شروط الرؤيا الصادقة

شروط الرؤيا الصادقة يجب أن تكون متوفرة في الرائي من أجل أن يرى في منامه رؤيا صادقة، فليست جميع الرؤى صادقة، وليست جميعها كاذبة، فهناك فرق كبير بين الرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة، وشروط الرؤيا الصادقة ما سوف نوضحه من خلال موقع زيادة، من أجل القدرة على التمييز بين ما هو بشارة وتنبيه من الله سبحانه وتعالى وما غير ذلك.

شروط الرؤيا الصادقة

الرؤيا الصادقة هي ما يراه الإنسان كتنبيه من الله سبحانه وتعالى، والذي يكون حاملًا بشارة أو زجر أو التحذير من الله –عزَّ وجلَّ، ومن أجل أن تكون الرؤيا بهذا الشكل للإنسان، يجب أن يكون هناك بعض الشروط التي تتوافر في الرائي.

إذا كانت هذه الشروط موجودة في الرائي، يكون ما رآه رؤيا صادقة، ولكن مع وجود بعض العلامات الهامة التي تؤكد على كونها رؤية، والتي سوف نوضحها أيضًا من أجل التأكد أن الرؤية صادقة، ولكن أولًا يجب معرفة الشروط، وهي:

1- أن يتصف الرائي بالصدق

من أولى شروط الرؤيا الصادقة أن يكون من رآه معروفًا بأنه صادق، حيث إن صدق الإنسان الذي يتعامل به مع الله والبشر جزء أساسي من صدق الرؤية.

هذا الشرط منسوبًا للحديث الشريف نسبة إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “في آخرِ الزَّمانِ لا تَكادُ رؤيا المؤمنِ تَكذِبُ وأصدقُهم رؤيا أصدقُهم حديثًا” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الله سبحانه وتعالى يختار من عباده الصالحين منهم، من أجل أن يُبشرهم ويُنذرهم، فإنه يصطفيهم من بين جميع البشر، فإذا كان الرائي صادقًا ويكره الكذب، ومن غيره فإنه يفوز برؤيا صادقة من الله سبحانه وتعالى.

أما إذا كان الإنسان كاذبًا فلا تكن رؤياه صادقة، وإنما تكون كاذبة ومن صنع الشيطان، وما هو إلا مجرد حلم رآه في منامه، ولا يمكن الاعتداء به في أمور حياته.

هذا الأمر لا يستطيع الحكم عليه إلا صاحب الرؤيا، فإذا كان يعلم أنه صادقًا فلا بد من التأكد أن ما يراه في منامه رؤيا صادقة، وإذا كان عكس ذلك فيجب أن يتأكد أن ما يراه كذب، ولا علاقة له بتنبيهات الله.

اقرأ أيضًا: هل حلم وقت العصر يتحقق

2- يكون الرائي نائمًا على طهارة

أكد العديد من العلماء على صدق الرؤيا في حالة إذا كان الرائي نائمًا على وضوء، حيث إن الوضوء هو أساس طهارة الإنسان.

كما أنهم قالوا من نام على جنابة، أو حيض فلا تكون رؤيته صادقة، كما أن من نام وضوئه منقوضًا لم تكن أيضًا رؤيته صادقة، ووضعوا شرط الطهارة شرطًا أساسيًا في جعل الرؤيا صادقة.

3- النوم على الجانب الأيمن

يجب أن يكون الرائي نائمًا على جانبه الأيمن، لأن هذا الأمر سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب أن يتم النوم على هذا الجانب في بداية النوم.

اتفق على هذا الشرط ابن سيرين، والإمام الصادق، كما أنهم قالوا إن النوم على الظهر، أو البطن، أو الجانب الأيسر تأتي بأضغاث الأحلام، والرؤى الكاذبة فقط.

4- قراءة قرآن قبل النوم

من أهم شروط الرؤيا الصادقة، قراءة القرآن الكريم قبل النوم، وهناك بعض العلماء الذين قالوا عن هناك سور معينة في القرآن يُفضل قراءتها قبل النوم، وهي: (سورة المزمل، وسورة القدر، والمعوذتين، والسور القصيرة، وسورة الكهف)، وهذا على أساس ما قاله الإمام الصادق.

ففي قراءتهم بشارة للرائي، أنا عن القرآن لوجه عام في عالم الرؤى الصادقة فإن قراءة القرآن بخشوع بوجه عام يجعل الرؤيا صادقة، فلا يوجد تفضيل بالقرآن، والله أعلم.

