سيرة علي بن أبي طالب
سيرة علي بن أبي طالب تساعدنا في التعرف إلى حياة هذا الصحابي الجليل الذي لُقب بأمير المؤمنين بالتفصيل، كما تطلعنا إلى أبرز ما قدمه للدين الإسلامي من إنجازات عديدة وعظيمة، فمن خلال موقع زيادة سوف نعرض لكم اليوم سيرة علي بن أبي طالب.
سيرة علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن لؤي الهاشمي – رضي الله عنه- هو الصحابي الذي أُطلق عليه كما قال مؤرخو أهل السنة أمير المؤمنين.
يعد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، أما بالنسبة لأمه فهي السيدة فاطمة بنت أسد بن عبد مناف الهاشمية، وهي ابنة عم أبي طالب.
وُلد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- في مكة المكرمة، وذٌكر أنه تربى في كنف سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-، فلقد سعى الرسول – عليه الصلاة والسلام- في ضمه إلى حجره.
ذلك ليخفف العبء عن أبي طالب عمه الذي كان لديه الكثير من الأبناء، وقد فعل هذا الأمر حينما تعرضت مكة للجدب أي القحط.
لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه- العديد من الإنجازات في الدين الإسلامي، فقد كان من أحب الناس وأقربهم إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، لذلك فإننا سوف نسلط الضوء اليوم عليه في موضوعنا هذا.
ففي السطور التالية سوف نعرض لكم بيانًا واضحًا لسيرة علي بن أبي طالب للتعرف إلى حياته، وأسرته، وانجازاته، وصفاته، وكل ما يلزم:
1- نشأة الصحابي علي بن أبي طالب
إن أولى الأمور التي ينبغي التحدث عنها عند ذكرنا سيرة علي بن أبي طالب هي نشأته، ففي حقيقة الأمر لقد ورد العديد من الأقاويل في السنة النبوية بشأن الموعد الذي وُلد فيه الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- كما هو في الآتي:
- روى في السنة النبوية عن ابن إسحاق أنه قال إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وُلد قبل بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم- بنحو 10 سنوات، وقد رجح ذلك أيضًا ابن حجر العسقلاني.
- أما الحسن البصري وكما روى عنه قال إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وُلد قبل البعثة بنحو 5 أو 6 سنوات.
- أما عن محمد بن علي الباقر فإنه قال إن علي بن أبي طالب وُلد كما حدد ابن إسحاق أي قبل بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم- بعشرة سنوات، ثم عاد قائلًا إنه ولد قبل البعثة بنحو 5 سنوات.
كان الرأي الأرجح في السنة النبوية والذي اتفق عليه أهل السنة أن سيدنا علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وُلد قبل بعثة ابن عمه سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- بعشر سنوات.
قيل إن الفاكهي ذُكر أن عليًا هو أول من تم ولادته في جوف الكعبة المشرفة من أهل الهاشميين، ومن الجدير بالذكر قول إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو من تكفل بتربية علي.
ذلك بعدما مر أهل قريش في سنة من السنوات بأزمة شديدة جعلتهم يتضررون، فلقد كان أبي طالب لديه العديد من الأولاد، ورغب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو والعباس أن يخففا عنه ضيقه.
فقام كل منهما بتكفل أحد أبنائه، إذ إنه ذُكر أن العباس كفل جعفر، بينما النبي – صلى الله عليه وسلم- كُفل سيدنا علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- والذي آمن بالله بعد بعثة الرسول.
اقرأ أيضًا: من هي السيدة زينب عليها السلام
2- إخوة الصحابي علي بن أبي طالب
سوف نتطرق بشكل أكثر في موضوعنا الذي يعرض لكم سيرة علي بن أبي طالب، وذلك من خلال تقديمنا لكم بيانًا عن إخوته، فلقد كان للصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- الكثير من الإخوة.
فكان يملك أختان، وثلاثة إخوة، وفي السطور التالية سوف نعرض لكم أسمائهم ونبذة مختصر عن كل منهم:
- جعفر: ذكر أهل السنة أن جعفر أخو علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- كان من الأصحاب الأجلاء في تاريخ الإسلام، فلقد هاجر مرتين إلى الحبشة، وحقق انتصارًا عظيمًا في غزوة خيبر.
كما أنه شارك في غزوة مؤتة بعدما أمره الرسول – صلى الله عليه وسلم- واستطاع أن يبلي حينها بلاءً حسنًا، وقيل إنه في هذه الغزوة قُطعت يداه، واستشهد فيها عن عمر يناهز 33 سنة.
