كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان؟
كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان؟ هل يوجد سبيل لعتق الرقبة في حاضرنا هذا؟ ظهر عتق الرقبة منذ بداية انتشار الدين الإسلامي الحنيف، فهو أول من أعتق الرقاب وأخلى السبيل، دين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
لكن برحيل ذلك العصر كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان؟ هذا ما سوف نعرفه من خلال موقع زيادة.
كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان؟
منّ الله على أمة محمد في قديم السلف بالثواب العظيم جراء عتق الرقبة لوجه الله، حيث ظهر الإسلام في ظل العصور المستبدة المستعبدة، ظهر في زمن الرق، فكان منجيًا من كل ذلك بأمر الله من خلال عتق الرقاب.
جعل الله عظيم الأجر لعاتق الرقبة ووعده بخير الجزاء وفرض علينا عتق الرقبة في مواضع كثيرة سنتعرف عليها فيما بعد، لكن كيف سيكون لنا أن نحصل على ذلك الثواب العظيم ونحن لسنا في زمن الاستعباد والرق؟ هذا ما سوف نعرفه من خلال ما يلي..
انتهى زمن الرقيق، لكن لم تنتهي الذنوب التي يقوم بها الإنسان، وحيث لا استبدال لشرائع الله والعياذ بالله، كان يجب الإلمام بمعرفة كيفية عتق الرقاب في زمننا هذا والذي يمكن تطبيقه على أنحاء كثيرة، سأذكرها عليكم فيما يلي:
اقرأ أيضًا: ما هي الكفارة والفرق بين الكفارة والفدية
1-الطواف بالكعبة المشرفة
في إطار معرفة كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان، فمن أجلِّ الصور التي يمكن للإنسان أن يعتق رقبة من خلالها هو الطواف بالكعبة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“مَن طافَ بالبيتِ وصلَّى رَكعَتَينِ كان كعِتْقِ رقَبةٍ”، ما أعظم ديننا وأيسره فيمكن للمسلم أن يطوف بالكعبة سبعًا ويصلي ركعتين ككفارة ذنب عظيم.
2-الجهاد في سبيل الله عز وجل
قد يتعذر في زمننا هذا حضور الغزوات، لكن لربما يرزقنا الله بالجهاد في فلسطين لتحرير المسجد الأقصى، وحينها الشهادة في سبيل الله أو عتق الرقبة عن طريق قتل العدو حتى وإن لم يبلغه.
حيث قال رسولنا الكريم: “من شاب شَيْبةً في الإسلامِ كانت له نورًا يومَ القيامةِ، ومن رمَى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ فبلغ العدوَّ أو لم يبلُغْه كان له كعِتقِ رقبةٍ، ومن أعتق رقبةً مؤمنةً كانت فداءه من النَّارِ عضوًا بعضوٍ.” (صحيح)
اقرأ أيضًا: شروط الجهاد في سبيل الله وما هي أنواعه
3-تقديم العون لأخيك المسلم
أرأيت أكثر من ذلك تسامحًا يجعلك تخجل من العودة إلى الذنب؟ حيث جعل الله معاونتك لأخيك المسلم كعتق رقبة مسلمة، ومن أمثلة معاونة الأخ ما يلي:
- أن تقرضه قرضًا حسن بدون فوائد.
- أن تعيره دابة أو ما ينتج له لبنًا ينتفع به.
- أن تدله أو تعلمه.
فقد قال رسولنا الكريم صلوا عليه وسلموا تسليمًا “مَن منح مِنْحَةَ وَرِقٍ، أو مِنْحَةَ لَبَنٍ، أو أَهْدَى زُقَاقًا، فهو كعِتْقِ نَسَمَةٍ” (صحيح).
