شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها
شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها من أكثر الشروحات التي تعبر عن حالة من الرثاء بين الأصدقاء، فقد تم إلقاء قصيدة الرثاء في العصر العباسي من خلال الشاعر أبو العلاء المعري، وقام برثاء أبا حمزة من خلال القصيدة، وإليكم فيما يلي عبر موقع زيادة شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها لطلاب الصف الثالث الثانوي في المملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة واحر قلباه للمتنبي
من هو أبو العلاء المعري
قبل أن نقوم بشرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها، يجب أن نتعرف على شخصية الشاعر العباسي أبو العلاء المعري، هو واحد من سكان منطقة معرة النعمان، وهي تابعة لمحافظة إدلب في سوريا، كان نابغة عصره في الشعر وتم تصنيفه بنفس تصنيف المتنبي والبحتري في عالم الشعر، كان مصاب بالعمى وهو في الرابعة من العمر نتيجة للجدري.
تميز بأنه كان زاهدًا في كسب المال من شعره، ولا يقبل أن يتصدق عليه أحد، وكان تابعًا الزهد الفلسفي مما جعله كارهًا لتناول اللحوم، أهم مؤلفاته “كتاب رسالة الغفران”.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة ابن زيدون الى ولادة بنت المستكفي
شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها
كتب الشاعر أبو العلاء المعري قصيدة يرثى فقيها لرثاء صديقه أبا حمزة الفقيه، وجاءت كلمات القصيدة على النحو التالي:
غيرُ مُجْدٍ في مِلَّتي واعتِقادي نَوْحُ باكٍ ولا تَرنُّمُ شادِ
وشَبيهٌ صوتُ النَّعِيِّ إذا قيــسَ بصَوْتِ البَشيرِ في كلِّ نادِ
أبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمامةُ أَمْ غَنْــنَتْ على فَرْعِ غُصنِها المَيَّادِ
صاحِ هَذِي قُبورُنا تَملأ الرَّحْــبَ فأين القبورُ مِن عهدِ عادِ
خفِّفِ الوَطْءَ ما أَظُنُّ أَديمَ الـأرضِ إلَّا مِن هذهِ الأجسادِ
وقبيحٌ بنا وإِنْ قَدُمَ العَهْــدُ هَوانُ الآباءِ والأجدادِ
سِرْ إنِ اسْطَعْتَ في الهواءِ رويدًا لا اخْتيالًا على رُفاتِ العبادِ
رُبَّ لَحْدٍ قد صار لَحْدًا مِرارًا ضاحِكٍ مِنْ تَزاحُمِ الأضدادِ
ودَفينٍ على بقايا دَفينٍ في طويلِ الأزمانِ والآبادِ
فاسْألِ الفَرْقدينِ عمَّن أَحَسَّا مِن قبيلٍ وآنَسَا مِنْ بلادِ
كم أقامَا على زوالِ نهارٍ وأَنارَا لمُدْلِجٍ في سَوادِ
تَعَبٌ كلُّها الحياةُ فما أعْــجَبُ إلَّا مِن راغبٍ في ازْديادِ
إنَّ حزنًا في ساعةِ الموتِ أضعافُ سرورٍ في ساعةِ الميلادِ
خُلِقَ الناسُ للبقاء فضلَّتْ أُمَّةٌ يَحْسَبونَهمْ للنَّفَادِ
إنَّما يُنقَلونَ مِن دارِ أعمالٍ إلى دارِ شِقْوةٍ أو رَشادِ
ضِجعةُ الموتِ رَقْدةٌ يستريح الــجِسمُ فيها والعيشُ مثلُ السُّهادِ
