حكم صيام يوم عاشوراء
حكم صيام يوم عاشوراء يمكن توضيحه بالاستناد إلى الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث إن عاشوراء يعد من أيام العام الهجري الهامة لدى جميع المسلمين في أنحاء البلاد رغبةً منهم في نيل الفضل العظيم من تكفير الذنوب والأجر المترتب على صيامه، لذا نتعرف على فضل صيام عاشوراء من خلال موقع زيادة.
حكم صيام يوم عاشوراء
يترقب المسلمون في جميع أنحاء العالم توقيتات الشرائع والمناسبات الدينية التي تأتي خلال أشهر العام الهجري، وفور بدء عام هجري جديد فإنهم ينتظرون يومي تاسوعاء وعاشوراء لما يحققانه من الفضل الكبير والأجر المترتب على الصيام فيهما وكثرة العبادة.
يوافق يوم عاشوراء اليوم العاشر من أول الأشهر الهجرية مُحرّم، وصيام هذا اليوم احتسابًا لوجه الله يعد من أكبر النعم على المسلم؛ حيث إن فاعلها ينال الأجر والثواب، ويكثر التساؤل عن حكم صيام يوم عاشوراء لأنه ليس فرضًا على المسلم، فلا يعاقب تاركه.
لذا فإن حكم صيام يوم عاشوراء مستحب كما أوردت أحاديث كثيرة المعاني الدالة على تخيير المسلم في صيامه، وقد جاء ذلك بهدف إبطال إيجاب الصيام وليس إبطال الاستحباب.
فالمسلم فقير إلى الله يرغب في الحصول على رحمته وفضله، ونعمه المترتبة على فعل الصالحات، والسنن، وأعمال الخير، وغيرها من الأمور التي يجوز فعلها ولا يعاقب على تركها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ».
لذا فإن يوم عاشوراء من أفضل أيام العام التي يمكن للمرء أن يبدأ فيه بفتح صفحة جديدة خالية من الذنوب؛ فالأعمال الصالحة في يوم عاشوراء تكفّر ذنوب السنة التي قبلها، ومنها: الصيام، وترديد الأذكار والأدعية، وأداء العبادات المختلفة.
يظهر المسلمون سعادتهم بالمناسبات الدينية من خلال إقامتهم للموائد والاحتفالات، وقد حددت بعض البلاد بأن يوم عاشوراء هو يوم عطلة، وهم يتخيّرون في صيامه؛ فمن شاء صام يوم عاشوراء، ومن شاء ترك صيامه.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط دون تاسوعاء
أصل يوم عاشوراء
تعود تسمية عاشوراء بهذا الاسم في أنه اليوم العاشر من السنة الهجرية الذي يقع في شهر محرم، فهي تسمية عربية إسلامية تعبر عن أهمية هذا اليوم العظيم، ويترتب على معرفة المعلومات المتعلقة به التعرف على فضل صيام اليوم العاشر من شهر محرم.
إن أصل يوم عاشوراء يعود إلى عهد سيدنا موسى عليه السلام مع قومه إسرائيل، حينما كان فرعون وملئه يبطشون في الأرض، وقد نجّا الله تعالى نبيه موسى عليه السلام من بطش فرعون.
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا صام يوم عاشوراء قيل له إن اليهود والنصارى تعظمه، فقال: “إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع”، وقَالَ ابن عباس: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشهر المُحرّم
إن الله سبحانه وتعالى اختار للمسلمين أشهرًا سميت بالأشهر الحرم، لقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ…)
تتمثل الأشهر الحرم بالسنة الهجرية في أربعة أشهر منها شهر الله المحرم الذي يجيء في أولها، ويتمثل وقت قدومه في أيام تلي شهر الحج حتى يأمن الحجاج من السفر والعودة إلى بلادهم، وسمي باسم “محرم” لتأكيد تحريمه؛ حيث إن العرب كانت متقلبة فيه تحله عامًّا، وتحرّمه عامّا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضَلُ الصِّيامِ بعد رمضانَ شَهرُ اللهِ المُحَرَّمُ“، لذا من الواجب أن يتعرف كل مسلم على حكم صيام يوم عاشوراء الذي هو اليوم العاشر من محرم.
حكم صيام يوم عاشوراء وحده
إن حكم صيام يوم عاشوراء باليوم الذي يسبقه أو يليه مستحب شرعًا، لذا يجوز صوم يوم عاشوراء وحده دون صيام يوم قبله أو بعده؛ حيث يترتب على صيامه فضل عظيم، ولم يرد في الأدلة نهي عن صومه منفردًا إلّا لمخالفة اليهود، فيصوم من استطاع.
كما أن حكم صيام يوم عاشوراء يعود على المسلم بالأجر والفضل العظيم، فإن صيام يوم تاسوعاء يكفّر الذنوب أيضًا، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيام يوم تاسوعاء مع يوم عاشوراء؛ قال صلى الله عليه وسلم: “لئن عِشتُ إلى العامِ القابلَ، لأصومَنَّ يومَ التَّاسعِ. يعني عاشوراءَ“.