4-التهليل كعتق عشرين رقبة مؤمنة
حيث يقوم المسلم بالتهليل عشرًا بعد الفجر وعشرًا بعد المغرب على نحو رسولنا الكريم الذي سوف ألاحقكم بذكره، كأنما أعتق 20 رقبة في:
“حديثِ قولِ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له حين يصبحُ وحين يمسي كتبَ اللهُ له بكلِّ واحدةٍ قالها عشرَ حسناتٍ ومحا عنه بها عشرَ سيئاتٍ ورفعه اللهُ بها عشرَ درجاتٍ وكنَّ له كعشرِ رقابٍ وكنَّ له مسلحةً من أولِ النهارِ إلى آخرِه ولم يعملْ يومئذٍ” (صحيح)
أيوجد أسهل من ذلك لتقف مكتوف الأيدي تتساءل كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان؟
التهليل مائة مرة
يمكن للمسلم أن ينال ثواب عتق الرقبة وذلك عن طريق التهليل مائة مرة وفقًا لرواية أبي هريرة أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَنْ قالَ في يومٍ مائةَ مرةٍ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهُوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ كانَ لَهُ عِدَلُ عشرِ رقابٍ”
صدق رسولنا الكريم، فحري بالمسلم أن يداوم على ذكر الله فلا يعلم أي عظيم الأجر سيلقى، وهي أحد الطرق الأخرى التي تجيب على سؤال كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان.
5-الصلاة على النبي تعتق الرقاب
نحن نعلم فضل الصلاة على الرسول في سعة الرزق وفك الكرب، أما عن عتق الرقبة، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم “من صلَّى عليَّ مرةً، كتب اللهُ له عشرَ حسناتٍ، ومحا بها عنه عشرَ سيئاتٍ، ورفعه بها عشرَ درجاتٍ، وكنَّ له عِدلَ عشرِ رقابٍ.”
لذا حري بالمسلم الالتزام بذكر الله، فهو لا يعلم أي عظيم الأجر سيصيب.
اقرأ أيضًا: فضل الصلاة على النبي
6-التحميد والتكبير والتهليل كعتق مائة رقبة
ألا بذكر الله تطمئن القلوب، فذكر الله هو الراحة والسكينة وترطيب اللسان بذكره من أجل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، كما أن اه عظيم الثواب حين ذهبت سيدة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر سنها ووهن جسدها حين قالت:
“أتيتُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، دُلَّني على عملٍ فإنِّي قد كَبِرْتُ وضعفتُ وبدَّنتُ، فقالَ: كبِّري اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ، واحمَدي اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ، وسبِّحي اللَّهَ مائةَ مرَّةٍ خيرٌ من مائةِ فرَسٍ مُلجَمٍ مُسرَجٍ في سبيلِ اللَّهِ، وخيرٌ من مائةِ بدَنةٍ، وخيرٌ من مائةِ رقبةٍ”.
اقرأ أيضًا: التكبير بعد الصلاة المفروضة والحكمة من مشروعيتها ووقتها وسننها
ما هو عتق الرقبة؟
بعد أن عرفنا كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان، دعوني أخبركم ما هو عتق الرقبة بالتفصيل، حيث تشمل كلمة عتق الرقبة عدة معاني سنتعرف عليها فيما يلي:
أولًا: المعنى اللغوي للعتق
يختلف المعنى اللغوي لكلمة عتق حسب الجملة التي جاء فيها، وإليكم الأمثلة ليتضح إليكم ما أقصد:
- تم عتق الأموال، أي صلحت الأموال.
- عتق الرجل الصبي، أي قام الرجل بعض الصبي.
- عتق الحصان نظيره، أي قام الحصان بسبق نظيره.
- عتق الحلف او اليمين، أي أنه قد وجب.
- عتق السيد العبد، أي حرره من الاستعباد المطلق له.
ثانيًا: معنى مصطلح العتق
يأتي المعنى المصطلحي لتلك الكلمة معبرًا عن عتق أحد المماليك ذكرًا كان أو أنثى، حيث أجاز الله للمسلمين اخذ الأسرى في الغزوات لينتفعوا منها سواء بالبيع أو الاستعمال، وإما يعفون عنهم بعد ذلك أو يأخذون منهم فدية أنفسهم.