5- التسبيح والاستغفار والاستعاذة

يُعد هذا الشرط من آداب النوم، ليس فقط من شروط الرؤيا الصادقة، حيث إنه يجب على كل مسلم قبل النوم أن ينام على استغفار، وتسبيح لله سبحانه وتعالى، فهذا لا يُعد فقط شرطً، وإنما هو من آداب النوم، كما أنه يُعد من أهم أسباب الرؤية الصادقة.

6- قول دعاء الرؤيا الصادقة

هذا الدعاء ما كانت تقوله عائشة رضي الله عنها قبل النوم، وهو “اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ رُؤْيا صَالِحَةً، صَادِقَةً غَيْرَ كاذِبَةٍ، نافِعَةً غَيْرَ ضَارَّةٍ

كما أن هناك دعاء مستحب قد ذكره القادري في مقالة بكتاب تعبير الرؤيا وهو: “اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِنْ سَيءِ الْأَحْلَامِ وَأَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ“.

اقرأ أيضًا: تفسير حلم مجالس الذكر في المنام

علامات الرؤيا الصادقة

هناك بعض العلامات التي تخص الرؤيا الصادقة، والتي يجب من خلالها التنبؤ مع الشروط أنها رؤيا صادقة من الله سبحانه وتعالى.

لا يوجد نصوص تدل على علامات مؤكدة للرؤيا الصادقة، وإنما الأمر ما هو إلا اجتهادات وردت في تأويلات أحاديث خاصة بالرؤيا، ويوجد عليها خلافات بين أهل العلم، كما أن هناك اتفاق على البعض منها، وهي:

1- وقت الرؤيا

قال الإمام الصادق في تأويلاته أن الرؤيا الصادقة التي تأتي في الثلث الأخير من الليل، وهناك البعض ممن قال عن الرؤيا الصادقة التي تأتي في القيلولة، ومنهم من قال إنها تأتي في وقت استغراق النوم.

كما أن القادري قال إن “الرؤيا الصادقة في سبع شهور من السنة“، وربط الرؤيا الصادقة بفصول السنة، حيث إنه قال عن الرؤيا الصادقة التي تكون في الربيع والصيف، والكاذبة هي التي تكون في الخريف والشتاء، وتكون ضعيفة في هذا الوقت.

2- وضوح الرؤيا

يجب أن تكون الرؤيا واضحة للرائي، فهذا الأمر من أهم السمات التي يستطيع الرائي من خلالها التنبؤ أنها رؤيا صادقة.

الوضوح هنا يكون برؤية الرائي الرؤيا وكأنها حقيقة وواقع يعيشه أمامه، وليست حلم، وتكون مُرتبة، ومسلسلة، ومتصلة ببعضها، ولا يكون هناك تداخل بها مع هواجس أخرى.

الوضوح أيضًا يعني أنها تكون شاملة العلامات ورموز للرائي، يستطيع أن يحكيها، ويتذكرها، ويكون قادرًا على تذكر البداية والنهاية، ويكون السامع للرؤيا على قدر كافي من فهمها، بحيث إنها لا تكون بها تضليل أو هواجس.

3- تذكر الرؤيا

يمكننا من خلال عرض شروط الرؤيا الصادقة، توضيح أن من العلامات الهامة التي تؤكد على الرؤيا الصادقة، أن يكون الرائي قادرًا على تذكر الرؤيا، حيث إن الرؤيا لا يستطيع النائم أن ينساها عند الاستيقاظ، حيث إن الهواجس فقط ما يحدث بها ذلك.

كما أنها لا يُذكر عند حكيها كلمة تقريبًا، ولا يستطيع الرائي أن يقوم بالتحريف في حكيها، لأنه يكون متذكرها تمامًا، ولا يوجد بها شيء به تشويش، أو يكون الرائي غير قادر على تذكرها، وتبديله بموقف من خياله.

حيث إن الرؤيا الصادقة تكون رسالة من الله سبحانه وتعالى إلى عبدهن والتحريف بها أو نسيانها يُفسد منفعتها، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى يجعلها راسخة في عقل الرائي، لكي يكون متذكرها جيدًا، ويستطيع قصها جيدًا، والوصول إلى الرسالة التي تحملها الرؤيا.

كما أن هناك مجموعة من العلماء اتفقوا على أن الرؤيا الصادقة لا يتم نسيانها إلا مع الأشخاص الذين يعملوا على الاستخفاف منها.

اقرأ أيضًا: علامات تحقق الرؤيا

4- شعور الرائي باليقين من الرؤيا

عندما يستيقظ الرائي يكون بداخله شعور مؤكد أن ما رآه في منامه رؤيا صادقة، فيكون فرحًا من البشارة التي رآها، أو باكيًا من التحذير والتحذير الذي وجهه إليه الله سبحانه وتعالى في منامه، خائفًا من العقاب الذي حذره به الله.

