث ضعَّفه ابن القيم في جلاء الأفهام، والإمام الحافظ محمد ناصر الدين الألباني في ضعيف الجامع الحديث هو:
“مَن كانت له حاجةٌ إلى اللهِ، أو إلى أحدٍ من بني آدمَ، فلْيَتَوَضَّأْ، فلْيُحْسِنِ الوضوءَ، ثم لِيُصَلِّ ركعتينِ، ثم لِيُثْنِ على اللهِ، ولْيُصَلِّ على النبيِّ، ثم لِيَقُلْ: لا إله إلا اللهُ الحليمُ الكريمُ، سبحانَ اللهِ ربِّ العرشِ العظيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ..”
“أسألُكَ مُوجِبَاتِ رحمتِكَ وعَزَائِمَ مغفرتِكَ، والغنيمةَ من كلِّ بِرٍّ، والسلامةَ من كلِّ إثمٍ، لا تَدَعْ لي ذنبًا إلا غَفَرْتَه، ولا هَمًّا إلا فَرَّجْتَه، ولا حاجةً هي لك رِضًا، إلا قَضَيْتَها يا أرحمَ الراحِمِينَ“.
الحديث تم تضعيفه، لكن بعض أهل العلم قالوا إنه لا حرج في الأخذ به، والصلاة بنية قضاء الحاجة، فالحديث الضعيف يمكن أن يؤخذ به من أجل الترغيب في أمور العبادات.
فالحديث الضعيف سبب ضعفه إما الراوي سيء الحفظ، أو به شيءٌ من الفسوق، لذلك فاعتد أهل العلم بصلاة قضاء الحاجة، لكن اختلفوا في عدد ركعات صلاة قضاء الحاجة، حتى علماء المذاهب الأربعة.
صلاة قضاء الحاجة عند علماء المذاهب الأربعة
المذاهب الفقهية الأربعة هي المذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، والمذهب الحنفي، والمذهب المالكي، وكلٌ له طريقته في شرح أصول القواعد الفقهية، لكن دون هدم في أساس العقيدة.
لذلك سنعرض لكم في هذه السطور قول علماء المذاهب الفقهية الأربعة في صلاة الحاجة، وكيفية صلاة قضاء الحاجة، وعدد ركعاتها.
المذهب الحنفي
هو مذهبي أهل السُنة والجماعة في العراق، وقد ذكر ابن نجيم المصري، وهو أحد كبار علماء المذهب الحنفي في كتابه “البحر الرائق في شرح كنز الدقائق”، وفيه من حاشية ابن عابدين “منحة الخالق”، أن صلاة الحاجة صلاة من ركعتين بتسليم واحد، وتشهدٍ واحد.
المذهب المالكي
هو مذهب أهل المدينة لصاحبه الإمام مالك بن أنس، وذكر صاحب “القوانين الفقهية” ابن جزي الكلبي عن صلاة الحاجة، وقول المالكية في هذا الكتاب أن عدد ركعات صلاة قضاء الحاجة هو ركعتين، ذلك كقول علماء المذهب الحنفي.
المذهب الشافعي
هذا المذهب يعود نسبه إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وهو المذهب العامل به في أغلب المسائل الفقهية في مصر، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “المنهاج القويم”، أن عدد ركعات صلاة قضاء الحاجة هو اثنتي عشرة ركعة.
بعد أن يفرغ منها المسلم يحمد الله ويثني عليه، بالمحامد الكثيرة، ثم يذكر حاجته التي أراد قضاءها، وتكون الركعات مثنى، أي ركعتان ثم يسلم، وهكذا.
المذهب الحنبلي
نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل، وهو مذهب أغلب سكان الشام، وذكر ابن قدامة المقدسي، في كتابه الشهير المغني، أن صلاة قضاء الحاجة ركعتين، بتشهد واحد، وتسليم واحد.
مما سبق نستنج أن صلاة قضاء الحاجة عند أغلب الفقهاء هي ركعتان، باستثناء المذهب الشافعي فهي اثنتي عشرة ركعة بستة تسليمات.
اقرأ أيضًا: كيفية صلاة قضاء الحاجة ودعائها والدليل النقلي على مشروعيتها
صلاة الحاجة عند علماء العصر القديم
الأئمة الأربعة جاؤوا في زمن متأخر بعض الشيء عن وقتنا هذا، فكان آخرهم في عصر الدولة العباسية، وعلماء العصر القديم مثل الشيخ النووي، والشيخ البهوتي، والشيخ ابن القاسم، وفي هذه السطور سنشرح لكم قول جملة علماء العصر القديم عن كيفية صلاة قضاء الحاجة.
ذهب أهل العلم القدماء إلى رأيين الرأي الأول منهم الأئمة السابق ذكرهم في هذه الفقرة، وهم يرون بمشروعية صلاة قضاء الحاجة، لما جاء في حديث عبد الله بن أبي أوفى.