- عقيل: تم أسر عقيل أحد أشهر إخوة الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بيد المسلمين عقب مشاركته مُكرها في غزوة بدر، لكن عمه العباس فداه.
ذُكر أنه أسلم في السنة الثامنة من الجهرة وهي السنة التي تم فيها فتح مكة، وبعض المؤرخون قالوا إنه أسلم في السنة السادسة للهجرة أي يوم حديبية، ومن الجدير بالذكر قول إنه شارك في العديد من الغزوات كغزوة مؤتة، وغزوة حنين.
- طالب: على الرغم من أن طالب أخو الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- كان يحب الرسول – صلى الله عليه وسلم- وشارك مُكرها في غزوة بدر من أجله فإنه لم يؤمن مطلقًا برسالته ومات وهو على دينه.
- جمانة: وهي أخت الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وذكر أنها أسلمت، ولقد تزوجت جمانة من أبي سفيان بن الحارث.
- أم هانئ: أسلمت هذه السيدة يوم فتح مكة، وقد قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بدخول بيتها وصلى فيه صلاة الضحى 8 ركعات، وهذا الأمر كان من الجدير بالذكر أن نشير إليه في سيرة علي بن أبي طالب.
3- زوجات وأبناء علي بن أبي طالب
سوف نعرض لكم فيما يلي أسماء زوجات الصحابي علي بن أبي طالب– رضي الله عنه- وكذلك أسماء أبنائه لكي تكونوا أكثر إلمامًا بكل المعلومات التي تبرز سيرة علي بن أبي طالب وتوضيحها، وإليكم بالأسماء:
- فاطمة بنت سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- ولقد أنجبت لعلي بن أبي طالب: الحسن، والحسين، ومحسن، وزينب الأبنة الكبرى، وأم كلثوم.
- أم البنين بنت حزام الكلابية، وهي أحد أبرز زوجات الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وأنجبت له: العباس، وجعفر، وعبد الله، وعثمان.
- خولة بنت جعفر الحنفية: وقد أنجبت لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه- محمد الأكبر والذي كان يشتهر باسم محمد بن الحنفية.
- أسماء بنت عميس الخثعميّة، وهي من زوجات علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وأنجبت له يحيى، ومحمد الأصغر، وعون.
- أمامة بنت أبي العاص: وابنائها محمد الأوسط بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه-.
- ليلى بنت مسعود التميميّة، ولقد أنجبت لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه- عُبيد الله، وأبو بكر.
- أم حبيبة بنت زمعة التغلبيّة من زوجات علي بن أبي طالب ولقد أنجبنا عمر ورقية.
- أم سعيد بنت عروة الثقفيّة وأولادها من علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- أم الحسن، ورملة الكبرى.
4- كيفية إسلام الصحابي علي بن أبي طالب
استكمالًا لموضوعنا الذي يعرض لكم سيرة علي بن أبي طالب، فإننا في السطور التالية سوف نتناول عرض قصة إسلامه والتي تعد من القصص الجليلة في تاريخ الإسلام.
فلقد ذكر عن ابن إسحاق أنه قال إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- دخل ذات يوم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فرآه يصلي هو والسيدة خديجة – رضي الله عنه-.
فتعجب علي بن أبي طالب من ذلك، وسأل ابن عمه النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- عما يفعل وعن ماهيّة هذه العبادة، فأخبره الرسول – صلى الله عليه وسلم- أن الصلاة هي شعائر الدين الذي اختاره الله – عز وجل- واصطفاه لعباده.
فلقد أرسل به رسوله أي سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- لهداية الناس، ثم دعاه للإيمان برسالته، وإلى توحيد الله – عز وجل- والتبرؤ تمامًا من عبادة الأصنام، فتردد حينها علي بن أبي طالب في القبول.
حيث إنه أخبر النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- أنه يريد أن يستشير والده أبي طالب في ذلك، لكن النبي أمره بأن يكتم الأمر ولا يخبر به أحدًا، وخيره بين أن يسلم ويعلن إسلامه بنفسه وبين أن يكتم الأمر.
ذُكر أن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بات في هذه الليلة يفكر كثيرًا في أمر الدعوة والإسلام بدين الله ورسوله إلى أن وقع الإيمان وتركز داخل قلبه.
فذهب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وطلب منه أن يعيد عليه ما قام بدعوته إليه أول مرة، وبالفعل كرر النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- على الصحابي علي بن أبي طالب الشهادتين، وحثه على التبرؤ من اللات والعزى.
