خصائص الأدب في العصر العباسي
خصائص الأدب في العصر العباسي متعددة وكثيرة ومتغيرة أيضا عن العصر الذي يسبقه العصر الأموي، وكان هذا التغير بناء على الاختلاط مع الثقافات الأخرى، بالإضافة إلى عوامل أخرى، والتميز والاختلاف جاء في الشقين الشق الشعري والشق النثري، لذلك ومن خلال موقع زيادة، سوف نقدم لكم خصائص الأدب في العصر العباسي بشقيه.
خصائص الأدب في العصر العباسي
بدأ ظهور العصر العباسي منذ سنة 123 هـ وكان هذا الأمر بعد أن نجاح أبو مسلم الخرساني بحملته ضد الأمويين، وبعد أن حصل العباسيون على الدولة الأموية حولوا مقر الخلافة إلى دولة بغداد في مدينة العراق، واتصل كلا من الفرس والعرب، وكانت هناك نتائج بالطبع على جميع جوانب الدولة العباسية.
على سبيل المثال ظهرت الخلاعة والمجون وحركة الغناء والخمر، بالإضافة إلى ظهور حركة مخالفة للدين الإسلامي وهي حركة الزندقة… وحركات أخرى أدت إلى تغير ثقافة الشعب وانعكس هذا الأمر أيضا على الشعراء والأدباء.
فأصبحت سمات الشعر في العصر العباسي، كالآتي:
- من جهة الخيال: كان الخيال في الشعر العباسي سهل وواضح، ولكنه كان معقدا أيضًا، فقد كان الشعراء يتبعون نظام السهل الممتنع، مال الشعراء في الخيال إلى التفنن في الصور فاستعملوا الاستعارات والتشبيهات في الكثير من الأحيان.
- من حيث الألفاظ: اقترب الشعراء في العصر العباسي إلى استخدام اللغة السهلة والبسيطة التي تقترب من الشعب ولغة الحياة وهجروا الألفاظ المعقدة والغريبة.
- من حيث المعاني والأفكار: كانت المعاني والأفكار في العصر العباسي في الشعر انعكاس لما يعاش في الحياة الواقعية عبر الشعراء من خلال الشعر عن الأفكار التي كانت تدور في عقل الشعب، واتجهوا إلى عرض هذه الأفكار بطريقة عميقة، وكانت مرتبة بطريقة معينة، وفي عرضهم لهذه الأفكار وتعمقهم فيها كان التأثر عندهم بالاتساع الثقافي الذي كان موجود لاندماج العديد من الثقافات، بالإضافة إلى تأثرهم بالفلسفة.
- من جهة الأسلوب: لقد كان الأسلوب الخاص بالشعراء العصر العباسي عبارة عن امتزاج بين المعاني والأفكار، وكانت هناك رقة في الصياغة واللغة، هذا الأمر الذي جعل الأسلوب أكثر سلاسة، كان هناك تنوع في الموضوعات هذا الأمر الذي دفعهم إلى التنوع في الأسلوب أيضا، ظلت الموضوعات القديمة موجودة لكنها تطورت بالفعل.
كذلك أيضا اختلفت السمات الخاص بالنثر في العصر العباسي، فكانت كالآتي:
- في النثر العباسي لم يختلف الأمر كثيرا عن الشعر، فقد كانت هناك تميز في الأفكار وكانت هناك دقة كبيرة في عرض المعاني.
- كان هناك مراعاة للموسيقى في النثر فاهتم الأدباء بالإطناب على الإيجاز الذي يعطى دقة للكلمات مع توصيل المعنى المراد.
- كانت هناك براعة في عرض الأفكار والأسلوب بلغة سهلة وبسيط يفهمها الجميع، ونتج ذلك عن الامتزاج بالثقافات الأخرى، كانت الكلمات تتميز بالجرس الموسيقي.
- اعتنى الأدباء بالفصاحة والجزالة في عرض الأفكار والموضوعات التي كانت غالبا ما تستهدف الحكام.
- من حيث الألفاظ فقد هجر النثر العباسي الألفاظ القديمة التي تدل على البيئة البدوية، اعتمدوا على التطور وعرض الألفاظ الجديدة.
كانت هذه أبرز العناصر التي تميز كلا من الشعر والنثر في العصر العباسي لكن هناك عناصر أخرى أيضا عامة سوف نتقدمها لكم من خلال الفقرة التالية.
اقرأ أيضًا: مظاهر التجديد في العصر العباسي
الخصائص العامة للشعر والنثر في العصر العباسي
استكمالا للحديث عن خصائص الأدب في العصر العباسي، فمن المعروف أن كلًا من النثر والشعر يتأثر بالظروف البيئية والمجتمعية التي يعيشها كل فرد من أفراد المجتمع العباسي سواء كانت هذه التغيرات إيجابية أو سلبية، اختلف كلا من الشعر والنثر في العصر العباسي عن العصر الأموي، ومن خلال النقاط التالية سوف نستكمل خصائص الأدب في العصر العباسي:
- في الشعر كانت مشاعر الشعراء مرهفة للغاية وعبروا عنها بكلمات وأساليب رقيقة أيضًا، كان عند الشعراء والأدباء نوع من الرقة والدقة في عرضهم للموضوعات المختلفة.
