خاتمة عن الشعر في العصر العباسي
نحتاج كثيرًا خاتمة عن الشعر في العصر العباسي من أجل سرد لمحة بسيطة عما شهده الشعر العربي خلال العصر العباسي، من تقدم وتطور وتجديد وصراع أيضًا فيما بين القديم والحديث وتصادم في الأفكار والاتجاهات والمفاهيم.
سنقدم من خلال موقع زيادة أفضل خاتمة عن الشعر في العصر العباسي موضحين مراحل تطوره على مدار الفترة التي عمرت فيها الدولة العباسية وأشهر شعراء هذه الحقبة الذهبية من التاريخ الإنساني.
خاتمة عن الشعر في العصر العباسي
لا يدفعنا إلى كتابة خاتمة عن الشعر في العصر العباسي إلا الأهمية البالغة لهذا الأمر والتي تكمن فيما وصل إليه الشعر العربي من تطور وتغير إيجابي خلال هذه الحقبة من التاريخ، فلقد كان هذا العصر بمثابة نقلة مختلفة شب فيها الشعر العربي عن التوق وبات هو لغة الحديث والحوار في المجالس والشوارع وأي تجمع، وإذا أردنا كتابة خاتمة عن الشعر في العصر العباسي يمكننا أن نقول:
“لقد استطاع الشعر العباسي أن يرتقي بعقلية وفكر جميع من عاصروا هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي والإنساني حتى العوام من الناس، ويرجع الفضل في ذلك إلى شعراء العصر العباسي الذي أضفوا الكثير والكثير من التغييرات والتطورات، والتي كان ورائها التخبطات السياسية والدينية والصدامات الفكرية التي كانت ناشبة آنذاك والتي لعبت دورها في تشكيل وجهات وفكر شعراء هذا العصر.
تؤكد التغيرات والترنحات والاضطرابات التي مر بها الشعر خلال فترة حكم العباسيين ما بين تطور وازدهار وبين ضعن وتدني، أن الإبداع لا يعرف قيدًا أو حدًا ومهما كانت الظروف فإن العقل والعاطفة البشرية تبقى دومًا قادرة على بذل الأفضل، بأمام ما كان يتمتع به الشعر العربي من ألفاظ ومعاني وأخيلة تشع منها روح البداوة منذ قرون طويلة، جاء شعراء العصر العباسي لكي تنقلب الموازين ويحل محل هذه الأساسيات الراسخة ألفاظ ومعانٍ وأغراض وخصائص تتماشى مع الروح المدنية الحضرية الجديدة.
يمكننا استنتاج أمر هام من خلال الاضطلاع على طبيعة الشعر في العصر العباسي وهو أن ترنح الحضارة وتخبطها في بعض الأحيان يكون إيجابيًا، وخير دليل على ذلك هو الانتقال والتغيير الجذري الذي حل بالشعر على طول امتداد تاريخ الدولة العباسية في عصورها الأربعة، فإن ضعف وسقوط الحضارة وأفول نجمها وغياب شمسها قد يكون إيذانًا لفجر جديد بالطلوع وولادة عصر جديد بحضارة مغايرة.
اقرأ أيضًا: مظاهر النزعة العقلية في العصر العباسي
الشعر في عصور الدولة العباسية
في إطار عرض خاتمة عن الشعر في العصر العباسي يجب أن ننوه بأمر هام ألا وهو أن العصر العباسي انقسم على نفسه كثيرًا، مما دفع المؤرخون إلى تقسيمه لأربعة عصور لكل منه خصائص وأحداث أضفت على كل منه طابعًا خاصًا به، وأمام كل تلك التغيرات كان من الطبيعي أن يكون للشعر في كل واحد من هذه العصور سماته الخاصة وهذا ما يتضح من خلال الآتي:
1- الشعر في العصر العباسي الأول
لقد شهد الشعر في العصر العباسي انتعاشًا وازدهارًا على أوسع نطاق حيث انتشر المجددين والمطورين للشعر، فعلى سبيل المثال وليس الحصر عمد شعراء العصر العباسي الأول إلى استبدال المقدمات الطليلة بمقدمات أخرى أكثر مواكبة للعصر، حيث كان الشعر بوجه عام يتسم بالمقدمات الطليلة ذات الطابع الجاهلي.
لذا قام شعراء هذا العصر باستبدال ما تحمله المقدمات الطليلة في طياتها من معانِ الفناء أو الرحيل والبكاء على الأطلال، لكي تصبح المقدمة بشكل مختلف مثل المقدمات الخمرية أو مقدمات وصف الطبيعة وكذلك المقدمات الحكمية، ولقد تم توظيف كل ذلك في ضرب أو غرض جديد من أغراض الشعر آنذاك ألا وهو مدح الخلفاء والثناء عليهم لنيل ودهم والتقرب إليهم ومن أبرز شعراء مدح الخلفاء هو أبو الطيب المتنبي.
لقد كان الشعر فيما مضى مقتصرًا على الطبقة الارستقراطية من المجتمع بمعنى أن الشعر يهتم بمعالجة القضايا التابعة للطبقة الحاكمة، إلا أن شعراء العصر العباسي الأول هنا غيروا قبلتهم وولوا وجوههم شطر المجتمع بكل طبقاته وأحواله، فنجد أنهم وصفوا الروض والأسد والنهر والشباب والعجوز والغلمان والخباز والجاريات وصانع الحلوى ووصفوا أيضًا الجانب المعنوي الذي لا تدركه الحواس.
2- الشعر في العصر العباسي الثاني 232هـ: 334هـ
نتيجة للتوسع الكبير الذي شهدته الدولة العباسية في عصرها الأول لم يعد الخليفة غير قادر على إدارة كل هذه الرقعة الواسعة لوحده، كما أن سياسية الحرية المطلقة التي منحتها الدولة العباسية لكل من العنصر التركي والعنصر الفارسي أدت إلى ظهور ما يعرف بالحركات والنزعات الاستقلالية عن الدولة العباسية.