لكن هناك العديد من الأشخاص الذين يستيقظون على خوف وفزع من رؤياهم، وقد تكون ليست رؤيا، وإنما هي حلم من فعل الشيطان، ويجب ألا يختلط الأمر على الرائي في هذا، ويتذكر قول الله تعالى: “إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” [سورة المجادلة، الآية 10].

5- تكرار الرؤيا

ليست من شروط الرؤيا الصادقة، ولكنها تكون علامة للرائي، إذا تكررت الرؤيا كثيرًا، يكون الأمر هنا رؤيا صادقة وليست كاذبة أو حلم.

لكن قد لا يرى الإنسان الرؤيا الصادقة سوى مرة واحدة، وتكون رؤيا صادقة، ولكن يجب ان تجتمع لها العلامات والشروط الخاصة بالرؤيا الصادقة، ولمن تتكرر له الرؤيا يكون تأكيد من الله سبحانه وتعالى على ما يريد الإشارة به إلى عبده.

6- طلب الرؤيا من الله

من علامات الرؤيا الصادقة بجانب العلامات الأخرى، والشروط، أن يكون العبد قد ألح على الله سبحانه وتعالى أن يمنحه رؤيا صادقة.

تكون في حالات العباد المهمومين، أو العبد الذي يحتار في أخذ قرار ما، أو العبد الذي يمر بضيق أو كرب، ويحتاج إلى الله معه، هذا كما يحدث في الاستخارة، وعندما يكون العبد في تأهب واستعداد تام لاستقبال البشارة والرؤيا من الله.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الرؤيا والحلم

أصحاب الرؤى الصادقة

من خلال عرض شروط الرؤيا الصادقة، يجب التعرف على الأشخاص الذين تظهر لهم الرؤيا الصادقة، وهل هي حقًا جزء من النبوة كما يقول البعض أم لا.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيا المُؤْمِنِ، ورُؤْيا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وما كانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فإنَّه لا يَكْذِبُ. قالَ مُحَمَّدٌ: وأنا أقُولُ هذِه. قالَ: وكانَ يُقالُ: الرُّؤْيا ثَلاثٌ: حَديثُ النَّفْسِ، وتَخْوِيفُ الشَّيْطانِ، وبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فمَن رَأَى شيئًا يَكْرَهُهُ فلا يَقُصَّهُ علَى أحَدٍ ولْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ. قالَ: وكانَ يُكْرَهُ الغُلُّ في النَّوْمِ، وكانَ يُعْجِبُهُمُ القَيْدُ، ويُقالُ: القَيْدُ ثَباتٌ في الدِّينِ“.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن رؤية المسلم عند اقتراب الزمان أي اقتراب قيام الساعة، أو تقارب الليل والنهار ليصبحا في شكل متساوٍ، لم تكن الرؤيا بها كذب.

كما قال صلى الله عليه وسلم إن رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة -والذي من أجزاء النبوة- لا يكذب، ويكون صادقًا.

كما قال أبو سعيد الواعظ في تفسيره لـ “الرؤيا الصالحة جزء من النبوة” أن هناك من الأنبياء من جاء له الوحي في يقظته، وهذا يُعد فروق جوهرية يتم إيضاحها بين النبي، والرسول، حيث إن النبي يتم نزول الوحي عليه بالرؤيا، أما الرسول يأتيه الوحي في يقظته.

لكن قول الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة إن من يرى رؤية في هذا الزمان يكون نبيًا، أو يوضع في مراتب الأنبياء، بل هي صلة بين العبد وربه، وتحذير وإشارات.

الرؤيا الصادقة للمؤمن هي أحد الوجهين، ويمكن توضيح هذان الوجهان من خلال عرض شروط الرؤيا الصادقة:

حيث عن الوجه الأول: أن الأنبياء تم نزول الوحي عليهم عن طريق الرؤيا الصادقة.

أما الوجه الثاني: أن محمد صلى الله عليه وسلم قد أشار في حديثه الشريف بأن الرؤى آخر ما يبقى من النبوة، ولكن لا يعني هذا أن من يراها فهو نبي أو بمقام الأنبياء، ففي ذلك الظن مخالفة للرسالة الخاتمة.

من الجدير بالذكر أن شروط الرؤيا الصادقة ما هي إلا طريق يسير العبد عليه من أجل نيل توجيهات الله، ولكن قد كذب من قال إن هناك طُرق مؤكدة للرؤيا الصادقة، فإنها اجتهادات، ولا يوجد للإنسان دخل في تحديد مكان ووقت رؤيا الله لعباده.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.