- كان كلًا من الأدباء والشعراء في العصر العباسي يميلون إلى الزخرفة اللفظية، علاوة على استخدام الألفاظ التي تحرك المشاعر بصورة مباشرة، وكانت هذه الألفاظ تتسم بالأناقة والفخامة، كان التنسيق الفني بديع للغاية.
- كان كلًا من الشعر والنثر لديه ألفاظ عامية وسهلة، كما أن المصطلحات الطبية ظهرت بكثرة في الشعر العباسي، بالإضافة إلى استخدام المصطلحات الأعجمية مثل الدباجة.
- التأثر بالقرآن الكريم في الكثير من الموضوعات.
أشهر شعراء العصر العباسي
في إطار الحديث عن خصائص الأدب في العصر العباسي فإن العصر العباسي اشتهر بالكثير من المميزات، وكذلك اشتهر بالعديد من الشعراء والأدباء أيضا، لذلك ومن خلال الفقرات التالية سوف نقدم لكم أهم وأشهر الشعراء في العصر العباسي:
1- الشاعر بشار بن برد
هو شاعر من شعراء مدينة البصرة، وكان والده من فارس ووالدته رومية، عاصر كلًا من الدولة الأموية والدولة العباسية، وكان له الكثير من أشعار الهجاء في العصر الأموي، ومع دخول العصر العباسي حاول التجديد في شكل القصائد، ومن الأمور التي قيلت عنه أنه اتهم بالزندقة ودفن في مدينة البصرة، ومن أشهر أبيات بشار بن برد في الغزل:
ذكرت حبيبي فاستهلت مدامعي … وفي الدمع أشغال عن النشوات
فما أعتبتني العين من فيض عبرة … ولا يرعوي قلبي إلى دعوات
وإني لأهواها وإن كنت كاذبا … فلا رفعت في الصالحين صلاتي
تقطع قلبي زفرة بعد زفرة … عليها وما صبري على الزفرات
وأضمرها في النفس حتى كأنما … أكلمها بين الحشا ولهاتي
فلما التقينا ضقت ذرعا بما أرى … وألقى عليها معشقي شبهاتي
فقلت لنفسي: الشمس جلت لناظر … أم البدر يجلى في قناع فتاة؟
اقرأ أيضًا: الشعر في العصر الأموي
2- أبو نواس
من الشعراء المميزين في العصر العباسي الشاعر الفحل أبو نواس، وهو أحد شعراء دولة العراق، وهو من الشعراء الذي نهجوا النهج الحديث في شعرهم، أي اتبعوا الطريقة الحضارية، واشتهر بأشعار الخمريات فقد كانت أجود أشعاره، وإليكم بعضا من هذه الأبيات:
دَقَّ معنى الخمرِ حتّى … هو في رجم الظّنونِ ِ
كلمّا حاوَلَها النّا … ظرُ من طرف الجفون ِ
رجعَ الطرفُ حسيراً … عن خيالِ الزَّرَجونِ ِ
لم تَقُم في الوَهم إلاّ … كذبّتْ عينَ اليقين ِ
فمتى تُدركُ مال … يُتَحرّى بالعيون ِ
3- المتنبي
من أشهر الشعراء في العصر العباسي هو الشاعر أبو الطيب المتنبي ولد في عام 915 م وكان من أبناء مدينة الكوفة، تميز شعره بالعبقرية والقوة، ومن أجمل ابيات الشعر الذي قالها هي الآتي:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
فَلا تَقنَعْ بمــا دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ
كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
اقرأ أيضًا: أغراض الشعر في العصر العباسي
4- أبو تمام
أبو تمام هو الشاعر حبيب بن أوس بن الحارث، وهو من أمراء البيان، قام بالكثير من الأعمال الشعرية المميزة، ومن أهم أعماله التي وصلت إلينا ديوان الحماسة وفحول الشعراء، ونقائض جرير والأخطل، ومن أشهر أبياته الشعرية الأبيات التالية:
بمحمدٍ صارَ الزمانُ محمداً
عِنْدي وأَعتَبَ بَعْدَ سَوءِ فِعَالِهِ
بمروقِ الأخلاق لوْ عاشرْتَهُ
لَرَأَيْتَ نُجْحَكَ مِنْ جَميعِ خِصالِهِ
منْ ودني بلسانِهِ وبقلبِهِ
وأنالني بيمينهِ وشمالِهِ
كان هؤلاء أهم الشعراء الذين جاء ذكرهم في العصر العباسي، بالإضافة إلى شعراء أخرين مثل ابن الفارض وأبو العلاء المعري وأبو العتاهية والبحتري، فقد كان العصر العباسي مليء بالشعراء والأدباء الذين حولوا الشعر والنثر إلى اتجاه أخر أكثر تقدما ونهضة.