عمد العباسيين إلى وضع عدد غير قليل من عناصر الترك في المناصب العليا في البلاد، فعلى سبيل المثال قاموا بتولية بعض الأتراك إدارة بعض الولايات البعيدة المتطرفة عن مقر الخلافة العباسية والتي يصعب السيطرة عليها لبعدها، فعمل هؤلاء القادة الأتراك على تنحية العنصر العربي واستقدموا العنصر التركي لينوب عنهم في الحكم وعاشوا ينعمون برغد الحياة في بلاط الخلافة.
كل هذا جعل الشعراء العباسيين العرب ناقمين على ما يحدث حولهم وباتوا يرون أن هذا ظلم بيّن أن يتم استبعاد كل العناصر العربية من المناصب العليا في الدولة، فنجد هنا أن غالبية الشعر بات يأخذ الطابع السياسي الهجومي كما انتشر الهجاء في العناصر التركية المستبدة بالعرب، ونرى ذلك في الكثير من القصائد السياسية الخاصة بعصر النفوذ التركي في الدولة العباسية، فالعوامل القومية والنفسية هنا كانت هي الدينامو المحرك لاتجاه شعراء العصر العباسي.
اقرأ أيضًا: خاتمة عن العصر العباسي جاهزة للطباعة
3- الشعر في العصر العباسي الثالث
نجد في هذا العصر أن شعراء العصر العباسي قد ابتعدوا تمامًا عن فكرة القصائد المطولة التي كانت فيما مضى قريبة الشبه إلى المعلقات الجاهلية، فنجد أنهم عمدوا إلى نظم الشعر الخاص بهم في مقطوعات قصيرة ورأوا أن ذلك أكثر مواكبة لركب الحضارة، كما كان لانتشار الغناء أثره على شعراء هذا العصر وهو الذي دفعهم إلى نظم الشعر في مقطوعات موسيقية قصيرة قابلة للتلحين والغناء.
ثم نجد أنهم اتجهوا إلى التجديد في المواضيع وفي الأفكار وفي المعاني ولقد كان ذلك جليًا في أشعارهم، فنجد أن الأشعار قد ازدحمت وتداخلت مع الصور والأخيلة والأفكار والمعاني المختلفة، كما لجأوا إلى المبالغة والمغالاة والتهويل والتجسيد وكانت تلك هي السمة الأبرز لشعراء هذا العصر وخاصةً في مواضيع المدح والغزل، كما ذهب فريق آخر من الشعراء إلى استخدام المحسنات اللفظية والمعنوية.
4- الشعر في العصر العباسي الرابع
أما عن الشعر في هذه الحقبة الأخيرة من العصر العباسي فلقد شهدت تغيرًا كبيرًا فيما يتعلق بأمر الوزن والقافية، فبدلًا من الأوزان التقليدية المتعارف عليها وضع بعض الشعراء أوزان وقوافٍ تتلاءم مع روح العصر لديهم، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد أنهم قد جددوا في القافية حتى استحدثوا المزدوج والمخمس والمسمط.
المزدوج هو عبارة عن اتفاق الشطران المتقابلان بنفس القافية مع اختلافهما من بين لآخر، أما المسمط فهو يتمثل في قصائد تتكون من أدوار ويتألف الدور فيها من أربعة أشطر تتفق فيه القافية في ثلاثة أشطر لكي تنفرد في الشطر الرابع فيصبح اسمها العمود المسمط، أما المخمس فهو لا يختلف عن المسمط إلا أن كل دور فيه يتكون من خمسة أشطر.
لقد تأثر شعراء العصر العباسي بشعراء العصر الجاهلي كثيرًا بالنسبة إلى الموسيقى بحيث كانت الموسيقى الداخلية بالنسبة إليهم تحمل في طياتها أشكالًا متعددة، مثل الترصيع وهو يتمثل في تطابق ألفاظ الفصل الأول مع الفصل الثاني في الأوزان والأعجاز، وكذلك التكرار وما اشتق منها وأيضًا التصريع وهو عبارة عن توافق شطري البيت الأول معًا من حيث القافية.
اقرأ أيضًا: بحث مختصر عن العصر العباسي
أشهر شعراء العصر العباسي
لا يجب أن تخلو خاتمة عن الشعر في العصر العباسي أو أي حديث عن طبيعة الشعر خلال هذه الحقبة الزمنية، من ذكر أفضل وأشهر شعراء هذا العصر والذين ينسب إليهم الفضل فيما وصل إليه الشعر من ازدهار آنذاك، ومن بين هؤلاء الشعراء:
- عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي والشهير بابن الفارض.
- حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ويكنى بأبو تمام.
- إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان ويكنى بأبو العتاهية.
- أحمد بن عبد الله بن سليمان ويطلق عليه اسم أبو العلاء المعري.
- الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي المعروف بأبو نواس.
- مطيع بن إياس بن مُسلِم بن أبي قرعة سلمى بن نوفل.
- أبو عبادة الوليد بن عبيد الله والذي يعرف باسم البحتري.
- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي وهو المعروف باسم أبو الطيب المتنبي.
- بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي.
- أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي اليمامي النجدي.
- محمد بن الحسين بن موسى أبو الحسن الرضي العلوي الحسيني الموسوي والذي يكنى بالشريف الرضي.
من خلال عرض خاتمة عن الشعر في العصر العباسي تبين لنا أن للعصر العباسي وشعرائه فضل كبير فيما وصل إليه الشعر العربي والذي بقي حيًا في وجدان العرب حتى وقتنا الحالي.