فضل عتق رقبة مسلم
وعد الله عاتق رقاب المسلمين بعتق رقبته من النار حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّار، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ).
وكان في قديم الزمان يتم عتق الرقبة بما يسمى المكاتبة، حيث كان يكتب سيد العبد ثمنه ويعطيه المكاتبة فمن أدى ثمنها فهو حر، فكان من يدفع ثمن تلك المكاتبة فهو من عاتقي الرقبة.
حيث قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) صدق رسولنا الكريم.
المواضع التي تستدعي عتق الرقبة
ما ذكرناه كان يحدث في زمن الغزوات، لكن الآن ليس لنا السبيل إلى ذلك، ولكن هناك عدة مواضع فرض الله فيها عتق الرقبة والتي تتمثل فيما يلي:
1-كفارة القتل الخطأ
حيث من تورط في القتل الخطأ الغير متعمد مع صدق نواياه، شرع الله أن يعتق رقبة مؤمنة ليكفر عن ذنبه امتثالًا لقوله تعالى “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”
2-كفارة من قام بحلف الظهار
كان قديمًا ما يحلفون على زوجاتهم بالظهار، وهو أن يحرمها عليه بقوله “أنت عليا كظهر أمي أو أختي” بهذا الشكل يكون أخل بميثاق الزواج الغليظ، لذلك يجب عليه الكفارة بعتق الرقبة استنادًا إلى قول الله عز وجل في محكم آياته.
“وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة:3-4].
3-كفارة اليمين الذي تمت مخالفته
حيث أن الحلف بالله أمرًا ليس بهين لا مجال فيه للمزاح أو اللهو، فكان حد الله في إسقاط اليمين هو صيام ثلاثة أيام متتالية أو تحرير رقبة إذا أتيح الأمر للحالف رجوعًا إلى أمر الله عز وجل من خلال كتابه الشريف، حيث قال سبحانه وتعالى:
“لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ”
اقرأ أيضًا: ما هي كفارة إفطار يوم في رمضان عمدا دون عذر؟
4-الجماع بين الزوجين في نهار رمضان
هو أمر غير محمود على الإطلاق لما فيه من استهانة بقدسية الشهر الكريم والفرائض التي فرضها الله علينا، وكفارته صيام ستين يوم متتابعين أو تحرير رقبة أو اطعام ستين مسكينًا من أوسط ما تقتات به عن كل يوم حدث فيه ذلك، حسب ما جاء في قوله تعالى:
“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”
حيث علق الله إيقاف الأمر بالتوقف عن الطعام والشراب، حتى لا يقع الزوجين فيما حرمه الله، وفيما يلي:
ما رواه أو هريرة رضي الله عنه “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء إليه رجلٌ فقال: هلكْتُ يا رسولَ الله. قال: وما أهلَكَك؟ قال: وقعْتُ على امرأتي في رمضانَ…”
“…فقال: هل تجِدُ ما تُعتِقُ؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ سِتِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا. قال: فمكث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيها تَمرٌ- والعَرَقُ: الْمِكتَلُ- قال: أين السَّائِلُ؟…”
“…فقال: أنا. قال: خذْ هذا فتصَدَّقْ به. فقال الرجُلُ: على أفقَرَ مني يا رسولَ اللهِ؟ فواللهِ ما بين لابَتَيْها- يريدُ الحَرَّتَينِ- أهلُ بَيتٍ أفقَرُ مِن أهل بيتي. فضَحِكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه، ثم قال: أطعِمْه أهلَك”.
ديننا دين اليسر وليس العسر فمن أراد ان يعتق الرقاب ويأخذ الثواب فليفعل وإن كان على فراشه، ولا يسأل نفسه مجددًا كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.