ما حكم الطلاق ثلاث مرات في وقت واحد
شرع الله الطلاق لنا لعدة أسباب منها؛ قيام صراع بين الزوجين على بعضِ الأمور، أو عدم تفاهم الزوجين على إكمال حياتهما سويًا، أو تضرر أحدهما من الآخر. والطلاق قد يقع لقول الزوج لزوجِه كلمات مثل: “أنتِ طالق” ، “اذهبي لبيت أهلِك” وتكون نيته الطلاق، أو كلمات أخرى تحمل معنى الطلاق أو التسريح، وتكون النية للزوج هي طلاق زوجِه.
أحكام الطلاق
في بعض الحالات يكون الطلاق جائزًا، وأخرى مندوبًا، وأيضًا يحرم الطلاق، ولكن مثل هذه الحالات يتحدث عنها فقهاء العلم، ونذكر منها:
- جواز الطلاق: يجوز للزوجِ أن يطلق زوجه، أو أن تطلب الزوجة طلاقها من زوجها، أو خلعها له، عند تضرر أحدهما من الآخر، ويكون الطلاق خيرا لهما في دينهما ودنياهما.
- وجوب الطلاق: يقع الطلاق ويكون واجبًا عندما يكون طلاقًا بينيا كبيرًا، أو أن يطلقها طلاقًا رجعيًا وتمر العدة ولا يردها لعصمتِه.
- ندب الطلاق: ويكون الطلاق مندوبًا عند كثرة الخلافات بينهما، واستحالة استمرار الحياة بودٍ واحترام.
- حرمة الطلاق: ويحرم الطلاق للرجل الفقير الذي لا يستطيع زواجًا بعد زوجِه، ويخاف الفتنة، فهنا يأثم لطلاقها.
- كراهة الطلاق: يُكره الطلاق عندما يريد الرجل أو المرأة بدون سبب مهم، والأهم أن الطرفين يعاملان بعضهما بودٍ وتفاهمٍ، ويوجد بينهما وئام.
حكم الطلاق ثلاث مرات في وقت واحد
يتكرر سؤال ما حكم قول الزوج بالطلاق ثلاث مرات في نفس الوقت والمكان ، كأن يقول: “أنت طالق بالثلاثة” أو يقول “أنت طالق طالق طالق”.. فهل هو طلقها طلاقا بينيا كبيرًا؟ أم أنها طلقة واحدة؟
هذا الطلاق فيه خلاف بين العلماء:
- يقول جمهور أهل العلم والأئمة الأربعة: أنّ هذا الطلاق يقع؛ أي أنه طلاق بائن كبير، وعليه فالزوجة تحرُم على زوجها حتى تتزوج غيره بنية البقاء مع الزوج الثاني، لا بنية “الإحلال” وهي بدعة اُستحدِثت، وتحرم كما قال الرسول -ﷺ-.
- وهناك جماعة من العلماء قالوا بأنه لا يقع هذا الطلاق إلّا بطلقةٍ واحدة رجعية، وذلك بأن يقول الزوج “أنت طالق بالثلاثة” ، أو “مطلقة بالثلاث”، فهو طلاقٌ رجعي، وللزوج أن يرد زوجه ما دامت في فترة العدة، واستشهد العلماء في هذا الحكم بما جاء عن ابن عباسٍ في رواية صحيحة عنه، وقال به أيضًا جماعة من التابعين، واختار هذا الرأي محمد بن اسحاق صاحب السيرة، وأفتى به ابن تيمية، وأيضًا تلميذه العلّامة المحقق ابن القيّم – رحمه الله-، وأفتوا بهِ للتيسير على المسلمين، والأصل في هذا ما ثبت عنه ﷺ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الطلاق على عهد النبي ﷺوعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر -رضي الله عنه- قال: “إنّ الناس قد استعجلوا في شيء كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم.” خرجه مسلم في الصحيح.
يروي الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أنّ أبا ركانة طلق امرأته ثلاثاً فحزن عليها، فردها عليه النبي -ﷺ- وقال: “إنها واحدة”. فقول الرسول ﷺ أنّ طلاقه بلفظة الطلاق ثلاثًا بكلمة واحدة تُحسب طلاقًا رجعيًا واحدًا، وليس ثلاثة.
متى يقع الطلاق
يقول أبو العباس بن تيمية رحمه الله، أنه إذا قال الرجل: “أنتِ طالق طالق طالق”، أو “طالق ثم طالق ثم طالق” فإنه لا تقع الثلاث طلقات، بل تقع طلقة واحدة، وذلك لأنها نفس اللفظة.
أما في حال تكرير الطلاق بألفاظ مختلفة عن الطلقة الأولى، والثانية، أو يقول جملا تامة؛ كأن يقول: “أنت طالق، أنت طالق”، فهنا تقع الثلاث طلقات، إلّا إذا كانت نيته بالطلقة الثانية والثالثة التأكيد، أو أن يوصل لزوجته نيته.
أمّا إذا ذكر كلمة الطلاق ثلاثًا بدون واو، أو أن يعيد المُبتدأ (أنتِ) كأن يقول: “أنت طالق طالق طالق”، أو “أنت مطلقة مطلقة مطلقة”، فهنا تقع طلقة واحدة لا ثلاثة، وأيضًا تكون له نية الطلاق بطلقة واحدة لا ثلاثًا؛ فقد يكون كرر لفظة الطلاق لغضبه أو لأسبابٍ أخرى، وفي هذا استشهاد من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: “أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل”، فهنا اُستخدمت اللفظة مرتين فوق المرةِ الأولى لتأكيد اللفظة الأولى، وهذا ما نص عليه بعض من أهل العلم في باب المُختَلفِ فيه في باب الطلاق.
والملخص هو:
– وقوع الطلاق ثلاثًا حين يقول: “أنتِ طالق. أنتِ طالق. أنت طالق”، أو “أنت طالق وطالق وطالق” أو يقول “أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق”، فهي طلقة بائنة كبرى، إلّا إذا كانت نيته أن يؤكد الطلقة الأولى.
– وقوع الطلاق نُطقًا ثلاث مرات بطلقةٍ واحدة رجعية، بأن يكرر الطلاق بدون حروف عطف، أو تكرار المبتدأ، وأيضًا لو كانت نيته الطلاق ثلاثا بدون رجعة، فهو طلاق بائن كبير.