أَبناتِ الهديلِ أَسْعِدْنَ أَوْ عِدْنَ قليلَ العَزاءِ بالإسعادِ
إيْهِ للهِ دَرُّكُنَّ فأنتُنْنَ اللواتي تُحسِنَّ حِفْظَ الوِدادِ
ما نَسِيتُنَّ هالكًا في الأوانِ الــخالِ أَوْدَى مِن قَبْلِ هُلْكِ إيادِ
بَيْدَ أنِّي لا أَرتَضي ما فَعَلْتُنْــنَ وأَطواقُكنَّ في الأَجيادِ
فتَسلَّبْنَ واسْتعَرْنَ جميعًا مِن قميصِ الدُّجى ثيابَ حِدادِ
ثُمَّ غَرِّدْنَ في المآتِمِ وانْدُبْــنَ بَشَجْوٍ مع الغواني الخِرادِ
قصَد الدهرُ مِن أبي حمزة الأَوْوَابِ مَولَى حِجًا وخِدْنَ اجْتِهادِ
وفقيهًا أفكارُهُ شِدْنَ للنُعْــمانِ ما لَمْ يَشِدْهُ شِعْرُ زِيادِ
وخطيبًا لو قام بينَ وُحوشٍعَلَّمَ الضارياتِ بِرَّ النِّقادِ
راويًا للحديثِ لم يُحْوِجِ الْمَعْــروفَ مِنْ صِدْقِه إلى الإسنادِ
أنفَق العُمْرَ ناسكًا يَطلُبُ العِلْــمَ بكَشْفٍ عَن أَصْلِه وانتِقادِ
ذا بَنانٍ لا تَلمِسُ الذَّهبَ الأحْــمرَ زُهدًا في العَسْجدِ المُستفادِ
ودِّعا أيُّها الحَفِيَّانِ ذاك الشْــشَخْصَ إنَّ الوداعَ أيْسرُ زادِ
واغْسِلاهُ بالدمعِ إِنْ كان طُهْرًا وادْفِناهُ بين الحَشا والفُؤادِ
واحْبُواهُ الأكفانَ مِن وَرَق المُصْــحفِ كِبْرًا عن أَنْفَسِ الأبْرادِ
واتْلُوَا النَّعْشَ بالقراءةِ والتَّسْــبيحِ لا بالنَّحيبِ والتَّعْدادِ
أَسَفٌ غيرُ نافعٍ واجتهادٌ لا يُؤدِّي إلى غناءِ اجْتهادِ
طالَما أَخْرَجَ الحَزينُ جَوَى الحُزْنِ إلى غيرِ لائقٍ بالسَّدادِ
كيفَ أصْبحتَ في مَحلِّكَ بَعْدي يا جديرًا مني بحُسْنِ افْتقادِ
قد أَقرَّ الطبيبُ عنكَ بعَجْزٍ وتَقَضَّى تَرَدُّدُ العُوَّادِ
وانتَهى اليأسُ منك واستَشْعَر الوَجْدُ بأنْ لا مَعادَ حتَّى المَعادِ
كنتَ خِلَّ الصِّبا فلمَّا أَرادَ الــبَينُ وافَقْتَ رَأيَهُ في المُرادِ
ورأيتَ الوفاءَ للصاحبِ الأَوْوَلِ مِن شِيمةِ الكريمِ الجَوَادِ
وخلَعتَ الشبابَ غَضًّا فيَا لَيْتَكَ أَبْلَيتَه معَ الأَنْدادِ
فاذْهَبا خَيرَ ذاهبَيْنِ حَقيقَيْــنِ بسُقْيا رَوائحٍ وغَوادِي
ومَراثٍ لو أَنَّهنَّ دُموعٌ لَمَحَوْنَ السُّطورَ في الإنْشادِ
زُحَلٌ أَشْرفُ الكواكبِ دارًا مِن لقاء الرَّدى على مِيعادِ
واللبيبُ اللبيبُ مَنْ ليس يَغْتَرْ رُ بكونٍ مَصيرُهُ للفَسادِ
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد (البُردة)
شرح “غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي” حتى “في طَويلِ الأزْمانِ وَالآباءِ”
شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها يحتوي على كافة الخصائص التي توضح أهم النقاط في شعر أبو العلاء، فقد بدأ الأبيات في قصيدته بأن الدنيا غير باقية وهي دار الفناء، فلا يجدي بها الفرح ولا الحزن، حيث أن كل إنسان كتب عليه قدره قبل ولادته، ولا يمكن لأي إنسان أن ينتظر خلوده في الدنيا.
