قصة اسماء بنت ابي بكر أم عبد الله
قصة اسماء بنت ابي بكر – رضي الله عنها وعن أبيها – من الشخصيات العظيمة المؤثرة في قصة نشر الإسلام في الخطوات الأولى للدعوة، وهي من أبطال رحلة هجرة الرسول – صلى الله عليه وسلم.
قصة اسماء بنت ابي بكر
قصة السيدة أسماء بنت أبي بكر يمكن من خلالها رواية قصة الإسلام، فهي من الثمانية عشر الأوائل في اعتناق الدين، أباها هو أبي بكر صاحب الرسول وأول المسلمين، زوجها هو الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله – صلى الله عليهم وسلم – وحواريه، وأبنها هو عبد الله بن الزبير ابن العوام وما له من مناقب لا بجهلها أحد.
إقرأ أيضًا: أبناء علي بن ابي طالب وقصة اسلامه وزوجاته ووصية علي ابن أبي طالب لأبنائه
نسب أسماء بنت أبي بكر
الاسم: أسماء بنت عبد الله بن قحافة بن عثمان، أمها هي قتيلة (بفتح القاف أو ضمها) بنت عبد العز العامرية، و أختها هي السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين كانت أكبر منها بعشر سنوات.
الكنية: أم عبد الله
القب: ذات النطاقين
إسلام أسماء بنت أبي بكر
أسلمت أسماء بنت أبي بكر قبل الهجرة بكثير فهي ترتيبها في أول المسلمين رقم 18كما رود في كتاب (البداية والنهاية لابن كثير جـ8 صـ352)، وكان عمرها حينها أربعة عشر عامًا.
دور أسماء بنت أبي بكر في الهجرة
عندما أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة للمدينة كان صاحبه أبي بكر هو رفيق الهجرة أبو أسماء.
عندما كان أباها يجهز السفرة للسفر (طعام يتخذه المسافر) والسقاء فلم يجد ما يربطهم به فأخذت النطاق الذي كانت ترتديه وشقته نصفين وربطت به، كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يرى كل هذا فلقبها بذات النطاقين.
روى البخاري عنها: “صَنَعْتُ سُفْرَةً للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبِي بَكْرٍ، حِينَ أرادا المَدِينَةَ، فَقُلتُ لأبِي: ما أجِدُ شيئًا أرْبِطُهُ إلَّا نِطاقِي، قالَ: فَشُقِّيهِ فَفَعَلْتُ فَسُمِّيتُ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَ ابنُ عبَّاسٍ أسْماءُ ذاتَ النِّطاقِ” ( صيح البخاري 3907)
لكنها ظلت مع أخوتها في البيت، وتنقل الأخبار والزاد والماء لأبيها و صاحبه في الغار، لا تخشي الصحراء ولا الليل ولا وحوش البيداء.
بعدها بعدة أيام كانت نائمة في بيت أبيها بعدما هاجر ولم تهاجر هي بعد، جاء أبو جهل و أيقظها بطرقه الشديد، فسأل عن والدها فأجابته إنها لا تعرف عنه شيء؛ فلطمها على وجهها قطع قراطها.
أما هجرة أسماء ذاتها فكانت في ذاك الوقت حامل بأبنها عبد الله بن الزبير، وفي أخر شهور الحمل لكنها تحاملت على نفسها وهاجرت، وما أن بلغت قباء إذ جاءها المخاض، فنزل الجنين أرض المدينة المنورة مع نزول المهاجرين الأوائل إليها؛ فرح به المسلمون فرحة عامرة وطافوا به مهللين واستبشروا به خيرًا في حياتهم الجديدة في سبيل الله.
لأنه قيل للمسلمين أن اليهود قد سحرتكم فلن يولد لكم ولد، ذهبوا به لرسول الله فقبله وحنكه.
أهم الأحاديث التي نقلتها أسماء بنت أبي بكر عن الرسول
روت رضي الله عنها قرابة 58 حديثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم
اتفق فيهم الشيخان البخاري ومسلم على 13 حديث، انفرد الإمام مسلم بأربعة أحاديث وانفرد البخاري بخمسة أحاديث.
من أشهر الأحاديث التي روتها هو حديث صفة صلاة الخسوف: ” أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الكُسُوفِ، فَقَامَ فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ، فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ، فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فأطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقالَ: قدْ دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ، حتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا، لَجِئْتُكُمْ بقِطَافٍ مِن قِطَافِهَا، ودَنَتْ مِنِّي النَّارُ حتَّى قُلتُ: أَيْ رَبِّ، وأَنَا معهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ – حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ – تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قُلتُ: ما شَأْنُ هذِه؟ قالوا: حَبَسَتْهَا حتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لا أَطْعَمَتْهَا، ولَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ – قالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ: مِن خَشِيشِ – أَوْ خَشَاشِ الأرْضِ” (صحيح البخاري 745)
جهاد أسماء بنت أبي بكر
شهدت مع ابنها عبد الله بن الزبير وزوجها معركة اليرموك.
إقرأ أيضًا: وفاة عائشة رضي الله عنها ونبذة عن السيرة النبوية لها
دور أسماء بنت أبي بكر في محنة عبد الله بن الزبير
بعد وفاة يزيد بن معاوية تمت البيعة بالخلافة لعبد الله بن الزبير وكان خليفة المسلمين لتسعة سنوات من اليمن إلى خرسان والحجاز والعراق حتى جاء الحجاج بن يوسف الثقفي وحاصر المدينة وأنفك عنه الرجال الذين كانوا حوله.