كما يرون أنها ركعتين، والدعاء يكون بعد الانتهاء منها، أما القسم الآخر من العلماء فإنه يرى أن صلاة قضاء الحاجة لا أصل فيها، وحجتهم قوية فالأحاديث المذكورة عن هذه الصلاة ضعيفة.
فالمشروع في العبادات هي الصلوات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووردت في القرآن الكريم مثل الصلاة والصيام.
علماء العصر الحديث وقولهم في قضاء الحاجة
في هذه الفقرة سنعرض لكم كيفية صلاة قضاء الحاجة حسب ما أوردها الشيخين الجليلين والعلامتين ابن باز وابن عثيمين، كما سنعرض لكم ما استدلوا به من القرآن الكريم على هذه الصلاة، وحكمها أكانت موجودة أو منكرة.
قول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن باز من أشهر علماء المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي أجمع، تقلد منصب المفتي العام للملكة العربية السعودية في عام 1992 ميلاديًا، وظل فيه حتى وفاته في عام 1999 ميلاديًا.
قال الشيخ ابن باز عليه رحمة الله أن صلاة الحاجة لا حديث لها، وذكر الشيخ نصًا “أنا لا أعلم حديثًا عن قضاء الحاجة“، وذكر قول الله تعالى في الآية الخامسة والأربعين من سورة البقرة (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ).
فالصلاة بنية قضاء الحاجة أمر لا ضرار فيه، لكن لم يرد في السنة من الأحاديث الصحيحة ما يوضح صلاة قضاء الحاجة حسب قول الإمام ابن باز.
قول الشيخ محمد بن صالح العثيمين
محمد بن صالح بن محمد بن عبد الوهاب آل عثيمين، من كبار علماء العالم الإسلامي في وقته، واتبع المذهب الحنبلي، وقال الشيخ في برنامجه الشهير في إذاعة القرآن الكريم السعودية “فتاوى نورٌ على الدرب”.
أن الإسلام ليس فيه شيءٌ يسمى بصلاة الحاجة، ولا دليل صحيح ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة، وبالتالي فإن كيفية صلاة قضاء الحاجة عند ابن عثيمين لا أصل لها، ولجأ الشيخ في هذه الفتوى إلى الآية الخامسة والأربعين من سورة البقرة، كما ذكره شيخه ابن باز.
قول علماء الدين المعاصرين في صلاة قضاء الحاجة
عرضنا لكم كيفية صلاة قضاء الحاجة بالنسبة لما ورد في السنة النبوية الشريفة، وما جاء في المذاهب الفقهية الأربعة، وما جاء في قول العلماء الأقدمين، وقول علماء العصر الحديث.
لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم كيفية صلاة قضاء الحاجة، حسب ما أوضحها علماء العصر الحديث كالشيخ محمد صالح المنجد، والشيخ خالد بن عبد الله المصلح، وغيرهم من علماء الدين، فكانت آرائهم في تلك المسألة:
قول الدكتور أحمد عمر هاشم
الشيخ أحمد عمر هاشم حفظه الله من كبار العلماء المحدثين في هذا العصر، وقال عبر برنامج المسلمون يتساءلون عبر فضائية المحور إن صلاة الحاجة تكون بسورة الكافرون في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص.
الشيخ مصطفى العدوي
أحد العلماء المعاصرين، وله برنامج فتاوى العدوي، ويقول في هذا البرنامج إن صلاة الحاجة ركعتين، ثم يدعو الله بالدعاء الذي سبق ذكره، وأنها لا تثبت بهذا الاسم في الدين الإسلامي.
الشيخ سعيد الكملي
عالم مغربي في الفقه المالكي، ويشرح كتاب الموطأ على كرسي الإمام مالك في مسجد السنة بالعاصمة المغربية، ويقول إن قضاء الحاجة والتوجه بالمسألة يكون إلى الله عز وجل، وهو ذات ما ذكره الشيخ العدوي في أن صلاة الحاج غير موجودة باسم معين في الإسلام.
الشيخ خالد بن عبد الله المصلح
أجاب الشيخ عن كيفية صلاة الحاجة وحكمها، فقال إن جمهور العلماء قال إنها مستحبة، والاستناد في حديث عبد الله بن أبي أوفى، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ قَالَ:
“خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيَقُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلا غَفَرْتَهُ وَلا هَمًّا إِلا فَرَّجْتَهُ وَلا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلا قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ“
اقرأ أيضًا: أجمل الأدعية لقضاء الحاجة وتيسير الصعاب في نفس اليوم مجربة
الشيخ محمد صالح المنجد
ذكر الشيخ أن صلاة الحاجة حديثها ضعيف، ولم يثبت لها حديث صحيح، ويصلي الإنسان إن حزمه أمر أي عدد من الركعات في الصلاة، أربعة، اثنين أو عشرة كما شاء.
صلاة الحاجة اختلف في حكمها الفقهاء، لكن لا يوجد ما يمنع التأكد من حكمها، والتقرب إليه سبحانه، فرسول الله إن ضاق به الأمر ذهب إلى الله مصليًا.