مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات
مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات من أهم وأخطر المراحل المؤثرة في نمو الطفل وتكوينه، ولا شك بأنها تشغل بال كل أب وأم لأن الأخطاء المرتكبة خلالها يصعب إصلاحها في مراحل متقدمة من عمر الأبناء، وفي مقالنا على موقع زيادة نتناول تفاصيلها وكيفية التعامل معها وتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة.
مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات
يمكن اعتبارها المرحلة الفاصلة في حياة الطفل، ففيها تتكون أكثر ملامح شخصيته، وتنقسم التغيرات الحادثة على مستوى النمو في هذه المرحلة إلى:
1- النمو الجسدي
تتسم هذه المرحلة بالنمو السريع لأغلب أعضاء وأجزاء الجسم واكتمال بعضها اكتمالًا تامًا، فتحدث زيادة كبيرة في الحجم،الوزن والطول في مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات، فتنمو الرأس نموًا ملحوظًا حيث تصل في النهاية إلى الشكل المتوقع أن تكون عليه في سن الرشد فتكون أكثر تناسبًا مع باقي أبعاد الجسم، كما يحدث فيها نموًا للجذع بشكل متوسط.
ففي حالة كان معدل نمو جسم الطفل يقارب 40% في عمر الرابعة وضعف نموه في عمر الثانية والذي كان لا يتعدى 20%، وبالنظر إلى معدل نمو الطول والوزن فالأمر يعود إلى المرحلة السابقة لهذه المرحلة حيث إن الزيادة تكون طفيفة بحيث يصل في نهاية عمر الخامسة إلى 109 سم للإناث، 115 للذكور.
فيمكن ملاحظة ما سبق بسبب استطالة العظام وفقدان الشحم الزائد الموجود بسبب النمو في المرحلة السابقة، كما أن بعض الغضاريف تتصلب وتتكلس لتتحول لعظام باستثناء عظام المخ التي تبقى لينة.
بالإضافة لما سبق فإنه من خصائص هذه المرحلة تحكم الأطفال في عضلات الجسد الكبيرة مع فقدان للسيطرة على العضلات الأصغر كعضلات الأصابع، فمثلًا يمكن أن يركل الكرة ولكنه قد يجد صعوبة في إمساكها بيديه.
اقرأ أيضًا: خصائص النمو في مرحلة الطفولة المبكرة
2- النمو الحركي
من أكثر النواحي التي يظهر فيها نمو الطفل بشكل كبير، فنجد فيها نشاطًا حركي عالي المتميز بالعنف والشدة وسرعة الاستجابة فيستطيع مثلًا الجري بسرعة عالية أو القفز من مكان إلى آخر.
كما تتحسن لديه عملية النزول والصعود على السلالم فلا يحتاج لأي مساعدات فيها، إضافة لإمكانية تعليمه ركوب الدراجة ذات الثلاثة عجلات مع وجود مساعدات طفيفة، بالإضافة لقدرة الطفل على ارتداء وخلع ملابسه، ولبس حذاءه ولكنه لا يستطيع ربط الأربطة تبعًا لصعوبة تحكمه في عضلات الأصابع كما ذكرنا سلفًا.
إن أفضل ما يمكن تقديمه للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات أن يتاح له اللعب ويتوفر له الأماكن الواسعة لينطلق ويصقل مهاراته الجديدة، فيمكن أخذه للمتنزهات والحدائق العامة والمفتوحة أو ليلعب ويركب المراجيح.
فيُرى أنه من الأفضل خلال هذه المرحلة تنمية المهارات التي تطلب استخدام الطفل للعضلات الصغيرة تمهيدًا للمراحل القادمة، مثل الرسم ولعب الصلصال مع عدم الضغط عليه في إتمامها وإرهاقه.
3- النمو الفسيولوجي
تعرف هذه المرحلة بسرعة النمو على الجانب الفسيولوجي، فحجم المخ يصل لحوالي 90% من نموه المكتمل فيها، أما فيما يخص الجهازين الدوري والتنفسي، فإن ضغط الدم تقل سرعته عن ذي قبل إضافة إلى تباطؤ حركة النبض للقلب وعملية التنفس التي تنتظم وتكون أكثر إتقانًا.
بالإضافة لذلك فيحدث نموًا كبيرًا في الجهاز الهضمي فيزداد حجم المعدة وتزداد قدرتها على إفراز العصارات الهاضمة التي تستطيع هضم المواد المعقدة أكثر من مما سبق ففي مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات يستطيع الجهاز الهضمي تنظيم إفرازاته أكثر لذلك من المحبب في تلك المرحلة التنويع في عناصر الطعام.
نزيد على ما سبق انتظام أغلب العمليات الحيوية فمثلًا عملية النوم تصل إلى 12 ساعة في بداية المرحلة ثم تقل حتى تصل في نهايتها إلى 10 ساعات فقط، لذلك ينبغي عدم إرغامه على الخلود للنوم وتعويده على تنظيم وقته بدلًا من ذلك.