فأسلم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- من خلال نطقه للشهادتين، وعمل على كتم إيمانه داخله خوفًا من ردة فعل أبي طالب، ولقد تعددت الأقاويل بشأن العمر الذي أسلم فيه، فكانت كالآتي:
- نقل عروة العمر الذي أسلم فيه علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- قائلًا إنه أسلم وهو 8 سنوات.
- روى جرير عن المغيرة أن علي بن أبي طالب أسلم وهو عمره 14 سنة.
- قال الحسن بن زيد بن الحسن أن الصحابي علي بن أبي طالب أسلم وهو 9 سنوات.
- بالنسبة لابن عباس فإنه قال بأن علي بن أبي طالب هو أول من كتم الإيمان داخله خشيةً من أبيه، في حين أن هناك من أعلن إيمانه وأظهره للناس كأبي بكر الصديق – رضي الله عنهما-.
5- هجرة علي بن أبي طالب ودفاعه عن النبي
ذكر ابن عباس – رضي الله عنه- أن علي بن أبي طالب قد ضرب أبرز الأمثلة في كُلًا من الفداء والجهاد، فإنه له قصة عظيمة في فداء النبي – صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة.
حيث إنه لما علم أن المشركون يتربصون بالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- ويكيدون له رغبةً في قتله وتفريق دمه بين القبائل، نام حينها علي في فراشه بدلًا منه يوم الهجرة.
فبات المشركون في تلك الليلة يظنون أنهم قد تمكنوا من محاصرة بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ولكنه كان قد تمكن بالفعل بالسير إلى الغار هو أبو بكر الصديق – رضى الله عنه-.
فلما أصبح المشركون ثاروا إلى داخل بيت النبي – صلى الله عليه وسلم- فإذا هم تفاجؤوا بوجود علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- نائمًا في فراشه، ولما سألوه عن مكانه قال لهم أنه يجهله ولا يعرفه.
بعد ذلك هاجر الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بعد هجرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بعدما نفذ ما كله به النبي بأن يبقي 3 أيام في مكة ليعيد للناس أماناتهم ويؤديها.
قابل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- عند بني عمرو بن عوف، ونزل معه في البيت الذي قد نزل فيه، وقد ذُكر بأن النبي – صلى الله عليه وسلم- حينها كان في بيت كلثوم بن الهدم.
قيل إن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- وهو يسير في طريقه للمدينة من أجل الهجرة كان يستخفي في النهار، ويحبذ السير في الليل حتى لا يراه أحد.
لقد سبب له السير إصابة قدميه وتشققها، وكان قد وصل بالفعل للمدينة في شهر ربيع الأول بالتحديد منتصفه.
اقرأ أيضًا: مدة خلافة عمر بن الخطاب
6- الغزوات التي شارك فيها علي بن أبي طالب
شارك علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- في العديد من الغزوات، حيث إننا من الجدير بالذكر أن ننقلها لكم لتتعرفوا إلى سيرة علي بن أبي طالب بالتفصيل، ومن الجدير بالذكر قول إنه أبلى لاءً عظيمًا فيها، وهي كالآتي:
- صلح حديبية: لقد كان للصاحبي علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- موقف عظيم في تلك الغزوة، حيث إنه رفض ما كان يرغب فيه المشركون واعترض عليه وهو محو جملة ” محمد رسول الله”.
- غزوة حنين: كان علي بن أبي طالب صبورًا ومجاهدًا ففي تلك الغزوة استطاع أن يثبت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إلى نهايتها.
- غزوة خيبر: في تلك الغزوة تمكن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بأن يفتح العديد من الحصون بعدما حمل الراية.
- غزوة بني قريظة: كان علي أبن أبي طالب في مقدمة الجيش حينها واستطاع أن يحقق إنجازات عظيمة.
- غزوة الخندق: واجه علي بن أبي طالب واحدًا من أشهر الفرسان وأبرزهم بشجاعة وهو عمرو بن عبد ود العامري، وتمكن من هزيمته وقتله في هذه الغزوة.
- غزوة بني النضير: قتل علي بن أبي طالب ولحق الهزيمة الساحقة بأحد زعامات اليهود وهو عزوك، وذلك الحدث يُجدر بالإشارة إليه في سيرة علي بن أبي طالب نظرًا لعظمته.
- غزوة بدر: شارك علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- في غزوة بدر وهو عمره لم يتجاوز 20 سنة واستطاع حينها حمل لواء جيش المجاهدين المسلمين.