وتتميز تلك المقدمة القوية بأنها تعكس الفلسفة الخاصة بـ أبو العلاء والتي كان يؤمن بها في كافة أفكاره، وبعد التأكيد على أفكاره عن الدنيا، فإنه يسأل الحمام والطيور أن تبكي على وفاة صديقه، وأن تقوم برثائه معه.
وتوجه بالحديث المباشر إلى الذين يتمسكون بالدنيا بأنها إلى زوال، وذكر من خلال قصيدته العديد من الأمثلة للتأكيد على فكرته، وكان يطلب منهم أن يؤمنوا بالموت الذي هو أكبر دليل على أن الإنسان فاني.
شرح “فاسْألِ الفَرْقَدَينِ عَمّنْ أحَسّا” حتى “لٍ إلى دارِ شِقْوَةٍ أو رَشَادِ”
يعتمد شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها على كافة الأفكار التي كان يعيش بها بين أقرانه من الشعراء مثل البحتري والمتنبي، وأثبتت كافة الأبيات في القصيدة المعرفة الفلسفية الخاصة به عن الدنيا وفنائها.
ومن خلال الأبيات أكد على أن الدنيا هي دار الشقاء، فلا يمكن للإنسان أن ينعم فيها بالراحة، وقام بعمل توازن قوي وصريح بين مشاعر متناقضة تمامًا وهي مشاعر الإنسان والفرحة العارمة عند ولادة المولود، مع مشاعر الحزن الشديد عند حالة الوفاة والموت.
كان يعتمد أبو العلاء في قصيدته على توضيح دور الإنسان في حياته، وكيف أن يعيش في عبادة مستمرة ويبعد عن شقاء الدنيا وهمها، فيجب على كل شخص أن يقوم بكافة الأعمال الصالحة وأن ينكر ويبتعد عن المنكرات والذنوب، فالعمل الصالح هو الذي ينجيه في الآخرة.
اقرأ أيضًا: شرح نص أفي الناس أمثالي سنة اولى ثانوي
شرح “ضَجْعَةُ المَوْتِ رَقْدَةٌ يُستريحُ ال” حتى “حَفِ كِبْراً عن أنْفَسِ الأبْرادِ”
في شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها ينتقل الشاعر بين العديد من المشاعر المختلطة، وبين نصائحه لمن حوله بأن يتوجهوا إلى العمل الصالح، ففي تلك الأبيات يبدأ الشاعر برثاء واضح وصريح لصديقه، حيث أكد على أن فكرة الموت راحة هي فكرة صحيحة، فالإنسان فترة حياته يعيش في تعب وهم وفي مماته الراحة التامة.
وأشار إلى كافة الصفات الحسنة التي كانت تميز صديقه، فكان واسع العلم وزاهد في الدنيا ومتاعها، وكان كثير العبادة والتعبد إلى الله عز وجل، فكان الفقيه يطلب العلم في كل مكان وبكل وقت، ورزقه الله بالعلم الوفير فأصبح من أبلغ الخطباء الصادقين.
في نهاية الأبيات السابقة شدد الشاعر على الشخص الذي يقوم بدفن صديقه بأن يقوم بتكفينه مستخدمًا أوراق المصحف، وكان ذلك دليل على الحب الشديد الذي يكنه الشاعر لصديقه، وأيضًا يؤكد على الورع والتقوى والصلاح للشيخ الفقيه، فكان مقيمًا للصلاة ويسعى دومًا للخير، وكان يعمل على نصح من حوله بالإبتعاد عن الذنوب والمنكرات، وذلك تمهيدًا ليوم الحساب.