4- النمو العقلي
من أهم مميزات هذه الفترة في حياة الطفل هي نمو عمليات الإدراك لديه كتابع لنموه الفسيولوجي، فيستطيع التخيل والحفظ والتفكير، نقصد بما سبق قدرة الطفل على الإدراك والتي يكتسبها في نهاية العام الثاني، وبالتالي يكون لديه القدرة على التفريق بين الأشكال والأحجام المختلفة وألوان الأشياء وإمكانية استيعابه لمفاهيم المسافة والزمن.
أما فيما يتعلق بالألوان فقد وجد الباحثون أن ألوان الأحمر والأزرق أكثر الألوان إثارة لهم فيستطيعون تمييزهما بسهولة، ولكن لا يتمكنوا من تمييز الدرجات المختلفة لهذه الألوان، فتنمو المهارات العقلية بشكل ملحوظ، فمثلًا يستطيع الطفل تذكر ما بين 6 إلى 7 كلمات في منتصف السنة الثانية، ويصل هذا العدد إلى 13 كلمة في سن 4 سنوات.
بالإضافة لما ذكرناه فإن مهارة التخيل لدى الطفل تبلغ ذروتها في تلك المرحلة فيتمكن الطفل من الربط بين الماضي والحاضر لينسج مشاهد من المستقبل، كما أنه يتمحور حول ذاته ويلاحظ كل شيء بالنسبة لنفسه.
فيستطيع إدراك الأماكن بشكل مفصل، أما الزمن فيتدرج في فهم مصطلحاته بين اليوم والآن وغدًا وغيرها وذلك بدءً من السنة الثالثة، ونضيف لما سبق قدرة الطفل على العد ومعرفة الأرقام من 1 – 20 بعد تخطيه الثالثة من عمره، ومعرفته لمهارة الجمع في سن الخامسة.
اقرأ أيضًا: مرحلة المراهقة في علم النفس
5- النمو الحسي
أهم النقاط في مقالنا مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات فتتطور المهارات الحسية في هذه المرحلة تطورًا كبيرًا، فيجد الطفل المتعة في استخدام هذه الحواس في العديد من المهارات، فمثلًا فيما يتعلق بحاسة البصر يستطيع رؤية الكلمات الكبيرة والأشياء البعيدة بوضوح أكبر من الأشياء الصغيرة والقريبة.
أما فيما يتعلق بحاسة السمع فيستطيع أن يميز بين درجات الصوت وأنواعه وفهم إيقاع الأصوات من حوله؛ لذلك فهي مرحلة محورية في تلقيه للعلم والمعلومات ولابد من تغذية سمعه والحفاظ عليه.
بالإضافة لنمو الحواس السابقة فبالحديث عن حاسة الشم يستطع الطفل تمييز الروائح المرغوبة والمنفرة، على عكس حاسة التذوق التي لا ينتبه خلالها للطعم الحلو أو اللاذع أو المالح.
نذكر أيضًا حاسة اللمس والتي تكون على أهبة الاستعداد للعمل فيميز الطفل بين الحرارة والبرودة والتي يعبر عنها الطفل بكافة الطرق بما فيها البكاء، لذلك ينبغي مراجعة الطبيب بشكل دوري للاطمئنان على صحة الأعضاء الحسية للطفل ووقايتها.
6- النمو الانفعالي
يظهر الطفل قوة في الانفعالات وإبداء ردة فعل تجاه الكثير من الأشياء، ويحاول بشتى الطرق التعبير عنها من خلال التجربة والمحاكاة، حيث يمكن بوضوح تمييز علامات الفزع على وجه الطفل وارتعاده خوفًا، أو غضبه واحتجاجه بضربه الأرض بقدميه أو الارتماء عليها، أو حتى سعادته بالحركات المفاجئة والمرح المبالغ فيه.
كما يمكن تمييز هذه المرحلة بسرعة التقلبات التي تحدث للطفل، وتتسم بالحدة في كل الحالات وذلك بسبب شعوره بأعراض سحب الاهتمام والرعاية منه وخاصة إذا كانت توجه ناحية طفل أصغر.
بالإضافة لذلك فخروجه شيئًا فشيئًا من دائرة الطفولة وبدء تطبيق مظاهر الثواب والعقاب إضافة لما يحدثه الفطام من تغييرات في شخصيته وشعوره بالأمان، يتطلب إعطاء المساحة للطفل بالتعبير عن مشاعره وإعطاءه القدر الكافي ليشبع حاجته من الحب والاهتمام وعدم المبالغة في الثواب والعقاب فهو لا يزال طفلًا على كل حال.
7- النمو اللغوي
أهم مراحل النمو اللغوي هي مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات، حيث يستطيع الطفل بسهولة التعبير عن نفسه وبسبب نمو مهارة التذكر لديه يستطيع الاحتفاظ بالكثير من الكلمات وتكوين ثروته اللغوية.
حيث يبدأ الطفل في عمر الثالثة بالتعبير عن نفسه وأفكاره بجمل بسيطة مع فهمه للأفعال والفرق بين المفرد والجمع، ويتطور ذلك تدريجيًا حتى يتمكن في سن الرابعة من تكوين جمل من ست مفردات كحد أقصى.