- غزوة أحد: في تلك الغزوة عندما استشهد مصعب بن عمير – رضي الله عنه- قام علي بن أبي طالب بحمل لواء المسلمين، كما أنه عمل على الدفاع بقوة وشجاعة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
ذُكر بأن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ثبت إلى نهاية هذه الغزوة وأبلي بلاءً عظيمًا ولكنه أصيب بنحو 16 ضربة، وعقب انتهاء المعركة كلفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بتحسس أخبار قريش وعرف أنهم متجهين لمكة.
- غزوة حمراء الأسد: حمل لواء المسلمين علي بن أبي طالب في هذه الغزوة تعبيرًا عن استجابته لدعوة النبي – صلى الله عليه وسلم- وحبه للجهاد.
7- منهج علي بن أبي طالب في الخلافة
تميزت خلافة علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- بأنها كانت خلافة راشدة، حيث إنه في سياق عرضنا لكم سيرة علي بن أبي طالب يُجدر بالإشارة إلى توضيح المنهج الذي كان يتبعه فيها وجعلها عظيمة، وإليكم به:
- لقد تم مبايعة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بالخلافة في أوائل السنة 35 للهجرة، فإن الأنصار والمهاجرون من المسلمين أجمعوا على اختياره كخليفة لهم نظرًا لمكانته العظيمة وفضله.
- استطاع علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- أن يشرف خلافته بقدره وعدالته لذلك أصبحت بيعته للخلافة بمثابة بيعة اجتماع ورحمة لكل الأمة.
- نتيجة للتطورات التي حدثت في البلاد، تغيرت عاصمة الخلافة في عهد علي بن أبي طالب إذ إنها أصبحت كوفة، وبالنسبة للمدينة المنورة فإنها أصبحت ولاية وكان يرأسها حينها سهل بن حنيف الأنصاري.
- لم يحدث توسعات في الفتوحات الإسلامية في عهد خلافة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- لكن الإسلام انتشر سريعًا وبقوة إلى أن بلغ أذربيجان، وذلك بفضل والي الخليفة عليها وهو الأشعث.
- ظلت أحكام الشريعة الإسلامية مستمرة في التطبيق في عهد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه-، وزاد اهتمام الناس بالتطلع إلى أحوال الولايات الداخلية بعدما كانوا موجهين اهتمامهم بالفتوحات ومناطق الثغور.
- اتبع علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- نهج عمر بن الخطاب فكان يتشدد نتيجة لقلة الفتوحات في منح الأعطيات وذلك للولادة، كما أنه اشتد على أهل قريش ومنعهم من الخروج من الجزيرة بعد أن تشتت الناس في الأنصار.
8- مكانة علي بن أبي طالب عند النبي
في سياق حديثنا عن سيرة علي بن أبي طالب، فإنه يجدر بالإشارة إلى توضيح مكانة هذا الصحابي الجليل لدى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإنه وكما أسلفنا الذكر تربى في حجره، وكان قريبًا إلى قلبه، وحاصلًا عنده على مكانة رفيعة.
فضلًا عن ذلك فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- رفض أن يزوج ابنته فاطمة والتي كانت أحب بناته إليه لكلًا من أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما-، بينما اختار علي ابن أبي طالب – رضي الله عنه- أن يكون زوجًا لها.
لكي تكون سيرة علي بن أبي طالب شاملة فإنه من الجدير بالذكر قول إن زواجه من السيدة فاطمة ابن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان في السنة الثانية للهجرة وعقب غزوة بدر، وكان المهر الذي قدمه عليها هو درع قد حصل عليه من إحدى المعارك.
لم تقتصر منزلة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم- على هذه الأمور فقط، بل إن سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- نهي الأمة عن الإساءة إليه، كما حثهم على موالاته ومحبته.
كما أنه – صلى الله عليه وسلم- بشر علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- أنه واحدًا من العشرة المبشرين بالجنة.
9- فضائل علي بن أبي طالب
في سياق حديثنا عن سيرة علي بن أبي طالب، فإنه يُجدر بالإشارة إلى توضيح مناقبه وفضائله، وهي كالآتي:
- يعد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- واحدًا من الصحابة العشرة الذين بشرهم النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- بالجنة.
- تعاون علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – مع سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- عندما آخى بين كل من المهاجرين والأنصار بعد الهجرة في المدينة المنورة.