دخل على أمه قبل مقتله بقليل وكانت عجوز عمياء فقال لها، بعدما سلم عليها.
قالت له ما الذي أتى بك في هذا الوقت و الصخور تقذفها منجنيق الحجاج على جنودك في الحرم.
رد عليها: جئت لأستشيرك…
قال لها: أن الناس تفرقوا من حوله إلا قليل وأن جيوش الأموية تحاصر وأرسلوا المفاوضين على أن يرمي السلاح ويخضع للدولة وله ما شاء من متاع الدنيا..
فكان ردها الشهير بصوت عالي: ” الشأن شأنك يا عبد الله، و أنت أعلم بنفسك؛ فإن كنت تعتقد أنك على حق، و تدعو إلى حق، فاصبر كما صبر أصحابك الذين قتلوا تحت رايتك، وإن كنت إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت… أهلكت نفسك، وأهلكت رجالك”.
وعندما أخبرها ابنها أنه ميت لا محال وأنه لا يخاف الموت ولكن يخشي بعد أن يُقتل يتم التمثيل بجثته، قالت له بكل قوة العبارة الخالدة: ” ليس بعد القتل ما يخافه المرء فالشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ”.
ثم أمرته أن يقترب منها لتشم رائحته عسى أن تكون أخر مرة يتقابلا في الدنيا.
صبر أسماء بنت أبي بكر بعد قتل أبنها
عن أم منصور قالت: ” قيلَ لابنِ عُمَرَ: إنَّ أسماءَ في ناحيةِ المسجدِ -وذلك حينَ صُلِبَ ابنُ الزُّبَيرِ، فمال إليها، فقال: إنَّ هذه الجُثَثَ ليستْ بشيءٍ، وإنَّما الأرواحُ عندَ اللهِ؛ فاتَّقي اللهَ، واصبِري. فقالتْ: وما يَمنَعُني، وقد أُهديَ رَأْسُ يَحيى بنِ زَكريَّا إلى بَغيٍّ مِن بَغايا بَني إسرائيلَ”
فكانت أسماء تحتسب أبنها عند الله لكن شجاعتها تأمرها بأخذ الثأر والتجلد.
موقف أسماء بنت ابي بكر مع الحجاج
بعد ثورة ابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والدعوة له بالخلافة تم قتله على يد الحجاج وصُلب، وكان أمام كل أهل قريش يرونه معلق، فروى أبو نوفل ابن عقبة ما حدث بعد ذلك: ” رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ علَى عَقَبَةِ المَدِينَةِ، قالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عليه، وَالنَّاسُ حتَّى مَرَّ عليه عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَوَقَفَ عليه فَقالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ إنْ كُنْتَ، ما عَلِمْتُ، صَوَّامًا، قَوَّامًا، وَصُولًا لِلرَّحِمِ، أَما وَاللَّهِ لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةٌ خَيْرٌ، ثُمَّ نَفَذَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَبَلَغَ الحَجَّاجَ مَوْقِفُ عبدِ اللهِ وَقَوْلُهُ، فأرْسَلَ إلَيْهِ، فَأُنْزِلَ عن جِذْعِهِ، فَأُلْقِيَ في قُبُورِ اليَهُودِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فأبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ، فأعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ: لَتَأْتِيَنِّي، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إلَيْكِ مَن يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، قالَ: فأبَتْ وَقالَتْ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حتَّى تَبْعَثَ إلَيَّ مَن يَسْحَبُنِي بقُرُونِي، قالَ: فَقالَ: أَرُونِي سِبْتَيَّ فأخَذَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ، حتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقالَ: كيفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بعَدُوِّ اللهِ؟ قالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عليه دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، بَلَغَنِي أنَّكَ تَقُولُ له: يا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ أَنَا، وَاللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُما فَكُنْتُ أَرْفَعُ به طَعَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ المَرْأَةِ الَّتي لا تَسْتَغْنِي عنْه، أَما إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا، أنَّ في ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا فأمَّا الكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا المُبِيرُ فلا إخَالُكَ إلَّا إيَّاهُ، قالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا”.
فواجهت الحجاج قالت له أنها تعتقد أنه هو ” المُبِيرُ” الذي وصفه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أي هو المفسد للزرع و الحرث و يتسبب في بوار الأرض.
وفاة أسماء بنت أبي بكر
توفيت سنة 73 للهجرة بعد قتل أبنها عبد الله وكان قتله في الثلاثاء الموافق 17 جماد الأول سنة 73هـ.
كانت خاتمة من مات من المهاجرين (كما ورد في كتاب سيرة أعلام النبلاء).
إقرأ أيضًا: ما معنى اسم اسماء وصفاتها الشخصية
المصادر المرجعية
- كتب الحديث (صحيح البخار ومسلم)
- (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن اثير
- (سيرة أعلام النبلاء) للحافظ الذهبي
- (الإصابة في تميز الصحابة) لابن حجر العسقلاني
- (البداية والنهاية) لابن كثير
- (المستدرك على الصحيحين) لعبد الله النيسابوري
- (الطبقات الكبرى) لأبن سعد
بذلك نكون قد نقلنا لكم قصة اسماء بنت ابي بكر كما وردت في كتب التاريخ و بعض المواقف من حياتها رحم الله السيدة أسماء بنت أبي بكر وأسكنها فسيح جناته وجزاها عنا وعن الإسلام خير جزاء.