كما يتمكن في هذه المرحلة من فهم العلاقات والإجابة على الأسئلة المتعلقة بها بالإضافة لفهمه للفروقات بين أدوات الاستفهام وتوظيفها، لذلك يراعى في تلك الفترة التحدث بالعامية والفصحى وتوضيح الفرق بينهما للطفل.
يتجلى بشدة في هذه المرحلة الفروق الفردية بين الإناث والذكور فتكون الإناث أكثر طلاقة وتعبيرًا وذلك بسبب كثرة طرحهم للأسئلة ورغبتهم في فهم الكثير من العلاقات.
اقرأ أيضًا: مراحل نمو الطفل بالسنوات وأبرز التغيرات في مرحلة المراهقة
8- النمو الديني
يبدأ الطفل بمعرفته ببعض الألفاظ والكلمات التي يسمعها من الكبار مثل الله والملائكة والخير والشر والشيطان، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الأسئلة عن مدلولات هذه الكلمات، ويفضل التدرج في تعريف الطفل بالدين وأن الله رحيم وغفور وذكر قصص الأنبياء ثم التدرج في إيصال مبادئ الثواب والعقاب ومدى منطقيتها.
9- النمو الاجتماعي
يمكن القول إن هذه المرحلة بمثابة الطفرة في حياة الطفل، فهو يبدأ في الانتماء للجماعات مثل الأسرة والرفاق من نفس سنه فيبدأ خطواته الأولى في تفاعله الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك فيتدرج في فهم العلاقات حتى يصل بنهاية تلك المرحلة للفصل بين مفاهيم القرابة والأسرة ومفهوم الرفاق والأصدقاء، بمعنى أنه في بداية تلك المرحلة يكون شديد التعلق بالكبار وتدريجيًا ينفصل عنهم متوجهًا نحو من هم في نفس سنه.
تبعًا لما سبق، فعند وصول الطفل لسن الخامسة تقل حدة النزاعات مع الرفاق ويكون أكثر تنظيمًا وتعاونًا ويتشرب مفاهيم عديدة كالولاء والانتماء وما إلى ذلك، يترتب على ما سبق نمو هذه الأفكار لدى كل من الذكور والإناث بطريقة مختلفة، فالذكور تظهر عليهم القوة والشجاعة بينما تميل الفتيات للدقة والوقار.
لذلك ينصح في هذه المرحلة بأن يغدق الأب والأم بالحنان على الطفل وعدم اللجوء للشدة بشكل كبير وتنمية قواعد الأخلاق والضمير لديه والتعرف لرفاقه ومساعدته في انتقائهم دون تصدير شعور الرقابة إليه.
أفضل وقت للطفل لبدء الدراسة
هنا نتطرق إلى نقطة هامة بموضوعنا مرحلة الطفولة المبكرة من 2-5 سنوات فيرى الكثير من العلماء تبعًا للتجارب التي تم إجراءها على العمليات العقلية ومخ الإنسان، أن حوالي 95% من الدماغ البشري يكتمل نموه وتطوره قبل الخامسة، فعن طريق تقييم هذا النمو الملحوظ وُجِد أن الإنسان يحدث له نمو على المستويات العقلي والعصبي والوظيفي المعرفي، وهو الوقت المناسب لبدء تلقيه العلم والدخول في مرحلة الدراسة.
بالإضافة لذلك يجب مراعاة توافق المرحلة السنية للطفل مع أقرانه، وقدرته المبدئية على التعامل مع بعض المواقف كاستخدام الحمام والجلوس لفترات طويلة في مكان واحد أو قدرته على توضيح ما يريد لغيره بسهولة.
اقرأ أيضًا: طريقة ترغيب الطفل في الدراسة
فرط الحركة وتشتت الانتباه في سن الخامسة
من أكثر الأمراض انتشارًا في تلك المرحلة ما يعرف بالزيادة أو الفرط في الحركة وتشتت الانتباه، ويبدأ ظهور هذه الأعراض من مرحلة الطفولة، وقد يظهر بدء منها وحتى أي وقت في مرحلة البلوغ، حيث إنها تعتبر عائقًا في حياة الطفل فيما بعد، وتصعب عملية اندماجه مع باقي أقرانه أو احساسه بالغربة بينهم وعدم توافقهم سويًا، ويمكننا القول بإن أشهر أعراضه تتمثل في الآتي:
- عدم قدرة الطفل على الجلوس لفترات طويلة، والثرثرة وعدم المنطقية في كلامه مع دمج جميع المواضيع ببعضها.
- يظهر بشدة من سن الرابعة.
- يكون الطفل ملولًا من أي عملية تطلب جهدًا ذهنيًا كالمذاكرة مثلًا وعمل الواجبات.
- يعاني باستمرار من السرحان وتشتت الانتباه وصعوبة التركيز لوقت طويل.
الطفولة بكافة مراحلها بها الكثير من التغييرات، لذا يجب على الوالدين مراعاة هذه التغييرات ومساعدة الطفل على مواجهتها وعدم التعجل وصوله لمراحل متقدمة من إتقان المهارات حتى لا يؤدي ذلك لنتائج عكسية.