- فتح علي بن أبي طالب- رضي الله عن- حصون خيبر بعدما أعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم- راية جيش المجاهدين المسلمين.
- حينما ضرب رسول الله – عليه الصلاة والسلام- قلب الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ودعاه يوم بعثه إلى اليمن هدى الله قلبه وسدد رأيه.
- ذُكر في سيرة علي بن أبي طالب أنه كان من أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الذي رفع الله عنهم الرجس وطهرهم منه.
- جمع علي بن أبي طالب القرآن الكريم مع عدد من الصحابة في عهد النبي محمد – صلى الله عليه وسلم-.
10- سمات علي بن أبي طالب
بالحديث عن سيرة علي بن أبي طالب، نرى أن من أبرز سماته الخَلقيّة أنه كان حسن الوجه يشبه القمر في ليلة البدر، وكانت لحيته كثيفة على الرغم من أنه أصلع الرأس، وعيناه عظيمتان، وأبرز ما يميزه ضخامة بطنه والساقين لديه.
قيل إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- كان ربعةً في الراجل، ويقصد بذلك أنه متوسط الطول ليس بالقصير ولا بالطويل، أما عن صفاته الخُلقية فهي كالآتي:
- من الأمور التي ينبغي ذكرها في سيرة علي بن أبي طالب أنه كان رجلًا شجاعًا شهد له العديد من المسلمين والميادين بطولاته وتضحياته وفدائه في الإسلام.
- علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- كان ذو علم غزير، وبالنسبة للقرآن والسنة فكان فقه عميق فيهما، وقد أنعم الله عليه باللسان السؤول وكذلك القلب العقول.
- من سمات علي بن أبي طالب أنه كان حكيمًا، واتسم بالعدل، وذلك بفضل دعوة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- له، وهذا من أبرز ما ذكر في سيرة علي بن أبي طالب.
- كان علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- خطيبًا مُفوهًا ويقصد بذلك أن عباراته وكلماته كانت تقطر بلاغة عظيمة وسحرًا.
- تميز علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- بالعديد من الصفات الحسنة والتي من أبرزها الحياء، والتواضع، والورع، إلى جانب العفة والتقوى.
اقرأ أيضًا: من الزبير بن العوام حواري رسول الله
11- وقت استشهاد الصحابي علي بن أبي طالب
كان علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- يعرف أنه سوف يموت قتيلًا، وذلك لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم بشره بأنه سوف يستشهد على يد أحد المشركين.
بالفعل لقد استشهد على بن أبي طالب – رضي الله عنه- على يد ابن ملجم، ففي ذات يوم عزم ابن ملجم على مراقبة موضع خروج الصحابي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ولما لاحظ خروجه في يوم يوقظ فيه جميع المسلمين للصلاة.
هرع ابن ملجم بسيفه وضرب علي بن أبي طالب جانب رأسه، فسالت دماؤه على لحيته، فسقط على الأرض ذلك الصحابي الجليل شهيدًا.
لقد استشهد علي بن أبي طالب – رضي الله عن- في ليلة الجمعة وقيل إنه بعد مرور 17 ليلة من شهر رمضان، وذلك كان في العام الأربعين من الهجرة النبوية الشريفة.
ذُكر في سيرة علي بن أبي طالب أنه استشهد وهو عمره 63 سنة، وبعض المؤرخون قالوا بأنه استشهد وهو يناهز عمر الخمسين.
بالنسبة لمكان دفن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- فلقد اختلف العلماء فيه، وكانت الآراء كالآتي:
- قال كلًا من ابن تيمية وابن سعد وكذلك ابن خلكان – رحمة الله عليهم- إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- دُفن بعد استشهاده في الكوفة، وعلى وجه التحديد في قصر الإمارة.
- بينما عبد الله العجلي قال إن علي بن أبي طالب – رضي الله عن- دفن في الكوفة ولكن في مكان غير معلوم.
- الحافظ أبو نعيم قال بشأن مكان دفن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- إنه في أول الأمر دُفن بالكوفة ثم تم نقله بواسطة ابنة الحسن علي إلى المدينة المنورة.
- أما إبراهيم الحربي فقد أشار إلى أن مكان قبر علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- لم يتم تحديد وأنه غير معلوم.
حملت سيرة علي بن أبي طالب تفاصيلًا عن موعد ميلاده ووقت استشهاده، وصفات التي اتسم بها، وكذلك الغزوات التي شارك فيها وأبلي بلاءً حسنًا، فهي بمثابة البيان المفصل عن حياته بالكامل.