شرح “فَعَزيزٌ عَليّ خَلْطُ اللّيالي” حتى “مِنْ لِقاءِ الرّدَى على ميعادِ”
يقوم شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها بوصف الكثير من محاسن أفعال الشيخ المتوفى، فقد قام الشاعر بتوضيح المكانة التي كان يحتلها الشيخ في قلبه، وأنه لم يكن يومًا مجرد صديق وإنما كان السند الصاحب والخليل في الطفولة والشباب، ومن شدة حزنه عليه وصفه بأنه توفى وهو في ريعان شبابه.
يدعو الشاعر أبو العلاء الله عز وجل لصديقه بالرحمة، وأنه يشعر بمشاعر حزينة قوية تقتل قلبه ببطء، وكان من عادات الشعراء لدى العرب أن يقوموا بالدعاء للميت في الرثاء بالرحمة والسقيا، وكل تلك الأبيات هي أقوى دليل على العلاقة الوطيدة بينهما.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة لامية العجم
الخصائص العامة لشعر أبو العلاء المعري
بعد أن قمنا بتوضيح شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها بشكل مفصل، فيمكن أن نتطرق إلى الخصائص العامة التي تميز قصائد وشعر أبو العلاء، وتتمثل تلك الخصائص فيما يلي:
- كان يتميز الشعر لأبي العلاء المعري بالثقافة المتنوعة والواسعة، فهو منفرد بعلمه وثقافته عن غيره من شعراء ذلك العصر.
- يظهر النبوغ والذكاء الشديد في كافة أشعار ابو العلاء.
- كان يتميز أبو العلاء بأنه قادر على امتلاك الشوارد الخاصة باللغة العربية، وكانت لديه العديد من الطرق لتطويع اللغة لما يهدف إليه.
- كان على علم كبير باللغة العربية، ونتج عن ذلك قدرته المذهلة في التصرف بكل ألفاظ اللغة بشكل سهل.
- كانت لديه العديد من التراكيب الفريدة من نوعها، وتميزت كافة أشعاره بالقوة في البنية اللغوية.
- عمل على تقديم العديد من الألفاظ الغريبة في أشعاره المختلفة.
- أهم خصائصه أنه كان يقوم بتقديم العديد من الأفكار ولكن بشكل معقد، ولم يكتفي بذلك الأمر بل كانت تشعباته في الأفكار مختلفة وكبيرة، وكانت تعكس الأفكار الفلسفية الخاصة به.
- اهتم أبو العلاء بتقديم الشعر الخاص به بنهج موسيقى.
- لزيادة جمال الشعر لدى أبو العلاء، فإنه قام باستخدام الظاهرة الخاصة بالتصريع والتقطيع في الموسيقي.
- يتميز الأسلوب الخاص به بالقوة.
اقرأ أيضًا: شرح وتحليل قصيدة في وصف النهر للصف الثامن
أهم أفكار قصيدة أبو العلاء
يعمل شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها على توضيح أهم الأفكار الرئيسية التي اعتمدت عليها القصيدة بشكل كامل، وتتمثل تلك الأفكار فيما يلي:
- لا يجب أن يتم التفريق بين الحياة والموت، لأن الفناء والموت هو المصير الحقيقي لكافة المخلوقات.
- لا يجب أن يتمسك الإنسان بالدنيا وما فيها من متاع، لأنها لم تكن دار الحق وإنما هي دار الباطل.
- الأمم السابقة التي ضرب الله عز وجل بها الأمثال، هي أقوى دليل على الفناء والموت.
- كل شخص سيحاسب أمام الله عز وجل عن كل عمل قام به، فمن كانت أعماله صالحة ففرح بها، ومن كانت أعماله صالحة فإنه سيظل ملومًا محسورًا.
- الموت هو الطريق إلى الراحة والتخلص من هموم الدنيا وتعبها.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة وصف الطبيعة للشاعر احمد شوقي
قمنا من خلال شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها بتوضيح كافة الأفكار الخاصة بواحد من أهم شعراء العصر العباسي، وعملنا على توضيح كافة الأفكار الهامة والأساسية التي يرغب الشاعر في نشرها في الجميع من المجتمعات.