ذهب الحنفية إلى أن صيام عاشوراء منفردًا يعد مكروهًا كراهة تنزيه، ويدخل هذا في معرفة حكم صوم عاشوراء، فقد قسموه كراهية صومه منفردًا تبعًا لحكمين في “حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح”.
حيث ذُكر أن القسم السادس وهو المكروه ينقسم إلى اثنين: المكروه تنزيهًا، والمكروه تحريمًا، ومثال على الأول هو صوم يوم عاشوراء منفردًا عن التاسع أو الحادي عشر.
اقرأ أيضًا: دعاء يوم عاشوراء مكتوب
مراتب صيام عاشوراء
قسم الإمام ابن القيم مراتب صوم يوم عاشوراء إلى ثلاثة، يتمثل أول تلك المراتب في صيام يوم قبل عاشوراء ويوم بعده، أي صيام ثلاثة أيام التاسع، والعاشر والحادي عشر، وثاني مرتبة تتمثل في صيام تاسوعاء وعاشوراء، أي اليوم الذي يسبق عاشوراء.
بينما تتحقق المرتبة الأخيرة بصيام اليوم العاشر فقط، وهذا ما يتضمنه حكم صيام يوم عاشوراء المستحب.
أسباب صوم تاسوعاء وعاشوراء
إن حكم صيام يوم عاشوراء يتعلق بالفضل المترتب عليه، فهو يكفّر ذنوب العام الماضي، ويعود إلى قصة النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان عائدًا من إحدى السفريات في السنة الثانية من الهجرة، وعند دخوله إلى المدينة المنورة وجد اليهود يصومون.
فقام بسؤالهم عن سبب الصيام، فأخبروه بأنه اليوم الذي نجا الله تعالى موسى عليه السلام فيه، لذا يشكرون الله على هذا اليوم بصيامه، فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم بأن المسلمون أحق بموسى من اليهود، ولمخالفتهم يمكن صيام يوم قبله أو بعده.
أدلة على حكم صيام يوم عاشوراء
تعددت الأدلة المذكورة في السنة النبوية على جزاء صوم عاشوراء، ومنها ما يلي:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قَدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَقالَ: ما هذا؟ قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ.” رواه البخاري ومسلم.
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يَومُ عاشوراءَ يَومًا يَصومُه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الجاهليَّةِ، وكانت قُرَيشٌ تَصومُهُ في الجاهليَّةِ، فلمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدينةَ صامَهُ وأمَرَ بصيامِه، فلمَّا نزَلَ رَمَضانُ، كان رَمَضانُ هو الفَريضةَ وترَكَ عاشوراءَ.“
- عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: “هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، ولَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وأَنَا صَائِمٌ، فمَن شَاءَ فَلْيَصُمْ، ومَن شَاءَ فَلْيُفْطِرْ.” رواه البخاري ومسلم.
- عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ” أخرجه مسلم.
- عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: “أمَر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجلًا من أسلَمَ، أن أذِّنْ في النّاسِ: أن مَن كان أكَل فليَصُمْ بقيةَ يومِه، ومَن لم يكُنْ أكَل فليَصُمْ، فإنّ اليومَ يومُ عاشوراءَ”.
أدعية مستحبة يوم عاشوراء
يوجد العديد من الأدعية التي يسن الدعاء بها وترديدها في يوم عاشوراء، حتى ينال المسلم زيادةً في الأجر والثواب، ومنها الأدعية التالية:
- ينبغي على المسلم أن يردد الأدعية الواردة في الأحاديث الشريفة ومنها قول: ” لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ الكريمِ لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ العظيمِ لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ العرشِ الكريمِ لا إلهِ إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ الكريمِ“.
- ترديد الدعاء: ” اللَّهمَّ رحمتَكَ أرجو فلا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ وأصلِحْ لي شأني كلَّه لا إلهَ إلَّا أنتَ“، “لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
- الدعاء بقول: يا رحمن الدنيا والآخرة، لا إله إلا أنت، اقضِ حاجتي في الدنيا والآخرة، وأطل عمري في طاعتك، ومحبتك، ورضاك، وأحيني حياة طيبة، وتوفني على الإسلام والإيمان يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
- يدعو المسلم بقوله: اللهم طهرْني مِن الذنوبِ والخطايا، اللهم نقِني منها، كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَنَسِ، اللهم طهرْني بالثلجِ، والبَرَدِ، والماءِ الباردِ.
- قول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، يا ذا الجلال والإكرام”.
اقرأ أيضًا: أجمل الصور بمناسبة عاشوراء
صيام يوم عاشوراء فضله كفّارة سنة لصغائر الذنوب، بينما تحتاج كبائر الذنوب إلى التوبة الخالصة لله تعالى، فندعو الله أن يتوب علينا وعليكم من شر أعمالنا.